الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقتحام السفارة العراقية في برلين وإعلام المعارضة العراقية

سعد سلمان

2002 / 9 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


 

إن اقتحام السفارة العراقية في برلين وتحريرها لساعات , من سلطة بغداد وما أثار من ردود فعل من قبل إطراف المعارضة العراقية  المنظمة ظاهرة تستحق التوقف عندها لأنها ليست حالة عابرة بل هي  ظاهرة ضاربه جذورها في عمق العمل المعارض الحزبي منذ أكثر من ثلاثة عقود خلت ,ولهذه الظاهرة أسباب ومبررات ليست في السياق داخل هذا الموضوع . واحاول هنا طرح بعض الافكار التي من شأنها أن تفتح حوارا , عن الدور المركزي الذي يمكن أن يقوم به الأعلام وخاصة, بعد الكشف الخطير الذي تجلى أمامنا والمتمثل بجهل العالم العربي لقضيتنا, بدأت الأصوات تلعن هذا وذاك ولكن لم يعلو صوت واحد ويتساءل عن أسباب إخفاقنا في توصيل صوتنا. أين حصاد التواجد في دول الجوار؟

 أين أصوات العراقيين المتنفذين في هذه الأنظمة والمتعاونين معها ؟

 أين هي , الإمبراطوريات الإعلامية, التي بنيت بإسم  المعارضة ؟

هذه أسئلة وليست اتهامات موجهة لهذا أو ذاك  ويمكن استخلاص دروس منها إذا أجدنا الإجابة عليها , واني حين أقدم ملاحظاتي, فمن واقع الحرص على تأدية جادة, يمكن ملامستها , ليس ضمن دائرة ضيقة, من المعارف والأصدقاء, لكن من خلال تفاعلها مع حركة الناس, عموم الناس وحتى لا نضيع في تفاصيل التنظير العقيم أود أن أوضح قولي  من خلال بعض العينات على سبيل المثل وليس الحصر ,

 الانفلاق  على المبادرات الفردية

يمتاز العمل الإعلامي الحزبي العراقي المعارض بانعدام المبادرة والنظر بريب, إلى كل المبادرات, التي تتأتى من أفراد, لا يعجبهم الانتماء الحزبي, مع أنهم يتفقون في الهدف الأول, إسقاط صدام.

 و لا أريد هنا, أن أتوقف عن عجز المعارضة كلها, في الدفاع عن فلم

BAGHDAD ON/OFF  , و عرضه في أماكن تواجد الشتات العراقي واستغلال هذا الفلم للمساهمة في تعبئة الرأي العام العربي والدولي ضد صدام من خلال إعطاء وجه للمعاناة العراقية ,كما يراها العراقيون أنفسهم, بعيدا عن الشعارات القومية الوطنية والدينية.

  ولكني سأتوقف بعض الوقت عند حدث مهم آخر هو اقتحام سفارة العراق في برلين وتحريرها لساعات,  من سلطة صدام.

ماذا نستطيع قراءته من هذه العملية ؟

إن العلمية تمت بسلام وبتخطيط منضبط, لم تسل الدماء في أروقة السفارة دفاعا عن رمز النظام, لم يجرح احد ولم يخضع احد لعلاج إلا مسؤلي امن السفارة حيث أصيبوا بانهيار عصبي من شدة رعبهم.

 الخطاب المرافق للعملية يتحدث عن تحرير العراق ويعلن للعالم اجمع رغبة العراقيين في التخلص من صدام وليس فيه أي تشويه لسمعة العراقيين وتوجهاتهم السلمية في دول المهجر.

 

ما هي تداعيات العملية ؟

عمليا

-         إرباك النظام في الداخل وزرع الرعب في الممثليات العراقية وخلق فرص للعاملين فيها للانعتاق من النظام

-         تعطيل النشاط الدبلوماسي للنظام

-         شل عمليات الدفع من خلال حقيقة إن السفارات هي أوكار للتجسس ودكاكين لشراء الذمم

-         الاستيلاء على وثائق ومعلومات تتعلق بالنشاط ألمخابراتي لهذه السفارات وطبيعة العاملين فيها والمتعاملين معها

       -إيصال صوت العراقيين المغيب الذي يطالب بكل جوارحه رحيل صدام

 

          واستعمال السفارات كمواقع تعريف بالشعب وبمحنته وإجبار الدول المعنية باتخاذ موقف إنساني إزاء قضية إنسانية مطروحة أمام الرأي العام 

 

-         وأخيرا أن بغداد المتذرعة بالسيادة ألوطنيه تعطي الضوء الأخضر لاقتحام قوات اجنبيه سفاراتها لتخليصها من يد العراقيين الغاضبين

 

 إن المحطات الإعلامية المعارضة, وقفت موقف المتفرج, إزاء هذه المبادرة وبحذر شديد , انحدرت إلى التشكيك, ثم إلى الإدانة.

بدت منابر الإعلام المعارض التي تخضع لاعتبارات حزبيه وكأنها محشورة في زاوية عجزها عن التفاعل مع الحدث, حتى إننا بدأنا برصد بعض المنابر وهي تروج وتساهم في خلق معادلة[ الضحية صدام], وإن النظام العراقي ضحية إرهابيين مرتزقة يعملون لصالح جهات أجنبية.

إن من حق أي حزب أو جهة وحتى كل الجهات مجتمعة أن تعلن بأنها ليست على علم بالعملية, هذا واقع, ولكن كان عليها بذات الوقت وفي أسوأ الحالات الانتظار وعدم التسرع في إصدار بيانات البراءة, السيئة الصيت, فليس المهم هوية التنظيم الذي نفذ العملية وأعلن مسؤوليته عنها بل المهم وهذا شرط أساسي أن نتعامل مع هذا الحدث ونستخلص منه أدوات تخدم إغراضنا وأهدافنا المعلنة أمام الضمير العالمي. ولكن العكس هو ما حصل حيث بدأت بعض المنابر الإعلامية المعارضة تصب في خانة النظام وتقديم السلطة في بغداد كما لو إنها ضحية للإرهاب وهكذا وبدون علمنا سقطنا في الفخ وساهمنا عن غير قصد إذا

 إفترضنا حسن النية, في خلق   لضحية صدام).

 أن هذا السلوك الخائف الواضع نفسه مسبقا في قفص الاتهام قد اضر كثيرا في أداء العمل المعارض.

ان أي تقييم لأي فعالية عليه أن ينبع من حقائق أساسية ومعروفة لدى الجميع و لا يمكن بالتالي القفز عليها

       -  إن على الأحزاب والقوى العراقية أن تتخلى عن تقاليد العمل السري وما    يرافقه من ضبابية في التعامل مع الناس ومع الأحداث

-          أن هناك حشد هائل من جمهور العراقيين في الشتات ليس له انتماء حزبي ولا يستلم أوامره ويرتب حياته مثل ما يشتهون ولكن الجميع متفق حول ضرورة التخلص من صدام

    -   إن المبادرات التي تقوم بها (المعارضة المنظمة) لا تكفي وليست

        بمستوى الأداء المطلوب و من المرجح والمعقول أن تنطلق مبادرات خارجة عن أسلوب عملهم وتصوراتهم .

     -لا يمكن احتكار العمل المعارض على شكله السياسي الحزبي التقليدي

     واستبعاد التعبيرات الأخرى.

 إن التحركات الدبلوماسية والاجتماعات مع المسؤ لين الكبار في هذا العالم لا تعفي الغفلة عن الناس وهمومهم ان هذه التحركات والاجتماعات مهمة مطلوبة, لكن يجب أن تكون مصاحبة بوضوح الرؤية والقدرة على صياغة خطاب واضح المعالم وليس خطابا مبهما , جملته الأولى تنسف الثانية, إن الانتقال من موقع المدافع إلى موقع الهجوم يتطلب أولا تغيير في البنية النفسية لصاحب الخطاب وألا ما معنى خطاب هجومي صادر من موقع نفسي دفاعي ؟؟

 وسأورد عينّتيّن لهما ,حسب تصوري, دلالات ملموسة 

صياغة الخبر

قبل عدة أسابيع نشر الحزب الشيوعي العراقي بيانا يتضمن أسماء معتقلين في سجن أبو غريب تمت تصفيتهم بالكمياوي  وبحضور مسؤليين   كبار وعلى رأسهم قصي ابن صدام وعند التصفح في الخبر نرى انه يكتسب أهمية استثنائية فهو يحوي أخبار كل مكونات العمل ألمختبري ألسريري, إذن,  هناك تجربه سريريه ميدانيه, يستعمل بها مواد كيماوية على نماذج إنسانية حيه, لكن طريقة تعامل الشيوعيين مع هذا الخبر تفضح عجزهم عن رؤية الحدث, كما هو ,ضمن التحرك العالمي واتهامات جدية لصدام , بتطوير أسلحة التدمير الشامل.

 وحيث يرى الحزب الشيوعي العملية ويقدمها على إنها تصفية معارضين ,بينما هي في الحقيقة استغلال السجون والمعتقلات في العراق كمختبرات لتطوير الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. والفرق شاسع بين ألرؤيتين لأن كل رؤية تحدد بالضرورة طبيعة التحرك و الاتجاه

 

ترويج الخبر

بعد الطلقات الأولى, التي أضرمت نيران الانتفاضة الشعبانية ,1991

 وفي اليوم الأول بالتحديد بادر بعض المستقلين في باريس بتشكيل لجنة لدعم الانتفاضة انظم إليها فيما بعد, كل ممثلي المعارضة في فرنسا.

حققت هذه اللجنة اختراقات سريعة, للإعلام الفرنسي وكان اتصال اللجنة بمصادر الخبر في (الداخل) ومع محطات التلفزيون على مدار الساعة, وحينما بدأت  المحافظات تنخرط الواحدة تلو الأخرى في جو الانتفاضة وأجهزة الأمن والقمع تتراجع أمام ضربات الثوار, والنظام آنذاك لا يملك أي وسيلة إعلامية, وكان العراقيين كل العراقيين يتسقطون الأخبار من الإذاعات العالمية لمعرفة ما يدور في المدن الأخرى, في هذا المناخ العام يصل خبرا ,جد عاجل, مفاده إن في نية صدام استخدام الكيماوي ضد مدن الجنوب والوسط المنخرطة في الانتفاضة, شخصيا اعترضت على ترويج هذا الخبر لأنني لم أرى منه إلا وسيلة لترويع المواطنين في هذه المدن وتشييد حائط اكبر من حائط الخوف الذي بدا يتساقط, هو حائط الرعب, وليس مهمتنا ترويع المواطنين وتسويق هذه الإشاعات, لأنها تصب في خانة النظام و نحن نعرف مقدار حاجة النظام للرعب, كشرط أساسي لبقائه ,وبما الأوامر جاءت من هناك,  ألح الحزبيون على نشر الخبر وترويجه, وحدث ما حدث, مما نعرف وسنعرفه في المستقبل, عن هذه الانتفاضة, التي مازالت تنتظر تقييما موضوعيا ونقد ذاتي, لم نسمعه من احد لحد الآن.

 

 سعد سلمان             سينمائي عراقي يعيش في باريس

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه