الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة التاريخ أم نقده ؟؟

محمد ماجد ديُوب

2011 / 10 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


علينا الإعتراف بادىء ذي بدء أن قراءة التاريخ شيء ونقده شيء آخر .فالقراءة هي عملية تحليل عميقة وشاملة لحدث ما مرٌ وانتهى تستوجب الخروج بعبر ودروس تؤدي لتصحيح مفاهيم ربما تكون مخالفة لما يُستنتج من القراءة ولكن هذه القراءة ليس بوسعها أياً كانت عظمتها أن تغير شيئاً .فما حدث قد حدث ولايمكن إزاءه فعل أي شيء سوى أن نعتبرمن قراءته كما أسلفنا ونصحح مفاهيم ربما تعطي القراءة مفاهيم مغايرة تماماً لما هو سائد بما يستوجب المراجعة والبناء من جديد على مفاهيم جديدة

أما النقد فهو عملية تحليل لحدث ما زال يجري فعله على الأرض وعملية نقده ربما تفيد في تصحيح مسيرة سيرورته حاضراً ومستقبلاً إذا ما تم الأخذ بعملية النقد هذه وتخليصه من شوائب تنتاب مسيرته تؤدي إلى الخروج من مأزق الحدث الحاضر نحو آفاق المستقبل الذي ننشده جميعاً

إن عمليتي القراءة والنقد لافرق بينهما سوى في الحالة الزمنية فقراءة التاريخ حالة واجبة أما نقده فهي عملية عبثية ويزول الفرق بين القراءة والنقد عندما يكون الحدث هو الحدث المستمر في الحاضر والذي يتجه فعل إستمراره نحو المستقبل

هناك الكثير من الأخوة الكتاب والباحثين الذين يتناولون التاريخ بالنقد عوضاً عن قراءته فنجد على سبيل المثال لاالحصر من يوجه سهام نقده للدين وكأنه يريد إحياء عصبية ما ضد هذا الدين أو ذاك لأن الناقد للدين لم يتخلص هو نفسه من تأثير المفاهيم المقدسة التي كرسها التاريخ الديني إذ ما تزال القدسية المطلقة المرتبطة بالمصالح التاريخية للأفراد والجماعات ضاربة جذورها في لاوعي هؤلاء جماعات وأفراد والأدلة على ذلك كثيرة منها على سبيل المثال .أنه يرى كل مثقفي العرب أن ثورة البحرين طائفية وتدخل إيران ذا بعد مذهبي ولايرون ذلك في حراك سورية وتدخل الباشا الغبي أردوغان ومع ذلك ترى هؤلاء ينتقدون التاريخ وربما يشتمون الكثير من رجالاته الذين يتمتعون بقداسة ما

هذه الإزدواجية في التفكير سببها أننا ننقد التاريخ بدلاً من قراءته فنقع بالتالي في فخ مشاكل الحاضر دون أن نستطيع الفكاك من سطوة التاريخ على عقولنا إذ أنه في عمق لاوعينا ومن خلال التمسك بمبدأ الأكثرية والأقلية نرى أن التمسك بالرؤية التاريخية التي ننقدها ولا نقرأها مسيراً يحقق لنا مصالحنا بسرعة أكبر دون فهم أن الحاضر ومفاهيمه هي غير الماضي ومفاهيمه ونبقى على السكون الفكري التي ما تزال نبعاً ثراً لمشاكل لاتعد ولاتحصى في سيرورة الحاضر وهو يتجه نحو المستقبل

فتح مكة هو الحادثة التاريخية من وجهة نظري التي كرست أزمات الماضي وما تزال تنتج أزمات الحاضر عملية الفتح هذه كرست لها مقالاً نعنوان :قراءة التاريخ والبحث فيه هذه الحادثة التي أعاد تذكيرنا بها السيد أحمد داؤود أوغلووبصفاقة وقحة عنما سقطت طرابلس الغرب في يد قوات الناتو مشنهاً الحدث بعملية فتح مكة هذا الأوغلو الذي ينحدر من مدينة قونية التي تشبه الحياة فيها كثيراً الحياة في ظل طالبان حيث هي المدينة التركية الوحيدة التي يمنع فيها وجود الخمر بالمطلق وأنا هنا أورد الخمر كمثال ليس لأني أحبه فأنا أحبه كثيراً ولايفوتني في الأسبوع إحتساءه مرتين أو ثلاث ولكني أورده من باب الحرص على الحرية الشخصية التي يقتلها الفكر الطالباني الذي يتمسك هذا الأوغلو ورفاقه الذي صدعوا رؤوسنا بما يسمى الإسلام المعتدل ولاأدري حتى الساعة إن كان الإسلام هو إسلامات متشدد أو متراخي أو معتدل أم هو إسلام نصوص مقدسة لاتُؤٌل ولاتمس ؟

إن قراءة التاريخ تقول لي أن حكام العالم الإسلامي ومنذ موت محمد هم أحفاد أبي سفيان وتلاميذ معاوية الذي كان أول مؤسس لسياسة الغاية تبرر الوسيلة فبل أن يكتب عنها السيد الذائع الصيت ميكيافيللي ولايفكرن أحد أني أستثني أحداً أياً يكن إنتماؤه المذهبي فكلهم أمام كرسي الحكم سواء وإن محمداً هو الذي فتح الباب مشرعاً لهذا الفكر السلطوي العنيف والبغيض عنما لم يحسم موضوع السلطة بوضعها على الطريق التشاوري (الديموقراطي) وقد كان بحكم سلطته السماوية قادراً على ذلك بل ترك الأمر ليسود الأقوى من خلال تكريسه لقريبه أبي سفيان قائداً في المجتمع على الرغم من عدم إعتراف هذا الأخير بنبوة محمد حتى عندما طولب بأداء الشهادة

إن عدم قراءتنا للتاريخ والإكتفاء بنقده يجعل كل القوى الساسية على إمتداد ساحة الوطن العربي والإسلامي أسير التاريخ بكل موبقاته إذ كبف نفسر المواقف السياسية لأحزاب ترى أن الإسلام هو الحل في بلدان فيها من الطوائف والمذاهب الشيء الكثير والأنكى أنهم لايقبلون في صفوفهم من يغايرهم في الدين أو المذهب ويعدونك بالديموقراطية والحرية ؟؟؟؟!!!!

ولكن الأنكى وفي الوقت ذاته يبعث في النفس مرارة قاتلة أن علمانيين وليبراليين ويساريين يرون في هؤلاء أناس يمكن الوثوق بهم وهم الذي تراهم على إستعداد لأن يقتلوا على الهوية كما فعلوا ويفعلون ويقطعون بلذة سادية مفجعة جثث ضحاياهم ولايخجلون من رفع الشعارات الطائفية والمذهبية وترى في الوقت ذاته من يدافع عنهم وهم يتحالفون مع الشيطان إذا حقق لهم إشباع التمتع بالسلطة

أذكر أني رأيت ذات مرة المعمم السيد محمد بحر العلوم على شاشة التلفاز يقول وبتَوسُل خلصونا من صدام فهذا هو غاية مراد الشعب العراقي وقد خلصته أمريكا واستلم إبنه إبراهيم وزارة النفط وما حدث بعدها ........؟؟؟؟وما حدث للعراق شعباً ووطناً ....؟؟؟؟

إن أي حراك سياسي مرتهن لمقدسات التاريخ هو حراك أشد خطراً على المستقبل مما هو قائم لهذا السبب نقول علينا أن نقرأ التاريخ ونقرأ وننقد الحاضر بعقل نقدي منفتح لاتشوبه مقدسات الماضي رافضين وبشدة لكل مايمت إلى قداسته بصلة
ودمتم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كيف نقلاأ تاريخنا؟
سعيد زارا ( 2011 / 10 / 9 - 12:55 )
سيدي ماجد بعد التحية

ان قراءة تاريخنا هي ضرورة ملحة من اجل فهم الحاضر و استشراف الافاق المستبقلية, لكن القراءة تشترط بوصلة كما تشترط من يحسن استعمال ابوصلة.
قراءة تاريخنا من -خصوصياتنا- دون ربط معمق للكل العالمي خصوصا و ان الراسمالية منذ قيامها الى انهيارها كانت نظاما كونيا و عالميا ربط اطراغ العالم بمركزه, وهذا ما تلح عليه المادية التاريخية بوصلتنا في تشخيص واقعنا.


و شكرا.


2 - تحية أخي سعيد
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 10 / 9 - 14:18 )
نعم إن البوصلة هي المادية التاريخية ولكن ألا تلاحظ معي أنه بدلاً من قراءة التاريخ يقوم الكثير من مثقفينا بنقده .فقط أردت التمييز بين القراءة والتي هي بالتأكيد ذات بوصلة مادية بدلاً من عملية نقده التي لن تجدينا نفعاً وشكراً لمرورك

اخر الافلام

.. شاهد.. إماراتي يسبح مع مئات الفقمات وسط البحر بجنوب إفريقيا


.. الأمن العام الأردني يعلن ضبط متفجرات داخل منزل قرب العاصمة ع




.. انتظار لقرار البرلمان الإثيوبي الموافقة على دخول الاستثمارات


.. وول ستريت جورنال: نفاد خيارات الولايات المتحدة في حرب غزة




.. كيف هو حال مستشفيات شمال قطاع غزة؟