الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الأرشيف... الديمقراطية مطلب أساسي لأوسع الجماهير الشعبية والقوى الوطنية في دنيا العرب

الحزب الشيوعي السوري

2011 / 10 / 4
الارشيف الماركسي


بقلم هيئة تحرير «نضال الشعب»
عندما كان الحكم الاستعماري رابضاً على صدور الشعوب كان من البديهي أن يفرض عليها مختلف القوانين والأنظمة الاستبدادية لأن النهب الاستعماري لخيرات الشعوب يتطلب قهر إرادتها وإخضاعها وإذلالها.
ولهذا كان نضال الشعوب في سبيل الاستقلال الوطني مرتبطا ارتباطاً عضوياً في سبيل الديمقراطية التي توفر المناخ الملائم لنشر الوعي السياسي والاجتماعي وتنظيم الجماهير الشعبية في المعركة التي يخوضها هذا الشعب أو ذاك ضد الاستعمار وأعوانه الرجعيين،وهذا القول ينطبق تماماً على الشعوب العربية.
وبعد الانتصار العظيم الذي حققه الاتحاد السوفيتي على الفاشية الهتلرية وساهمت فيه بدرجات متفاوتة الشعوب التي خضعت للنير الفاشي أخذ ينتشر مناخ جديد في كل أطراف العالم بما فيها البلدان العربية وهو المناخ الذي ينكر كل الأساليب المهينة للإنسان والمقيدة للحريات وأصبحت الأساليب الفاشية أو التي تحذو حذوها لطخة في سجل الذين استخدموها ويستخدمونها وانتشرت في مختلف البلدان لجان تهتم بحرية الإنسان وحقوقه وجعلت المطالبة بتوفير أوسع مجال من الديمقراطية هدفاً أساسياً لها.
وبعد انهيار نظام الحكم الاستعماري القديم ظهر في الساحة ما سمي بالاستعمار الجديد والذي أخذ ينهب الشعوب لاعن طريق قواته المسلحة بل بأساليب أخرى ومنها مؤسساته الدولية المختلفة وشركاته متعددة الجنسيات التي أخذت تستخدم أجهزة الحكم المحلية عن طريق الرشوة والإفساد لتحقيق سياسة النهب المشتركة هذه السياسة التي تتعارض مع الديمقراطية...وتتطلب مختلف أساليب القمع.
فإذا استعرضنا الأحداث الجارية في مثل هذه البلدان من كوريا الجنوبية وباكستان وبنغلادش وتركيا شرقاً إلى تشيلي والسلفادور وهندوراس والباراغواي غرباً لوجدنا أن الجماهير ترفع شعار الديمقراطية فوق كل الشعارات لأنها تدرك أن الديمقراطية هي المناخ الذي يمكن في ظله تحقيق الأهداف الاجتماعية الأخرى.
إن البلدان العربية سواء منها التي تعيش في ظل أنظمة وطنية معادية للامبريالية أو في ظل أنظمة رجعية أو محافظة تبرز لدى الجماهير الشعبية يوماً بعد يوم أهمية النضال في سبيل الديمقراطية، ويأخذ هذا النضال أشكالاً مختلفة.
ففي ظل الأنظمة الرجعية والمحافظة تخوض الجماهير العربية معركة وطنية ضد الهيمنة الامبريالية وخاصة الامبريالية الأمريكية، وضد وجودها العسكري الذي يتمثل إما بقواعد عسكرية أو على شكل تسهيلات، وكذلك لتحرير ثرواتها من النهب المشترك بين الشركات الإمبريالية والعائلات الحاكمة.
إن هذا النضال الوطني يتطلب النضال ضد أساليب القهر الوحشية، حيث تسود بعض هذه البلدان أساليب القرون الوسطى، فأي مكتسب ديمقراطي يتحقق يساعد على تجنيد أوسع الجماهير الشعبية في هذه المعركة الضارية.
إن النضال في سبيل الديمقراطية يتصاعد ويتخذ أشكالاً مختلفة، ويمتد من المنشور السري إلى القصيدة الاحتجاجية إلى المظاهرات الجماهيرية رغم أساليب القمع، ولكن تراكم هذا النضال يمكن أن يؤدي إلى انتفاضات شعبية عارمة تطيح بالنظام الرجعي العميل كما فعل شعب السودان.
وفي الأرض المحتلة مارست جماهير الشعب الفلسطيني حقها في الديمقراطية دون استئذان من المحتلين الإسرائيليين، ودخلت انتفاضتها شهرها الحادي عشر، بقيادة اللجان الوطنية واللجان النوعية المتفرعة عنها والتي يجري انتخابها بصورة ديمقراطية ولهذا، أصبح لها نفوذها كشكل من أشكال السلطة الوطنية وتتمتع باحترام عميق لدى الجماهير.
أما في البلدان التي تحكمها أنظمة وطنية معادية للإمبريالية والصهيونية وتحققت فيها منجزات اقتصادية واجتماعية، فإن الهدف أمامها هو الدفاع عن الاستقلال الوطني وحمايته من المؤامرات والمكائد الإمبريالية والصهيونية والرجعية، وتعزيز علاقات الصداقة مع قوى الحرية والسلم في العالم، وفي مقدمتها الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية، وكذلك حماية المنجزات الاجتماعية التي تحققت كالإصلاح الزراعي والقطاع العام واستئناف السير في طريق التقدم الاجتماعي، وذلك بالنضال بلا هوادة ضد نشاط البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية التي تنهب الدولة والشعب معاً، والتي يشكل استمرار نشاطها تهديداً للاستقلال الوطني نفسه، وهذه البرجوازية هي التي تلعب دوراً أساسياً فيما تعانيه الجماهير الشعبية من مصاعب معاشية واجتماعية. إن الجماهير الشعبية تطالب بالديمقراطية من أجل توسيع وتعزيز نضالها في سبيل هذه الأهداف الآنفة الذكر.
إن الشعب السوري قد جعل النضال في سبيل الديمقراطية أحد المداخل الأساسية في النضال ضد الحكم الاستعماري. ففي عام /1928/ فرض الشعب على المستعمرين إجراء انتخابات للجمعية التأسيسية واستطاع الشعب أن يوصل أغلبية من النواب الوطنيين واستطاعت هذه الجمعية أن تسن دستوراً فيه الكثير من المكاسب للشعب السوري.
وواصل الشعب السوري النضال في سبيل أبسط المطالب المتعلقة بمعيشته وحرياته، وكانت المظاهرات لا تلبث أن تتحول إلى رفع شعارات سياسية مباشرة ضد الاستعمار الفرنسي وأعوانه والمطالبة بالاستقلال التام.
وبعد أن تحقق جلاء القوات الاستعمارية الفرنسية والبريطانية عن البلاد بفضل النضال الشعبي، ومعونة الاتحاد السوفييتي، وتكاتف جميع القوى الوطنية، ومنها حزبنا الشيوعي السوري الذي سُمي إذ ذاك، حزب الجلاء.
نقول بعد الجلاء وتحقيق الاستقلال الوطني استمر ونما النضال العام في سبيل الديمقراطية حتى بلغ في عام /1954/ مستوىً رفيعاً، تمثل في حرية واسعة للصحافة وإجراء انتخابات نيابية حرة فعلاً، حملت إلى مجلس النواب عدداً من التقدميين بمن فيهم نائب شيوعي، وفئات هامة من البرجوازية الوطنية المعادية للاستعمار، وتمكنت الجماهير في سورية العربية على أساس تضامن كبير بين الشعب والجيش وأكثرية مجلس النواب الوطنية من إحباط المشاريع الاستعمارية الرجعية، كحلف بغداد، ومبدأ إيزنهاور والنقطة الرابعة الأمريكية، وحققت تأميم المؤسسات والمشاريع الاقتصادية الأجنبية، وشل نشاط العناصر الرجعية الداخلية، وكشف وفضح المؤامرات المختلفة التي كانت تحيكها الدوائر الإمبريالية ومخابراتها، سواء من الخارج أو من الداخل. وتطورت تدريجياً علاقات الصداقة والتعاون مع بلاد ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وسائر البلدان الاشتراكية.
كل هذا ألقى الذعر في صفوف الأوساط الرجعية واليمينية والإمبريالية العالمية وزعيمتها الأمريكية، وأخذت تبحث عن مخرج لوقف هذا التطور الوطني والديمقراطي العاصف في سورية العربية، والذي أخذ يؤثر تأثيراً واضحاً في الجماهير الشعبية والقوى الوطنية والتقدمية في دنيا العرب. وأزعج هذا التطور الصهيونية العالمية التي كانت تزعم أن إسرائيل واحة ديمقراطية في منطقة مغرقة في التخلف والرجعية لأن التطور في سورية ضرب هذه الدعاية الصهيونية في الصميم.
واليوم، ورغم اختلاف الظروف، تلعب سورية كذلك دوراً بارزاً في دحض الافتراءات الإمبريالية والصهيونية أمام الرأي العام العالمي.
وفي سورية تجربة متميزة فيما يتعلق بممارسة نوع من الديمقراطية لا يوجد مثلها في معظم البلدان العربية.
فبمبادرة من الرئيس حافظ الأسد، وخلال صعوبات جمة تشكلت في سورية عام /1972/ جبهة وطنية تقدمية تضم قيادتها المركزية ممثلي خمسة أحزاب سياسية، منها حزبنا الشيوعي السوري، وممثل لاتحاد نقابات العمال وممثل لاتحاد الفلاحين.
ولكل حزب من هذه الأحزاب أعضاء في مجلس الشعب ووزير أو أكثر في الحكومة، وممثلون في مجالس الإدارة المحلية، وفي الحركة النقابية العمالية واتحاد الفلاحين وجمعياتهم، وفي النقابات المهنية، وفي الاتحاد الوطني لطلبة سورية، ويملك كل حزب حرية التحرك الحزبي وإمكانية اجتماع منظماته، وأحياناً إحياء مهرجانات في الصالات العامة (مثلاً مهرجان حزبنا في الذكرى الستين لتأسيسه والذي أرسل إليه حافظ الأسد باقة من الزهور، وشاركت فيه أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وألقى ممثل حزب البعث العربي الاشتراكي كلمة فيه)، و (المهرجان في الذكرى السبعين لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى .... الخ) كما يملك كل حزب بعض الوسائل للتعبير عن رأيه كالنشرات الدورية والبيانات ... الخ. وليس هناك شيء من كل هذا في معظم البلدان العربية الشقيقة.
ورغم ذلك يطالب حزبنا الشيوعي السوري ومنظمات أخرى بتوسيع الديمقراطية للجماهير الشعبية وقواها الوطنية والتقدمية، وأن يكون لكل حزب من أحزاب الجبهة صحافته العلنية، كما تطالب بتعزيز سيادة القانون ورفع الأحكام العرفية وإطلاق سراح المعتلقين السياسيين المعادين للإمبريالية والصهيونية والذين لا يشكلون خطراً على سلامة الوطن والشعب.
إن توسيع الديمقراطية في سورية يسمح كذلك للجماهير الشعبية بالتصدي لأعمال الفساد والرشوة والهدر والغلاء الفاحش، والعمل ضد مكائد البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية، ويسمح لهذه الجماهير الدفاع عن مطالبها المعيشية والاجتماعية، كما يزيد من قدرة ودور سورية في دحض الدعايات الصهيونية العالمية وافتراءات حكام إسرائيل الذين تفضحهم أعمالهم الهمجية ضد الشعب العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة، ولكنهم مع ذلك يوغلون في دعاياتهم وافتراءاتهم القذرة ضد العرب وخصوصاً ضد سورية.
ويجب ألا يغيب عن أي وطني وتقدمي أن توسيع الديمقراطية يسمح للجماهير الشعبية بتعزيز نضالها أكثر فأكثر لدعم السياسة الوطنية التي تنتهجها سورية، ويعزز مكانتها عربياً ودولياً ويفسح لها مجالاً أوسع لكي تلعب دورها الهام في حركة التحرر الوطني العربية، وفي النضال العالمي في سبيل السلم.
وقد دلت التجربة الحية في عدد من البلدان العربية نفسها على أن نظام الحزب الواحد لا يأتلف مع متطلبات النضال الاجتماعي في مجتمع طبقي فيه طبقات، مصالحها متناقضة، بل ومتناحرة. وقد كتبت صحيفة «المجاهد» الجزائرية في مقال افتتاحي «إن احتكار الحزب للسلطة كان السبب الرئيسي لإصابته بالتصلب والعقم، وتحوله إلى حزب مخدر وأداة لسد الطريق في وجه ذوي الكفاءة».
وبكلمة فإن الظروف الموضوعية في العالم العربي تتطلب إشاعة الديمقراطية في البلدان التي هي محرومة تماماً منها، وتوسيعها أيضاً وأيضاً هناك، حيث لها بعض المظاهر وبعض البذور.
إن ذلك يفتح مجالات أوسع لتعرية وشل عناصر التخريب ومكائدها، وكل مساعيها التخريبية بأي شكل كانت وتحت أي ستار كان.
«نضال الشعب» ــ العدد /426/
أوائل تشرين الأول /1988/بقلم هيئة تحرير «نضال الشعب»
عندما كان الحكم الاستعماري رابضاً على صدور الشعوب كان من البديهي أن يفرض عليها مختلف القوانين والأنظمة الاستبدادية لأن النهب الاستعماري لخيرات الشعوب يتطلب قهر إرادتها وإخضاعها وإذلالها.
ولهذا كان نضال الشعوب في سبيل الاستقلال الوطني مرتبطا ارتباطاً عضوياً في سبيل الديمقراطية التي توفر المناخ الملائم لنشر الوعي السياسي والاجتماعي وتنظيم الجماهير الشعبية في المعركة التي يخوضها هذا الشعب أو ذاك ضد الاستعمار وأعوانه الرجعيين،وهذا القول ينطبق تماماً على الشعوب العربية.
وبعد الانتصار العظيم الذي حققه الاتحاد السوفيتي على الفاشية الهتلرية وساهمت فيه بدرجات متفاوتة الشعوب التي خضعت للنير الفاشي أخذ ينتشر مناخ جديد في كل أطراف العالم بما فيها البلدان العربية وهو المناخ الذي ينكر كل الأساليب المهينة للإنسان والمقيدة للحريات وأصبحت الأساليب الفاشية أو التي تحذو حذوها لطخة في سجل الذين استخدموها ويستخدمونها وانتشرت في مختلف البلدان لجان تهتم بحرية الإنسان وحقوقه وجعلت المطالبة بتوفير أوسع مجال من الديمقراطية هدفاً أساسياً لها.
وبعد انهيار نظام الحكم الاستعماري القديم ظهر في الساحة ما سمي بالاستعمار الجديد والذي أخذ ينهب الشعوب لاعن طريق قواته المسلحة بل بأساليب أخرى ومنها مؤسساته الدولية المختلفة وشركاته متعددة الجنسيات التي أخذت تستخدم أجهزة الحكم المحلية عن طريق الرشوة والإفساد لتحقيق سياسة النهب المشتركة هذه السياسة التي تتعارض مع الديمقراطية...وتتطلب مختلف أساليب القمع.
فإذا استعرضنا الأحداث الجارية في مثل هذه البلدان من كوريا الجنوبية وباكستان وبنغلادش وتركيا شرقاً إلى تشيلي والسلفادور وهندوراس والباراغواي غرباً لوجدنا أن الجماهير ترفع شعار الديمقراطية فوق كل الشعارات لأنها تدرك أن الديمقراطية هي المناخ الذي يمكن في ظله تحقيق الأهداف الاجتماعية الأخرى.
إن البلدان العربية سواء منها التي تعيش في ظل أنظمة وطنية معادية للامبريالية أو في ظل أنظمة رجعية أو محافظة تبرز لدى الجماهير الشعبية يوماً بعد يوم أهمية النضال في سبيل الديمقراطية، ويأخذ هذا النضال أشكالاً مختلفة.
ففي ظل الأنظمة الرجعية والمحافظة تخوض الجماهير العربية معركة وطنية ضد الهيمنة الامبريالية وخاصة الامبريالية الأمريكية، وضد وجودها العسكري الذي يتمثل إما بقواعد عسكرية أو على شكل تسهيلات، وكذلك لتحرير ثرواتها من النهب المشترك بين الشركات الإمبريالية والعائلات الحاكمة.
إن هذا النضال الوطني يتطلب النضال ضد أساليب القهر الوحشية، حيث تسود بعض هذه البلدان أساليب القرون الوسطى، فأي مكتسب ديمقراطي يتحقق يساعد على تجنيد أوسع الجماهير الشعبية في هذه المعركة الضارية.
إن النضال في سبيل الديمقراطية يتصاعد ويتخذ أشكالاً مختلفة، ويمتد من المنشور السري إلى القصيدة الاحتجاجية إلى المظاهرات الجماهيرية رغم أساليب القمع، ولكن تراكم هذا النضال يمكن أن يؤدي إلى انتفاضات شعبية عارمة تطيح بالنظام الرجعي العميل كما فعل شعب السودان.
وفي الأرض المحتلة مارست جماهير الشعب الفلسطيني حقها في الديمقراطية دون استئذان من المحتلين الإسرائيليين، ودخلت انتفاضتها شهرها الحادي عشر، بقيادة اللجان الوطنية واللجان النوعية المتفرعة عنها والتي يجري انتخابها بصورة ديمقراطية ولهذا، أصبح لها نفوذها كشكل من أشكال السلطة الوطنية وتتمتع باحترام عميق لدى الجماهير.
أما في البلدان التي تحكمها أنظمة وطنية معادية للإمبريالية والصهيونية وتحققت فيها منجزات اقتصادية واجتماعية، فإن الهدف أمامها هو الدفاع عن الاستقلال الوطني وحمايته من المؤامرات والمكائد الإمبريالية والصهيونية والرجعية، وتعزيز علاقات الصداقة مع قوى الحرية والسلم في العالم، وفي مقدمتها الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية، وكذلك حماية المنجزات الاجتماعية التي تحققت كالإصلاح الزراعي والقطاع العام واستئناف السير في طريق التقدم الاجتماعي، وذلك بالنضال بلا هوادة ضد نشاط البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية التي تنهب الدولة والشعب معاً، والتي يشكل استمرار نشاطها تهديداً للاستقلال الوطني نفسه، وهذه البرجوازية هي التي تلعب دوراً أساسياً فيما تعانيه الجماهير الشعبية من مصاعب معاشية واجتماعية. إن الجماهير الشعبية تطالب بالديمقراطية من أجل توسيع وتعزيز نضالها في سبيل هذه الأهداف الآنفة الذكر.
إن الشعب السوري قد جعل النضال في سبيل الديمقراطية أحد المداخل الأساسية في النضال ضد الحكم الاستعماري. ففي عام /1928/ فرض الشعب على المستعمرين إجراء انتخابات للجمعية التأسيسية واستطاع الشعب أن يوصل أغلبية من النواب الوطنيين واستطاعت هذه الجمعية أن تسن دستوراً فيه الكثير من المكاسب للشعب السوري.
وواصل الشعب السوري النضال في سبيل أبسط المطالب المتعلقة بمعيشته وحرياته، وكانت المظاهرات لا تلبث أن تتحول إلى رفع شعارات سياسية مباشرة ضد الاستعمار الفرنسي وأعوانه والمطالبة بالاستقلال التام.
وبعد أن تحقق جلاء القوات الاستعمارية الفرنسية والبريطانية عن البلاد بفضل النضال الشعبي، ومعونة الاتحاد السوفييتي، وتكاتف جميع القوى الوطنية، ومنها حزبنا الشيوعي السوري الذي سُمي إذ ذاك، حزب الجلاء.
نقول بعد الجلاء وتحقيق الاستقلال الوطني استمر ونما النضال العام في سبيل الديمقراطية حتى بلغ في عام /1954/ مستوىً رفيعاً، تمثل في حرية واسعة للصحافة وإجراء انتخابات نيابية حرة فعلاً، حملت إلى مجلس النواب عدداً من التقدميين بمن فيهم نائب شيوعي، وفئات هامة من البرجوازية الوطنية المعادية للاستعمار، وتمكنت الجماهير في سورية العربية على أساس تضامن كبير بين الشعب والجيش وأكثرية مجلس النواب الوطنية من إحباط المشاريع الاستعمارية الرجعية، كحلف بغداد، ومبدأ إيزنهاور والنقطة الرابعة الأمريكية، وحققت تأميم المؤسسات والمشاريع الاقتصادية الأجنبية، وشل نشاط العناصر الرجعية الداخلية، وكشف وفضح المؤامرات المختلفة التي كانت تحيكها الدوائر الإمبريالية ومخابراتها، سواء من الخارج أو من الداخل. وتطورت تدريجياً علاقات الصداقة والتعاون مع بلاد ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وسائر البلدان الاشتراكية.
كل هذا ألقى الذعر في صفوف الأوساط الرجعية واليمينية والإمبريالية العالمية وزعيمتها الأمريكية، وأخذت تبحث عن مخرج لوقف هذا التطور الوطني والديمقراطي العاصف في سورية العربية، والذي أخذ يؤثر تأثيراً واضحاً في الجماهير الشعبية والقوى الوطنية والتقدمية في دنيا العرب. وأزعج هذا التطور الصهيونية العالمية التي كانت تزعم أن إسرائيل واحة ديمقراطية في منطقة مغرقة في التخلف والرجعية لأن التطور في سورية ضرب هذه الدعاية الصهيونية في الصميم.
واليوم، ورغم اختلاف الظروف، تلعب سورية كذلك دوراً بارزاً في دحض الافتراءات الإمبريالية والصهيونية أمام الرأي العام العالمي.
وفي سورية تجربة متميزة فيما يتعلق بممارسة نوع من الديمقراطية لا يوجد مثلها في معظم البلدان العربية.
فبمبادرة من الرئيس حافظ الأسد، وخلال صعوبات جمة تشكلت في سورية عام /1972/ جبهة وطنية تقدمية تضم قيادتها المركزية ممثلي خمسة أحزاب سياسية، منها حزبنا الشيوعي السوري، وممثل لاتحاد نقابات العمال وممثل لاتحاد الفلاحين.
ولكل حزب من هذه الأحزاب أعضاء في مجلس الشعب ووزير أو أكثر في الحكومة، وممثلون في مجالس الإدارة المحلية، وفي الحركة النقابية العمالية واتحاد الفلاحين وجمعياتهم، وفي النقابات المهنية، وفي الاتحاد الوطني لطلبة سورية، ويملك كل حزب حرية التحرك الحزبي وإمكانية اجتماع منظماته، وأحياناً إحياء مهرجانات في الصالات العامة (مثلاً مهرجان حزبنا في الذكرى الستين لتأسيسه والذي أرسل إليه حافظ الأسد باقة من الزهور، وشاركت فيه أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وألقى ممثل حزب البعث العربي الاشتراكي كلمة فيه)، و (المهرجان في الذكرى السبعين لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى .... الخ) كما يملك كل حزب بعض الوسائل للتعبير عن رأيه كالنشرات الدورية والبيانات ... الخ. وليس هناك شيء من كل هذا في معظم البلدان العربية الشقيقة.
ورغم ذلك يطالب حزبنا الشيوعي السوري ومنظمات أخرى بتوسيع الديمقراطية للجماهير الشعبية وقواها الوطنية والتقدمية، وأن يكون لكل حزب من أحزاب الجبهة صحافته العلنية، كما تطالب بتعزيز سيادة القانون ورفع الأحكام العرفية وإطلاق سراح المعتلقين السياسيين المعادين للإمبريالية والصهيونية والذين لا يشكلون خطراً على سلامة الوطن والشعب.
إن توسيع الديمقراطية في سورية يسمح كذلك للجماهير الشعبية بالتصدي لأعمال الفساد والرشوة والهدر والغلاء الفاحش، والعمل ضد مكائد البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية، ويسمح لهذه الجماهير الدفاع عن مطالبها المعيشية والاجتماعية، كما يزيد من قدرة ودور سورية في دحض الدعايات الصهيونية العالمية وافتراءات حكام إسرائيل الذين تفضحهم أعمالهم الهمجية ضد الشعب العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة، ولكنهم مع ذلك يوغلون في دعاياتهم وافتراءاتهم القذرة ضد العرب وخصوصاً ضد سورية.
ويجب ألا يغيب عن أي وطني وتقدمي أن توسيع الديمقراطية يسمح للجماهير الشعبية بتعزيز نضالها أكثر فأكثر لدعم السياسة الوطنية التي تنتهجها سورية، ويعزز مكانتها عربياً ودولياً ويفسح لها مجالاً أوسع لكي تلعب دورها الهام في حركة التحرر الوطني العربية، وفي النضال العالمي في سبيل السلم.
وقد دلت التجربة الحية في عدد من البلدان العربية نفسها على أن نظام الحزب الواحد لا يأتلف مع متطلبات النضال الاجتماعي في مجتمع طبقي فيه طبقات، مصالحها متناقضة، بل ومتناحرة. وقد كتبت صحيفة «المجاهد» الجزائرية في مقال افتتاحي «إن احتكار الحزب للسلطة كان السبب الرئيسي لإصابته بالتصلب والعقم، وتحوله إلى حزب مخدر وأداة لسد الطريق في وجه ذوي الكفاءة».
وبكلمة فإن الظروف الموضوعية في العالم العربي تتطلب إشاعة الديمقراطية في البلدان التي هي محرومة تماماً منها، وتوسيعها أيضاً وأيضاً هناك، حيث لها بعض المظاهر وبعض البذور.
إن ذلك يفتح مجالات أوسع لتعرية وشل عناصر التخريب ومكائدها، وكل مساعيها التخريبية بأي شكل كانت وتحت أي ستار كان.
«نضال الشعب» ــ العدد /426/
أوائل تشرين الأول /1988/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتداء واعتقالات لطلاب متظاهرين في جامعة نيو مكسيكو


.. مواجهات بين الشرطة الأميركية وطلاب متظاهرين تضامناً مع غزة ب




.. Colonialist Myths - To Your Left: Palestine | أوهام الاستعما


.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم




.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني