الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فناجين حمورابي ورئيس فنلندا!

جمال الخرسان

2011 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


ليس من المبالغة في شيء لو وضع العراق بكامله تحت وصاية اليونسكو والجهات الدولية المعنية بالاثار، فهذا البلد بطوله وعرضه ربما وجد فقط كي يكون متحفا للتراث القديم، ماظهر للعيان من آثار العراق عجب، وما طمرته الرياح عجاب!
ليس ذلك مدخل ديماغوجي ولا مزيج من الاطناب والعاطفة. يتذكر العديدون وبعد كل زخة من المطر كيف تبدي بواطن الارض والتلال في العديد من مناطق العراق شيئا من كنوز الماضي! ولا انسى في يوم من الايام حينما كنت في العاشرة من عمري شاهدت بام عيني ذلك الرجل الذي جلب الة او مضرب او ماشابه اظهرها المطر في تل قديم بين ميسان وذيقار لازال حتى الان يعاني الاهمال، ذلك الرجل وحينما اراد التاكد من انها نحاس او ذهب نصحه بعضهم بكسرها، وهكذا فعل! كما فعل كثيرون غيره مع حالات عديدة مشابهة وكانها طريقة متعارف عليها هناك. قد لايلامون اناس بسطاء مغلوب على امرهم والسلطات ليست معنية بذلك على الاطلاق!
اتابع بشغف ما يتحدث به هذه الايام بعض الزملاء عن رحلاتهم المجنونة التي يحسدون عليها الى ما تبقى من ارث العراق المباح، واشاطرهم النحيب على اللبن المسكوب.
ارث العراق الثمين جدا وكنوزه الاثارية لم يقتصر العبث بها فقط في مرحلة ما بعد عام 2003 بل كان العبث بذلك الارث التاريخي المهول قبل ذلك بكثير، وما سلم منه اصبح فريسة البيئة القاسية!
للساسة عادات ومكارم في توزيع ذلك التراث فمتحف الرئيس الفنلندي الثامن أورهو كـِكـّونن لازال حتى هذه اللحظة يحتفظ بفنجانين أثريين يعودان لحقبة حمورابي، وصلا الى هناك كهدية متواضعة من قبل السفير العراقي حينها صالح مهدي عماش!
مؤخرا فإن جهودا شخصية اسفرت عن اكتشاف سبعة فنلنديين يمتلكون اثار مختلفة من العراق وما لم يتم الوصول اليه كثير بكل تاكيد، فكل من من عمل في العراق كان باستطاعته ان يخرج في حقيبته من اثار العراق ما يشاء! العديد منهم جلبها للامتلاك وليس المتاجرة بها وما يرجح ذلك ان بعضهم حصل عليها منذ العام 1973 ومع ذلك فلازالت بحوزته حتى الان.
الاثار التي تعود لحقب تاريخية مختلفة بعضها اخذ من زقورة اور واخر من الحضر وبعضها من بابل، حصلوا عليها بطرق مختلفة بعضها مثير للضحك! منهم من حصل عليها في ذات المواقع التي كانوا ينشئون عليها بعض المشاريع العمرانية، ومنهم من ذهب ليصطاف فوجد قطعة اثارية في موقع اثاري في بابل واراد تسليمها فلما لم يجد احدا من المسؤولين في تلك اللحظة اقتناها مدعيا الحفاظ عليها خوفا من الاهمال! قد لايكون الرجل صادقا فيما ادّعى لكنه على حق بان الاهمال كان ولازال هو السمة البارزة لمعظم المواقع الاثارية في العراق.
اما اكثر ما يلفت النظر ويدعو للضحك والبكاء! ان احد المهندسين المعماريين الفنلنديين اجاب في دردشة خاصة معه حول كيفية الحصول على الاثر أجاب: اني كنت اتجول في يوم من الايام بقرب المواقع الاثارية في بابل ولم تكن عليها حراسة مشددة وكانت مهملة في تلك الاثناء وجدت فلاحا قريبا من الموقع فاردت التحدث معه وقدمت له سيكارة فما كان منه الا ان رد الجميل فاكرمه بلوح سومري عمره سبعة الاف سنة! وللامانة فان هذا اللوح او التمثال لازال حتى الان موضوعا في معرض زجاجي صمم خصيصا له وباضاءة خاصة جدا طبقا للمواصفات وقد منعنا من التصوير هناك حفاظا عليه من التلف. قصص واقعية مشابهة كثيرة ومؤلمة جدا ولهذا فلتعلو الاصوات .. فرما هذه المرة هناك من يسمع!
ان هناك الكثير مما يتداول بشأن تعاون وثيق للهيئة العامة للاثار والتراث، بالاضافة الى وزارة الثقافة العراقية مع منظمة اليونسكو، ولكن نتائج ذلك التعاون الوثيق ليست واضحة حتى الان! كما ان رئيس الوزراء نوري المالكي اعلن سابقا بان النصف الثاني من عام 2009 سوف ينصب فيه الاهتمام والرعاية الوطنية للمواقع الاثرية. كما واعلن في وقت اخر بان عام 2010 عاما عالميا لحماية الآثار العراقية. ولكن المؤسف ان العام 2010 قد انتهى ولم نشاهد أيّ جهودا استثنائية قد بذلت من اجل التراث والاثار العراقية!

جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من