الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجالات دولة. عادل عبد المهدي انموذجا

آريين آمد

2011 / 10 / 11
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


في وسط يتسم بكثرة التناقضات، وكثرة التصريحات للساسة العراقيين بمناسبة وبدون مناسبة، يزداد حجم التشويش المتسلط على ادراك العراقيين بسبب التنافر والتناحر للافكار المطروحة ليختلط المشهد بصورة اشد لدرجة بدأت معها تختفي ملامح الدولة التي نحن بصدد بنائها لتطفو على السطح دولة مسخ. فاليوم يتفق الجميع باننا نعيش ازمة ونسمع جهات عديدة تتحدث عن انهيار وشيك للعملية السياسية، رغم بعض المحاولات لترميمها بين آونة واخرى ليس باسلوب حل المشكلة بل باسلوب ترحيلها للزمن القادم.
مقالة الدكتور عادل عبد المهدي المنشورة في المواطن نيوز يوم 9 تشرين الاول 2011 والموسومة "هل للعراق عقد تاسيسي" يستحق ان نتوقف عندها لنقف على اهم الافكار التي جاءت بها، وهي بحق محاولة فكرية ناجحة لحل مشكلة عويصة لا بل مأزق الدولة العراقية الحديثة بدلا من الدوران حوله، كما يفعل اغلب الساسة الاخرون. ولانه يطرح الحلول فهو يستحق التقدير ويستحق الاهتمام.
يعتبر الدكتور بان اس المشاكل في العراق يكمن في العقد التاسيسي الاجتماعي، فالعراق بلد مكونات وهو يرتكز على قاعدة من ثلاث مرتكزات هم الشيعة والسنة والكرد، وان غياب اي مرتكز سيعني عراق المشاكل والتجزئة والتناحر. والمكونات الثلاثة تشكل 95% من ثقل العراق وان تنظيما دقيقا للعلاقة فيما بينها سيخلق فسحة رحبة للاقليات الاخرى لتعيش بسلام واطمئنان.
ويشخص الدكتور النقص في العقد الحالي في نقطتين اولهما عدم اجراء التعديلات الدستولاية وثانيهما عدم استكمال القوانين الدستورية، اضافة الى كثرة التجاوزات والتفسيرات الغامضة والمتناقضة، وتفوق الامر التنفيذي، وضعف القوى السياسية، وجعل الدستور رهينة للابتزاز والمساومة.. فنحن امام حالة غريبة رغم اننا كتبنا دستورنا وصوتنا عليه الا اننا نختلف في شكل الدولة التي نريدها فالكرد يرونه استحقاقاً قومياً.... والسنة استحقاقاً تاريخياً.. والشيعة استحقاقا للاغلبية، ناهيك عن الاخرين. اليس من حقنا هنا ان نسال نحن كمواطنين عاديين، لماذا اذن كتبتم الدستور اذا كنتم غير متفقين على روح الدستور ياقادة العراق؟؟؟!!!!
ان الصراحة الشديدة في قول كل شيء يقربنا من الحل خصوصا اذا استند الطرح على الحجة المقبولة لهذا يقول الدكتور عادل عبد المهدي " ان استفراد اي مكون بالسلطة وعزله بقية الاطراف ومهما كانت الاسباب والمبررات لا يبني عراقاً دستورياً موحداً مستقراً يستطيع التقدم والبناء والتناغم مع محيطه الاقليمي والدولي.. فسعي اي طرف للاستفراد لا يمكنه ان يكون الا عبر الوسائل القمعية والتهم الباطلة، او بالاستنجاد بالاجنبي. هكذا كان الامر قديماً، وهو خيار مفتوح اليوم". وفي تقديري فان المشكلة والحل انما يكمنان هنا. فاما الشراكة واما الاستفراد بالسلطة لنعيد انتاج القمع والاستبداد من جديد. رغم ايماني الشديد باستحالة ذلك من الناحية العملية فالعالم العربي يتغير وهو يعيش ربيعا عاصفا اسقطت حكومات عتيدة.
ومن تشخيص دقيق لتشخيص آخر اكثر دقة يحدد عبد المهدي مكامن الخلل ولكن هذه المرة يحصره في الراس باعتباره المسؤول امام التاريخ والشعب الذي قد يخطىء في امرين.. اقامة نظام مغلق يقنن لنفسه بعيداً عن مفهوم الاغلبية الدستورية وقواعد التداول المفتوح للجميع.. والثاني التعامل مع شركاء الوطن وكأنه الطرف الوحيد المخلص والضامن.. اما الاخرون فمشاكسون وطامعون، او متآمرون يريدون الانقلاب.
لهذا فنحن نحتاج اليوم لمعيار جديد لتقدير درجة الوطنية، ولا باس ان يكون ذلك هو الايمان بالوحدة بشراكة الاخرين الكاملة والحقيقية كطريق ممكن ووحيد، ربح ام خسر الشخص والحزب. فالبديل الصراع وضرر الجميع وتعطل البلاد.
وليس هنا اجمل من تجربة جنوب افريقيا عندما فهمت الاطراف كلها مسؤوليتها ودورها التاريخي لتؤسس لنموذج رائع في البناء والتصالح عندما "اقرت الاقلية البيضاء التحولات الدستورية فكانت خطوة شجاعة انقذت نفسها، تاريخها، ومستقبلها رغم خسارتها الحكم.. فاجابها مانديلا بخطوات اكثر جرأة في اقرار عقد حمى فيه مصالح البيض والاكثرية السوداء، ثم ترك الحكم، فكسب الاغلبية والتاريخ وضمن مصالح البلاد ووضعها في مقدمة الامم".
نحن اذن بحاجة لخطوة جريئة على غرار تجربة جنوب افريقيا هذه الخطوة بنظر عبد المهدي قد تبدو مستحيلة لكنها تاريخية لكسر حاجز الخوف وعدم الثقة الآخذ بالتزايد يوما بعد يوم، وهذه الخطوة تتضمن:
1. عدم التجاء الشيعة لاتفاق باطن لاعتبار الاغلبية السكانية اغلبية سياسية خارج الفهم الدستوري.
2. ان لا تبقى الجغرافيا موضوعة احادية للكرد بل يدخلوا المصالح ايضاً.. فيروا مصلحتهم في العراق كله وليس في كردستان فقط.. ويتحركوا في الحقوق القومية في الاتجاهين وليس في اتجاه واحد.
3. ان يتجاوز السنة الاطروحات التاريخية بمبانيها لفهم الدولة والاخر.. وان العراق المركزي بات ضرراً عليهم ايضاً.
4. ان يتفق الجميع ان الدولة لا يمكنها ان تستبطن دولة اخرى، بل دولة ديمقراطية اتحادية موحدة قوية تتوزع فيها السلطات والاختصاصات.
هذه النقاط الاربعة انما تمثل انقلابا في المفاهيم والادوار للمرتكزات الثلاثة التي ما تزال تعيش هاجس الخوف من الاخر وتعمل على بناء نفسها تحسبا للقادم من الايام، واذا ما استمرت معدلات التعبئة بهذا الشكل فان درسا في التخريب ينتظرنا، لهذا ادعو الجميع الى اعادة قراءة مقالة الدكتور بعين اخرى ترى اعمق من السابق وعقل مفتوح لا يؤمن بالتحزب، ليصبح لدينا اكثر من نيلسن مانديلا وليتحول صوت عبد المهدي الى موسيقى للسلام فقد سئمنا القتل المجاني بكل اشكاله.

انتهت
للاتصال بنا [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوناك ينشر فيديو عبر حسابه على -إكس- يسخر فيه من سياسة حزب ا


.. هل يهمين اليمين المتطرف على البرلمان الأوروبي؟ وماذا يغير؟




.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا


.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل




.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب