الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موازنة الاحزان العراقية

ساطع راجي

2011 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


قد يسعد اي شعب عندما يعرف ان حكومته تمكنت من انجاز الموازنة العامة وقد ادرجت فيها الكثير من الفقرات التشغيلية والاستثمارية وان هذه الموازنة ستكون الأكبر حجماً في تاريخ البلاد وانها الموازنة الاكبر في المنطقة بعد موازنة السعودية مما يشير الى توفر كميات هائلة من الاموال في البلاد وان هذه الموازنة تسجل زيادة في التخصيصات المالية بالمقارنة مع موازنة العام السابق، لكن كل هذه الارقام والتسميات ليست سوى سبب لمزيد من الاحزان.
في كل عام يطل علينا الوزراء للاعلان بفرح غامر عن الموازنة العامة وتدخل الكتل النيابية في معركة يكون لكل طرف فيها صولات وجولات (اعلامية طبعا) للحديث عن نواقص ومظلوميات وطموحات شعبية وحاجات إنسانية ثم يتم تسوية الخلافات عبر صفقات سياسية تضمن بها كل كتلة حصتها من المال العام.
طرح الموازنة العامة يمثل مناسبة لاثارة احزان المواطنين فهم يكتشفون وبالارقام كم هو غني وطنهم ولكنهم يكتشفون وبالارقام أيضا كم الفساد الذي ينخر هذا الوطن ويلتهم خيراته، فيوميا يعيش المواطنون نقص الخدمات أو انعدامها وعندما يسألون عن سبب ذلك يكون الرد هو "نقص التمويل" ليمحوا هذا السبب كل الاهازيج الحكومية عن الموازنة الانفجارية او الموازنة الاكبر في التاريخ، طبعا لا احد يجيب عن التساؤل المعهود "أين ذهبت أموال الموازنة" رغم ان توفر اجابة رصينة وبالارقام عبر الحسابات الختامية هو شرط دستوري لاقرار اي موازنة جديدة.
يوميا يتم تداول الارقام الترليونية التي تحرق القلب واللسان سواء كتخصيصات او كإهدارات، ولا نكاد نجد قضية فساد كبيرة يتم احالتها الى القضاء وكلما انفجرت فضيحة تم التغطية عليها بأزمة وليس هناك كشف واضح لمفاصل اهدار المال العام وبالمناسبة يبدو ان الاموال التي تضيع بسبب الاهدار وضعف الادارة والاهمال وقلة الخبرة هي اكثر بكثير من الاموال التي يبتلعها الفساد وهي تكشف عن نقاط وضعف وخلل كبيرين في ادارة الدولة.
الارقام الترليونية التي يصعب النطق بها هي سكين يفتح جراح الفقراء الذين الذين يشكلون اكثر من ربع السكان سنويا وسكين يجرح المتألمين بسبب ازمات السكن والكهرباء ونقص العلاج لأنهم يعرفون إن هذه الاموال لن تساعدهم في تجاوز محنتهم بل هي مخصصات تؤدي لاثراء قلة عبر طرق ملتوية وغير قانونية، قلة يتبجحون بأنهم أهل الحل والعقد وانهم يعرفون كل شيء وانهم الاحرص على الوطن والمواطنين، لكن هؤلاء القلة هم سبب الازمات وسبب الفجائع.
الارقام الترليونية تتحول سنويا الى مشاريع تخريب لان الكثير من المشاريع الخدمية تتوقف في منتصف الطريق لاسباب شتى فيتحول المشروع الى نقمة ليس فقط لانه كان سببا في نهب المال العام بل ايضا لانه سيكون عملا تخريبيا قبل ان نكتشف فيما بعد انه كارثة بكل التفاصيل مرة لوجود اخطاء في التصميم واخرى لانه بدون جدوى او لان المقاول هرب أو ...........، ما أكثر اسباب الالم والفساد في هذه البلاد؟!.
الرجاء الذي يتبقى هو ان لا تكون الموازنة سببا لصفقة ما تؤدي الى خسائر في جوانب اخرى بعيدة عن قضية الموازنة نفسها، ويفعل المسؤولون حسنا لو انهم خففوا من علامات النصر والابتهاج بالموازنة ويفعل الساسة حسنا لو جنبوا المواطنين صخب جدلهم على الاموال التي ستذهب الى جيوبهم او الى جيوب المقربين منهم الذين يحصلون على مقاولات تنفيذ المشاريع، بينما تبقى للعراقيين موازنتهم الخاصة عن احزانهم التي يتسبب بها الارهاب والفساد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني