الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان عبد الناصر رمز الممانعة حقاً؟

مايكل نبيل سند

2011 / 10 / 8
القضية الفلسطينية


- يعتقد الكثيرون أن عبد الناصر كان رمز للمقاطعة والممانعة والنضال، ورفض التفاوض والسلام والتطبيع، إلى آخر هذا الكلام الحنجورى الذى لا علاقة له بالحقائق التاريخية... هذا المقال هو مجرد سرد للحقائق التاريخية، وأترك للقارئ تحديد ما إذا كان عبد الناصر رمزا للممانعة حقاً؟
* فى حرب 1948، والتى شارك فيها جمال عبد الناصر، فشل عبد الناصر وزملاءه فى الحرب فشلاً زريعاً، وتم حصارهم لفترة طويلة ولم يستطعوا تحرير أنفسهم من حصار الجيش الإسرائيلى، وعانوا من نفاذ الأغذية والذخيرة... وفى النهاية اضطرت مصر لتوقيع اتفاقية رودس 1949 حتى تسمح إسرائيل للجنود المهزومين بالعودة لمصر منكس الرأس.
* فى 23 يوليو 1952، شارك عبد الناصر فى انقلاب عسكرى فى مصر ضد الحكم الديموقراطى.. فخرج ديڤيد بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل يصرح ”هذا التغير السياسى فى مصر يصب فى صالح إسرائيل“... البعض يعتقد أن تصريح بن جوريون سببه ما تردد عن أن عبد الناصر ينحدر من أصول يهودية!
- فجر يوم 23 يوليو 1952، أى بعد ساعات فقط من حركة العسكر، أرسل الضباط الأحرار على صبرى إلى السفارة الأمريكية بالقاهرة للحصول على دعم الأمريكان... أليست أمريكا دولة إمبريالية فى عرف الناصريين؟
* فى عام 1953، قام موشى شاريت رئيس وزراء إسرائيل بتبنى مبادرة سلام، وعرض التفاوض على كل الزعماء العرب، وكلهم رفضوا إلا بعد الناصر الذى وافق على التفاوض بشرط أن يكون التفاوض سرياً، لأن عبد الناصر لم يستطع أن يواجه شعبه بأنه يتفاوض مع إسرائيل. إسرائيل وقتها اعتبرت الإصرار على سرية التفاوض نوع من عدم الجدية ولم تقبل هذا الوضع... فلماذا يهاجم الناصريين كل من يتفاوض مع إسرائيل رغم أن عبد الناصر نفسه قبل التفاوض مع إسرائيل؟
* بين عامى 1954 و1956، قدم عبد الناصر خدمة كبيرة لإسرائيل بطرده 80 ألف يهودى مصرى ممن رفضوا الهجرة لإسرائيل وتمسكوا بوطنيتهم المصرية، وبهذا ساهم عبد الناصر فى زيادة سكان إسرائيل، وزيادة جنود جيش الدفاع الإسرائيلى، وساهم فى تشويه صورة العرب أمام العالم باعتبراهم معادين للسامية، وهذا ساعد إسرائيل فى الحصول على الدعم العالمى.
* عام 1956، وبعد القرار المتهور بتأميم قناة السويس، ثم العدوان الثلاثى على مصر، وحتى تنسحب إسرائيل من سيناء، وقع عبد الناصر اتفاقية مع إسرائيل توافق مصر بمقتضاها على عبور الملاحة الإسرائيلية فى مضايق تيران، وكذلك على وجود قوات دولية فى سيناء تمنع أى اعتداء مصرى على إسرائيل... فلماذا يقاوم وهاجم الناصريين والقومجية اتفاقية السلام مع إسرائيل، بينما عبد الناصر وقع اتفاقية مع إسرائيل؟
- بين عامى 1956 و1967م (أى 11 عام من أصل 14 عام حكم فيهم عبد الناصر مصر) كانت الملاحة الإسرائيلية تمر فى خليج العقبة بحرية تامة دون علم الشعب المصرى الذى كان مخدوعاً بالدعاية الناصرية التى كانت تضلل الشعب وتدعى أن الملاحة الإسرائيلية لا تمر بمضايق تيران... وظل هذا الوضع مستمراً حتى عام 1967 فى اجتماع جامعة الدول العربية، حيث قام البعث السورى بمهاجمة عبد الناصر بعنف وفضح قضية عبور الملاحة الإسرايلية فى مضايق تيران، واتهم عبد الناصر بخيانة العرب والتواطؤ مع إسرائيل... حينها فقط عرف الشعب المصرى بالصدفة موضوع عبور الملاحة الإسرائيلية فى مضايق تيران.
- تحت ضغط فضيحة البعث السورى، اضطر عبد الناصر أن يتخذ قرارات متهورة تشمل اغلاق المضايق أمام إسرائيل من خلال مدفع مثبت على رأس نصرانى بجوار شرم الشيخ، وطرد القوات الدولية، وحشد الجيش المصرى فى سيناء، وهو يعلم أن هذه الإجراءات الثلاثة تعتبر كل واحدة منها إعلان حرب على إسرائيل، وحينما طلب عبد الحكيم عامر من عبد الناصر القيام بالضربة الأولى حتى لا تبدأ إسرائيل بالضربة الأولى، رفض عبد الناصر ذلك... وفعلاً بدأت إسرائيل الضربة الأولى وحطمت أغلب الجيش المصرى، وبعد ساعة واحدة من بداية الحرب تم استدعاء السفير الروسى لمقر قيادة الجيش لطلب وساطة الاتحاد السوڤييتى لدى إسرائيل للوصول لاتفاقية وقت إطلاق للنار... ورفضت إسرائيل ذلك.
- عام 1965، الرئيس الأمريكى چونسون يقطع معونة القمح الأمريكية عن مصر، وهى جزء من المعونات التى كانت تقدمها أمريكا لمصر باستمرار رغم حنجورية عبد الناصر... قطع المعونات الأمريكية تسبب فى أزمة اقتصادية كبيرة لعبد الناصر، لدرجة أنه فى عام 1970، صدر تقرير أمريكى عن الاقتصاد المصرى يقول ”أتركوا عبد الناصر يصرخ، فسوف ينهار اقتصادياً بمفرده فى خلال شهور“.
- فى 1 مايو 1970، فى الخطبة السنوية لعبد الناصر فى عيد العمال، عبد الناصر طوال خطبته يتوسل للرئيس الأمريكى نيكسون يطلب منه المساعدة فى استعادة سيناء والتوسط لدى إسرائيل لتحقيق ذلك... رمز الكرامة حقاً!
- فى يونيو 1970، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية بمبادرة روچرز التى تنص على وقت القتال بين مصر وإسرائيل (حرب الاستنزاف) وبدء مفاوضات سلام مصرية إسرائيلية. وفى يوليو 1970 (بعدها بشهر واحد) زار عبد الناصر الكريملين الروسى وطلب شراء أسلحة جديدة، ورفضت روسيا، فأعلن عبد الناصر أمام الكريملين أنه قبل مبادرة روچرز وسيبدأ الحوار مع إسرائيل على مرأى ومسمع من الإعلام العالمى كله. وحينما بدأ اليسار المصرى يعارض موافقة عبد الناصر على مبادرة روچرز، بدأ عبد الناصر فى تحضير قائمة اعتقالات، إلا أنه لم يستطع تنفيذها لأن الموت كان أسبق فى سبتمبر 1970م.
- البعض يعتقد أن المخابرات المصرية اغتالت عبد الناص{، لأن المخابرات رفضت فكرة التفاوض مع إسرائيل أو الحصول لسلام معها. وهو نفس السبب الذى بسببه قام ضباط مخابرات مصريين باغتيال الرئيس أنور السادات.
- فى عام 1952 استلم عبد الناصر مصر من الملك فاروق تشمل مصر كاملة وغزة والسودان (تشمل الجنوب ودارفور أيضاً)... وفى نهاية حكمة فى 1970 ترك مصر بدون غزة وبدون السودان وبدون سيناء... أى أن مساحة مصر تقلصت فى عهده إلى الثلث... بالإضافة طبعاً للخراب الاقتصادى، والقضاء على التعددية السياسية والتسامح الدينى... لو أرادت إسرائيل أن تضر مصر، لن تجد أحد يضرها مثلما أضرها عبد الناصر.
- أترك لك عزيزى القارئ هذه الأحداث لتقرر بنفسك هل كان عبد الناصر رمزاً للمقاومة حقاً؟ أم رمزا لتضليل الشعب المصرى؟ هل كان رمزاً للحرب أم للهزيمة؟ هل كان رمزاً للكرام أم للهوان؟ هل كان رمزاً للعروبة أم للغباء الذى يصب فى صالح إسرائيل؟ وكما قال أحد قيادات إسرائيل أن ”نجاح إسرائيل لا يعتمد على ذكائها وإنما على غباء أعدائها“... وأيضاً لك أن تقرر هل القوميين والناصريين صادقين مع أنفسهم حينما يهاجمون اتفاقية كامپ ديڤيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، بينما زعيمهم تفاوض ووقع معاهدة مع إسرائيل؟ أم أنهم مصابين بالشيزوفرينيا وعبادة عبد الناصر؟ وهل حنجوريتهم فى التعامل مع ملف السلام ستصب فى صالح مصر أم إسرائيل؟ أسئلة كثيرة عليك أن تبحث عن إجابات لها بنفسك عزيزى القارئ.

مقالات ذات صلة:
- لماذا لا نكون سلميين مع إسرائيل أيضاً؟
- نعم للسلام من أجل مصر قبل أن يكون من أجل إسرائيل
- لماذا يحب المسيحيين عبد الناصر؟

مراجع وكتب للقراءة:
- أنور السادات: البحث عن الذات
- أمين المهدى: الصراع العربى الإسرائيلى أزمة الديموقراطية والسلام
- عبد العظيم رمضان: المعارك البحرية المصرية الإسرائيلية فى البحر الأحمر
- توفيق الحكيم: عودة الوعى
- بطرس بطرس غالى: طريق مصر إلى القدس
- على سلام: رحلة إلى إسرائيل

مايكل نبيل سند
سجن المرج العمومى – مستشفى السجن
28 سبتمبر 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام