الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دلالات الفيتو الروسي و الصيني

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2011 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ان الفيتو الروسي والصيني ضد فرض عقوبات على سوريا انما هو رسالة الى المعسكر الغربي انه لن يسمح لهم الانفراد بهذا العالم ، وأن تجربة العراق وليبيا ومن قبلهم التجربة الافغانية لن تتكرر مرة اخرى وان الصين وروسيا يسعيان بقوة الى ممارسة دور واضح وجلي ومؤثر على الصعيد العالمي ، وهو ما يمثل انتقاصآ من الهيمنة الغربية وعلى رأسها الامريكية .

كما أنه رسالة الى دول الخليج الغنية التي يهيلها الربيع العربي بأن حلفائكم الغربيون ليسوا جديرين بثقتكم لذا فالاولى بكم ان تغيروا دفتكم نحو الشرق نحو موسكو وبكين ليكونا حصنا لكم في حال انتفاض شعوبكم عليكم ، أي أن الامر في النهاية ليس الا لعبة توازنات ومصالح استراتيجية في اطار مباراة صفرية خسارة طرف هي مكسب لطرف آخر .

مع الوضع في الاعتبار ان الربيع العربي تعد نسائمه غير مرغوب فيها في كل من موسكو وبكين بشكل كامل لما يعانيه النظامين الحاكمين في كلا البلدين من صعوبات وانتقادات تتعلق بمستويات وملفات الديموقراطية والحرية ومكافحة الفساد ، وان كان هذا الربيع من ناحية اخرى يحمل على المدى المتوسط والطويل مصالحآ استراتيجية حقيقية لكل من موسكو وبكين من خلال وصول أنظمة حكم جديدة في بلدان الربيع العربي محملة بمسؤوليات والتزامات شعبية بعدم الانبطاح أمام الهيمنة الغربية وخاصة الأمريكية والشروع بالدخول في عالم جديد من التوازنات والتحالفات والعلاقات الاستراتيجية بعيدآ عن نمط استقبال القبلة الأوروبية والأمريكية .

وان كان هذا من غير المتوقع حدوثه بشكل فوري على الأقل في الحالة الليبية نتيجة الدور الروسي والصيني السلبي بشكل واضح في مواجهة دور غربي لعب فيه النيتو دور المنقذ للثورة الليبية فمع أول أيام ضربات النتو الجوية كانت كتائب القذافي قد دخلت فعلآ الى بنغازي معقل الثورة الليبية وكادت أن تطفئ جذوتها ، لولا اصرار وعزيمة أحرار ليبيا والتدخل العسكري لحلف النيتو ، هذا اضافة الى الهرولة القوية من قبل ساركوزي وكاميرون نحو ليبيا بعد سقوط القذافي ليطالبا بنصيبهما من الغنائم وعقود النفط واعادة الاعمار ، ومن الجلي ان كل من فرنسا وبريطانيا سيكوا لهما نصيب الأسد من الكعكة الليبية .

وللأسف فالضحية في جميع الأحوال هي الشعوب المقهورة ولكنها بانتقاضتها واستمرار ثورتها ستسطيع تحديد مصيرها الديموقراطي المشرق بعيدى عن ظلام الديكتاتورية وفساد المفسدين المستبدين ، أما الخوف من الاسلاميين ليكون سندى وادعاءً بعدم وجوبية التحرك والقبول بالاستبداديين فهو امر مردود عليه ان الحكم الثيوقراطي لهو أشد وأطغى من حكم العسكر والطغاة ومن المؤكد ان الشعوب بعد تجربة أفغانستان وباكستان والسعودية والسودان ستحتاط بشدة ازاء هؤلاء الاسلاميين وتثور ضدهم ان هم وصلوا الى الحكم ، فهؤلاء في سوادهم الأعظم لا يملكون برنامجآ حقيقيآ الا قطع الايادي والأرجل وجز الاعناق والتباس البركة والرضا من الرياض .

كما أن المستبدين الطغاة هم الذين أوجدوا هؤلاء المتطرفين اما بفشلهم في ادارة بلادهم وتدهور اقتصادات بلادهم الى حد أن طفحت تلك الافكار المتطرفة المسمومة من خلال دعاتها ومريديهم من الفقراء والعاطلين والمغيبين والطامحين في ركوب الموجة والوصول الى منافع مادية وسياسية .

أو من خلال سعي هؤلاء الديكتاتوريون الى نشر الوهابية و الوهابيين وأفكارهم السوداوية من أجل أن يستخدموهم فزاعة ازاء شعوبهم وأمام الدول الخارجية فاما القبول بحكم المستبدين واما حكم التكفيريين ، وهذه بالطبع الوسيلة والسياسة التي لطالما لجات اليها واشنطن حين وقوعها في خلافات مع حلفائها بان تشهر لهم خطر الغزو السوفيتي والتمدد الشيوعي ابان فترة الحرب الباردة وبالطبع فان هذه الوسيلة لطالما اثبتت نجاحآ كبيرآ بل وأكسبت هؤلاء الحكام شعبية أساسها عدم الرغبة في التغيير ايثارآ للسلامة من حكم الوهابيين والطالبانيين وأمثالهم على اختلاف مسمياتهم فكلهم طريقهم واحد وغايتهم معلومة ودمارهم مشهود .

ولكن من ناحية أخرى فان روسيا استطاعت أن تقوم بعد ذلك بخطوة قوية وغاية في الذكاء حين قام الرئيس الروسي ديميتري ميدفيدف بتوجيه رسالة هي أقرب الى التحذير للقيادة السورية حين طالبها بالرحيل ان هي لم تستطع أن تقوم بالاصلاحات المطلوبة والتي سبق وأن تعهدت بتنفيذها وبالتالي فان روسيا بذلك تكون كمن يمسك الى حد ما العصا من المنتصف فهي من ناحية تحاول أن تحقق مكاسب استراتيجية على الأرض فيما يتعلق بمزيد من الاضعاف للهيمنة الغربية على مقدرات العالم وتوصيل رسالة ضمنية الى الانظمة الخليجية بضرورة احداث تغييرات في هيكل تحالفاتها الدولية لصالح موسكو ، ومن ناحية أخرى تحاول روسيا عبر التحذير الروسي للقيادة السورية بتنفيذ الاصلاحات والا الرحيل بأن تقترب عدة خطوات من معسكر الشعوب العربية المنتفضة وايجاد موطئ قدم لها يمكنها فيما بعد وبعد تبيان موقفها واثباته عالميآ بأنها هي التي تمتلك مع حليفتها الصين مفاتيح اللعب الجديدة في هذه المنطقة .

ومع استمرار عمليات القمع الوحشية ضد الشعب السوري الحر وارتفاع نغمة الاستنكارات الدولية ومع زيادة أعداد المنشقين عن الجيش السوري الدموي تستطيع موسكو ساعتها أن تتخذ قرارآ بالسماح بالتدخل العسكري شريطة أن تكون شريكة فيه أو تكون على رأس الفاتحين لدمشق أو الداعمين لرياح التغيير ، وهو ما يمكنها من تحقيق هدفها الاستراتيجي مع حليفتها الصين بارساء قواعد جديدة للعب على الساحة الدولية تغرب فيها شمس الهيمنة في الغرب وتعود لتشرق من الشرق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة: انتعاش الآمال بالتوصل إلى هدنة في ظل حراك دبلوماسي مكثف


.. كتاب --من إسطنبول إلى حيفا -- : كيف غير خمسة إخوة وجه التاري




.. سوريا: بين صراع الفصائل المسلحة والتجاذبات الإقليمية.. ما مس


.. مراسلنا: قصف مدفعي إسرائيلي على بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. القيادة الوسطى الأميركية: قواتنا اشتبكت ودمرت مسيرة تابعة لل