الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


..لهذه الاسباب أحترم امريكا

فتحي أبو النصر

2004 / 12 / 8
العولمة وتطورات العالم المعاصر


يكمن الفارق الجوهري ما بين الذهنيتين العربية والغربية -الامريكية خصوصا- في ان الاولى نزعتها معادية للعقل والعكس تماما بالنسبة للثانية
ذلك ان الأنا الجمعية للعرب ما انفكت مدمنة للنظام الاحادي فكريا اضافة الى التزمت والانغلاقية على عكس العقلية الامريكية اذ تنتمي للتباين في اطار شرعية الاختلاف ومادار في فلكه من حوار وتعددية وتسامح الخ
والحاصل ان المسار التاريخي للفكر الغربي عموما يشير الى ان مفكريه ازدهروا دائما من الاختلافات القائمة بينهم وان هذه التعددية لم تعكر صفو حياة غير المفكرين الى الحد الذي يفسد الاتزان الاجتماعي على غرار ماهو حاصل عندنا اذ لازالت الفتوى الدينية تتسيد ومايسمى بالاحتساب قائم الخ
على ان ما ساهم كثيرا في ايصال المجتمع الامريكي الى ما وصل اليه هو انه يواجه مشكلاته بجدارة
ولو اننا درسنا سلوك العربي اليوم لوجدناه نكوصيا ماضويا لايواجه مشكلاته بروح النقد والمسؤلية بقدر ماهو جواني وباطني ومكابر ايضا
هم يتوقون الى بناء عالم افضل على صعيد الفرد نفسه ونحن ما زلنا نتخبط في اوحال خير امة اخرجت للناس
هم يبتكرون ويبدعون محفزين مخيالهم ونحن نتلقف بسذاجة ما يبدعوه مرددين سبحان الذي سخر لنا هذا وماكنا له مقرنين الخ
هم لايصادرون التفكير الفردي كما ان ديدنهم الحرية والتنوير ونحن نرى في تنشيط الفكر افة عظمى للجسد والروح معا
هم يرسخون اكثر من شان ما وصلوا اليه من مدنية ومؤسسات جاعلين من القانون مرجعيتهم الاحتكامية الاساس ونحن نترسخ اكثر في العادات والتقاليد ومانحى ناحيتها من طائفية
ومذهبية وعشائرية الخ
هم يحترمون صندوق الاقتراع ونتائجة وهو الذي يمثل "التعبير الاكثر جلاء لما وصلت اليه الحضارة المعاصرة من احترام وضمان لحق الفرد - نواة المجتمع -في الوجود بعيدا عن اية وصاية حقيقية وباعتباره ايضا -اي الصندوق -المدخل والضمان لليمقراطية والعدالة"
بينما الحاصل عندنا العكس تماما اذ" حولت الانظمة القائمة صندوق الاقتراع الى اداة استبدادية حتى تحول من معناه كأكسجين ديمقراطي الى غاز استبداد خانق!" والا مامعنى ان الديمقراطيات العربية وحدها من تفوز بالنسبة الشهيرة والمضحكة "99%"!!
هكذا اذن ..
باسم الخصوصية والهوية نتخندق عن الاخر ..
في حين ان الخصوصية وهي موجودة داخل كل بلد كما داخل الاسرة نفسها ومثلها الهوية يفترض ان تكونا مجرد"تحديدات لابراز التنوع لا للطمس او التجميد "
واما عن القول بان "الغرب -الامريكان تحديدا - يستهدفون مقدراتنا فهذا تفكير سخيف وتامري وكأن الغرب ليس لديه شغل "غير ان يصحو كل صباح ويقول ها ..ما ذا سنفعل بالعرب اليوم !!
الغرب عقلاني ويهتم بمصالحه وهذا من حقه الطبيعي ولكن ماذا لدينا حتى يأخذه منا .. البترول ..اننا نبيعه له بل ونطلب مساعدته في اخراجه وتسويقه ايضا "
علاوة على ذلك فان مفاهيمنا جاهزية ومسبقة في اغلب صورها فيما ابتكرنا الصفر -كما يقال ونحن نقلناه عن الهنود اساسا -ولا زلنا في خانته للاسففف
والشاهد ان الكبت "ثابتنا الوطني الاوحد اذ ترفض الثقافة العربية عموما المجاهرة "
بالرغبات انطلاقا من الخزي - هذا الديكتاتور القاسي الذي يلغي فرديتنا على نحو فج باتجاه القطيع وثقافته
فـــــــ "حيث تجد مجتمعا يمارس اغلب بناته وابنائه العادة السرية لن تكون بحاجة لاثبات استشراء الاعتقالات ,الاغتيالات,دهس القانون روتينيا ,وتعامل نظام الحكم مع محكوميه بوصفهم مطبات يتوجب ازالتها اولا بأول
وحيث تجد مجتمعا يحكمه الفساد المالي والاداري والنهب الممنهج تحت قوة الجيش لارواح وممتلكات الناس ثق انك ستتناول منتجات مسرطنة بينما تسمع اناشيد الثورة والوطنية واغاني الرخاء والازدهار "مجلجلة -وصداحة - على نحو مقرف
فضلا عن ذلك
"حين يتحدث الزعيم العربي تلتزم جموع الشعب الصمت والطاعة!!
وليست خطبة الجمعة سوى تمثيل اضافي وجلي على هذا ..هناك فم واحد يتحدث كلماته الواحدة على حشد من الاذان المصغية الطائعة كاذن واحدة..
انها واحدية ضارية تبطش باي تعدد قد يطرأ ولاتأتي الطاعة هنا كمرحلة لاحقة للاصغاء بل سابقة عليه !!
اي انها ليست نتيجة بل سببا اذ ان الصوت الواحد لاينتظر منك ان تصغي له وتتفهمه حتى تتقبله او العكس بل عليك ان تقبله وطاعته هكذا مسبقا وقسرا لانه مقدس "!!!
في حين ان المجتمع الامريكي لاتحركه رواسب الماضي او التقديس مثلما المجتمع العربي وهو مجتمع لايخاف من الجديد ابدا فيما لايرسخ الكبت اذ يحترام الفرد ورغائب
تماما كما ان العلم في صورته الحديثة يحمل وبوضوح سمة الغرب الذي تجلى فيه فما كان له ان ينمو ويتطور - اي العلم - في ظل مناخ كالمناخ العربي مثلا
والسبب ان ذهنيتنا الشرقية مستغرقة في منطقة الباطني ا لروحي ما يجعلنا نرى في قائل هذه العبارة - ولا اتذكره الان -انه صادق والى حد كبير :- "خمسون عاما في الغرب خير من دهر في الشرق ! "
. . كذلك فان هيمنة الديني على الدينيوي سببا كبيرا في تعثراتنا وتخبطاتنا
فيما المطلوب الان الفصل بينهما اي عدم ترك الثقافة الدينية تسيطر لانها اذا سيطرت ستصادر العقل اكثر لصالح النقل والاتباع
والمعلوم ان "المجتمع المدني هو البديل للتكوينات العشائرية الطائفية والمذهبية وهو بهذا المفهوم :- النواة الاساس لاي دولة حديثة ومجتمع صحي اذ يقوم على الحريات والحقوق كما على النقابات والمؤسسات والاحزاب والجمعيات الخ "
على اننا وقد عرفنا "مصطلحات كالشفافية والمجتمع المدني في العشرين سنة الاخيرة بفعل "الاثارة الدماغية "التي جائتنا من الغرب يبدو الوضع معقدا للغاية خصوصا وان لاايمانا حقيقيا بهذه المفاهيم قد بدأ يتخلق عربيا "
ذلك ان الانظمة ما انفكت تقمع الفرد فيما عقليتنا الجمعية تمضي في ترسيخ مديح الامجاد اكثر
ويبدو واضحا ان "ابوية المجتمع العربي قادتنا الى مجرد قطعان اذ لاصوت داخله للفرد لانه مجتمع يلغي الفرد وبالتالي نفسه ذلك ان تحويل الفرد محض برواز لعلامة "x" لايؤدي بمجتمعه الى غير هذه النتيجة "x"
و الواضح ان "الثقافة الامريكية استطاعت تغيير نموذج الثقافتين اليابانية
والالمانية من ثقافة سلطوية الى ثقافة تعددية على سبيل المثال "
بينما نحن موغلين في الاستبداد السياسي الثقافي الاجتماعي رافضين الانفتاح على الاخر ما يؤدي الى الفساد بمجمل تعدداته والذي يقود بالتالي الى الخراب وظهور الحركات المتطرفة والعنف ما يستدعى افساح المجال بشكل اكبر للديمقراطية والانفتاح وحقوق الانسان والاقليات والمجتمع المدني الخ
واما المتامل البسيط في ميزانية وزارات الدفاع العربية سيكتشف وبسهولة انها مهولة للغاية فيما وزارت التعليم والصحة الخ تحصل على قدر ضئيل في الموازنات العام
والسبب ان القادة العرب ما انفكوا يساهمون بجنون في تغذية الثقافة العسكرية حتى اورثونا هذا الجحيم الباكي
فأغلبهم الان ويأتي على رأسهم صالح والقذافي ومبارك وعرفات وكان قبلهم صدام الخ لم "يدخلوا اية معركة حقيقة لصالح شعوبهم لكنهم لم يكفوا عن استعراض بزاتهم العسكرية فيما استمرار ارتباطهم بها وتمنطقهم بالمسدس لايعني سوى تغطيتهم لعقد النقص..
فشارون الذي هو بطل حقيقي اذ حقق لشعبه الكثير من الانتصارات العسكرية لايعرض نفسه في بزة ولا يلوح بمسدس!! بينما هو المتواجد فعلا في ارض المعارك
غير انه يستطيع ان يظهر بملابس داخلية او حتى عاريا ولكنه يظل قائدا محنكا يعرف كيف يدخل حروبا ناجعة وينتصر فيها ودون بزة وهذا احد الفوارق الاسرائيلية العربية اذ نحن نثرثر ونتوعد بينما الاخر يعمل وينتصر "
..من ذلك نستنتج ان الانظمة العربية "تنمي جيوشها للحفاظ على كراسيها ومن اجل العرض التلفزيوني وقمع شعوبها وهذه امور لاتعرفها اسرائيل مثلا اذ " لم تقدم عرضا عسكريا واحدا منذ لحظة تاسيسها وهي مفارقة تستحق التامل فعلا "!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع