الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غسان نخول . . نصير الضحايا

علاء مهدي
(Ala Mahdi)

2011 / 9 / 27
حقوق الانسان


أكرمني الأستاذ غسان نخول فدعاني إلى حفل إطلاق وتوقيع كتابه الأول الموسوم بـ "أوفربورد". ولمن لايعرف الأستاذ غسان نخول نقول أنه صحافي ومذيع يعمل منذ عشرين سنة في القسم العربي لإذاعة أس بي أس الشهيرة. خبرته المهنية تمتد لأكثر من ثلاثة عقود مابين لبنان وأستراليا. محاضر في جامعة سدني وله مقالات في الصحف والمجلات الأسترالية.وهو أول صحافي في إذاعة أس بي أس ومن الجالية العربية يحصل على جائزة ووكلي المميزة.

عرفته من خلال نشاطاتي الكثيرة ضمن نطاق الجالية العراقية في استراليا والجمعيات العراقية ونشاطاتي الثقافية عبر موقع –العراقي- على الشبكة الإلكترونية. علاقتي به تعود إلى بداية عمله مع الأس بي أس.

كثيراً ما تحادثنا عبر لقاءات عابرة عن مواضيع مختلفة تخص الشأن العراقي وما اكثرها على الساحة الإعلامية منذ أن بدأت الهجرة من العراق أيام حكم البعث وخاصة في نهاية سبعينيات القرن الماضي حيث توافدت جموع المهاجرين العراقيين على أستراليا. في البداية كانت أهتمامات القسم العربي تتركزعلى الجالية العراقية الحديثة التكوين في أستراليا ، اهتماماتها ، نشاطاتها وفعالياتها الإجتماعية والثقافية. بعدها توسعت الإهتمامات نتيجة أزدياد عدد الوافدين الجدد من أصحاب الكفاءات العالية في مختلف المجالات العلمية والأدبية والمهنية حيث كان القسم العربي مهتماً بإجراء مقابلات مع العديد منهم.
من خلال تلك العلاقة المباشرة تمكنت من تقديم العديد من الشخصيات العراقية المتميزة إلزائرة إلى القسم العربي بغرض أجراء اللقاءات مما أضاف رونقاً متميزاً ليس لعلاقتي بالإذاعة فقط بل لسمعة الجالية العراقية من الناحية الثقافية والسياسية ولسمعة القسم العربي أيضاً حيث قدمت لهم الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب في العام 1997 بمعية الفنان المبدع الدكتور سعدي الحديثي ، الفنان العراقي الكبير فؤاد سالم ، والباحث العراقي الكبير الدكتور عقيل الناصري لمرتين وأخيراً السياسي والكاتب العراقي المتميز الدكتور كاظم حبيب وكثيراً من المبدعين والمثقفين العراقيين.

تطورت العلاقة بعدما بدأت أفواج اللاجئين العراقيين تجتاج المحيطات حيث قوارب الصيد الإندنوسية المتهالكة تعبّأ بأعداد كبيرة من طالبي الحرية الهاربين من بطش الأنظمة القمعية باحثين عن ملاذ آمن يؤويهم وعوائلهم ويوفر لهم مساحة صغيرة من الأمل بمستقبل مشرق لأطفالهم بعيداً عن جور الحروب وفساد الأنظمة وظلم الديكتاتوريات المسنودة عالمياً وفق تطلعات ومعطيات المصالح الغربية في موارد بلدان الشرق الأوسط وغيرها من الأسباب التي أصبحت معروفة حالياً.

بحكم عمله الصحافي والإذاعي ، كان غسان يعيش حرباً من نوع آخر، حرب صراع غير معلن بين مايشاهد ويقرأ وبين معرفته للحقيقة المرة التي تعيشها شعوب الشرق الأوسط والشعوب الأفريقية وبقية شعوب العالم المضطهدة وبين الملفات السياسية التي أعتمدتها الحكومات الأسترالية في خطواتها للحد من قدوم سفن اللاجئين لأستراليا.

كثيراً ما كنا نتحادث ونتناقش حول الأمور المطروحة ، كنت أعاني من ظلم الحدث ، أتألم من حالة اليأس التي وصلها العراقيون وكيف حمل قارب صغير عشرة أطباء عراقيين عبر المحيطات هرباً من نظام كان يجبرهم على وشم الجباه وقطع الألسن والأذنين وهي أمور لم يتضمنها القسم الذي رددوه يوم تخرجوا كأطباء. عشرة أطباء قضوا بضعة أيام يتناوبون على سد ثغرة صغيرة في قاع القارب بأيديهم التي كان يجب أن تحمل المبضع من أجل أستئصال ورم او أجراء عملية لمريض لا أن تتآكل بسبب من أملاح البحر. عشرة أطباء قضوا شهوراً في – منتجع ! – فيلاوود ينتظرون حتى أضطروا إلى الإضراب عن الطعام لأيام . لازلت أذكر أحد الشرطيين داخل – المنتجع ! – حين قال لي أنه لم يشاهد أو يلتقي طيلة فترة عمله في – المعتقل - بمعتقلين على هذا القدر من الثقافة والخلق وحس التصرف طيلة فترة اضرابهم عن الطعام . كنت أبحث عن وسيلة أساعد بها أبناء وطني الهاربين ، أبحث عن المعلومة التي توضح مالذي كان يحدث في العراق؟ لم يكن يعرف خبايا الأمور في الداخل العراقي إلا من عايشها، نحن العراقيون ممن تعرضنا لظلم مزدوج ، ظلم النظام وظلم الذين لم يصدقوننا!

غسان نخول كان من القلائل الذين أستوعبوا الحقيقة العراقية . . أحس بها ، نقلها له مهاجرون قدموا أستراليا بجوازات مزورة أوبدون جوازات ، عن طريق البحر والجو. غسان نخول كان صحافياً بارعاً ، أقتنص القصص المثيرة فنقلها بأمانة عبر مذياعه هادفاً الأمانة والدقة في نقل الخبر ، دفاعاً عن حقوق الإنسان ، أي أنسان.

أعترف أنني قد عشت مخاضاً غريباً من خلال علاقتي بغسان نخول ، أعترف أنه قد أوحى لي بأنه عراقيٌ أكثر من كثير من أبناء جلدتي ، عهدته متابعاً ، مدققاً لكل الأخبار وبواطنها ، يسأل بإلحاح عن الحقيقة المختفية خلف جدران كلمة قالها "عراقي باحث عن الحرية" ، يود معرفة معانيها وخفاياها. كنت مترجماً أميناً له وللعديد من صحافيي القسم العربي في نقل الصورة الحقيقية المترجمة نقلاً من اللغة العراقية الدارجة إلى المفاهيم العربية المبسطة.

غسان لم يكن مجرد صحافي يعمل في القسم العربي لإذاعة الأس بس أس بل كان أنساناً أعتمدته آلهة السلام ليكون مراسلاً لها ، مدافعاً بإخلاص عن حرية ألإنسان وكرامة الإنسان وأحقيته بالحياة الحرة الكريمة.

حفل توقيع الكتاب كان رائعاً ، حيث تولى هندسته مهندس رائع ، المبدع جونار نادر، الباحث والكاتب والخبير الرقمي، الذي أستغرب عدم تبني الجالية العربية في أستراليا فكرة ترشيحه لنيل شهادة تقديرية عبر أحتفاليات يوم أستراليا لحد الآن. ساهم في رسم الصورة الإبداعية للإحتفالية عدد من الفعاليات والشخصيات ، منهم ، الدكتور محمد الجابري ، الشاب المتميز أسامة المالكي وكثير غيرهم.

كانت المناسبة عراقية بإمتياز ، كل مافيها عراقي ، الكتاب ، الضحايا ، الصور ، الفكرة ، الدفاع عن ، لكن كان ينقصها الحضور العراقي.

كتاب "اوفربورد" مساهمة تأريخية في الحدث السياسي والتأريخي العراقي ، خطها غسان نخول بقلمه ناقلاً خبرته عبر الحدث ليساهم في نقل الصورة المعتمة للهروب العراقي المستميت والمميت هرباً من الظلم ، من سيوف الطغاة ، وبطش الديكتاتوريات الشرق أوسطية ليلتقي بأسوار كونكريتية تمنعه من
عبور بوابات السلام الإسترالي التي أغلقتها قوانين وشروط حكومات مستبدة لم تحترم وثائق الشرعية الدولية لحقوق الإنسان – اللاجئ-.

أقول لمن لم تسنح الفرصة له لحضور الإحتفالية لسبب ما ، أقول لمن يدعي الدفاع عن حرية الإنسان العراقي والعربي أو أي أنسان مضطهد ، أقول للمهتمين بالشأن العراقي والتأريخ العراقي وتدوين الحدث العراقي ، لهم جميعاً ، أناشدهم بإقتناء نسخة من كتاب "أوفربورد" عبر موقع الكتاب http://www.darmeera.com.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكر
د. خالد الحيدر ( 2011 / 9 / 28 - 05:21 )
أعبر عن شكري للأستاذ علاء مهدي على مقاله المفيد والشيق بتعريفنا بشخصية فذة ورائعة كشخصية الأستاذ غسان نخول والتقديم لكتابه -أوفربورد- الأنساني بكل معنى الكلمة وبالأخص تشخيصه الدقيق لجزء من مآسي ومعاناة العراقيين


2 - عزيزي الدكتور خالد الحيدر
علاء مهدي ( 2011 / 9 / 28 - 12:18 )
مروركم على مقالنا يعني الكثير لي. . الأستاذ الصحافي غسان نخول أحد أهم الشخصيات الأسترالية من أصل عربي ممن لهم اهتمامات غير مسبوقة بأمور حقوق الإنسان وأمور الهجرة وغيرها. . . أتمنى أن تطلع على كتابه ان سنحت الفرصة لكم.

اخر الافلام

.. مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟ • فرانس


.. متظاهرون إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإتمام صفقة الأسرى مع حم




.. حماس توافق على مقترح الهدنة المصري القطري.. وقف إطـ ـلاق الن


.. العالم الليلة | المسمار الأخير في نعش استعادة الأسرى.. أصوات




.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب