الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة الإلكترونية ودورها – الحوار المتمدن نموذجاً

بهجت عباس

2004 / 12 / 9
ملف - الصحافة الالكترونية ودورها ,الحوار المتمدن نموذجا


إذا كان مكتشفو خريطة الجينوم البشري يُشـبِّهونه بصحراء واسعة تحتوي على واحات صغيرة مبعثرة، هي الجينات الفعالة، أو كطريق عريض طويل (أوتوبان/هاي وي) تنتشر خارجه القرى والمدن الصغيرة المتناثرة-الجينات- فإنَّ الإنترنت هو غابة كبيرة لا حدودَ لها بأشجار كثيفة ضخمة وأحراش ونباتات وحيوانات وطيور مختلفة الأنواع والأصناف، حيث يكون الجينوم البشري وجينومات الكائنات الأخرى قابعة في أحد زواياها، فيجد المرء فيها ما يرغب ويشاء ويأخذ ما يريد دون خوف أو وجل، وينبذ ما لا يوافق هواه ورأيه دون أن تأخذه في ذلك لومة لائم، فالحرية المطلقة جميلة، وإنْ تكن ذات ضرر أحيانا.ً لقد أدّى الإنترنت، وخصوصاً صحافته، دوراً فعالاً في تحرير الفرد من القيود والرقابة التي كانت تهيمن على فكره وعينه، فصار يرى ما لا يرى الآخرون الذين لم يساعدهم الحظ في استعماله دون قيود وحدود. ولم توفرالصحافة الإلكترونية الحرية فقط للفرد بل الوقت والمال أيضاً وشجعته على التفكير والمناقشة وتحليل الأراء والأفكار. وكما توجد في الغابة الممتدة بلا حدود مخاطر كثيرة، يوجد في الإنترنت ما يقابلها، وهنا يكون الحذر أمرأ لازماً. إنَّ بعض هذه المواقع استغلّ الحرية المطلقة في الإنترنت، فأساء استعماله لمصلحته الخاصة متنافياً والغرض الذي أنشئ من أجله والحديث حول هذا يطول. فالصحف الإلكترونية قد جاءت بما يريد الفرد وهو جالس في داره، إذ أصبح بإمكانه العثور على أيّ شيء يحتاجه من معلومات، سواء أكانت سياسية، علمية، أدبية أو تجارية، وقد تكون سبباً أيضاً في (نرفزته) أو تعكير صفو حياته تباعاً لما يقرأ. ففي هذه الحال يكون (الإختيار ) ضرورياً. أما إذا كان القارئ (نهماً) أو (فضولياً)، همّـه معرفة مختلف الآراء والإتجاهات، فذلك شأن آخر. ومن هنا نستطيع القول إنَّ موقع (الحوار المتمدن) من المواقع القليلة المعدودة التي فتحت المجال للآراء والأفكار المختلفة أو المتناقضة لعرضها على القراء المنتشرين في أقطار العالم لتبيان آرائهم فيها ومناقشتها والتعليق عليها دون شتائم أو سباب أو مهاترة أو تصفية حسابات شخصية خاصة لا علاقة للآخرين بها، بل قد تُستهجن من كثير منهم، وإن كان بعضهم يصفق مرحاً ويرقص طرباً لنيل بعض الكتاب من الآخرين وكشف عيوبهم وفضائحهم الشخصية، وهي حال غير مرغوب فيها في المجتمع المتمدن إن لم تـؤد ِّ إلى مساءلة القانون الذي يصون حرمة الفرد وحريته الشخصية. ففي (الحوار المتمدن) تجد كتاباً من أقطار عدة بمشارب مختلفة يعرضون ما لديهم، دون المساس بحرية الآخرين ومعتقداتهم رغم أنَّ ثمة استثناءات وتجاوزات أحياناً قد تكون السيطرة عليها أمراً عسيراً. وقد يعود هذا إلى نظرة الشخص واعتقاده، فما يكون حسناً لعمرو قد يكون سيئاً لزيد والعكس صحيح أيضاً، وقد صدق المتنبي بقوله :

ويختلف الرزقان والفعـل واحـد ٌ
إلى أن ترى إحسانَ هذا لـذا ذنبا

فقد يُغـيظ مقالُ كاتبٍ قارئاً لأنه يخالف رأيه، فيحكم عليه عند تقييمه المقالَ بدرجة (سيء)، وإنْ كان المقال جيِّـدَ الصِّـياغة والأسلوب والحجج وذا معنى مفيد، أو قد يحكم قارئ بالـ ( التقييم الجيد ) لمقال قد لا يستحق النشر لأخطائه اللغوية والنحوية ولضعف أسلوبه أو لعدم أهمية موضوعه لأنه وافق هواه. ومن هنا يكون (الحوار المتمدن) من المواقع الرائدة في انتهاجه سبيل ( تقييم ) المقالات التي تشير حقاً إلى طبيعة القارئ وعاطفته، هذا إذا كان المقال سياسياً أو انتقادياً لأمور حدثت. وهنا يكون الأمر طبيعياً أو عادياً، فالإنسان تغلب العاطفة عليه أحياناً. أما إذا كان المقال علمياً مستنداً على مصادر موثوق بها ويُقيَّم ( سيئاً )، دون إيضاح أو تبيان، يكون أمراً غريباً. فالمفروض، وحبذا لو يفعل، أن يبيَّن المُـقيـِّم موطن/مواطن الخطأ بتعليق أو تعقيب، ليستفيد منه الكاتب والقراء سوية، وقد تكون مناقشة علمية تعمّ الجميعَ فائدتـُها، ومن هنا تكون فائدة (الحوار المتمدن) شاملة لتبادل الآراء والمعلومات.
وهناك ظاهرة طول بعض المقالات، وقد يكون بعضها جيداً يستحق القراءة بل وحتي التفكير فيه أو دراسته، إلا أنها، في رأيي، ترهق كثيراً من القراء وأنا واحد منهم، ربما يكون (تحديدها) ضرورياً، وهي مجرد فكرة قد يؤيدني فيها كثير من القراء.أما إذا نظرنا إلى الأمر نظرة شاملة محايدة، نجد (الحوار المتمدن) منبراً في المعرفة والحوار والأراء المتعددة، بل هو في الواقع بستان ذات ورود وأثمـار حلوة ومرة، وقد لا تكون خلواً من الأشواك، ولكنك تسمع فيها هديل الحمام.
أهنئ الأستاذ رزكار عقراوي وبقية الأخوات والإخوة أسرة التحرير على الجهد الذي يبذلونه لإدامة الموقع، وليس هذا بيسير، متمنياً لهم عاماً آخر حافلاً بالنجاح والخير، مختتماً بأبيات صفيِّ الدين الحلي:

خلع الربيع ُعـلى غـصون البانِ
حـُللاً فواضلُـها على الكـُثـبان ِ
والظِّـلُّ يسرق في الخمائل خطوَه ُ
والغصن يخطر خَطرةَ النشـوان ِ
وكأنما الأغصان سوق ُرواقـص ٍ
قـد قُـيِّـدتْ بسلاسل الريـحان ِ
والشمسُ تنظر من خلال كرومها
نحوَ الحدائـق نظـرَةَ الغَـيْران ِ
والطَّـلعُ في خَـلَل الكِمام كأنَّـه
حـُلل ٌ تَفـتَّق ُ عن نحور غواني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام