الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشٌ من الثلجِ! في بيت شعر!..

مزهر بن مدلول

2011 / 10 / 2
الادب والفن


عشٌ من الثلجِ! في بيت شعر!..

مزهر بن مدلول

( فهوى الطيرُ في بيتنا ميتا، وبقتْ فوق اسلاكنا السقسقة )... محمد الغزي

مثل حلم مقهورفي عيني فقير، ترك الشاعر ثقبا من الضوء محفورا على الورقة.. تركهُ، لكي نتمكن من وضع اقدامنا على الارض المفقودة، ونطلّ من نافذته على تلك الروح المفرطة بانفعالات التنقيب في اعماق دواخلنا..
صورة نازفة حتى الفجيعة، رسمها الشاعر، هي صورة القتيل الذي يتمسك بالسكين التي طعنته!، فتظهرعارية تماما، لتبوح للمتأملين بالصدق والاحلام، ولتعزف على الحروف انغاما تتأوه باكية وكأنها ترى النور للمرة الاخيرة..
في بيت الشعر هذا.. حوارلاينتهي، بين اليأس والأمل.. بين ازقة مدينتنا وجدرانها المغطاة( ببرواز) الحزن، وبين خريطة الوطن الذهبية، التي تتدلى لامعة زاهية في عنق عروسة فاتنة!..
حوارٌ حميم بين الضد وضده، بين مامرّ ومابقى..
في بيت الشعر هذا.. تنعدم المسافة بين الانسان جميل الاحاسيس وضميره، هنا تتهدم السدود بين مجرى النهرين اومجرى النهدين!..
وهنا ايضا، تنقطع همزة الوصل بين الصوت وصداه، فتظهر المدلولات المختبئة في ظلال الصورة الباردة، جلية ضاحكة ومشرقة بالفرح السري، الذي ينفذ كعطر امرأة خطفت امام الباب بسرعة..
ورغم اننا عشنا في وطن كُتب عليه القتال منذ ثلاثة الاف عام، وفيه تأتينا الحرب، حتى وان لم نذهب اليها، ورغم اننا مازلنا الى الان، نرتدي السواد حدادا على ارواحنا، وان لهاجس الموت حضور شبحي يخيم على النفوس، لكن الشاعر يعطينا المفاتيح، لكي نتنفس ببطء ونعود الى عالم نشوتنا الصوفية الانيقة، ونحن نتجول في اروقة حياتنا الحارة وتجربتنا الدافئة..
يعطينا الشاعر، اشارة البدأ، لكي نذهب معه برغبة مشتعلة وبأيقاعات حثيثة من سخط العواطف، الى الارث الابداعي الانساني الجميل الخالي من الفضاضة والتطفل والاحتيال، ذلك الارث الذي تركه لنا اصحاب الشخصيات الجذابة والعقول الذكية المنفتحة، الذين يقفزون من التاريخ فجأة ليكشفوا لنا النقاب ويبلغونا احتجاجاتهم ثم يختفون مثل كائنات زئبقية..
نذهب معه، لكي نستمع الى سقسقة الطيور فوق اسلاكنا العتيقة، الى الاغنية التي تتوهج حنينا على اسطح المنازل، الى لغة العيون وهمسها، الى ( خزامى ) و(عيون الزا )، وذلك العشق الازلي المجنون، حيث الدراما الرومانسية، وكأننا مازلنا نعيش في ( وادي بغيض ) حيث جميل وبثينة!..
يأخذنا بفيض من الاحاسيس، في رحلة مطرزة بدانتيل الغناء واحزان القصب، الى التأتأة الاولى، الى ذلك الفضاء المائي الاخضر (الاهوار).. ذلك العالم السحري، الذي تعانقت فيه الحقيقة والخيال..
الى القرى التي سكنت بين الضباب والماء، قرانا التي قاتلت الغزاة ومازالت تقاتل، هي مسقط ولادتنا وعنوان تمردنا، وهي المكان الذي جعلنا نحلم بيوتوبيا (توماس مور) وخياله العذب في المساواة والتخلص من الفقر..
ياخذنا بيت الشعرهذا، مع اكتمال البدر، بظمأ مفاجئ وبروحانية خالصة ونقية، الى المزارات المقدسة، الى ذلك النبي واضح الصفاء ابو ذر الغفاري ودعوته اليسوعية، الى امنيات الامهات العراقيات في التخلص من كوابس الحروب والفتنة الطائفية وقلة الزاد، امنيات بسيطة، نومٌ عميق في عش صغير حتى ولو كان من الثلج!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??