الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة الإلكترونية .. و الأخلاق الحوار المتمدن مثالاً يُحتذى

إبراهيم إستنبولي

2004 / 12 / 9
ملف - الصحافة الالكترونية ودورها ,الحوار المتمدن نموذجا


قبل كل شيء أريد أن أتوجه إلى جميع القيمين على موقع الحوار المتمدن المتميز بالتحية الصادقة مع التهاني بمناسبة الذكرى الثالثة لإطلاق الموقع الرائع و كم كان بودي لو أستطيع أن اشد على أيديكم فرداً فرداً ، و بهذه المناسبة أتمنى لكم ببساطة دوام الصحة و راحة الأعصاب و سعادة بشرية حقيقية .. فشكراً لكم على سعة صدركم ، على تحملكم همومنا ، على استيعاب حشريتنا ، و على صبركم على إلحاحنا و أحيانا نزقنا .
لذلك أقول لكم بصوت عال :
كـــل عــــام و أنتــــم و الموقع الحضاري " الحوار المتمدن " بخــير !
ثم :سأحاول توضيح الدور الكبير و الريادي لموقع الحوار المتمدن من خلال اللوحة السوريالية التالية : السوريون ( و ربما المواطنون في بلدان عربية أخرى ) يتذكرون الوضع المأساوي لواقع النقل ، أي انتقال المواطنين من مدينة إلى أخرى و من المدينة إلى الريف و كذلك ضمن المدينة الواحدة في منتصف الثمانينات و بدايات التسعينات من القرن الماضي – كان المرء يضطر لأن يناضل بيديه و برأسه و برجليه لكي يفوز بموقع قدم ( ليس بمكان يجلس فيه ) في باص قديم مهرهر " الهوب هوب الشهير " أو سيارات البيك آب أو اللاندروفر القديمة جداً .. و البعض كان يلجأ إلى الدخول من النوافذ و من بين .. الأرجل ! .. و الآن ، مع توفر مختلف وسائل النقل ( و بغض النظر عن حالها و عن أحوالها البائسة ) ، فإن الانتقال من مدينة إلى أخرى و بين القرى و بين المدينة و الريف - أمر في منتهى البساطة ..!
إذن : لكم أن تتصوروا القفزة الهائلة التي يسّرتها وسائل النشر الإلكترونية و خصوصاً المواقع الحضارية منها كموقع الحوار المتمدن : كنا في الماضي ليس فقط لا نعرف ماذا يجري هنا و هناك ، و ليس فقط لا نعرف كيف يفكر هذا أو ذاك ، بل و كذلك كيف السبيل لتفصح عن رأيك ، لتعلن احتجاجك ، لتعبر عن تضامنك ، لترفض تقزيمك و إقصاءك و تهميشك ، و لم يكن بإمكان الكثيرين أن ينقلوا مشاعرهم و آرائهم و هم في المهجر ، و لم يكن بإمكاننا أن نتعرف على نتاج مختلف الأدباء و الشعراء و بصورة خاصة لم يكن سهلاً على أديباتنا و شاعراتنا الرائعات أن يوصلن صوتهن و كلمتهن و أن ينشرن القصائد الرائعة التي تفصح عن وجه حضاري رائع للمرأة الشرقية المثقفة الشجاعة .. باختصار ، لقد أتاح النشر الإلكتروني للجميع أن يكبر و ينمو و يتسع و ينتشر : سواء من خلال ما يقرأه على صفحات المواقع المختلفة في مجالات متنوعة أو من خلال التعارف و المراسلة و المحاورة البينية .. الخ .
نعم ، لقد قدمت الصحافة الإلكترونية خدمات جليلة و فرص هائلة للتمدن و للتحضر و للتثاقف . لقد ربت فينا جميعاً روح الاختلاف و احترام الآخر ، لقد ساهمت في تطوير النقد الذاتي ، في إنضاج التجارب الشخصية في مختلف مجالات الإبداع ، بما في ذلك عند الكتاب و الأدباء ..
و الأهم أننا جميعاً تمثّلنا قيم التسامح و أدب الحوار .. و اصبح عرفاً انه لا يجوز الاعتداء على آداب الحوار و لا يجوز القدح أو الذم ، و ليس صائباً شخصنة الاختلاف أو إعطاء صفات غير لبقة للكلمة المكتوبة .. أي انه كما لو أننا تقيدنا بعقد أدبي .. و قد ساعد على ذلك الموقع الرائع كالحوار المتمدن من خلال قوة المثال و حكمة اللا انحياز إلى طرف أو ضد آخر .. فالكل مرحب بهم ، و للكل حق الظهور و النشر .. و الكل مدعو للاشتراك في مختلف الحوارات و في مختلف حملات التضامن .. لان الموقع يرفع اسم التمدن عالياً قولاً و يمارسه فعلاً ..
و كم نحن بحاجة لأن نتعلم أخلاق ممارسة السياسة و الكتابة ، بعيداً عن التزلف لمسؤول و بعيداً عن التملق لرئيس تحرير و لصاحب دار نشر ، و بعيداً عن النفاق و الرياء اللذين ينخران مجتمعاتنا .. فيقول الكثيرون عن القبح كلاماً جميلاً و يسمون الأسود ابيضاً ، و يلبسون الجهل ثوب الحكمة و العظمة .. فمن بين أمراض مجتمعاتنا الكثيرة هناك آفات قاتلة منها العنجهية و الطاووسية .. فإذا بالنشر الإلكتروني يبين تواضع إمكانياتنا و حاجتنا إلى الكثير الكثير من العمل مع الذات .. فيدعوننا إلى التواضع و المجاهدة مع النفس بدلاً من التعجرف الفاضي و كأننا نتملك وحدنا الحقيقة و المعرفة .. و كأننا الوحيدون المثقفون بينما نحن أقل ثقافة من الآخرين .. و إذا بالآخرين اكثر تضحية منا و اكثر كفاحا في هذه الدنيا ، و إذا بنا نأكل و نشرب اكثر من أولئك الذين قضوا اجمل سنوات عمرهم في الزنزانات و تحت التعذيب و بعيدا عن أهلهم و عن أطفالهم ، بينما نحن نتمتع بكل ملذات الحياة و .. ننظّر عليهم ، أولئك المكافحين في سبيل أن نقول ما نحلم به ..
فشكراً لكم ، انتم أيها العاملون خلف المسرح لكي تظهر بشكل لائق آراؤنا ، أشعارنا ، قصصنا ، " تفاهاتنا و أمراضنا " و لكي عن طريقكم نشبع " الأنا " خاصتنا . شكراً لكم على الجهود الرائعة في سبيل انتشار الحكمة و الجمال و الأخلاق .
و أخيرا : إن موقع " الحوار المتمدن " هو أشبه بالحسناء الساحرة .. سيتطلع إليها كل شخص : الشاب و العجوز ، المثقف و الجاهل ، الجميل و المشوه ، الكريم و اللئيم .. الخ و ليس بمقدورها و ليس من حقها أن تمنع أحدا من حق النظر إلى " الروعة " .. لكنها تتابع سيرها و هي تتخايل بكبرياء الحسن و الثقافة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة