الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موريتانيا تتعمد قمع زنوجها

عبيد ولد إميجن
(Oubeid Imijine)

2011 / 10 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


يبدو انه لا تكفي أعمال القتل والقمع و إشعال الحرائق ضد المواطنين الزنوج ومنشآتهم في كيهيدي و"مقامة"، والعاصمة، ولكن الظرفية المتأزمة فرضت على أنواكشوط توظيف ورقات إضافية قوامها "الكذب" و"النفاق"، لكي يبقي الموريتانيون بعامة في حالة من الشك والارتباك المشوبين بانعدام التوازن، وهي حالة كلاسيكية اعتادها السود الذين اكتووا عقودا بنظام عرقي لا يجيد غير
التمييز بين مواطنيه، ولعل الناس هنا قد تآلفت مع مظاهر أفعال التفضيل، أيضا، بعد رددت الفئة المتثاقفة كثيرا أن "العنصر كذا أفضل وأكرم وأعلم من كل السود بموريتانيا"، حتى صار البعض يتشدق بقياسات للوطنية فيقول لك "فلان أو علان أكثر أو اقل وطنية من غيره من الزنوج"، وما أحوج العالم إلى مثل هذا القياس المجرب بشكل سافر في موريتانيا دون غيرها !!.

إن الرهانات الشعبوية للنخبة العرب-بربرية الحاكمة تحمل في طياتها مزيجا غير متوازن يجمع ما بين الخطابات الديماغوجية التي لاتسمن ولا تغني من جوع –كما يقال- وعلامات الحيرة والخداع، كما هو واضح من كلمة "المفعول به" البارحة حيث حذر جماهير ولاية "كوركل" المنتفضة ضد عنصرية "الإحصاء" من زيادة جرعات أعمال التنكيل والقمع على أيدي المصالح الأمنية لوزارته..، ولكن أحدا لم يصفق ومر الخطاب دون أن يثير أدنى حماس في الصحافة..، ببساطة لأنه يكذب أفضل من "غوبلز" و"الصحاف" و"شاكير" ليبيا.
لقد أحاطت السلطة السياسية والعسكرية والبوليسية –ومنذ التأسيس- نفسها بمثل أولئك الندماء المتلونون، من أجل تبرير سياساتها العنصرية و الإقصائية، كمثال، نذكر، الهوية الجمعية للمجتمع والدولة الميالة إلى الانتساب الوهمي للعالم العربي، كما قد تلعب تلك النخبة أدورا إضافية للذود عن السلطة حين تقمع الزنوج ولحراطين، كما يحصل عادة مع مناهضي الرق ، هذا فضلا عن ترويج خطابات، رجالات السلطة، كما رأينا في حالتي قطع أو تطبيع العلاقات مع "دولة إسرائيل"..، الأمر الذي انخرط فيه رجال أعمال ومثقفون غير قليلون تحت مبررات مختلفة، تارة قبلية، و أخرى تجارية وثالثة عنصرية، وهكذا.
أما إذا حاولنا إمعان النظــر في مجمل المحطات السابقة لاكتشفنا دون كبير عناء أن السلطة إنما ترمي من وراء سعيها الحثيث إلى تثبيت قيادة "البيظان" المزعومة للمجتمع والدولة، حتى لو تطلب ذلك الشروع في جرائم إبادة جماعية للزنوج، كما حصل خلال العقد الأخير من القرن العشرين..، أو كما يتضح من موقفها من الإحصاء الــ"بيومتري" المثير للريبة والجدل، إن كل ذلك يندرج في إطار اختبارات ماحقة ومهددة للوحدة والانسجام الاجتماعيين.
و لم تستوعب المجموعة أن للصبر حدود وأنه هنالك أمور أسوء من اللعب بحذر، أقله التشكيك في وجود ما يناهز الــ30 بالمائة من سكان موريتانيا، عبر المزيد من التدبير السيئ لمكونات اجتماعية يصح فيها وصف الصحفي الأمريكي "توماس فريدمان" بأنها "سريعة الاشتعال".
إن تنظيم "لا تلمس جنسيتي" يعكس بجلاء مستوى التذمر في صفوف كل المجتمعات المظلومة بموريتانيا، ويبدو فعلا، أن الأمور لم تعد تطاق، مصداقا لما صح عن النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم حين قال : "إتق شر الحليم إذا غضب"، والغضب على ضعف أداء حكومة، تحتمي بالتجار لا يمنع من اندلاع حرب أهلية، بل يسرع فيها !!.
وبالفعل فقد أوكلت الأجهزة الأمنية الأمور إلى "التجار" وعملت على تسليحهم من أجل الهجوم على متظاهرين مسالمين، وكأن التعزيزات الأمنية القادمة من (الترارزة) و(لبراكنة) و(انواكشوط) لا تكفي لكبح جماح عشرات الفتيان الرافضين..، إن في الأمر ما يريب!!
أليس من حقنا أن نعرف حجم ونوعية الأسلحة التي يملكها أولئك التجار، بعد أن قال السكان أن بعض التجار متورط في تجارة السلاح لصالح متمردين أفارقة بدول الجوار، كجبهة كازامانس بالسنغال، مثلا، أليس من حقنا أن نعرف الحقيقة كاملة فيما يتعلق بالاسلحة المكدسة في مخازن القيادات القبلية والحضرية، ولماذا نشاهد في مواسم "الرماية" أن "الرماة" كلهم من فئة واحدة ؟ وأخيرا ألا يمكننا أن نجزم أنه بقوة السلاح يكون أولئك "الرماة" بالفعل هم من يحكم الدولة والمجتمع؟، وغيرهم إما خدم أو حشم !!.
لقد رفع الغطاء في "كيهيدي" و"مقامة" عن نوايا "الشر" و مسارات "الفتنة"، ولم يعد هنالك من حرج في الجهر بالسوء من القول، بعد أن أظهر التعاطي الأمني عن قدرة فائقة للانجرار وراء المزيد من الجرائم بحق المواطنين الزنوج الأبرياء، لا لشيء سوى أنهم ولدوا زنوجا يتكلمون لغة "الوالو والو" ويلتحفون السواد.
لقد أصيبت الطغمة العسكرية الحاكمة في موريتانيا، بالهلع الشديد، على الضفة اليمنى لنهر السنغال، بعد أن أدركت أنها إنحدرت في ذلك المستنقع الأسن، وعاملت سكان المنطقة بكل وحشية، لدرجة أن "لمين مانغان" سقط بالأمس الثلاثاء 27 سبتمبر شهيدا، بفعل طلق ناري من يد دركي متعطش لإراقة دماء الزنوج العزل والمطالبين بحقوقهم السياسية والمدنية المشروعة عبر وسائل ديمقراطية ، حضارية وسلمية..، إن استنجاد الوالي "أحمدو ولد الشيخ الحضرمي" بالوجهاء والشخصيات الدينية بالولاية، وبنائب وسيناتور المقاطعة على التوالي، "عيشة منت أنويص" و"كان اوسمان سانكوت" يكشف عن وضع غير مريح، ولا تحسد عليه الإدارة الجهوية، بعد أن أدركت أن انتفاضة الأهالي في الجنوب، لم يعد بإمكان النظام احتواؤها بالطرق الأمنية ولا بسياسة الترغيب أو الترهيب..،
لقد أخرج "فتيان الضفة" الأمور عن السيطرة الأمنية لأكثر من أسبوع، وأغلق مركز تقييد السكان أبوابه، لمدة أسبوع، و شرعت الدولة في إعلان حالة الطوارئ على كامل مناطق الضفة، فلماذا لا يعجل اصحاب المظالم وضحايا النبذ الطبقي بالتلاحم، من أجل تدشين ثورة شعبية ماحقة، قد تكون بعدها الجمهورية الإسلامية الإيرانية قادرة على توفير الملاذ لمن أساء تقدير الأمور على حافة المحيط الأطلنطي!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكر
خليل حامد ( 2011 / 10 / 6 - 06:14 )
شكرا لك على المقال تحياتي

اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران