الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سراب امرأة ،،،،، في الشرق

لينا جزراوي

2011 / 10 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


عادت من أمريكا تحمل شهادتها العليا في العلوم الاجتماعية والانسانية ،،، كمن يقبض على العالم بين يديه،،،، بعد أن غابت أربع سنوات لأتمام دراستها ،،،
أربع سنوات مابين الماجستير والدكتوراه ،،،، ذاقت فيهم مرارة الغربة وأنين الذكريات ، وكم مرة كاد حنينها لمدينتها يجهض أهدافها وخطتها المرسومة ويدفعها لتعود ،،،، ما أقسى الغربة ،،، ما أقسى الغربة ،، كانت تردد لنفسها كل يوم.
لكنها صمدت ،،،قررت أن تصمد ،،،فهي تحمل في جوفها حب كبير لبلدها وتدين بالعروبة عقيدة وبالقومية مبدءا ،،،،، ولأجلهم ،،، الوطن والمجتمع ،،، قررت أن تحصل على أحسن الشهادات ،،، تريد أن تعود بعلمها لخدمة أبناء بلدها ،
وعادت ،،،، سراب
عادت ،،، تشعر بالنصر،،، متفائلة ،،،حرة ،،، فقد انعتقت هناك من كل صنوف العبودية،،، عادت لاهثة تريد أن تطبق علمها وتنشره ،،،، كانت تؤمن بأن بلادنا قد ضاقت بالاطباء والمهندسين والعلماء الذين لم يعد لهم مكان في مجتمعات تتهاوى قيمها الاجتماعية والانسانية ،،، وقررت أن تدرس ذلك التخصص لأنها تعرف أننا نحتاج لمن يلاحظ ويفسر ويحلل ما يجري كل يوم من سلوكات شاذة وظواهر غريبة ، كانت تقول دائما،،،، ما أحوجنا لعلماء اجتماعيين يفكون طلاسم بعض القيم المتجذرة في عقولنا والتي أصبحت تعيقنا وتمنع انسانيتنا .

ومن اليوم الأول لحياتها العملية كأستاذة جامعية ،،، كانت تفيض حماسة ورغبة للبدء في العمل ،،،،
لقد تحقق حلمها ،،،، كانت تحلم بذلك اليوم الذي تلتقي فيه بالطلاب ،،،تحاورهم،،، تناقشهم ،،، ترسم معهم صورة لمجتمع حر جديد عنوانه الحقوق،، و الحرية،، والانسانية .
الصدمة الأولى ،،،، عندما قالت لها احدى طالباتها ،،،، أنها لا تشعر بأن حريتها مسلوبة كامرأة شرقية ،،،، وأن النساء قد خلقن لطاعة الرجل وتلبية طلباته ،،،، ورغباته،،،
وقالت أخرى لماذا الخوض في قضايا المجتمع والحريات والحقوق ؟؟؟؟ هذه أمور يناقشها النخب فقط ،،فلماذا نرهق عقولنا في التفكير وهناك من يفكر عنا ويرسم لنا خطط حياتنا ،،،،
وتفاجأت استاذتنا ،،،،أكثر عندما قالت لها احدى الطالبات في اليوم الثاني أنها لا تمانع في الزواج من رجل متزوج فنصف حب أفضل من ربع حب ،،، وربع حب أفضل من لاحب ،،،،
أما في اليوم الثالث فقد وصلتها رسالة شكوى مقدمة ضدها لرئيس القسم في الجامعة ،،،،، يتهمها فيها طلابها ،،، بنشر أفكارا وقيم لا تتناسب مع خصوصية المجتمع ،،،،
وأنها ملحدة ،،،
وفي اليوم الرابع ،،،، كانت ترد بالموافقة على رسالة من جامعتها في أمريكا تطلبها للتعاقد والتدريس فيها ،،، وفي نهاية الرسالة مكتوب جملة تقول " أكتبي المبلغ الذي تريدينه ،،،، يشرفنا انضمامك لأعضاء هيئة التدريس في جامعتنا "
وفي نهاية الأسبوع كانت تحلق بالطائرة عائدة أدراجها الى طلاب يقدرون قيمة علمها ويتوقون لسماع ما تقوله ، ناسفة أكداس المبادىء والنظريات التي تربت عليها وتعلمتها ،،،،، ولسان حالها يقول يبدو اني سراب لامرأة لم استطع ان اكونها ،،،، في شرق تعيس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا إستاذة لينا
عدلي جندي ( 2011 / 10 / 2 - 19:41 )
رب واحد وفكر واحد وحجر واحد وكتاب واحد ومن يطالب بالمزيد عليه الرحيل

اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم