الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السادس من أكتوبر النصر التاريخي لشعوب أمتنا العربية

فرج الله عبد الحق

2011 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



كانت الساعة قد تجاوزت الثانية من بعد ظهر يوم السبت الموافق 6/10/1973 عندما سمعت صفارات الإنذار الصادرة عن أجهزة الدفاع المدني في مدينة القدس، كنت أتجول يومها في مدينة رام الله عندما سمعت صوت المذياع يعلن البيان رقم واحد الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية. لم أصدق ما كنت أسمعه، و عندما وصلت إلى الشارع الرئيسي رأيت زميلي في الثانوية خليل الذي وبعد سماعه ما قلت له استهزئ بكلامي قائلا ـ شو بدك بهل المزحة، إلعب غيرها ـ لكن و بعد دقائق توقف عن الكلام عندما سمع مذيع صوت العرب يقطع البرامج لينقل بيان العبور العظيم للجيش المصري القناة و اقتحامه لخط بارليف الإسرائيلي. نظرت إلى خليل و قلت له كما يبدو فينا حيل.

تلاحقت البيانات من نصر إلى آخر القوات ألسورية اقتحمت خط وقف إطلاق النار وبدأت بتحرير الجولان المحتل، حتى وصلت بعد ساعات إلى بحيرة طبريا، كان هذا أكبر توغل للجيش السوري في الأراضي المحتلة منذ تأسيس دولة إسرائيل، خرج صوت الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد جهوراً وواثقاً ليعلن أسماء المناطق والمواقع التي تم تحريرها.

في مساء ذلك اليوم خرج علينا القائد العام لجيش "الدفاع" الإسرائيلية معلناً بأنه مخترقاً حرمة اليوم
ـ حيث كان ذلك اليوم هو يوم الغفران ـ يعلن التعبئة العامة في صفوف الجيش الإسرائيلي، كان واضحاً من صوته أنه ولأول مرة تَصدق البيانات العربية، أنه لأول مرة القول يتطابق مع الفعل و أن المصداقية هي للجانب العربي.

أذكر فيما أذكر كيف وقفت كل الدول العربية بجانب الجيشان الباسلان، فكان إرسال العراق و الأردن لوحدات عسكرية إلى سوريا، وكان إرسال الجيش الجزائري لجيشه الذي وقع في حصار الدفرسوار. كما أذكر كيف وقفت الدول النفطية في موقفها الجليل عندما قطعت النفط عن أوروبا وأمريكا. أذكر هذه الحمة بين أبناء شعوب أمتنا العربية، كم كانت وما زالت براقة كل هذه الذكريات.

بين اليوم الخامس و السادس للحرب كانت الطريق مفتوحة للجيشين إلى قلب إسرائيل، ولولا ظهور بوادر التراجع من مصر لتمكنت سوريا من تحرير الجولان و تمكنت مصر على الأقل من عبور الممرات، ولم يعطى للجيش الإسرائيلي فرصة صنع جبي الدفرسوار.

أذكر آخر بيانات الجيش المصري اتصالنا أللاسلكي مع الجيش الثالث مستمر ودون انقطاع، مما دل على أن جيب الدفرسوار هو حقيقة، وأن إسرائيل قد حولت النصر العسكري الكامل إلى نصر جزئي،ومعارك الدبابات الشهيرة قد حولت من نصر إلى تراجع، مذكرات القادة العسكريين المصريين تحدثت و بصراحة عمما حصل يومها في غرفة العمليات و كيف كبل السادات أيدي العسكريين المصريين.

كما أذكر كيف ساعد هذا الموقف الجيش الإسرائيلي من توجيه كل قواه الضارية من الجنوب إلى الشمال لمواجهة القوات السورية وإجبارها على التراجع جزئيا من المواقع المحررة.

اليوم السادس من أكتوبر من عام 2011 و أنا أذكر كل هذا أحاول مراجعة الأمور التي جرت منذ ما قبل الحرب حتى يومنا هذا، محاولاً تسليط الأضواء على الأحداث منذ تلك الأيام.

في البداية لا بد أن أذكر اتفاقية فصل القوات بين مصر و إسرائيل أي مباحثات الكيلو 101ألذي عارضها الجَمَصي و أدت إلى استقالته، فقد كانت و كما ظهر فيما بعد المرحلة الأولى من تراجعات أنور السادات التي كان ذروتها هذه الزيارة المشئومة إلى القدس و توقيعه اتفاقية كامب ديفيد فيما بعد، هذه الخطوة كانت خنجراً طعن في ظهور الحركة الوطنية العربية بل أكاد اجزم أنها طعن في طهر كل القوى التقدمية و المحبة للسلام في العالم أجمع.

بعد خروج مصر من الصراع استفردت إسرائيل بالجبهة الشمالية، و بدأت مسلسل الاعتداءات على لبنان، كان أكبرها اجتياح الجنوب عام 1982 الذي وبصمود الشعب أللبناني وحركته الوطنية بكامل أطيافها وبدعم مباشر من سوريا أضطر للتراجع، تم إسقاط اتفاق أيار المشؤم، و مني بهزائم الواحدة تلو الأخرى كان آخرها هزيمته في تموز عام 2006.

من نتائج الاجتياح الإسرائيلي كان خروج م.ت.ف. من لبنان وهيام قيادتها على وجه الأرض، حتى تحرك الشعب الفلسطيني في انتفاضته الأولى، فجاءنا مؤتمر مدريد ألذي كان في البداية تحت مظلة قرارات الأمم المتحدة، لكن مع مرور الأيام تحول من مؤتمر شامل يحضره المجتمع الدولي من أجل حل القضية الفلسطينية إلى محاور فرعية تجمع إسرائيل مع أطراف ألنزاع على حدا، فجاءنا اتفاقي أوسلو ووادي عربة، عوض عن أن تكون نتيجة انتفاضتنا الباسلة تأسيس دولة مستقلة على ألأراضي المحتلة منذ عام 1967 و عاصمتها القدس، جاءنا الهائمون في الأرض بسلطة هزيلة يقودها من أوصلونا بأخطائهم إلى ما نحن عليه، همهم الأكبر هو حماية مركزهم، تحولوا من ثوار إلى سماسرة يرتزقون على مقدرات شعبهم.
بعد كل هذه السنين وهذه الأفراح والأحزان منذ ذلك النصر البطولي، وبعد كل هذه التضحيات من كل شعوب المنطقة يجب شرح الدروس والعبر من هذه الحرب.

أولاً: أثبتت هذه الحرب أن اتحاد شعوب هذه الأمة و قياداتها الوطنية إذا ما تم، يمكن أن ينتج العجائب، لقد كان التنسيق السوري المصري في هذه المعركة دليل قاطع بأن ألوحدة والعمل ألمشترك من أجل تحرير ألأرض له نتيجة حتمية عي النصر على الأعداء.

ثانياً: إن نظرية الجيش الذي لا يقهر ذهبت في مهب الريح عندما استطاع الجيشان الباسلان اختراق الحدود و تثبيت إقدامهما في الأراضي المحررة.

ثالثاً: إن أي نصر لا يمكن أن يكون دون الاعتماد الكامل على الشعوب وتطوير إمكانياتها من أجل صنع هكذا انتصارات، إن مرحلة ما بعد هزيمة حزيران كانت إعداد الشعوب العربية من أجل الوصول إلى هذا النصر المشرف، ولولا هذا الإعداد لما وصلنا إلى هذه النتيجة العسكرية.

رابعاُ:إن أي نصر لا يمكن أن يكون إلا من خلال النضال كافة أشكال النضال من أجل استعادة كامل الحقوق المغتصبة، وغير ذلك هو كذب على النفس أولاً وعلى الناس ثانياً.

خامساً: النضال السياسي هو مكمل للنضال العسكري، كما يبدو أن القيادة السياسية العربية خصيصاً المصرية لم تكن مستعدة، أو لم تكن تريد الاستعداد، أو كانت تسير في مخطط لإفراغ هذا النصر من محتواه، فجاءنا السادات بهذه الخطوات المهينة التي أدت في نهاية الأمر إلى خروج مصر من الموقع النضالي. تركت الجبهة الشمالية وحدها لتقارع إسرائيل و ما يجري اليوم في سوريا هو جزء من الثمن المدفوع لصمودها.

للأسف وقعنا كشعوب تحت قيادات أقل ما يمكن القول عنها أنها خائنة، أضاعت كل فرص التي أتيحت للاستفادة من هذا النصر و حُول هذا النصر العسكري إلى هزيمة سياسية من خلال التراجعات منذ الكيلو 101 إلى يومنا هذا، استثناء مضيء كان هذا النصر البطولي للشعب أللبناني ونجاحه بطرد ألجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان و فرض معادلة الرعب الجديدة في المنطقة.

إن أسوء ما حصل للشعب الفلسطيني ناتج هذه الردة السياسية هو اتفاق أوسلو وذيوله ألذي أنجب هذا المولود المنغولي المسمى بالسلطة الفلسطينية، هذا الوجه الآخر للاحتلال. هذه السلطة لم تجلب لشعبنا إلا ما هو أسوء من الاحتلال،وهنا أتسائل من بنى ألجدار؟ من صادر الأراضي من أجل شركات عقارية أتتنا من ألخارج؟ من سيطرة و بدون أي ثمن على الاتصالات الفلسطينية؟ كيف سمح لمؤسسة مسجلة في بلاد ألواق ألواق أن تستغل موارد هذا البلد دون أن تدفع ولا حتى ضريبة دخل.

السادس من أكتوبر هذا العام يعود علينا ورياح التغير تهب بعنف من تونس لتصل إلى أرض الكنانة، و يخرج الشعب المصري في حراك جماهيري واسع ربط مطالبه الاجتماعية بالسياسية، ها هو وبقوته يخلع الطاغية فرعون مصر المعاصر حسني مبارك عن عرشه و يناضل من أجل العدالة الاجتماعية من جهة ويرفض الوصاية الأمريكية و يطرد السفارة الإسرائيلية من جهة أخرى.

ها هو شعب اليمن ينفض عنه غبار الحرب الأهلية بين الجنوب والشمال ويطرح سلمية الثورة من أجل إسقاط نظام علي الفاشي، وها هو شعب البحرين يقدم الغالي والنفيس من أجل التخلص من عبودية آل خليفة. و ها هي شعوب أخرى تنفض غبار الكهف التي نامت به لعشرات السنين.

أكرر ما ذكرته سابقا إذا لم نحضر شعبنا للمعركة نحن خاسرون قبل الدخول فيها، و كل هذا الفساد ألمستشري في أوطاننا لا يمكن أن ينتج إلا الهزيمة تلو الهزيمة. علينا أن نعود إلى الجذور ونتذكر دائماً مقولة ألراحل جمال عبد الناصر، ما أخذ بالقوة لا يسترد ألا بالقوة.



بقلم الرفيق فرج (عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام