الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سََحَابات القصيدة.. وحمأة التكنولوجيا

مرح البقاعي

2004 / 12 / 10
ملف - الصحافة الالكترونية ودورها ,الحوار المتمدن نموذجا


لطالما كان الشعر العربي طريقة تواصل ومنهج حياة يعبّر الشاعر من خلاله عن أفكاره وخلجاته وتجاربه. ولطالما حاول الشعراء العرب تخطي حواجز اللغة وحدود الجغرافية بسلطة الكلمة. وما كانت اللغة تكبلهم ولا الفكرة، فلكل منهما جناحان، إنما هي آلية الاتصال والتوصيل. وفي تطور استثنائي ظهر الكمبيوتر ليولّف بين الكتابة (فن الكلمة)، والإنترنت (فن التكنولوجيا) وباتت الشبكة أحد أسرع وسائل الاتصال التي تطوّرت بشكل مبالغ وأعادت تركيب مفهوم المسافة.
طوّرت الإنترنت بعدا رابعا للثقافة، ولم يعد بمقدور المبدع العربي كجزء لا ينفصم من حركة الفكر العالمي تجاهل دور تكنولوجيا المعلومات في عمله. ولأن الشعر إبداع طيّع فقد كان مستعداً للانتقال إلى مرحلة جديدة وقفزة نوعيّة على الرغم من حجم الخسارة التي يستدعيها التخلي عن حافِظ معلوماتنا التقليدي، ألا وهو الكتاب. لقد كانت محاولة نشر الشعر على صفحات الإنترنت حافزاً للكثير من المبدعين العرب الشباب على الاستمرار في الكتابة غير آبهين بأعباء النشر والطباعة وتكاليفهما الباهظة. هكذا اتسعت دائرة الشعر لتضمّ تجارب الشعراء العرب من شرق إلى غرب في استيعاب لإبداعية التكنولوجيا وغدت مواقع الإنترنت "عكاظاً افتراضياً" حيث يلتقي الشاعر بقرائه في نشاط تفاعلي، وبات الشاعر يتمتع بمشاركة الملايين لأعماله في سرعة قياسية.
يقول الشاعر البحريني قاسم حداد: "في تجربة الإنترنت إضافة نوعية لفعل المغامرة الإبداعية التي تستحوذ على تجربة المبدع وعلاقته بتقاطعات الفنون. ففي فكرة النشر الإلكتروني ما يوفر للإنسان عموما، وللمبدع خصوصا، شرطين لا تفريط فيهما: الحرية والجمال". ومن يعرف الإنترنت يدرك بالضبط معنى الحرية التي يقصدها الشاعر ويتلمس ملامح الجماليات التي تستجيب لكل ما يدور في مخيلة المبدع، فالحرية لا تكتمل إلا بالجمال". وأضاف حداد: "في فكرة الإنترنت شيء من الشعر أيضاً، فمبتكروا الإنترنت هم بلا شك على درجة عالية من الخيال ما يقربهم من أحد عناصر الشعر كفلسفة يقوم عليها فعل اختراق الزمان والمكان. وأظن أن أهم العلماء في تاريخ البشرية كانوا حالمين أيضا".
تطرح الألفية الثالثة أسئلة جديدة بحاجة إلى إجابات جديدة أيضا. والكمبيوتر هو نتاج ثورة علمية مهدت لها الحداثة والديموقراطية الغربية وقد أَلهمت هذه الثورة العقل العربي الذي استوعب هذا الإنجاز الحداثي ودخل به بوابة المعاصرة والعالمية. إلا أن بعضاً من الشعراء العرب ما زال ينأى بشعره عن تجربة الكتابة الرقمية ويجد فيها امتهانا لمقدس القصيدة. يقول الشاعر اللبناني أحمد فرحات: "لا يمكن أن يرتبط الحال الإشراقي للقصيدة بماهية الكمبيوتر على الإطلاق في رأيي. الكمبيوتر بالنسبة لي شخص مستقل ينتصب قبالتي ولن أكلفه لينوب عن مشاعري وأعصابي ودمي في كتابة القصيدة. بإمكان الجميع أن يكتبوا على الكمبيوتر باستثناء الشاعر الذي عليه أن يكون أمينا لتوتراته الجوهرية من خلال دم يده وبُوصلة القلب".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا