الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة الجرائم التى يقترفها النظام السوري فى حق أكراد سوريا : -لو كنت كرديا سوريا ! -

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2011 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لو كنتُ كرديّاً من سوريا، لَمَا ترددّت لحظةً في رفع صوتي للأعالي كي تسمع الدنيا بأسرها بما تجري بحق شعبي من مظالم مبرمجة تستهدف النيل من وجوده ومَحْو لغته وثقافته، ولناضلتُ بكافة الوسائل السلميّة الديمقراطيّة لفضح مشروع الإحصاء الاستثنائي الجائر الذي جرى في محافظة الجزيرة خلال 24 ساعة عام 1962م والذي أدّى إلى حرمان ما يزيد عن المائة ألف مواطن كردي من حقّ حَمْل جنسيتهم بلدهم،سوريا، دون وجه حق، إذ يبلغ عددهم اليوم قرابة الـ 400ألف مواطن يعيشون على هامش الحياة محرومين من كافة حقوق المواطنة.


لو كنتُ من أكراد سوريا، لما تقاعست لحظة في النضال ضد مشروع الحزام العربي العنصري الذي جرى في محافظة الجزيرة عام 1972 بقرار من القيادة القطرية لحزب البعث والذي قضى بموجبه نزع ملكية أراضي المواطنين الأكراد من الجزيرة السورية وتوزيعها على فلاحين عرب أتت بها السلطات السورية من ريف محافظتي حلب والرقة بحجة غمر أراضيهم الزراعية بمياه سد الفرات!! فهل يعقل أن تقوم السلطات بالاستيلاء على أراضي الفلاحين الكورد وتوزيعها عنوة على أولئك الفلاحين المستقدمين من خارج المحافظة؟؟ ثم أليس من المفترض أن يؤدي مشروع كبير مثل المشروع الرائد إلى استصلاح عشرات الآلاف من الهكتارات من الأراضي الزراعية المروية التي تفي بحاجة أولئك الفلاحين وتزيد...

لو كنتُ كردياً سوريّاً، لبكيت بأعلى صوتي كي يعرف العالم من مشرقه إلى مغربه بأن لغتي الكردية الجميلة، لغة آبائي وأجدادي ممنوعة عليّ وعلى أولادي التعلّم بها، قراءتها وكتابتها، حيث تفرَض على صغارنا اللغة العربية(التي نكنّ لها كل التقدير والاحترام) ليتعلموا بها عنوة، وبذلك تضعف لغتنا وثقافتنا وفولكلورنا الوطني الذي نعتز به، والذي هو بالمحصلة جزء من التراث الوطني السوري المتعدد، وهو إغناء للثقافة والتراث العالميين.

لو كنتُ كردياً سورياً، لحاربتُ سياسة التعريب التي طالت أسماء القرى والبلدات والمدن الكردية وأعدتُ أسماءها الحقيقية، فلم يبق اسم لمدينة أو قرية فلسطينية إلاّ وتجدها في المناطق الكردية،دون أن تفيد هذه الإجراءات القضية الفلسطينية في شيء، فهل يعقل أن يحارَب الإنسان بلغته واسمه في هذا القرن الذي يفترض أن يكون قرن الحريات وحقوق الإنسان، قرن نشر ثقافة التعددية والمحبّة والتسامح بين البشر....

لو كنتُ كرديّاً، لعملت جاهداً لإيصال معاناة شعبي المنكوب إلى أحرار العالم كلّهم، ولما لزمت الصمت حيال المجزرة التي تعرض لها الشباب الكرد بالرصاص الحي في آذار عام 2004م أثناء شجار بين مؤيدي فريق الجهاد (القامشلي) وفريق الفتوة(ديرالزور) سقط على أثرها ما يقارب الـ25 شاباً في عمر الزهور..وتسببت في اعتقال وتعذيب المئات وإحداث شرخ بين مكونات منطقة الجزيرة لصرف أنظار الناس عن واقعهم المعيشي المزري وغياب الحريات الديمقراطية.

لو كنتُ كردياً سورياً، لصرختُ بأعلى صوتي كي يسمع العالم ما يتعرض له شعبي من مظالم لا يتقبلها منطق العصر ومبادئ حقوق الإنسان والقيم السّمْحاء لكافة الأديان، ولطالبت بمحاسبة أولئك الذين أمروا بإطلاق الرصاص الحيّ المتفجّر على الشباب الأكراد في نوروز عام 2008 أثناء قيامهم بممارسة طقوس الاحتفال السلمي بعيدهم القوميّ الكرديّ والذي أدى إلى مقتل ثلاثة شباب في مقتبل العمر،ومرّت تلك الجريمة النكراء دون حساب أو مساءلة لأنّ دم المواطن السوريّ،كردياً كان أم عربياً، لا قيمة له في نظر السلطات الحاكمة. لو كنتُ كردياً سورياً، لتصدّيت لسياسة التمييز العنصري الممارسة بحق شعبي الكردي الذي لا يتم قبول أبنائه في السلك الدبلوماسي والكليات العسكرية وفي مؤسسات الدولة العليا لسبب عنصري ليس إلا، ولفضحت النظرة الاستعلائية القومية الفجّة وأسلوب التشكيك في ولاء بني قومي لوطنهم سوريا التي نقوم بتأدية كافة وجباتنا نحوها ولا نحظى بحقوقنا أسوة بكافة أبناء الوطن دون تمييز، ولاستعنتُ بذلك بالقوى الوطنية السورية الخيرة وفعاليات المجتمع المدني وأصحاب الضمائر الحيّة و الأقلام الحرّة التي تتفهم هذه القضية وتنظر إليها كقضية وطنيّة سوريّة.
لأنّ إزالة التمييز ضد الكورد في سوريا لن يكون إلاّ في خدمة تطور البلد والوطن: سوريا.

لو كنتُ كردياً سوريّاً لسعيتُ دوماً إلى إبراز دور الكورد ،إلى جانب العرب، في معارك الاستقلال ضدّ الاحتلال الفرنسيّ لسوريا.وكذلك مشاركة الأكراد في تأسيس بنيان الدولة السورية المعاصرة وتبوّء شخصيات كردية أعلى السلطات السياسية والتنفيذية والتشريعية والعسكرية قبل أن يتمّ إقصاء المكون الكرديّ من الحياة العامّة بتأثير المدّ القوميّ العربيّ، الذي لم يحترم حقوق القوميّات غير العربيّة وتحديداً أيام الوحدة السورية-المصرية بقيادة جمال عبد الناصر والحكم البوليسيّ القمعي الذي بنيت عليه الوحدة،وقد ازدادت الأوضاع سوءاً بعد استلام حزب البعث العربي(الاشتراكي) السلطة إثر انقلاب الثامن من آذار 1963م حيث مسلسل الاضطهاد والتمييز ضد الأكراد على قدمٍ وساق بالتوازي مع تدمير الحياة السياسية العامّة في البلاد وانتهاك حقوق الإنسان السوري والدّوس على الحريات العامّة والخاصّة.

لو كنتُ كردياً سورياً لما ترددّت في الانخراط في الحراك الوطنيّ العام، الديمقراطيّ والمدنيّ، لإزالة قوانين الطوارئ والأحكام العرفيّة المسلّطة على الشعب السوري بأسره منذ انقلاب حزب البعث 1963م ومن أجل بناء دولة الحقّ والقانون والمؤسسات يداً بيد مع كل من يريد الخير لوطنه من أبناء بلدي لا سيما المثقفين والنشطاء الديمقراطيين منهم ،الذين تقبع كوكبةٌ منهم في السجون والمعتقلات بناءً على أحكام تعسفيّة صادرة من محاكم تفتقر لأبسط مقومات القانون والعدالة والشفافية بشهادة كافة الهيئات الحقوقية المعنيّة بأوضاع حقوق الإنسان.لأنّ حلّ القضية الكردية مرهونٌ بالتطور الديمقراطي العام وتكريس دستور حضاري يعبّر عن واقع المجتمع السوريّ بناء على مواثيق حقوق الإنسان العالمية والتي كان بلدنا سوريا من أوائل الموقعين عليها.

قضيتي هي المواطنة والمساواة والعدالة،ولا سبيلَ لي غير العمل السلميّ الديمقراطيّ اللاعنفيّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاستثمار الخليجي في الكرة الأوروبية.. نجاح متفاوت رغم البذ


.. رعب في مدينة الفاشر السودانية مع اشتداد الاشتباكات




.. بعد تصريح روبرت كينيدي عن دودة -أكلت جزءًا- من دماغه وماتت..


.. طائرات تهبط فوق رؤوس المصطافين على شاطئ -ماهو- الكاريبي




.. لساعات العمل تأثير كبير على صحتك | #الصباح_مع_مها