الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قهر اللجوء
عدنان الأسمر
2011 / 10 / 8مواضيع وابحاث سياسية
جرى حوار مع صديق لي حول صور معاناة اللاجئين في السنوات الأولى من نشوء مخيم البقعة وكان من بين ذلك الاستحمام فأكد لي صديقي انه كان يستخدم في بيته قيزر فاستغربت ذلك واستهجنته وهو كلام بعيد عن الصحة فأصر على موقفه وقال لي إنني لست متأكد من أن القيزر يعمل بالغاز آو بالطاقة الشمسية علما إنني اعرف واقع حياة أسرة ذلك الصديق مما جعلني أذكره أن الاستحمام كان احد اشكال قهر اللاجئين فقد كان الناس يستخدمون أللقن وهو عبارة عن وعاء معدني قطره متر وتستخدم الأم بابور الكاز لتسخين الماء في سخان معدني وكنا نستخدم فلقت صابون نتسلمها من وكالة الغوث وهي عديمة الرغوة وفي حالة تجمع الماء والصابون في ألقن أسفل القدمين يتعرض الواحد منا لانزلاق قدميه وإذا هو إلى أقسى البركيا يسعى ويمكن أن تتكرر عملية التزحلق أو ممارسة اللعاب المائية إجبارية مرات عدة كما أن هذا ألقن يتسبب بالإحساس بالبرد شتاءا إذا لامست حوافه الجسد والغريب أن الشخص الذي يستحم عندما يغادر البركيا يشعر أن الفضاء نظيف وكأن الجو في الخارج هو الذي استحم كما كانت الأم تجبر باقي أفراد الأسرى على الاستحمام تباعا للاستفادة من الماء الساخن وإشعال البابور .
وكان الرجال من سكان المخيم يذهبون للاستحمام في حمامين عامين بنتهما وكالة الغوث الأول موقعه قبل نهاية شارع البلياردو مكان جمعية الدوايمه حاليا والثاني يقع قبل مدرسة حطين حاليا على الجهة اليسرى فكان الواحد يأخذ معه بشكير وليفة وفلقت صابون حيث يدخل إلى كابينا خاصة للاستحمام مصنوعة من ألواح الزينكو وخلال الاستحمام يعبر البعض عن فرحته وانبساطه بهطول الماء على جسده وكان المستحمون يتبادلون الحديث بصوت مرتفع مفادها السؤال عن الأهل المفقودين او مكان ونوع العمل او حال البكج وماذا تسلموا من المؤن ويغادر كل واحد منهم بعد الاستحمام والضحك يملئ وجهه واضع البشكير على كتفه وفي إحدى المرات استغلت إحدى النساء وجودها لوحدها في خيمتها الزعموط وقررت الاستحمام إلا أن زوبعه عاتية داهمت الخيمة واقتلعتها عن رأسها فوقفت المسكينة في أللقن عارية لا تسترها إلا رغوة الصابون مغمضة العينين خوفا من حرقة الصابون وإذا بأصحاب الخيام المجاورة انتبهوا لتلك المرأة فهبوا لنجدتها ولفها بالبطانيات وهي تتحدث مع نفسها ( الله يقطع الحمام وسنينه الله يجعل ما حد يتحمم هذا حمام السواد ) وظل أبناء الجيران يمازحون أبناءها حتى هرمو ( انتم ولاد النظيفة التي طارت عنها الخيمة ) والحديث عن المكان يأتي ضمن مفهوم ايديولجية المكان عند اللاجئ الفلسطيني الذي يرتكز على أربعة أبعاد هي :
1_ استحضار أسماء أماكن البلدات والمدن والأماكن الفلسطينية وإطلاق أسماءها على أماكن ومؤسسات ومحلات تجارية متعددة في المخيم.2_عدم قابلية الاستسلام لشروط الاقامه السيئة واللا إنسانية في المخيم والعمل على تجاوز شروط البقاء إلى عوامل الوجود.3_ رفض التكيف مع المكان والتمسك بحق العودة ورفض التوطين أو الوطن البديل. 4_الاستمرار في ثقافة الشفوية التي تتحدث عن الأماكن الفلسطينية المحتلة وعن المعاناة في أماكن اللجوء لتحفيز الأجيال والتمسك بمفهوم آن للقيد أن ينكسر بدلا من لا بد للقيد أن ينكسر وأخيرا أقول لصديقي الذي حاول استفزازي عليك أن تعلم أن اللجوء عقوبة مركبة وأنني أتمنى لك أن تظل رشيدا وشيشيت بيتك عالية .
عدنان الأسمر
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. غزة : ما جدوى الهدنة في جنوب القطاع؟ • فرانس 24 / FRANCE 24
.. حتى يتخلص من ضغط بن غفير وسموترتش.. نتنياهو يحل مجلس الحرب |
.. كابوس نتنياهو.. أعمدة البيت الإسرائيلي تتداعى! | #التاسعة
.. أم نائل الكحلوت سيدة نازحة وأم شهيد.. تعرف على قصتها
.. السياحة الإسرائيلية تزدهر في جورجيا