الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وطن بين احتلالين!!

سعد تركي

2011 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يُروى عن نوري السعيد، رئيس وزراء العراق الأبرز إبّان العهد الملكي، أنه طلب ذات مرّة من وزير ماليته أن يسمح بصرف راتبه قبل الموعد المقرّر للإنفاق على سفر اضطرّ له خارج العراق، فامتنع الوزير معللاً رفضه بوجوب أن يتساوى رئيس الحكومة مع أي موظف حكومي آخر فيتسلم راتبه أسوة بسائر العاملين في الدولة. ويروى عن الوصيّ عبدالإله أنه رفض أن يسدّد من أموال الدولة ثمن طبع ديوان كتبه الملك الشاب فيصل الثاني، لأن أموال الدولة ينبغي أن تُصرف لما فيه منفعةٌ عامةٌ للبلد، وشعرُ الملك شأنٌ شخصيٌّ على كاتبه أن يسدّد أجور طبعه من مُرّتبه. لم يكن طيلة سنوات من حكم الملكية التي نصّبها الاحتلال أيّ مسؤول خُصصت له أموال عامّة تحت بند ـ بِدعة ـ المنافع الاجتماعيّة.
منذ أيام أكدّت مصادر حكومية أن وزارة المالية الاتحادية صرفت لرئيس الجمهورية أكثر من مليوني دولار لتغطية نفقات سفرة إلى مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، ألقى على منصتها خطاباً تناسى فيه تماماً أنه يمثل العراق من شماله إلى جنوبه.. خطاباً تركز جلّه على المنجزات الكبيرة التي تحققت في إقليم كردستان الذي يهدّدنا قادته ـ ومنهم فخامة الرئيس ـ بالانفصال يومياً!!
ليست هذه هي المرّة الأولى التي يخرق فيها مام جلال الدستور الذي أقسم على حمايته والسهر على تطبيق مواده وبنوده، فقد سبق للرئيس أن تجاوزه حين وصف ـ من دون مراعاة لمشاعر العراقيين ـ أن كركوك هي قدس الأقداس بالنسبة للكرد.. وأهانه بتلويحه في مناسبات عديدة بالانفصال عن العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحّد.. وسخر منه كلّ يوم عبر منعه أن تكون للمركز أي سلطة على (حرس الإقليم) ودعوته المستمرّة أن تُسدّد رواتب البيشمركة من الموازنة العامة لبلد لا يملك قائده العام صلاحية نقل جندي صغير من مكان إلى آخر!! قيل لنا أن منصب الرئيس فخريّ، فهو من دون صلاحيات تذكر. وبرغم ذلك فالرئيس الذي جاءت به حكومة الشراكة الوطنية يمسك خيوطاً كثيرة يشدّها ويرخيها بحسب مصالح كتلته وطموحاتها، وينكأ بها جراحنا ويدوس على آلامنا وأوجاعنا بتعطيل أحكامٍ قضائية بحقّ الذين أوغلوا في دمائنا.
نعلم أن هناك حربَ وثائق بين أقطاب حكومة الشراكة الوطنية، وأن ما يتسرّب هنا وهناك من فضائح تزكم الأنوف ليس الهدف منها كشف حجم الفساد الذي (فرهد) ثروة الوطن، إنما هو استعراض يراد من خلاله إحراج الخصوم.. ندرك أن المليوني دولار ـ في عرف سياسيينا الحاليين ـ رقم تافه حقير قياساً بما لم يتمّ الكشف عنه من مليارات تحاصصَ أو (تشاركَ) فيها الساسة.
نعي أننا سائرون إلى ظلام أشدّ حلكةً إن لم يتوقف مَن أمّناهم على الوطن عن النظر إلى كروشهم المتخمة ويفكرون ـ ولو قليلاً ـ أن التاريخ سيلعنهم بما آذونا كما لعنَ السابقين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من كتب هذه الكلمة ؟
هادي حسن ( 2011 / 9 / 28 - 14:38 )
نتسائل هل من حق رئيس أية دولة في العالم بما فيهم طبعاَ الرؤساء المرشحين للبقاء حتى لحظة مجيئ أجلهم ، هل من حقهم التفوه بما يحلو لهم في منبر كمنبر الأمم المتحدة وعلى مشهد ومسمع من كافة رؤساء دول العالم ،هكذا دون وازع أو رادع ؟ وهل يعقل أن يتحدث رئيس مسؤول دون أن تتم الموافقة على كلمته من رفاقه في الحكومة وأولهم رئيس الوزارة ؟ ومن دون مراجعة أو محاسبة أو إنتقاد حكومي ؟ وكيف يحق له ويسمح لنفسه بأن يتحدث بعبارات الشكر والأمتنان للمحتل والعراق مدمي يئن من وطئته ؟ وأين ذهب القسم الرئاسي؟ أم هو رئيس عراق آخر لانعرفه أختزل أسمه بالسليمانية أو ربما حتى بقصره فقط وبشعبه من أفراد عائلته الطلبانية المبجلة ؟من كتب هذه الكلمة لجلال الذي لم يعد يمثل العراقيين؟


2 - كلمن بكيفة
سعد تركي ( 2011 / 9 / 29 - 07:03 )
من الواضح، استاذ هادي، أن ديمقراطيتنا لا شبيه لها في أي دولة أخرى وقد رأينا طيلة سنوات ما بعد 2003 أن كلّ مسؤول يصرح أو يتخذ موقفاً بغض النظر عن أي سياسة حكومية عامة ومن دون الرجوع لرئيس الحكومة الذي لا يملك أي سلطة على مرؤوسيه وخير مثال على ذلك التضارب الكبير في مواقف المسؤولين تجاه قضية خطيرة كميناء مبارك

اخر الافلام

.. سرايا القدس: أسقطنا طائرة إسرائيلية من نوع -سكاي لارك- وسيطر


.. بالخريطة التفاعلية.. جيش الاحتلال يعود لمخيم جباليا ويكثف غا




.. صرخات فتاة فلسطينية على وقع القصف الإسرائيلي على قطاع غزة


.. رسميا.. مبابي يغادر باريس سان جيرمان نهاية الموسم الحالي




.. نٌقلوا للمستشفى.. دبابير تلدغ جنودا إسرائيليين في غزة بعدما