الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة إغلاق الحدود من جانب واحد و أشياء أخرى.

بودريس درهمان

2011 / 10 / 6
السياسة والعلاقات الدولية


المتعاونون الصغار لعدم وفائهم بالالتزامات التي يأخذونها على عاتقهم عادة ما يربكون جميع الحسابات سواء على مستوى العلاقات الدولية أو على مستويات الجماعات و الأفراد. المتعاونون الصغار ليسوا بالضرورة أفرادا أو جماعات بشرية، بل هم دول بأكملها، كما هو الشأن بالنسبة للدول المشكلة لمنطقة شمال إفريقيا ومنطقة الصحراء.
المتعاونون الصغار يربكون الحسابات الدولية الدقيقة لهذا السبب تقوم الدول الغربية المتنفذة بنصح هؤلاء بإغلاق الحدود حتى يتسنى لها تسهيل عملية المواكبة عن قرب.
سياسة إغلاق الحدود من جانب واحد ليست خيارا سياديا كما يعتقد الجميع بل هو خيار غربي نافذ. الغريب في الأمر بداخل منطقة شمال إفريقيا و دول الصحراء المشكلة على الأقل من ثمان دول، أربع منها فقط هي من يلجأ لهذا الخيار و هذا العدد كاف لإغلاق كل الحدود و من جانب واحد فقط.
الحدود مغلقة ما بين المملكة المغربية و الجمهورية الجزائرية من جانب واحد، أي من الجانب الجزائري، و منذ الفاتح من شتنبر من هذه السنة و الحدود مغلقة من جانب واحد كذلك ما بين الجمهورية الجزائرية و الجماهيرية الليبية و الحدود مغلقة كذلك من جانب واحد ما بين دولة النيجر و الجماهيرية الليبية كما أن الحدود شبه مغلقة كذلك ما بين الجماهيرية الليبية و الجمهورية التونسية ناهيك بان الحدود شبه مغلقة كذلك ما بين الجمهورية الجزائرية و الجمهورية التونسية. كل الحدود التي تخص هذه المنطقة هي مغلقة من طرف واحد و الدول الغالقة للحدود هي على التوالي الجمهورية الجزائرية، دولة النيجر، مالي و تشاد؛ و هذه الدول رغم أنها دول تتوفر على ثروات معدنية مهمة مذرة للعائدات إلا أنها عاجزة تماما عن حماية حدودها من تنظيم القاعدة و من التنظيمات المسلحة الأخرى؛ من هنا يتأتى الخيار الغربي لإغلاق الحدود و ليس من الخيار السيادي كما يعتقد الجميع.
المملكة المغربية حدودها مفتوحة مع الجارة موريتانيا من الجنوب و مفتوحة حتى مع الجارة الجزائر التي يحول بينهما مشكل الصحراء. و نفس الشيء بالنسبة للنظام الليبي الجديد و النظام التونسي الجديد، فكل حدودهم مفتوحة مع دول الجوار. حتى الجمهورية الموريتانية الأكثر هزالة من حيث الناتج الوطني الخام و من حيث القوة الأمنية و العسكرية فحدودها هي الأخرى مفتوحة مع كل دول الجوار.
ربما هنالك علاقة ما بين إغلاق الحدود و طبيعة الأنظمة القائمة، فالأنظمة المفتوحة حدودها مفتوحة على طول و الأنظمة المغلقة حدودها مغلقة كذلك على طول.
الحدود المغلقة بين هذه الدول تجعل التواصل و التبادل في ما بينها يتم بشكل عمودي و ليس بشكل أفقي، أي يتم بوسائل و بطرق ما فوق وطنية. الجمهورية الجزائرية بحكم عسكريتها الصارمة تفضل التواصل عن طريق حلف الناتو و عن طريق وزارة الدفاع الأمريكية، في حين المملكة المغربية بحكم خصوصيتها المدنية و السياسية تفضل الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى التكتلات الدولية السياسية النفعية. الكل يلاحظ بأن هنالك أفضلية ما للجمهورية الجزائرية لدى الأوساط العسكرية بشكل عام سواء في الولايات المتحدة الأمريكية، في الصين الشعبية أو لدى الأوساط العسكرية للجمهورية الروسية.في حين الدولتان الجديدتان في منطقة شمال إفريقيا التي هي الجمهورية التونسية و الجمهورية الليبية فإنهما تفضلان التعامل مع الأوساط المدنية و السياسية بالخصوص؛ أما دول التشاد، مالي و النيجر فهي لازالت تجد صعوبة قوية للتخلص من الهيمنة الفرنسية.
في ظل هذه المعطيات المرتبطة بسياسة الحدود المغلقة من جانب واحد في منطقة شمال إفريقيا و دول الصحراء، قد يحتاج المتتبع و المحلل الدولي إلى قدر كبير من الغباء السياسي لكي لا يستطيع تحديد الجهة التي كانت وراء تنظيم الهجوم الذي تعرض له الثوار الليبيون يوم الأحد 25 شتنبر 2011 بمدينة غدامس؛ فهذه المدينة هي مدينة ليبية حدودية توجد على تماس حدود ثلاث دول، هي تونس، الجزائر و ليبيا و هذا المتتبع و هذا المحلل يعلم بان لا عداوة معلنة بين النظام الجديد في تونس و النظام الجديد في ليبيا و يعلم كذلك بان الحدود الجزائرية الليبية هي بعشرات مئات من الكلمترات و من الممكن لمثل هذا الهجوم أن يقع انطلاقا من أي نقطة من هذه المئات من الكلمترات و من الممكن كذلك أن ينطلق هذا الهجوم من منطقة "غات" المحادية للحدود النيجيرية(انظر الخريطة) بحكم أن كل وسائل الإعلام أكدت بأن مجموعة من رجالات القذافي حملوا أرصدة الجماهيرية الليبية من الذهب إلى بلد النيجر و لكن بما أن الهجوم و قع انطلاقا من مدينة غدامس فيمكن لهذا المحلل و المتتبع أن يحدد بكل سهولة الجهة التي أمرت بتنظيم هذا الهجوم. و لما لا تكون هذه الجهة هي الجهة المساندة لسياسة إغلاق الحدود؟؟؟
رغم أن قرار إغلاق الحدود الجزائرية الليبية من طرف واحد تم يوم الفاتح من شتنبر 2011 فمعركة اغدامس التي حصلت يوم الأحد 25 شتنبر 2011ضد الثوار الليبيين هي فقط لتدعيم سياسة إغلاق الحدود.هذه المعركة القوية أسفرت و لأول مرة عن ثمانية قتلى و ثمان و عشرون جريحا في يوم واحد في صفوف الثوار الليبيين. هذه المعركة، اعتبرها البعض موت استراتيجي للمملكة المغربية لأنه بفضلها تسلمت الجمهورية الجزائرية من العقيد القذافي كل المعدات التكنولوجية الدقيقة التي بقيت عالقة في حوزته و حسب نفس الجهة التي أصدرت الحكم ستحتاج المملكة المغربية إلى إنفاق ما يزيد عن خمس مليارات من الدولارات لكي تستطيع إعادة خلق التوازن العسكري التكنولوجي المفقود. و لكن هل كل هذا صحيح؟
شريط الحدود الجزائرية الليبية الذي يقاس بمئات الكلمترات، نظرا للموقف الجزائري المتصلب و الغير واضح من النظام الليبي الجديد فهذا الشريط تحول إلى شريط استنزاف قوي للجيش الجزائري حيث يقوم يوميا هذا الجيش بحوالي 20 إلى 30 طلعة جوية تقوم بها ستون طائرة، و لكم أن تقدروا كلفة هذه النفقات البسيطة لسياسة إغلاق الحدود.
و نحن نختم هذه المقالة نذكر القراء بأن نفس الخدعة التي استعانت بها الجمهورية الجزائرية سنة 1975لتخويف بعض المكونات القبلية لمجتمع البيضان في الصحراء ، هي نفسها الخدعة التي تستعين بها اليوم لتخويف بعض المكونات القبلية لمجتمع الطوارق بالصحراء الليبية.
العيون، يوم الأربعاء 05 أكتوبر 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيارة الرئيس الصيني لفرنسا.. هل تجذب بكين الدول الأوروبية بع


.. الدخول الإسرائيلي لمعبر رفح.. ما تداعيات الخطوة على محادثات 




.. ماثيو ميلر للجزيرة: إسرائيل لديها هدف شرعي بمنع حماس من السي


.. استهداف مراكز للإيواء.. شهيد ومصابون في قصف مدرسة تابعة للأو




.. خارج الصندوق | محور صلاح الدين.. تصعيد جديد في حرب غزة