الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جياب .. جنرال شعبي اكتحلت عيناه بضوء الشمس والحرية

جاسم المطير

2011 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


مرت في الثاني من شهر سبتمبر 2011 الذكرى المئوية لميلاد شخصية عالمية، لا يمكن أن تنساها البشرية التقدمية جمعاء ، هي شخصية القائد الفيتنامي (الجنرال جياب) الذي كان اسمه رائدا في كفاح بطولي شامل خاضه الشعب الفيتنامي ضد الاستعمار الفرنسي لبلاده ، وضد تدخل الامبريالية الأمريكية التي أرادت أن تكون بديلا قمعيا للسيطرة على فيتنام بعد هزيمة الفرنسيين المنكرة في معركة ديان بيان فو التي كان شباب العراق والعالم اجمع يتابعها في بداية خمسينات القرن الماضي (آذار- أيار 1954) بشوق ومحبة وتضامن.
الملاحظ أن هذه المناسبة العزيزة على قلوب المناضلين الثوريين مرت من دون أن تحظى بما يليق بمكانة وعظمة نضال (الجنرال جياب) . مرت الذكرى منسية من رفاق دربه من الثوريين في غالبية بلاد العالم ، حتى الغالبية من الأحزاب الشيوعية نسيت تمجيد هذا المناضل بتحية في مقالة أو ببرقية مزدهية بالسرور لمرور قرن من الزمان على ولادة هذا الإنسان الذي قهر استعمار وغزو متعاقب لثلاثة دول (فرنسا – اليابان – أمريكا) ، لكنني وجدت ما لم أتوقعه على موقع الحزب الشيوعي الأمريكي الذي أرسل برقية ، ربما هي الوحيدة من نوعها، عبرت عما يجيش في صدور الشيوعيين الأمريكان من حب واعتزاز لزمن كان فيه جياب والشعب الفيتنامي بلسما للشعوب المناضلة من اجل الحرية في العالم كله.
وجه الشيوعيون الأمريكان رسالتهم بمناسبة مئوية جياب الذي ما زال حيا يرزق وهو يحمل عقلا متجددا وبصيرة ثاقبة كانت قد بددت يأس بعض الحركات في دول العالم الثالث ومنحتهم أملا ً كبيراً في التحرر من عبودية الاستعمار مهما كان شكله، فرنسيا أو أمريكيا ، أو يابانياً، أو انكليزيا ، أو غيره ، مثلما كان جياب نفسه يحمل عقيدة أن الإنسان هو الإنسان في كل زمان ومكان محب للحرية.
رغم أن المائة عام زمنا طويلا في عمر الإنسان لكن الشيوعيين الأمريكان يعتبرونه زمن الشباب في حياة المناضل الفيتنامي جياب فهذا الشاب الثوري الذي أدار ببراعة نادرة وبشجاعة مذهلة عملا كبيرا نافعا لشعب فيتنام وللانساية جمعاء.
عانى جياب وعائلته الكادحة مثل أبناء الشعب كلهم تحت العصف القاسي والنهب الشرير للاستعمار الفرنسي لزمن طويل، غير أن الشعب الذي أنجب قائده الشيوعي (هو شي منه ) أنجب ، أيضاً، محاربه الشيوعي الشجاع ( فو جياب) مصمم إطار الحرب الثورية من اجل نيل الحرية وطرد الاستعمار. كما كان جياب الذراع الرئيسي للقائد الفيتنامي هو شي منه اللذين ساهما معا في تأسيس ( الجبهة الفيتنامية من أجل الاستقلال ) كوسيلة فعالة من اجل تحقيق التحرر من سيطرة الاستعمار الفرنسي الجاثم آنذاك على الأرض الفيتنامية ناهبا ثرواتها ومعطلا إرادة شعبها في الحياة الحرة الكريمة .
بسرعة ، بفترة زمنية قصيرة، استطاع الشعب الفيتنامي إلحاق الهزيمة المنكرة بالاستعمار الفرنسي غير أن الفاشية اليابانية الجديدة أرادت فرض سيطرتها على فيتنام بديلا عن الاستعمار الفرنسي . لكن أسلوب (حرب العصابات) الذي ارتبط بمواهب القائد الجنرال جياب بابتداعه نهجا علمية ومهارة تفوق الخيال بوضع أسس هزيمة الفاشية اليابانية بأسرع مما توقعه القادة العسكريون في فرنسا واليابان . ما زالت في أذهان الجيل الوطني العراقي أنباء المعارك البطولية الفذة المبتدعة من قبل الجنرال جياب عام 1954 خاصة في حروب الأنفاق وصداها في معارك (ديان بيان فو) الشهيرة. ثم جاء دور التدخل الأمريكي في فيتنام متوكئا على عكازات اكبر القادة العسكريين في البنتاغون، القادمين على قوة إرهابية ضخمة من الطائرات والدبابات والبوارج الحربية التي حملت 550 ألف جندي لشن حرب شاملة على الشعب الفيتنامي لفرض شكل جديد من أشكال الاستعمار . انبرى الجنرال جياب لقيادة الحرب الشعبية ضد الجيوش الأمريكية الغازية جعل نصف أعداد الغزاة مشتتين هباء في الهواء او نائمين نوما أبديا في المستنقعات، كما صار الثرى الفيتنامي وسائد منخفضة للجنود والضباط الأمريكان حتى انبثق ضوء الاستقلال التام لشعب فيتنام، الذي اجبر اكبر قوة عاتية في التاريخ المعاصر على هزيمة شنعاء ، مسببا للسياسة الأمريكية كلها عقدة حربية إستراتيجية ما زالوا يطلقون عليها (عقدة فيتنام ) ستظل تلاحقهم بالعار إلى الأبد .
لم تحقق عقدة حرب أمريكا في فيتنام جرحا لن يشفى إلى الأبد، بل كان نجاح الحرب الشعبية الفيتنامية نداء إلى شعوب العالم المضطهد كله : تيقظوا وناضلوا ضد الاستعمار الجديد.
ثم غدت كتابات وتجارب الجنرال جياب دروسا عملية لكل الشعوب المناضلة من اجل الحرية والاستقلال . ليس هذا حسب ، بل أن تجربة جياب في إعادة أعمار البلاد بعد عقود طويلة من التخريب الاستعماري الفرنسي – الياباني – الأمريكي غدت درسا كبيرا أيضا.
حالما انهزمت جيوش الولايات المتحدة وتحقق الاستقلال الفيتنامي الكامل انتقلت مواهب الجنرال جياب من العمل العسكري إلى العمل المدني، من العمل الحربي إلى العمل السلمي ، لوضع الأسس العلمية القادرة على تحويل البلد الفيتنامي المتخلف زراعيا إلى حقق تقدما زراعيا – صناعيا يحتل مكانا مرموقا في العالم الجديد بمواهب جياب ورفاقه القدامى والجدد المواصلين جهودهم لإيجاد الحلول العملية لمشاكل البلاد الاقتصادية الموروثة من السيطرة الاستعمارية .
مائة عام من كفاح ومسيرة الجنرال جياب غدت اليوم مفخرة على كل شفة فيتنامية كما أصبح هذا الاسم قبلة قوية حارة يطبعها المواطنون على وجه هذا الرجل ذي المائة عام الذي لا يريدون الإفلات من عواطفه وأخلاقه المفعمة بحب الوطن والإنسانية رغم أن جسده ممدد على فراش لكن رأسه ما زال مسندا بتطلع إلى حروف الكتب والثقافة الإنسانية.
حنانيك يا جياب فأن اسمك ونضالك ومواهبك ستظل ملء قلوب الكثير من المناضلين العراقيين وهم بأرقى أشكال السعادة بذكرى الميلاد المائة لعزيمة الجنرال جياب المحوطة بذراع كل مناضل من اجل حرية شعبه وتقدمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 28 – 9 – 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نهرى دجله والفرات
فراس فاضل --السويد ( 2011 / 10 / 7 - 16:24 )
---فيتنام لها جياب وهوشى منه وروسيا لها لينين وستالين و ايران لها مصدق وفى دول االعالم هناك الابطال والابطال --لنا الحق فى ان نفتخر بالحكومه الحاليه من مالكى وطالبانى والنجيفى وكل الاحزاب الدينيه الاخرى --هل كان جياب لابس عشرين محبس ام كان هوشى منه واضع طره على جبهته ام كانوا من الحراميه والسراق --لم اسمع بحياتى من يؤثث مكتبه ب 2 مليون دينار ومن اموال الدوله --والعجيب الجميع مسلمين وصائمين ومصلين وحجاج - سيدى الفاضل اعتقد بان الامهات فى العراق سوف لاينجبون فهد اخر او عبد الكريم ثانى لان الحليب الطاهر جف بجفاف نهرى الفرات ودجله -لك اجمل تحياتى

اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال