الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات بمغرب الاستثناءات

محمد السلايلي

2011 / 10 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي



صنع الأحزاب الإدارية وشراء النخب السياسية يعد عاملا رئيسيا في بنية الفساد السياسي والاقتصادي بالمغرب، وهذا ما يجعل الانتخابات التي يتحكم فيها النظام المخزني، مثل السوق التقليدية التي يضبطها القانون العرفي، وفق المثل الشعبي : "الله يجعل الغفلة بين البايع والشاري ".؟
ماذا يعني هذا؟ بسبب عدم سماح النظام بفتح المجال السياسي على قاعدة الشفافية والوضوح وسيادة القانون، تقوم وزارة الداخلية بتأمين دورة النخب المرتبطة بالسلطة. الانتخابات هي الآلية الأنجع التي من خلالها يتم تجيير عملية تداول هذه النخب وإرسائها، لإضفاء نوع من الصبغة التمثيلية الشعبية.. من هنا، تكمن أهمية إنشاء الأحزاب الإدارية وتسخير إمكانيات الدولة للتحكم في الخريطة الانتخابية.
في الدول الديمقراطية، التي تدعي السلطة المغربية أنها تتحرك في اتجاه التماثل معها، الأحزاب تنشأ من داخل رحم المجتمع، وتتنافس بشكل ديمقراطي وتداولي، على تسيير الدولة. أما بالمغرب، فالعكس هو الصحيح، تقوم الدولة في مرحلة أولى، بإعفاء كبار موظفيها من مسؤولياتهم الإدارية ( أحرضان، عصمان، أرسلان، المعطي بوعبيد..حاليا الهمة صديق الملك .. ) وتدفعهم لصنع أحزاب تخدم توجهاتها، بعدما تقدم لهم كل أشكال الدعم، بدءا من التقطيع الانتخابي والتحكم في اللوائح الانتخابية، وانتهاء بتسخير لوجيستيك الداخلية من عمال ومقدمين وشيوخ واليات الجماعات المحلية، للم شمل الأعيان وعناصر النخب المحلية التي تتشكل من سماسرة العقار والبناء ( المصدر المهم للإنزال المالي لشراء الذمم )، والمرتبطة بالسلطة من أجل تأمين الاغلبيات المحلية والبرلمانية التي تنسجم مع الخيارات المخزنية؟
هذا النموذج الانتخابي، كان واضحا في عهد الحسن الثاني وادريس البصري صانع معظم أحزابه. لكن في أواخر هذا العهد، سيتم استدراج جزء أساسي من المعارضة الديمقراطية، لقبول هذه اللعبة والدخول فيها بدون ضمانات دستورية تحدد مبدأ فصل السلط وإخضاع المسؤولية للمحاسبة. بحيث وقعت هذه القوى شيكا على بياض لتأمين انتقال الملك، دون أن يحصل في بنية النظام أي إصلاح عميق يمكن من نقل الدولة من طابعها الاستبدادي التسلطي، إلى دولة تقيد فيها المسؤوليات بالمحاسبة، التي يضمنها استقلال حقيقي للقضاء.
في نفس المرحلة ، التي شكل فشل التناوب التوافقي عنوانها الأبرز، انحرفت علاقة هذه القوى الديمقراطية بالمجتمع، و دفعت بغالبية الكتلة الناخبة للاستنكاف والعزوف. خاصة بعد تكون قشرة انتهازية في صفوف الأحزاب الوطنية والديمقراطية، و تم رهن قرارات أحزابها بخيارات الدولة، بات من الصعب الانفلات من شراكها، ما لم تحدث ثورات حقيقية بداخل هياكلها. والنتيجة كانت نفور المواطنين من العمل الحزبي والتوجس منه، و اتساع الهوة معهم، زادت من فجواها الحملة الموجهة من طرف الدولة وغالبية الصحف المستقلة التي تقتات على ذلك، لفائدة الحزب الإداري الجديد.؟
يمكن القول، انه مع ظهور حركة 20 فبراير، وما تشكله من نقلة نوعية وكمية في النضال الديمقراطي للشعب المغربي، كان ممكنا، ولازال، بالنسبة لهذه القوى أن تلتقط دلالات الاحتجاج السياسي الشعبي المتنامي، للتخلص من فخ " الإشارات " المشفرة للدولة، التي قيدت سلوكها وعزلتها عن محيطها.
التخلص من هذا الفخ، يعني الخروج من مربع الفساد السياسي ( والحملة على التصويت للدستور لا تحتاج لتعليق !! ) وبصورة أشمل، عليها أن تختار بين القطب المستفيدون الدولة وسخائها الحاتمي، أو القطب الشعبي الذي يتبلور في اتجاه المطالبة بدمقرطة الدولة، من خلال المطالبة بإرساء دولة الحق والقانون التي تجرم مجمل العلاقات الزبونية، وتصون الحريات والكرامة والإنسانية والعدالة الاجتماعية من خلال توزيع عادل لثروات البلاد ومبدأ تكافؤ الفرص.
مشاركة هذه القوى، لا يمكن نكران تاريخها النضالي الطويل، في انتخابات 25 نوفمبر، تعيد إنتاج نفس البنيات الاستبدادية، هي بمثابة وقوع في فخ أعمق من فخ التناوب الشكلي، لان الشروط الموضوعية بين اللحظتين مختلفة، وسياقها الدولي، الذي يتميز بتحرك الشعوب ضد الاستبداد والديكتاتورية، خاصة على المستوى الإقليمي المفعم بثورات الربيع العربي، يجعل من خيارها سلوكا شاذا وانتهازيا، ونهجا غير محسوب العواقب، يفتح المجال أمام اتجاهات لاديمقراطية لاحتلال مكانها في الساحة الشعبية.
التاريخ والحاجات الموضوعية لنطور المجتمع المغربي، كأي مجتمع، لم يعدا ليسمحا بذلك الفراغ. إن هذا الخيار، الذي يكرر نفس أخطاء الأمس، بتقديمها شيكا على بياض للنظام القائم المتورط، في ظروف ينتفي فيها أي مبرر منطقي أو موضوعي، نتيجة حراك الشارع المغربي المتواصل، سيجر هذه القوى لخسارة مجلجلة، وسيقضي على ما تبقى من امتداداتها داخل المجتمع، ويزيد من تعميق شرخها مع قاعدتها، التي تبقى، على أي حال، رغم ضغوط تحييدها وإرباكها، جزءا لا يتجزأ من مجموع القاعدة الديمقراطية العامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا