الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار الجديد والقضايا الفكرية والسياسية والإعلامية ، بمناسبة عيد الحوار المتمدن

أحمد الناصري

2004 / 12 / 9
ملف - الصحافة الالكترونية ودورها ,الحوار المتمدن نموذجا


الثورة العلمية الراهنة هي ثورة الاتصالات والمعلوماتية والانترنيت المترابطة ، وهي الحلقة العلمية الجديدة في سلسلة التطور العلمي المفتوح والدائم والسريع ، وثورة العقل البشري المتفوق والخارق والذي بدء نشاطه الواعي مع تجربة الإنسان الأول ومحاولات الاكتشاف للسيطرة على الطبيعة ، وسوف لن يتوقف مادام الإنسان موجود ويعيش ويتنفس ويفكر في هذا العالم ، ويحتاج إلى التقدم والتطور للإجابة على أسئلة الحياة والكون الدائمتين، ومواجهة التحديات والصعوبات والحاجات اليومية في حياته ووجوده .

الصحافة الإلكترونية واحدة من إنجازات العصر العلمية الكبيرة والسهلة والمدهشة ، والتي نقلت العمل الإعلامي وعملية الكتابة والنشر إلى مجالات واسعة وخيالية أحيانا في دقتها وسرعتها وفي اختصارها لجهد كبير وأدوات كثيرة وعمليات بطيئة ومكلفة وغير دقيقة أيضا ، أما اليوم فكل شئ يتم بلمح البصر وبأعلى مستويات الدقة ، وهو يربط ويقود القرية العالمية الكبيرة ، وسيصبح كل شئ الكترونيا وليس الإعلام والصحافة والنشر فقط. لكن الإنسان سيبقى كائنا بشريا كما هو يتميز بوعيه الاجتماعي ، لكنه يقود كل عمليات التطور بواسطة الكومبيوتر أو جهاز جديد سيجد له أسم عالمي جميل !!

المشكلة بالنسبة للشعب العراقي خاصة ( بسبب محنته الراهنة ) وعموم الشعوب العربية وشعوب البلدان المتخلفة إنها لم تشارك في بناء هذه القرية العالمية ، أو إنها تتواجد على إطرافها ، فهي ليست في المركز ، ولا تمتلك غير بيوت الصفيح المتهالكة ، فهي أذن لا تمتلك الكومبيوتر بمعناه العلمي الدقيق والعملي الإنتاجي ، وهذا يعود إلى أسباب داخلية وأخرى خارجية فرضها المركز علينا ، لأن أصحاب القرية وسكانها لم يصلوا إلى الدرجة الإنسانية المطلوبة ، كي يتساوى سكانها في كل الأشياء ، وهذا ربما يحتاج إلى دهور ودهور ، بعد إن فشلت محاولة العم ماركس في أنسنة القرية ، وسيطرت عليها العلاقات الرأسمالية البربرية المتوحشة ، وصيغتها النيوليبرالية الراهنة !!

لذلك لا تزال الصحافة الإلكترونية محدودة التواجد والانتشار والتأثير في بلداننا ، بسبب التخلف العام ، وغياب الحريات والديمقراطية والتطور الاجتماعي ، واتساع مجالات القمع والملاحقة والرشوة والإقصاء والحجب والرقابة ، ومشكلات الحياة الاقتصادية والمعيشية ، حيث مشكلة الجوع والركض وراء لقمة العيش ، التي تمسخ الإنسان أحيانا كثيرة وتحط من آدميته ، وهذه مشكلات جدية وكبيرة تتعارض مع عالم الصحافة الإلكترونية الواسع والمرفه والسريع ، لكنها ستتقدم في نهاية المطاف ، رغم كل الحواجز والممانعات ، بينما نرى إن التطور الذي حصل في أوربا هو تطور تدريجي ومتوازن شمل كل مجالات وحياة الإنسان الغربي ، ودخل في هذه العملية عامل العقل باعتباره الرافعة الحقيقية للتقدم والتطور ، واحتاجت المجتمعات الغربية إلى وقت طويل وعمل مثابر ودقيق ومتراكم لخلق شروط التقدم العلمي والاجتماعي .

نأتي إلى تجربة موقع الحوار المتمدن ، الذي يتصدى لمهام فكرية وثقافية وسياسية يسارية وعلمانية ثابتة ، وهي مسؤولية كبيرة و ليست سهلة إطلاقا في الوقت الحاضر لكنها ليست مستحيلة أيضا ، بسبب الأزمة والتراجع الذي تمر به الماركسية والفكر اليساري والحركات اليسارية العربية والعالمية منذ عقود ، وبسبب التخلف الاجتماعي العام في مجتمعاتنا ، وسيطرة الاستبداد والقمع الواسعين ، وهي لم تنهض للآن ولم تتجاوز أزمتها الطويلة ، وهي أزمة بنيوية عميقة تشمل جميع مفاصل الحركة اليسارية النظرية والعملية ، حيث تراجعت مساهماتها في الإجابة على الأسئلة الاجتماعية الكونية الرئيسية ، بسبب عدم الاهتمام بالمنهج العلمي الجدلي الذي يراقب ويرصد تطور الواقع واتجاهاته ، والذي يعنى بتطور الحياة كلها .

لقد تكرس الخلاف منذ زمن بين مدرستين ، هما المدرسة اليسارية التقليدية المتخلفة ، والتي اعتمدت على ما عرف بالماركسية السوفيتية المنهارة ، وهذه المدرسة انفصلت عن الواقع وتخلفت عن الأحداث ، وهي تتآكل وتتقادم وتوشك على الانتهاء ، وقد توقف عقلها وتلكس ، وهي تعاني الآن من موت دماغي شبه كامل ، لكن بعض أطرافها تتحرك ميكانيكيا ، وتنوء تحت ثقل و وطأة أخطاءها ومشاكلها النظرية و التطبيقية و التاريخية القاتلة ، وهي مدرسة مطمئنة ومستريحة إلى ماضيها و وضعها وقابلة به ولا تتعب نفسها بالمراجعة والتصحيح لأنها غير قادرة على ذلك . لذلك فهي لم تفعل شئ كبير وهام لمراجعة أزمة الانهيار ، واكتفت بترقيعات شكلية باهتة وأحاديث لفظية عن التجديد والديمقراطية والتغيير . أين هو التغير ألان ؟؟ وماهي أدواته ، وماهو مصيرة بعد أكثر من عقد على أزمة الإنهيار؟؟ . وبين مدرسة اليسار الجديد الذي يعتمد على المنهج الجدلي العلمي للماركسية والتراث الإنساني وتطور الحياة والواقع ، ومحاولة تجديدها وتفعيل جوهرها النقدي المتغير، وهذا لا يعني أن هذا الاتجاه متكامل ومعافى ولايعاني من مشاكل ونواقص ، إنما يستمر في دورة العمل والنقد والمراجعة ، والاعتراف بالأزمة كبداية للحل والعمل اللاحق ، وعلى الاتجاه اليساري الجديد التحرك وأخذ المبادرة في العمل النظري والعملي الواسع ، واستيعاب كل التطورات والتحولات الجارية في بلدنا والمنطقة والعالم ، وقراءة الواقع المعقد والمتغير ، وطرح الأسئلة والإجابة عليها بوضوح .

ويمكن لموقع الحوار المتمدن أن يساهم في هذه العملية الجارية اليوم ، من خلال المساهمة النشيطة في أعادة إطلاق وصياغة الفكر الاجتماعي الجدلي و العقلاني و التنويري اليساري ، الذي يعالج مشاكل وهموم الناس المتفاقمة ويشترك في وضع الحلول الناجحة لها ، وفي مقدمتها المشاكل السياسية ، وخراب النظام العربي الرسمي ، وموقف اليسار من الديمقراطية والاستبداد ، والدفاع عن الحريات العامة و الفردية الأساسية وحقوق الإنسان ، وطرح الفكر العلماني في مكافحة ظاهرة السلفية و التشدد والتكفير ، والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية القديمة والجديدة وفي مقدمتها مشكلة الفقر والجوع والتخلف والتخليف ، وموضوعات الاضطهاد القومي ومشاكل المرأة والبيئة ، والمشاكل الخارجية التي تتمثل في الهيمنة الخارجية وأشكالها الفكرية السياسية والاقتصادية و العسكرية المباشرة ، نموذج العراق مثلا ، بلغة جديدة وبأفكار نقدية واضحة ، للخروج بالناس والمنطقة من نفق التخلف والإستبداد والهيمنة الخارجية .
كيف يستطيع موقع الحوار المتمدن أن يتجاور التكرار والتكلس والتراجع في المستقبل ، الذي يصيب كل الكائنات تقريبا بسبب عامل الزمن واختلاف الأحوال ؟؟ هل يستطيع الموقع أن يبقى متجددا ؟؟ هذه مسؤولية الأصدقاء في هيئة التحرير وكذلك الكتاب والقراء اللذين يمثلون غرفة المراقبة والتقييم والنقد والتنبيه عن هذه الحالة إذا وجدت!!

موقع الحوار المتمدن ملتزم عموما بشروط العمل والنشر المتمدنين ، وهو من المواقع الرصينة ، وهو يحرص إلى حد كبير على التمسك بشعاراته اليسارية المعلنة ، ويلتزم بأدب وأصول الحوار والجدل ، لولا بعض الحالات التي تأتي عموما من خارج الاتجاه اليساري ، وخاصة اليسار الجديد ، والموقع بعيد كل البعد عن الحالات السلبية التي تتورط فيها المواقع الأخرى وتسقط في حمأة الابتذال والتدمير الذاتي والجماعي ، والنماذج كثيرة وتشغل جزء كبير من النشاط الأنترنيتي اليومي للأسف الشديد ، وتتعالى فيها الشتائم ويتعالى التكفير والتخوين المتبادل والمبتذل والجاهز مع أول اختلاف ، والابتعاد عن العقل والموضوعية ، وهي ظاهرة مخجلة تخريبية لا تلتزم بأبسط الأصول والشروط الكتابية ، وتحتاج إلى متابعة ومعالجة ذاتية وجماعية .

يبقى لنا أن نقول كلمة في الإعلام الالكتروني العربي الرسمي ، فهو يتخبط في أزمته الدائمة التي هي انعكاس مباشر للأزمة السياسية وعجز وفشل النظام الرسمي العربي برمته ، وهذه الحالة لا تفيد معها كل التطورات التكنولوجية والعلمية التي تتحول إلى أدوات صماء جامدة وعاجزة عن الخروج من حضيض الواقع القاسي المفروض من قبل العقل الرسمي المحدود والمتخلف !!

في الذكرى الثالثة لانطلاق موقع الحوار المتمدن اليساري ، تحية وتهنئة خاصة وحارة إلى الموقع والى الأصدقاء في هيئة التحرير والى جميع الكتاب في الموقع ، والى القراء الأعزاء الطرف الرئيسي في عملية الكتابة والنشر ، والعلاقة بينهما ، وأتمنى أن يظل الموقع حواريا ومتمدنا دائما رغم كل الظروف الخاصة والعامة ، وأن يشعل شمعة في الظلام العراقي والظلام العربي الدامس ، وظلام المنطقة عموما !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا