الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يستجيب النظام العربي لاستحقاقات المرحلة...؟

فهمي الكتوت

2011 / 9 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لم يخطر على بال احد ان الوطن العربي سيشهد ثورات شعبية وحراكا واسعا يطيح بثلاثة انظمة مستبدة، تربع حكامها على العرش عشرات السنين، وهم من اقدم الحكام العرب واكثرهم تسلطا، رغم محاولات التضليل التي مارسوها بشعارات زائفة، فقد اشعل بوعزيزي الثورة التونسية التي اشعلت ثورات شعبية في مختلف ارجاء الوطن العربي، لم يسقط الربيع العربي انظمة حكم فحسب، بل اسقط حقبة زمنية من المفاهيم المتخلفة التي تنتمي للماضي، والتي جردت البشر من انسانيتهم، واخضعتهم لانظمة توليتارية، وعرضتهم للفقر والبطالة والتخلف، بعد ما نهبت ثروات البلاد وهربتها للخارج، وسخرت المصالح الوطنية والقومية لصالح الحركة الصهيونية والاحتكارات الرأسمالية.
تميزت الثورات الشعبية في تونس ومصر، بوسائلها السلمية واهدافها النبيلة، والتي تتلخص بقضايا الحرية والديمقراطية والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وقد اخذ الحراك الشعبي في الوطن العربي عدة مسارات، وهي ليست خيارات، بل تعود لظروف وخصائص كل دولة على حدة، من حيث عمق واتساع الحركات الشعبية من جهة، ومقدرة النظام الحاكم على تجديد مؤسسات الدولة لكي تستجيب لمتطلبات الحياة الديمقراطية من جهة اخرى، ومن الطبيعي ان تشهد الدول الاكثر فقرا تحركا شعبيا اوسع، هذا لا يعني ان دولة عربية بمنأى عن الحراك الشعبي. وكان المشهد الاول والاكثر تميزا للثورات العربية في كل من تونس ومصر، حيث اضطرت الانظمة المستبدة للتنازل عن الحكم امام الثورات الشعبية العارمة في البلدين، اما المسار الثاني ما شهدته ليبيا من استخدام مفرط للقوة من قبل نظام القذافي والتشبث بالسلطة الامر الذي مهد لتدخل اجنبي، وحرب طويلة كلفت الشعب الليبي خسائر فادحة، املين ان لا تؤثر على استقلالية الثورة وسيادتها الوطنية. فمن المعروف ان حلف الناتو لم يقدم خدماته بالمجان، او بدوافع انسانية، فهو ينتظر ثمنا لدوره، ونخشى من وجود صفقات سرية تمت خلال المرحلة الماضية تؤثر على استقلالية الدولة الليبية. املا ان لا تنزلق الاوضاع في سورية واليمن الى المشهد الليبي درءا للاخطار الكبيرة التي تنتظر هذين البلدين، خاصة وان امريكا لم تخف موقفها المتحيز، ففي الوقت الذي تمارس الضغوط لحماية نظام على صالح في اليمن. تهيئ المناخ لتدخل في سورية، الامر الذي يستدعي اغلاق كافة المنافذ في وجهها، ورغم الاختلاف الكبير في سياسة هذين البلدين خاصة في مواجهة العدوانية الاسرائيلية- الامريكية، الا ان شعبيهما تواقان لاقامة نظام ديمقراطي قائم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، وان المدخل الرئيسي لذلك هو وقف العنف وحقن دماء ابناء الشعبين، ان التدخل الاجنبي عدا عن كونه مرفوضا من حيث المبدأ، فان لسورية موقعا جغرافيا حساسا، فأي تدخل لن يعرض السيادة الوطنية للخطر فحسب، بل سيسمح لاختراق اسرائيلي، الامر الذي يهدد الامن القومي العربي في سورية والاردن ولبنان. وعلى الجامعة العربية ان تقوم بواجبها، رغم المبادرة الخليجية في اليمن ومبادرة الجامعة العربية في سورية الا اننا لم نشهد دورا عربيا حيويا في هذا المجال، بهدف عدم تكرار التجربة الليبية، والسبب في ذلك ان الجامعة نفسها لم يصلها الربيع العربي، مع ذلك هناك خطوط حمراء ينبغي عدم تجاوزها كالسماح بتدخل اجنبي في اي قطر عربي، مع التأكيد على حق الشعوب العربية بالحرية والديمقراطية، وهي احدى سمات المرحلة في الوطن العربي.
اما المجموعة الاخيرة وهي البلدان العربية التي تحكمها انظمة ملكية او اماراتية وراثية، فهي بالاضافة الى الاردن والمغرب دول مجلس التعاون الخليجي، لم يطرح في هذه البلدان "اسقاط النظام" بل طالبت التحركات الشعبية ب¯ "اصلاح النظام" كما لم تشهد تحركات شعبية واسعة، وان كان الحراك الشعبي في الاردن والمغرب والبحرين اكثر حضورا من غيرها في هذه المجموعة، ومع ذلك شرعت بعضها باجراءات خجولة نحو تحقيق الديمقراطية تفاوتت نسبتها من بلد الى اخر، فقد جرى تعديل الدستور في المغرب بما يضمن توسيع صلاحيات الحكومة وتحديد صلاحيات الملك. اما في الاردن فقد تمت ازالة الطابع العرفي عن الدستور الاردني واضافة نص دستوري يسمح بتشكيل محكمة دستورية، ولم تنجح ضغوط المعارضة باجراء تعديل على آلية تشكيل الحكومات، فالانطباع العام ان هذه التعديلات غير كافية لتحقيق نظام ديمقراطي يوفر تداولا سلميا للسلطة، اما باقي الدول العربية فكانت استجابة انظمتها للربيع العربي اقل من ذلك، وغالبا ما اقتصرت على الجانب الاقتصادي بزيادة الاجور وتحسين الخدمات الاجتماعية، وقد اعلنت العربية السعودية منذ ايام عن السماح للمرأة السعودية بدخول مجلس الشورة والترشح للمجالس البلدية، وعلى اهمية ذلك الا انه لا يشكل استجابة للربيع العربي، علما ان المرأة السعودية محرومة من حق قيادة السيارة، وفي 15 تشرين الاول المقبل ستجرى انتخابات مجلس الشورى العماني، الذي يقتصر دوره على مساءلة الوزراء وتقديم النصائح للحكومة، ولا يتمتع بأي سلطات تشريعية، رغم وعود سابقة بتوسيع صلاحياته. اما البحرين فقد ووجهت المعارضة القوية باجراءات قمعية، دفعت العديد من النشطاء الى السجون. ان استجابة بعض الانظمة العربية لاستحقاقات المرحلة واجراء اصلاحات دستورية وسياسية تضع البلاد على بداية الطريق الديمقراطي امر مهم ومن الضروري ان تصل رسائل الربيع العربي الى النظام العربي في الوقت المناسب، وقبل فوات الاوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ