الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد -سبتمبر-... هل كانت الحرب خيارنا الوحيد؟

نعوم تشومسكي

2011 / 9 / 28
الارهاب, الحرب والسلام


إنها الذكرى العاشرة للأعمال الوحشية المروِّعة التي ارتُكبت في الحادي عشر من سبتمبر2001، وغيَّرت وجه العالم وفق الإجماع العام. لا يُشكَّك قطّ في الأثر الذي خلَّفته الهجمات، وإن ذكرنا منطقة آسيا الوسطى والغربية، ليس على سبيل الحصر، نجد أن أفغانستان بالكاد تستطيع توفير سبل الحياة، فيما كان مصير العراق الخراب والدمار، وباتت باكستان قاب قوسين أو أدنى من كارثة قد تكون نتائجها مأساوية.

في الأول من مايو2011، اغتيل في باكستان أسامة بن لادن، الرأس المدبِّر لهذه الجريمة، وفي باكستان كذلك الأمر ظهرت معظم العواقب الوخيمة الفورية.

وقد كتب المؤرخ العسكري البريطاني "أناتول ليفين"، وهو أحد المتخصصين في الشؤون الباكستانية، في مجلة "ذا ناشونال إنترست" بشهر فبراير الماضي أن الحرب في أفغانستان "تزعزع استقرار باكستان وتزيدها تطرفاً، ما يعزِّز مخاطر حصول كارثة جيوسياسية في الولايات المتحدة والعالم، الأمر الذي يقلِّل من شأن أي شيء قد يحدث في أفغانستان".

ويضيف "ليفين" إنه على مستويات المجتمع كافة، يتعاطف الباكستانيون تعاطفاً عارماً مع "طالبان أفغانستان"، ليس بسبب حبهم لهم إنما "لأنه يُنظر إليهم على أنهم قوة مقاومة شرعية في وجه احتلال أجنبي لبلادهم"، تماماً كما كانوا يَعتبرون المجاهدين الأفغان إبّان مقاومتهم الاحتلال الروسي في ثمانينيات القرن الماضي.

ويتشاطر هذه المشاعر القادة العسكريون الباكستانيون الذين يمتعضون بمرارة شديدة من الضغوط الأميركية للتضحية بأنفسهم في حرب واشنطن ضد "طالبان". ويعزى السخط أيضاً إلى الهجمات الإرهابية (حرب الطائرات بلا طيار) التي تشنها الولايات المتحدة في باكستان. والتي سرَّع أوباما من حدة وتيرتها؛ وإلى المطالب الأميركية بخوض الجيش الباكستاني حرب واشنطن في مناطق قبلية من باكستان كانت قد تمتعت بحرية ذاتية إلى حدٍ بعيد، حتى في ظل الحكم البريطاني.

الجيش هو المؤسسة المستقرة في باكستان، إذ يساهم في توطيد أواصر البلاد. ويكتب "ليفين" أن العمليات الأميركية قد "تُحدِثُ تمرداً في أجزاء من المؤسسة العسكرية" سيؤدي في هذه الحالة إلى "انهيار الدولة الباكستانية سريعاً وظهور كل الكوارث التي تستتبع ذلك".

وما يفاقم بشكل بالغ الكوارث المحتمل حدوثها، هي ترسانة الأسلحة النووية الضخمة سريعة النمو في باكستان، إلى جانب الحركة "الجهادية" الواسعة في البلاد. والاثنان من مخلَّفات إدارة ريجان، إذ زعم المسؤولون في إدارته أنهم لم يكونوا على علم بأن ضیاء الحق، الديكتاتور العسكري الأشدّ فساداً في باكستان والمفضَّل لدى واشنطن، كان يعمل على تطوير أسلحة نووية وتطبيق برنامج أسلمة راديكالية لباكستان. أما الكارثة التي تلوح في الأفق، فهي إمكان اجتماع هاتين التَرِكتين وتسرُّب مواد انشطارية إلى أيادي المجاهدين، فقد نرى عندها أسلحة نووية، على أغلب الظن "قنابل قذرة" إشعاعية، تنفجر في لندن ونيويورك. وتدرك واشنطن بالتأكيد أن العمليات الأميركية المنفَّذة في ما أُطلق عليه اسم "الأفباك"، اختصاراً لأفغانستان وباكستان، قد تؤدي إلى زعزعة باكستان وجعلها أكثر تطرفاً. أهم وثائق "ويكيليكس" التي نُشرت حتى الآن هي البرقيات المرسلة من السفيرة الأميركية في إسلام آباد،" آن باترسون"، التي تدعم العمليات الأميركية في منطقة "الأفباك" محذِّرة على الرغم من ذلك من أنها "قد تهدِّد زعزعة استقرار الدولة الباكستانية وإبعاد الحكومة المدنية والقيادة العسكرية على حدٍ سواء، فضلاً عن إثارة أزمة حكم أوسع نطاقاً في البلاد".

وتكتب "باترسون" عن احتمال أن "يتمكن أحد العاملين في منشآت (الحكومة الباكستانية) تدريجياً من تهريب مواد انشطارية كافية إلى الخارج من أجل صناعة أسلحة في نهاية المطاف"، وهو خطر يعزِّزه "عدم تحصين الأسلحة خلال نقلها".

ورأى بعض المحللين أن بن لادن حقَّق بعض الانتصارات في حربه ضد الولايات المتحدة. فقد كتب "إريك أس. مارغوليس" في مجلة "ذي أميركان كونسيرفاتيف" خلال شهر مايو أن "بن لادن أكد مراراً أن الطريقة الوحيدة لإخراج الولايات المتحدة من العالم الإسلامي وإلحاق الهزيمة بحكامها، هي استدراج الأميركيين في سلسلة من الحروب الصغيرة إنما المكلفة التي ستؤدي في النهاية إلى إفلاسهم".

وكان واضحاً تماماً بُعيد هجمات الحادي عشر من سبتمبر أن واشنطن كانت عازمة على تحقيق رغبات بن لادن! ويشرح "مايكل شوير" أحد كبار المحللين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والذي كان تعقَّب بن لادن منذ عام 1996، في كتابه الصادر عام 2004 بعنوان "الغطرسة الإمبريالية" (Imperial Hubris)، أن "بن لادن كان دقيقاً في الإفصاح لأميركا عن أسباب شنّه حرباً عليها، إذ إنه يعتزم إحداث تغيير جذري في السياسات الأميركية والغربية إزاء العالم الإسلامي"، وقد بلغ غاياته إلى حدٍ كبير.

ويتابع أن "القوات والسياسات الأميركية تستكمل تقوية النزعة الراديكالية في العالم الإسلامي، الأمر الذي كان يسعى بن لادن إلى تحقيقه بنجاح إنما غير مكتمل منذ مطلع التسعينيات. وتدفعنا المصائب والأهوال المتعاقبة طوال العقد المنصرم إلى طرح السؤال التالي: هل كان من بديل لردّ فعل الغرب على هجمات الحادي عشر من سبتمبر؟

من بين الاحتمالات الممكنة، كانت ستواجه الحركة "الجهادية" التي يميل قسم كبير منها إلى انتقاد بن لادن، انشقاقات وكانت ستُنسف بعد الحادي عشر من سبتمبر لو جرى مقاربة "الجريمة ضد الإنسانية"، كما وُصفت الاعتداءات على وجه حق، على أنها جريمة تستلزم عمليات دولية لإلقاء القبض على المشتبه بهم. كان الأمر موضع إقرار عام في حينه، ولكن من دون أخذ هذه الفكرة في الحسبان في خضم الاستعجال لخوض الحرب. كما تجدر الملاحظة أن بن لادن كان أُدين في معظم العالم العربي لدوره في الهجمات.

عند موت بن لادن، كان حضوره قد تضاءل منذ فترة طويلة، ناهيك عن أن "الربيع العربي" حجب عنه أي بريق متبقٍ خلال الأشهر السابقة. أما أهميته في العالم العربي، فقد نجح عنوان مقال ورد في صحيفة "نيويورك تايمز" بقلم "جيل كيبيل" المتخصِّص في شؤون الشرق الأوسط، في التعبير عنها خير تعبير: "بن لادن كان مات أساساً". كان من الممكن صدور العنوان الرئيسي هذا قبل ذلك بكثير لو لم تحشد الولايات المتحدة "الحركة الجهادية" بشنّ هجمات انتقامية على أفغانستان والعراق.

وفي داخل الحركة "الجهادية"، كان بن لادن بلا ريب رمزاً، إنما لم يؤدِ كما يظهر أكثر من دور تقتدي به "القاعدة"، أو "الشبكة المؤلفة من شبكات" كما يصفها المحللون، التي تنفِّذ عمليات مستقلة في أغلب الحالات.

وحتى أن أكثر الوقائع بديهية وبدائية عن هذا العقد تدعونا إلى أفكار وتأملات قاتمة حين نستعرض الحادي عشر من سبتمبر وتبِعاته، وما تحمله للمستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وهل هذا تحليل لحياة مجتمع او العالم المعاصر و
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2011 / 9 / 28 - 17:44 )
لاادري اية وظيفة سياسية اجتماعية تقدمية تقوم بها مثل مقالة الاكاديمي العجوز تشومسكي الذي ينتظر منه تلامذته او حتى مجتمعاتنا المتعبه في الركض وراء خبزها او في الحفاظ على حياتها واطفالها من تفجيرات جهاديي السيد تشومسكي وتنبؤه في سقوط حكام اميركا او اميركا والغرب برمته نتيجة لمعارك صغيرة استنزافية او باستعمال القنابل القذرة التي ستقتل -حسب تفكيره فقط الامبرياليين الذين يكرهم حد نسيان مئات ملايين البشر في باكستان وافغانستان والعراق وفي جميع بلدان اسلامه المعادي للغرب ناهيك عن شعوب الغرب نفسها
ياسيد تشومسكي ليس لدينا الوقت للانتظار من سيقتل من اولا وشعوبنا تعاني البطالة بل الجوع البحت بل وتتعرض للانقراض نتيجة لهدر القوى البشرية بسبب البطالة بين مئات الملايين وتوقف التنمية تماما علما ان الاولين قالوا ان الانتاج عماد حياة البشر وان الانسان اولا يجب ان يملاء معدته وبعدها يمكن ان يتفلسف ماهي هذه الحركات الجهادية ومن هو ابنلادن وامثاله ولماذا اصلا هذه الظاهرة المتوحشة في القتل والمحتقرة لوعي الناس وتنظيمهم وتوجيههم لتحسين ظروف حياتهم وصولا لحياة تليق بالانسان وهي حاليا لاتليق حتى بالحيوان

اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في