الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منبر الحرية والدفاع عن حقوق الانسان

خالد يونس خالد

2004 / 12 / 9
ملف - الصحافة الالكترونية ودورها ,الحوار المتمدن نموذجا


قبل ما يقارب السنتين وأنا في مشوار مع صديقي على ساحل بحيرة ميلارن السويدية الهادئة، حيث الطبيعة الساحرة، والجمال الخارق، وتغريد الطيور السعيدة وهناء الاجواء، نذوق طعم الحرية الانسانية التي تجعل الانسان يشعر بأنه ذو قيمة في الحياة، نحاور عن الظلم الذي يعانيه مجتمعاتنا ونحن في الغربة. سألني صاحبي، هل تعلم بأن الكلمة الحرة تمثل ارادة الانسان الذي لا يقهر؟ جاوبت بحزن: ولكن اين الكلمة الحرة ياعزيزي في مجتمعاتنا الشرقية، ونحن في مشوار على هذا الساحل في بلد غريب، لايعوض دقيقة من الحياة في وطننا السليب الذي يئن من الجراح والظلم؟ نحن لا نجد مكانا للكلمة الحرة الا في الغربة القاسية، وقياداتنا تتاجر بدماء الشعب من اجل السلطة، حبذا لو وجدنا مكانا في مجتمعاتنا نتحدث فيه عن ما نراه خطئا وصوابا. ابتسم صاحبي بوجهي وكأنه يعبث، وقال: ألم تلتقي بالحوار المتمدن؟ نظرتُ اليه متعجبا وقد سمعت كلمة حلوة كفتاة جميلة تمر بي وانا أتحسر عليها دون أن ألتقي بها وأتحدث معها، وتساءلتُ: ما هو الحوار المتمدن يا هذا؟ ابتسم ابتسامة ملؤها الحنان وكأنه يريد أن يأخذ بيدي الى نهر اجهله، لأروي منه ظمئي، وقال: هناك تجد الكلمة الحرة، ثم سكت. فقلت له: لماذا لا نسافر الى الحوار المتمدن؟ قال انني التقي به كل يوم، فتعال معي لتتعرف عليه.
تعرفت اليه، انه الموقع الالكتروني الذي كنت اجهله. الصفحة الجميلة الحسناء والصحافة الحرة الوضاء. دخلت حديقة الحوار المتمدن قبل سنتين، وكان عمرها يومذاك ربيعا واحدا، فوجدتها يانعة مزهوة بالورود المختلفة الألوان. واليوم نحن في مشوار في هذه الحديقة في ذكراها الثالثة، نلتقي فيها بمئات الكتاب والأدباء والشعراء والمفكرين، بعضهم تقدميون، والبعض الآخر راديكاليون. ومنهم يساريون ومنهم يمينيون. الكل يشرب من البركة، والكل يجد له مكانا بين الأزهار والافكار المتصارعة، ولكن في اجواء ديمقراطية وسلمية عبر الصحافة الالكترونية. يقرؤون ويتعلمون ويكتبون ويضحكون ويبكون. بهذه الحرية التي تخيف الانظمة الرجعية تُمنع من الحركة في بلدانهم. وبهذا الأسلوب الحضاري المتمدن يشعر الكاتب بمسؤوليته أمام المجتمع، وأمام ضميره وشعبه، ويتعلم النقد ليقول كلمته من اجل حق الانسان في الحرية والحياة الكريمة. إنه ومعه مئات الكتاب، يدافعون عن حقوقهم وحقوق شعوبهم، ويشعرون بواجبهم أن يدافعوا عن حقوق الإنسان في كل مكان، لأنهم يجدون الآخرين يدافعون عنهم وعن حقوقهم.
ليس كل ما يزرع في هذه الحديقة يجب أن يتطابق بالضرورة مع فكر الجميع، فنحن البشر نفكر تفكيرا مختلفا، وهذه الخاصية احدى المآثر الحقيقية لتطور الانسان، لأن التطور لا يحدث بالسكون والجمود، لأنه عملية ديالكتيكة تجتمع فيها عوامل الحركة والترابط والتكامل والتواصل والتناقض ووحدة الضدين أو الأضداد لتولد فكرة جديدة. إنها قريتنا جميعا، ونحن أصحابها.
كم أشعر بالغبطة اليوم وأنا احتفل بالذكرى الثالثة لتأسيس هذه الجنينة النموذجية، وأنا أقرأ في طرقاتها كل يوم نداءات متتالية لجمع التواقيع والدفاع عن المضطهدين من الكتاب والأدباء الذين يقبعون في زنزانات الظالمين من الحكام. وكم أشعر بمسؤوليتي حين أجد نفسي أمام الواقع لأكون مع زملائي في الدفاع عن أخوتي الكتاب، ونحمي معا حقوق المرأة وحقوق كل الذين تعرضوا للاهانة بسبب قول الكلمة الحرة النزيهة، وانتقدوا الحكام الذين يكمون الأفواه، ويسرقون أموال الشعب.
الطابع الغالب على الحوار المتمدن هو الطابع التقدمي الشعبي. فلا يشعر أحد أنه حاكم والآخر محكوم. ولا يشعر كاتب أن البستاني الذي يروي هذه الورود يقطف وردة لتذبل، بل يرويها بعناية ووعي. فالكل يشعر أن هذه القرية قريته، وعلى الكل أن يدفع شيئا من مصروفات هذه القرية ليأكل من ارضها التي تنتج. والواجب يحتم على كل كاتب أن يحمل الماء ليسقي ياسمين وزنابق القرية ليس فقط بأفكاره ونقده بل ببعض ماله. فلا يبخل بالعطاء المادي مثلما لا يبخل بالعطاء الفكري، لأن المسؤولية فردية وجماعية في الوقت نفسه، وعلى الفرد أن يكون عضوا كامل النمو في المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا