الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بديهيات مكررة.. الفقهاء ومنظومة العسكرة الالهية

ناصر طه

2004 / 12 / 11
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


الفحص النقدي لتاريخ ما اصطلح عليه امة العرب يختزل بلا شك كل المفاهيم الاسلامية التي دأب العرب على تصديرها للامم الاخرى وتكريسها قسرا من خلال السيف المسلط على رقاب من اجبروا من خلاله على الاستماع والانصياع لتعاليم السماء السمحاء ذات الخصوصية العربية !! ولن يجد المطلع على ثقافة التدين العربي الاسلامي صعوبة في اكتشاف النسق التثاقفي العربي الذي تم فرضه عبرالمنظومة النصية على الناس ! ومن ثم محاولة تعميمه كنسق فالت من اطر الزمان والمكان ! وبالرغم من محاولات البعض الدؤوبة لترقيع هذا الفتق ولنقل الشق المعرفي من خلال شملنت ( من شمول ) الخطاب واكساءه لغة منفتحة فضفاضة امميا! ، إلا ان هذه المحاولات مهما بلغت حرفتها التأويلية ، لم تستطع ان تتجاوز حدود الاحتيال المعرفي والفذلكة المتثاقفة سياسويا، ولم تحقق مرادها في التغطية على خصوصية ومحدودية النسق الثقافي- السياسي العربي ، الذي يتبرقع بالتمثلات الالهية ويتمنطق بتمويهات انفتاحية للغة السماء المتخمة بالانغلاقات ، والتي ايضا اختير لها ان تتهوى ( من هوية) عروبيا ، حتى يخال لمن يمتلك سعة مخيٍّلاتية ان الخالق العظيم عربي ليس إلا !!! ( ربما لهذا السبب لا يقبل الله صلاة من يتعبد بغير اللغة العربية ).
بتبسيط آخر نقول ان لعبة تسيس النص السماوي عروبيا اشتغلت عجلاتها الساحقة عندما تواجدت آليات القوة في جغرافية العرب ، ولكي تبرر هذه القوة اطماعها واحلامها السلطوية والتوسعية ، كان لابد من ان يصبح النص الالهي دابة الفقهاء والخلفاء !! ، وإلا فمن غير اللائق ان تهدر الدماء وتسبى الشعوب دون تبرير اخلاقوي يستند في المحصلة النهائية على ثقافة السماء التي تعربنت ( من عرب ) وخطابها المتخم باخلاقيات القبائل التي سكنت هذه الجغرافية ، ومن هنا فكل ما تحقق في السابق انما يرجع الفضل فيه الى اعتماد منهج "عسكرة اللة " وتعاليمه ، فالخليفة لا يعدو كونه الله الارضوي!! ولهذا فكل ما يصدر عنه ، و جُل ما يفعله ، انما هو فعل الله السماوي المتأرضن !، ومن عصى الخليفة! عصى السماء! ومن عصى السماء! حجبت عنه الثقافة السمحاء و حورب بسبف الله الذي لا يعرف الرحمة مع من يخرج عن اطار المنظومة القفصية ، التي نسج خيوطها الفقهاء الذين تحالفوا مع الخلفاء من اجل بسط النفوذ والهيمنة والانتفاع بكل ما للسلطة من نعم ومباهج لا تحصى ، وحتى من تعارضت مصالحه مع الخليفة – المنظومة السياسية، فانه لم يسع إلا لتحقيق منظومة مماثلة ومستنسخة بل وربما تتفوق عليها في العسكرة ، ونحيل المعترض الى ما فعله فقهاء الاعتزال في القرون الماضية فبالرغم من كل اشتغالاتهم الفكرية المتثاقفة الجريئة والجديدة الا انهم حين قيض لهم تسلق الهرم السياسوي تماهوا في لعبة العسكرة والتخوين للمخالف وسقطوا في نفس الفخ الذي سقط فيه من سبقهم ولم تشفع لهم كل اجتهاداتهم في الخطاب المعرفي .
ما نريد التأكيد عليه هنا هو ان الانساق التثاقفية ومنذ نشؤها خرقت قواعد اللعبة المعرفية العامة والتي من اهم مقوماتها الاستجابة لحركة النقد ، والسبب كما نزعم ، يكمن في ان هذه الانساق حاولت جاهدة ان تجسد الفكر السماوي وتختزل كل مضامينه في اشكال محددة لا تقبل التغيير، بل انها دخلت في مرحلة التقمص المرضي عند تشخيصها لتراجيديات السماء!! ومما لا شك فيه ان من يتوهم انه يمثل الحقائق الكونية لن يقبل باي حال من الاحوال ان يتنازل عن هذا الشرف ، ويسمح للارضي بالنظر اليه نظرة تشكيك نقدي ، ولهذا لم يسمح لزهور النقد في هذه الغابة الفقهائية بالنمو، بحجة ان للازهار اشواكا! والاشواك في عرف الصحراء امر بالغ الضرر!! اذن هناك خلل واضح في اللعبة المعرفية العربية الاسلامية وهذا الخلل يتمثل ببساطة شديدة في افتقارها لحركة النقد الداخلي ومن هنا بدأ التآكل يصيب حركة العقل والنخر دب في الجسد ، حتى سقط مترنحا يحتضر ، وانحسرت الامجاد والانتصارات الغابرة لهذة الامة التي يراد لها الان ان تحيا من جديد لا على الطريقة السابقة حتما ، وإلا فان اعادة سلسلة الاخطاء الكارثية التي مارسها السلف ، والتي يتشدق بها الخلف الفقهائي هذه الايام ، لن تحقق لشعوب هذه الامة إلا مزيدا من الهزائم والخراب ز
لقد آن لنا ، ان نطلق سراح الله من ايدي العمائم المتفقهنة التي عسكرته .
وآن لنا ، ان نحرر النص من اولئك الذين اتخذوه دابة يمتطونها لكي يشخصوا دور الفوارس بكوميديوية ساذجة لا تثير الضحك بقدر ما تثير الاستهجان .
وآن لنا ، ان نلعب اللعبة المعرفية بقواعد زمننا لا بقواعد الماضي الفالتة .
آن لنا، ان نقطف ازهار النقد ونتحسس اشواكها.
أليس كذلك ؟؟؟

ناصر طه
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف