الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصالح الدول والربيع العربي!

زارا مستو

2011 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لا شك أن العلاقات الدولية تقوم على أساس المصالح المشتركة بالدرجة الأولى فيما بينها, وهي علاقات مشروعة, لها قواعدها وشروطها وأصولها, هذه الدول تقوم بتمثيل مصالح شعوبها, لها حساباتها الداخلية والخارجية, فإنها تنطلق من مبدأ مصلحة شعوبها قبل أي شيء عملياً, كما فعلت روسيا والصين وتركيا مع ليبيا ومصر وتونس في بداية الأمر, وكما تفعل الآن مع سوريا.
وإذا كان هناك بعض مواقف إنسانية فهي تأتي في سياق تجميل صورتها خارجياً واستجابة للضغوط الداخلية, كما أنّ هذه الدول تريد ضمانات لاستمرار مصالحها إلى ما بعد تغيير هذه الأنظمة, من المعارضة (النظام البديل), والدول العظمة التي لها نفوذها في المنطقة, وتشكل هذه الأنظمة الاستبدادية سنداً وعوناً مهماً لاقتصاد بعض الدول كروسيا والصين مثلا, بالإضافة إلى ذلك دولة مثل الصين تخشى من التحول الديمقراطي في المنطقة وأن يمتدّ لها, كونها دولة شمولية, ووضعها قابل للانفجار في أية لحظة, وتركيا لها أزمتها الجديدة القديمة, وهي قضية الشعب الكوردي الذي يصل تعداده إلى أكثر من عشرين مليوناً.
بينما الدول الغربية الديمقراطية قررت أن تساند الثورات العربية التي تحاول أن تتخلص من براثن الاستبداد, منطلقة من المبدأ نفسه مع فارق بأنّ مصلحتها هي مع الشعوب, و ليست مع الأنظمة, بالتوازي مع طرحها لشعارات الحرية والديمقراطية, واحترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها, وإن كانت هذ الدول عملياً تعطي الأولوية لمصالحها.
وصل الغرب بعد أحداث سبتمبر إلى اليقين بأنّ بقاء الأنظمة العربية على هيكليتها الحالية في تعاملها مع شعوبها, والقضايا التي تهمّ العالم بعقلية قروطسية ستعرّض مصالحها إلى الخطر, ولذا لجأت إلى إعادة النظر في مواقفها تجاه الأنظمة العربية الاستبدادية الشمولية, حاولت الدول الغربية اتّخاذ سياسات جديدة تتفق مع مصالحها ومصالح الشعوب التي تسعى إلى التغيير في منطقتنا, إنّ تغيير مواقف الغرب من الأنظمة العربية يعود لأسباب كثيرة, ومنها:
أولا: فرّخت سياسات الأنظمة العربية الاستبدادية جماعات تكفيرية إرهابية استطاعت تهديد أمن الغرب, وضرب هذه الدول في عقر دارها, فضلا عن تهديد مصالحها الاقتصادية وضربها في منطقنا, فإن عمليات تنظيم القاعدة خير دليل على ذلك.
ثانياً :أدت نتيجة سياسات الانظمة العربية القمعية والاقتصادية إلى تهجير ملايين من مواطنيها, مما شكلت هذه الهجرة خطراً على أمن الدول الغربية وتركيبتها الاجتماعية والثقافية.
ثالثا: وقوف الدول الغربية إلى جانب الأنظمة الاستبدادية شوّه سمعة دولها عند الشعوب العربية, وخاصة لدى القوى الديمقراطية والحقوقية والعلمانية, فهي تحاول جاهداً إلى تجميل صورتها, وإعادة النظر في سياستها تجاه هذه المنطقة برمتها.
رابعاً: الضغوط الداخلية من قبل منظمات حقوقية إنسانية غربية على حكوماتها للوقوف إلى جانب الشعوب العربية, والضغط على الانظمة العربية لوقف انتهاكات حقوق الإنسان.

خامساً: ارتقاء الوعي عند الشعوب العربية في مجالات عدة, هذا نبّه الدول الغربية إلى إعادة النظر في مواقفها تجاه شعوب المنطقة.
إنّ تردد الدول الغربية وعدم حسم موقفها من الأنظمة العربية الاستبدادية بشكل نهائي يعود إلى تشتت وانقسام المعارضة وضعفها, وعدم وجود البديل الديمقراطي للأنظمة الاستبدادية, وتخوفها من القوى الإسلامية الراديكالية, وعدم الحصول على الضمانات لمصالحها الاقتصادية الآنية والمستقبلية, قد يرى البعض بأنّ الدول الغربية لا تهمّها سوى مصالحها, لا تهمها الشعوب ولا شعاراتها, بدليل حمايتها وتعاونها مع بعض الدول الخليجية الملكية التي تفتقد إلى أبسط المبادئ الديمقراطية في إدارة بلادها وتعاملها مع شعوبها!
علينا أن نقرّ بأن التغيير في بلداننا هو من مهام ومسؤولية شعوبها, وليست من مهام الدول الغربية أو غير الغربية, تستطيع الشعوب العربية أن تستفيد من هذه الدول, لبناء أوطانها من جديد, وعلينا أن نفهم جيدا بأن الأولية عند هذه الدول مصلحة شعوبها, وليست المبادئ.
أما الشعوب العربية في الخليج إذا كانت هي نفسها لا تسعى إلى التغيير والتحول الديمقراطي- إذا استثنينا تجربة البحرين- فلماذا على الغرب أن تواجه حكومات الخليج, وتدخل معها في اعتراك, فهي بغنى عنها؟

لا شك أنّ لكل دولة عربية لها خصوصيتها تتعلق بوضعها الداخلي, ودورها وموقعها, ووعي شعبها وتركيبتها الاجتماعية, وإمكاناتها الاقتصادية...الخ, كلّ هذه الخصوصيات تقرّر مصير التحول الديمقراطي في ذاك البلد, ووقوف الدولي إلى جانبها.
- فتجربة تونس ومصر كانت متشابهة إلى حدّ كبير, من نواحي كثيرة, حيث حسمت المؤسسة العسكرية أمر نظامين بسهولة.
- أما الوضع في ليبيا جاء توحيد موقف المعارضة وتأسيس المجلس الانتقالي بشكل سريع, وكان للعامل الاقتصادي الليبي دور كبير في تشجيع التدخل الدولي لحماية المدنيين اللبيين, أما روسيا والصين وتركيا أمّنت مصالحها مع المعارضة الليبية بعد أن أخذت ضمانات لمصالحهم, ولو بخسائر كبيرة.
- إنّ الوضع في سوريا مختلف, بسبب تركيبة النظام والمجتمع السوري, وموقف المؤسسة العسكرية مما يجري في سوريا, وضعف وتشتت المعارضة, وعدم قدرتها على تمثيل الحراك الجماهيري, وهي لا تزال تحاول توحيد صفوفها, فإن هذه العوامل جعلت بعض الدول الغربية أن تتعاطى بحذر مع الملف السوري, أما روسيا والصين لهما مصالح وامتيازات مع النظام منذ أربعة عقود, وهي تدافع عنه بكل قوة, مع الإشارة أنهما تريدان حلا وسطا لاستمرار مصالحهما في هذا البلد, ومن هذا المنطلق التقت روسيا بالمعارضة السورية, ودعت إلى لقائها مرة أخرى, فإنهما لا تتخليان عن النظام إلا بعد تأمين مصالحهما .
لقد جاء موقف روسيا والصين في مجلس الأمن لصالح سمعة سياسة الغرب الخارجية عندما استخدمت فيتو ضد المشروع الغربي, فإن الغرب بفعل مقصود أراد تقديم هذه الصورة السيئة عن هذين دولتين في مجلس الأمن, ولرسم صورة جديدة لسياساته الخارجية, كمنقذ للشعوب العربية ,ولضمان مصالحه في المنطقة بشكل شرعي.
إذاً, المعيار الحقيقي عند هذه الدول هي مصالح شعوبها قبل أي شيء آخر, وأدركت أن مصالحها مع شعوب المنطقة , وليست مع الأنظمة, نتمنى من هذه الأنظمة أن تأخذ العبر منها, وتدرك هذه الحقيقة لعلّها تنقذ نفسها وشعوبها معاً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن