الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسفا على الجفاء يا نيكلسون!

جمال الخرسان

2011 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


أسفا على الجفاء يا نيكلسون!

قبل ان تتولى منصبها كنائبة لرئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي.. كانت السيدة إيما نيكلسون اكثر من حمل على عاتقه معاناة الاهوار وسكانها الذين اجبرهم الجفاف والقتل والتشريد على الهجرة الى دول الجوار، كما تعتبر السيدة المذكورة ايضا أكثر من تبنى فضح جريمة تجفيف الاهوار وإبراز مخاطرها البيئية على العراق والمنطقة بشكل عام. السيدة النبيلة قامت بعشرات الزيارات الميدانية للمناطق المحاذية للاهوار وكذلك لمعسكرات سكان الاهوار اللاجئين في ايران، وقدمت المساعدات الطبية والانسانية الكثيرة عبر مؤسستها الخيرية ( مساعدة لاجئي الاهوارـ عمار ).
لقد عايشت تلك المرأة الحديدية المحرومين والمرضى في معسكراتهم على الحدود العراقية الايرانية، غير آبهة بحر الصيف الشديد او خطر قد يهدد حياتها نتيجة الظروف القاسية وغير الصحية التي كانت تحيط بمكان نشاطها، فأنقذت ارواح الكثيرين ممن تخلى عنهم الجميع وتركوا لسخرية القدر يعبث بمصائرهم في ظل غياب الناصر والمعين.
ان تلك السيدة الفاضلة التي لو كنّ النساء مثلها لفضلت النساء على الرجال لم يمنعها منصبها في الاتحاد الاوربي من الاستمرار في مزاولة نشاطها الانساني المعهود، وكذلك قول كلمة الحق من اجل انصاف اصحاب الحقوق الضائعة. لقد أدلت إيما نيكلسون بشهادتها امام المحكمة الجنائية العراقية العليا في قضية تجفيف الاهوار والجرائم البشعة التي رصدتها هناك، وقامت بتوثيقها عبر مؤسستها التي كانت تقدم خدمات صحية بالدرجة الاولى، وكذلك من خلال زياراتها الى العراق وايران خلال فترة التسعينات والتي تجاوزت 75 زيارة. علما ان زياراتها للمناطق المنكوبة كانت تتم بشكل سري وبدون علم الحكومة العراقية آنذاك، لكي تتمكن من ايصال الحقيقة كاملة والوقوف على واقع الحال هناك.
وفي ظل عزوف العديد من المؤسسات السياسية الاوروبية عن العراق فان نيكلسون كانت دائما تسبح ضد التيار من اجل انتشال العراق من المأزق الذي يمر فيه، وقد اكدت مرارا أنها سوف تبذل كل ما بوسعها من اجل تقوية العلاقات بين الجانب العراقي والاتحاد الاوربي

فشكرا لهذه السيدة الفاضلة على ما قدمت من جهود جبارة للاهوار وسكان الاهوار بشكل خاص، وللعراق بشكل عام، ونتمنى من جنابها الكريم ان تواصل دعمها للمجال الصحي في العراق خصوصا وانها تعتبر مبعوثة منظمة الصحة الدولية، وهمسة في أذن البارونة بأن الاهوار ومن فيها لازالوا يعانون الامرين، وربما شيء من مساعيها مع تركيا او سوريا او حتى مع الحكومة العراقية الشحيحة جدا على سكان الاهوار ربما تكون تلك المساعي كفيلة بفتح ابواب الفرج، في ظل تقاعس الاخرين.
من السلطات العراقية فإن هذه العاشقة المتيّمة بأهوار العراق لم تحظ اكثر من منصب فخري كمستشارة لرئيس الوزراء في مجال الشؤون الصحية، لكنها حظيت بوفاء وحب غامر من قبل الاف من المحرومين الذين شملتهم إيما نيكلسون برعايتها وبموقفها النبيل قبل كل شيء، في وقت قلّ فيه الناصر والمعين، نعم انهم يتذكرونها جيدا ويحفظون في قلوبهم شيئا من الامتنان تجاهها لكنهم اكتفوا بذلك لا أكثر!
في تجوالي مؤخرا حول العديد من المدن والقرى الجنوبية الملاصقة للاهوار، وجدت هناك كثيرا من المسميات الجديدة للشوارع والمدن والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية تشير لرموز اسلامية، رجال دين، حتى شيوخ عشائر وما شابه ذلك ، لكن المؤسف لم تحظ بشيء من ذلك نيكلسون ولا حتى غيرها ممن قدّموا للاهوار ما عجز عنه الاخرون. أين اصدقاء الاهوار .. ؟! ويلفرد ثيسجر صاحب كتاب ( عرب الاهوار )، او كافن یونغ ( العودة للاهوار ) وغيرهم كثيرون ممن قدّموا بقايا عدن الى العالم بحلة مختلفة وحملوا راية الدفاع عنها. في المقابل فانهم لم يحظوا منا الا بمزيد من الجفاء والنسيان! فأسفا أيتها البارونة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |