الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمانة ... للحقيقة والتأريخ - 1 -

حميد غني جعفر

2011 / 10 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حول برنامج – الطريق الى الحرية – الذي عرضته قناة الفيحاء الفضاءية في – 6 – 9 – 2011 –وكان مبادرة إيجابية – تستحق التقدير –من قناة الفيحاء – ومن قبلها قناة الحرية الفضائية –في محاولة لتوثيق جزء من تأريخ الحركة الوطنية العراقية ، والتي يشكل السجناء السياسيين فصيلا منها ،وهي مبادرة تستحق التثمين من القناتين الموقرتين وتعبر عن إهتمامهما وحرصهما بتأريخ الحركة الوطنية في العراق وقد تناول برنامج – الطريق الى الحرية – تحديدا – عملية النفق والهروب من سجن الحلة المركزي – 1967 – بهدف توثيقها وإطلاع الرأي العام والشارع العراقي وبصفة خاصة الأجيال الجديدة من شبيبتنا وتعريفهم بتأريخ شعبهم وحركتهم الوطنية المناضلة وتضحياتها ومقارعتها للانظمة الرجعية والاستبدادية هذا هو الهدف الاساس المتوخاة من وسائل الإعلام المرئية منها والمقروءة ، وليس إبراز دور – فلان اوفلان – فالشارع العراقي لا يعرف من هو فلان او فلان ، إلا من خلال القوى السياسية أو الحزب الذي ينتمون اليه فهم والحالة هذه لا يمثلون أنفسهم ، بل يمثلون الحركة او الحزب الذي ينتمون اليه – فهم ليسوا سجناء عاديين – وعلى هذا فإن ما قاموا به من فعل ليس بمفردهم وليس بمعزل عن الحزب المناضل – المنتمون اليه – فالحزب لم يكن بعيدا عنهم – وهم بين أربعة جدران – بل كان لصيقا بهم وبمعاناتهم وعلى تواصل دائم معهم في كل الظروف – الى جانب نضاله المتواصل لاطلاق سراحهم ، ومن هنا فإن أي عمل أو فعل نضالي يقوم به السجناء السياسيين – داخل السجن – لا يمكن ان يتم دون علم الحزب وموافقته ومشاركته الفعلية في التخطيط والتنفيذ فهو المسؤول عن حياتهم وتوفير الحماية لهم ، حتى الإضرابات عن الطعام - المطلبية – التي كان يخوضها السجناء السياسيين كانت بعلم وتوجيه الحزب .
ومن هذا المنطلق المبدأي يفترض بل ويجب ان ينطلق المتحدث عن الحدث المعني المراد توثيقه بكل صدق وأمانة وبشعور من المسؤولية ونقاوة الضمير خدمة للحقيقة والتأريخ .
وكان ضيفين على البرنامج شخصين من المنفذين للعملية – كاتب السطور – والاخ عقيل حبش ، ولقد لفت نظري – حد الدهشة – حديث الاخ عقيل إذ أطلق العنان لخياله في تصور أمور – لا وجود لها – من مبالغات وتهويل جاهدا لابراز دوره على حساب تهميش او الغاء دور الاخرين ، والايحاء للمشاهد او القاريء بأنه هو الذي إبتكر فكرة النفق وهو المخطط والمنفذ للعملية وكأن المشاركين معه ليسوا إلا مساعدون له ولا وجود لمنظمة حزبية قائدة وموجهة ، وان المشاركين في العملية هم رفاق شيوعيون – ومكلفون بمهمة حزبية هي ذاتها المكلف بها عقيل وليس له من ميزة عن الاخرين ، وأرى إن مثل هذه المبالغة والتهويل بعيد عن الأمانة والمصداقية وتشويه للحقيقة ، ولذا أجد نفسي ملزما بإيضاح بعض الحقائق الأساسية بهدف تقريب الصورة الى ذهن القاريء ليكون على بينة من الحقيقة ، وبداية أقول :
أن فكرة الهروب هي ليست من العجائب والغرائب النادرة ،فهي مسألة عادية وطبيعية لابد أن تراود ذهن كل المناضلين الثوريين المكبلين بأحكام ثقيلة ويعيشون بين أربعة جدران في عزلة عن العالم الخارجي وبعيدون عن حزبهم وشعبهم وحركتهم الوطنية ، وما أكثر عمليات الهروب – فردية أوجماعية – حصلت في كل السجون العراقية – سيما بعد إنقلاب شباط الفاشي عام – 1963 – وأتذكر على سبيل المثال ، أننا ونحن معتقلون في مركز شرطة الكاظمية – خلال مقاومة إنقلاب شباط – 1963 – قمنا بمحاولة هروب جماعي للالتحاق بحركة الشهيد حسن سريع لكنها فشلت بفعل وجود موقوفين عاديين معنا كانوا سببا بإفشالها كما بينت ذالك في مقالة نشرتها جريدة – طريق الشعب – في عددها – 104 – السنة – 70 – الاحد 10 – تموز – 2005 ، ومحاولة أخرى في سجن الحلة ذاته عام – 1964 – وفشلت ايضا وتم ردم حفرة النفق ومحاولة بطولية أخرى – فردية – من سجن نقرة السلمان ذالك السجن الصحراوي الرهيب وشمسه اللاهبة للملازم الشهيد صلاح لكنه وبفعل حالته المرضية – مغص كلوي حاد – أخذ منه الظمأ مأخذه وسط تلك الصحراء المحرقة وهو يبحث عن بئر يرتوي منه بالماء ، وما ان بلغ حافة البئر فقد أغميّ عليه من فرط التعب والظمأ ... فكان فريسة للحيوانات المفترسة ... هذه وغيرها الكثير من المحاولات الفاشلة منها والناجحة والمهم ان كل تلك المحاولات هي بمساعدة المنظمة الحزبية في السجن وبعلم الحزب وموافقته وهذه الحقيقة يدركها عقيل تماما ، ويدرك أيضا حقيقة أخرى وهي أن فكرة النفق – في الواقع هي ذات مرحلتين – المرحلة الاولى - ان الفكرة كانت من موقع آخر – غير الصيدلية – من المطبخ – المجاور للقلعة القديمة ولم يكن بمعزل عن دور المنظمة الحزبية في السجن وتخطيطها ، وقد حاول – حافظ رسن – إشعار عقيل من خلال طلبه منه بوجوب الذهاب الى – نصيف الحجاج – مسؤول المنظمة الحزبية ،وقد ذهب عقيل فعلا الى نصيف الحجاج ، فأجابه الحجاج بأن حافظ رسن بانتظارك - دون ان يحدثه بشيء ،وعاد عقيل الى حافظ ثانية ، وكان هذا – بتقديري – إشعار من حافظ الى عقيل بأن أي عمل لايتم إلا بتخطيط وتوجيه من المنظمة الحزبية ، لكن عقيل – وعلى ما يبدو لم يدرك هذا الإشعار – ( هذا ماجاء برواية عقيل – الطريق الى الحرية صفحة 27 – 28 – والتي نشرها عام 2004 ) وأوعز حافظ الى عقيل بعمل حاجز من الخشب بهدف منع الرؤيا في موقع المطبخ ، وقام عقيل وفاضل بصنع هذا الحاجز – تمهيدا لعملية الحفر- وكان ذالك في بداية نيسان من العام – 1967 – أما المرحلة الثانية فهي بعد مجيء الرفيق حسين سلطان منقولا من سجن نقرة السلمان الى سجن الحلة وهو – عضو اللجنة المركزية للحزب –في أواخر نيسان من العام ذاته ،وهو يحمل مشروعا كبيرا لعملية هروب جماعي ومن موقع آخر – غير المطبخ – في القلعة القديمة وهو غرفة الصيدلية – داخل القلعة الجديدة – وكان الرفيق الراحل حسين سلطان قد أخذ فكرة هذا الموقع – الصيدلية - من رفيق كان معه في سجن نقرة السلمان ، وكان هذا الرفيق – سالم – سجينا في سجن الحلة عام – 1964 – وكان أحد المشاركين في عملية الهروب الاولى – الفاشلة – عام – 1964 – والمشار اليها أعلاه ،ومن هنا وبعد ان إطلع حسين سلطان على موقع – المطبخ – وجد فيه مخاطر كبيرة بفعل وجود ربية حراسة للشرطة فوق السطح قبالة المطبخ تشرف على حركة السجناء وتحركاتهم اليومية هذا من جهة ومن الجهة الاخرى هو بعد هذا الموقع – المطبخ – عن السياج الرئيسي للسجن وحذر القائمين بالعمل – اي المنظمة الحزبية – من المخاطر ، وطرح فكرة الموقع الجديد الصيدلية على المنظمة الحزبية – بقيادة الحجاج – وبعد دراستها دراسة مستفيضة تمت الموافقة على الفكرة ، وألغيت الفكرة الاولى – المطبخ – واعتبرت فاشلة ، وكان المناضل حسين سلطان وفور وصوله الى سجن الحلة كتب أكثر من رسالة الى اللجنة المركزية للحزب لاطلاعها على المشروع وبالتالي مساعدتها في تسهيل عملية الهروب بإيجاد المأوى للهاربين وكانت مراسلاته مع الحزب عن طريق الرفيقة – وابلة الشيخ – التي كانت تأتي لزيارة أخيها عزيز الشيخ الذي كان سجينا معنا . ومن هنا فإن مصدر الفكرة الأساس هو الرفيق الراحل حسين سلطان والذي تولى مسؤولية المنظمة الحزبية – بعد إطلاق سراح الحجاج بانتهاء محكوميته – فهو المخطط للعملية وبتوجيهاته تم إختيار عناصر التنفيذ ،هذه هي الحقيقة والحقائق الاخرى التي سيأتي ذكرها لاحقا ، أضعها أمام الرأي العام والشارع العراقي وبصفة خاصة الاجيال الجديدة من شبيبتنا لاطلاعهم على تأريخ شعبهم وحركته الوطنية المناضلة والى الباحثين والمهتمين بالتأريخ أرويها بكل أمانة ونقاوة ضمير ، وأؤكد ان لاصحة للاقاويل والادعاءات من اي شخص كان وأية جهة كانت .
يتبع حميد غني جعفر / أحد منفذي العملية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : هل طويت صفحة الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. هل يستنسخ حزب الله تجربة الحوثي في البحر المتوسط؟ | #التاسعة




.. العد العكسي لسقوط خاركيف... هجوم روسي شرس يعلن بداية النهاية


.. أمير دولة الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق بعض بنود الدستور




.. الحرب في غزة تحول مهرجان موسيقي إلى ساحة سياسية | #منصات