الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيرياليسون ...يا رب الرحم (2)

أمنية طلعت

2011 / 10 / 11
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


أحلم يوماً بأن أكتب مقالاً مبهجاً، فهلا منحتني إياه يا مصر؟ نعم؛ أعترف بأنني تعبت من الألم، من الصعب أن نولد أشقياء، وتدور علينا عقارب الساعة لنشقى بمرورها أكثر. من الصعب أن نحلم بأن يكون هذا الحزن آخر الأحزان، فلا تمنحنا بلادنا سوى حزن أكثر. من الصعب أن نشيح بأبصارنا عن رؤية الدماء فلا نرى في الجهة المقابلة سوى دماء أكثر. من الصعب يا مصر أن لا تعطينا رغم عشقنا إليك سوى عذاب يليه عذاباً أكثر.
في 25 يناير منحتنا مصر أياماً عظيمة، لم نشعر رغم تساقط الشهداء سوى بالفخر لأننا نحرر تلك الأرض من عدوها الداخلي الجاثم على أنفاسها وأنفاسنا منذ عقود طويلة، ظننا جميعاً بعد تنحي الطاغية اننا لأول مرة منذ ولدنا على هذه الأرض نستنشق هواءاً نقياً، وأنه بعد طول انتظار سيأتي غدا أخيراً ويرحل الأمس المظلم الذي حل علينا طويلاً ... هل كنا مخطئين يا مينا؟ هل كنا مخطئين يا مايكل؟ هل كنا مخطئين يا كل شهداء مصر؟ أخبرونا من عليائكم الآن بما ترونه .. هل نعود مرة أخرى إلى مخابئنا ونطوي الحلم أسفل أسرتنا وننام على الخيبة كما اعتدنا سنين عمرنا الماضية؟ أم أنكم ذهبتم لتُعَبدوا بدمائكم طريقاً ممهدة تعبر عليها الحرية؟
كنت أظن أنني أقرأ الواقع السياسي بجدارة، أحلل وأفند الحقائق وأخرج بنظريات عظيمة تستقرئ مستقبلاً أعظم، لكنني بعد أحداث اليومين السابقين، لم يعد قلبي يتحمل أكثر. انتهكوا عقلي وأجهدوه بأحداثهم المتلاحقة، والتي لم تعد تترك لنا وقتاً للتفكير أو التحليل أو الاستقراء. من منا الآن بقادر أن يقول كلمة يمكننا تصديقها. فما هو السبب أو الدافع الذي يجعل الأحداث تصل إلى ما وصلت إليه أمام ماسبيرو، تلك المجزرة الدامية التي راح ضحيتها عشرات من المصريين، لم يفعلوا سوى أنهم حملوا الشموع وساروا نحو ماسبيرو ليطالبوا بحقهم في عبادة الله آمنين في كنائسهم، هل هذا كثير جداً لتلبيته؟ هل هذا المطلب فوق تحملكم؟
قبل أن يرحل مبارك وباقي رفاقه من الخونة، عشنا سنينا طويلة نعتقد أن شعب مصر تحول إلى شعب طائفي، يذبح بعضه بعضاً على أساس اختلاف الدين، لكننا اكتشفنا أن نظام مبارك هو الذي كان يخطط ويدفع إلى تنفيذ عمليات الاعتداء على الكنائس وقتل المسيحيين في دور عبادتهم، الآن ماذا؟ هل مازال نفس المخطط يسير آمناً بيننا على قدميه؟ كيف يمكن أن يقتل القاتل القتيل ويمشي في جنازته؟ يهدمون الكنائس بواسطة عملائهم ثم يقومون ببنائها على نفقتهم الخاصة؟ وأخيراً يقتلون الأبرياء ويلقون بجثثهم في مداخل البنايات المحيطة بماسبيرو، ثم يقتحموا مكاتب القنوات الفضائية ليعتدوا على العاملين فيها ويستولوا على شرائط الفيديو التي سجلوها للأحداث، ثم يخرجوا علينا بأنهم المجني عليه وليس الجاني، وبعد أن يحرضوا ضد المسيحيين علناً على شاشاتهم، يعودوا ليعتذروا ويلقوا باللوم على اندفاع المذيعين. في عرف من هذا؟ هل إلى هذه الدرجة هانت علينا أنفسنا حتى هنا عليهم، فلم يعد لنا ثمن، لم يعد لدمائنا قيمة؟ هل خرجنا في يناير لنعيد كرامة المصري وحقه في حياة كريمة، لتنقلب علينا الطاولة فتُسحب كرامتنا ويُسلب حقنا في الحياة من أصله؟
يا ولاة المور الأفاضل، ماحدث أمام ماسبيرو لم يكن فتنة طائفية، فعناصر الشرطة العسكرية تمثلكم ولا تمثل المسلمين. لم يخرج المسلمون ليقتلوا أهلهم من المسيحيين أمام ماسبيرو. كان هناك الكثير من المسلمين المشاركين في المسيرة ولم يحمل أحداً منهم سلاحاً ليرفعه في وجه المسيحيين، بل رفعتوه أنتم وضغتم على الزناد لتسحقوا القلوب اليسوعية. أرجوكم نحن لسنا أغبياء وإن كنتم تعتقدون أننا كذلك، فنحن لسنا أغبياء إلى هذه الدرجة!
بقى أن أودع الجميل مينا دانيال، صاحب الخمسة وعشرين عاماً، الشاب الذي كان عمره ألف عام. فعلت الكثير يا مينا خلال سنواتك القليلة، وكأنك كنت تُكمل قدرك سريعاً قبل أن يغدرك الزمن، أغار منك يا صاحبي لأنك ناضلت من أجل وطنك ومن أجل فقراء هذا الوطن أكثر مني رغم أنني أكبرك بأعوام كثيرة، أغار منك لأنك نلت ما طلبته من شهادة، أغار منك لأنك صليت في الكنيسة والمسجد وقدت المصلين في كليهما نحو طريق الحرية، أغار منك لأنك الآن في عالم أفضل، فأوقد لنا شمعة في طريقك إلى هناك.
ولا تنس أن تبلغ سلامي إلى أحمد بسيوني صديقي الذي عجل بالذهاب من قبلك.
عطر وزهر على روحيكما... عطر وزهر على أرواح شهداء مصر منذ مينا موحد القطرين، فلا تتركوهم يذهبو بجهد مينا إلى الخواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلمة حق لمست شغاف قلبي-1
مجدي سعد ( 2011 / 10 / 11 - 14:11 )
خلاصة القول

كيف يمكن أن يقتل القاتل القتيل ويمشي في جنازته؟ يهدمون الكنائس بواسطة عملائهم ثم يقومون ببنائها على نفقتهم الخاصة؟ وأخيراً يقتلون الأبرياء ويلقون بجثثهم في مداخل البنايات المحيطة بماسبيرو، ثم يقتحموا مكاتب القنوات الفضائية ليعتدوا على العاملين فيها ويستولوا على شرائط الفيديو التي سجلوها للأحداث، ثم يخرجوا علينا بأنهم المجني عليه وليس الجاني، وبعد أن يحرضوا ضد المسيحيين علناً على شاشاتهم

أما ما يثير الغشيان فهو الهراء الذي نسمعة علي شاشات التبفزيون المصري

يقف اليوم مبارك امام القضاء متهما بالامر والتحريض علي قتل المتظاهريين

واليوم نري نفس الجريمة ترتكب مرة ثانية ولسخرية القدر بنفس الوسائل أي الرصاص والدهس ولكن اضيف اليها السلاح الابيض سلاح الارهاب (الاسلامي) المفضل

فهل نري من أصدر الأمر ومن أطلق الرصاص ومن دهس في قفص الاتهام؟

المسخرة أن الاتهام يكال للمتظاهرين (اقباط) وجاري القبض عليهم الان وسنراهم غدا في قاعة المحكمة ليس كضحايا أو شهود كما تقضي ابسط مبادئ العدالة ولكن كمتهمين ادينوا قبل ان يصيح الحاجب....محكمة

فتحت الجلسة

آسف

فاحت الجلسة
يتبع


2 - السيد الرقيب
مجدي سعد ( 2011 / 10 / 11 - 14:59 )
رجاء اعادة النظر في نشر تكملة مداخلتي التي لم تخرج بالتأكيد عن قواعد الموقع

أو علي الاقل أفيدونا كيف تجاوزنا الحدود حتي لا نكرر الخطأ


3 - ما أردت قوله
مجدي سعد ( 2011 / 10 / 11 - 15:08 )
خلاصة ما أردت قوله ولا أدري لمذا حذفه السيد الرقيب

هو اننا لم نعهد من اقباط مصر انهم حملوا السلاح قط في وجه اخوانهم المصريين

لم نعهدهم يعتدون بالفعل أو القول

فكيف لنا أن نصدق أنهم تغيروا بين يوم وليلة؟

وقدمت ما قالته اليوم صحيفة الجارديان البريطانية عن ان هذه لعبة من المجلس العسكري ليضرب الاصلاحات المترقبة وينفرد بالسلطة

لعل هذه الفقرة الاخيرة هي ما أرقت سيادة الرقيب؟

تحياتي للأخت أمنية

وسلامي لمن سقطوا والتعازي لذويهم


4 - تحية من القلب
مريم نجمه ( 2011 / 10 / 12 - 08:00 )
الأستاذة الفاضلة أمنية طلعة تحية الحرية

أحييك على مقالك الذي يقطر حباً بالوطن والشعب الذي صنع إنتفاضة 25 يناير ..
نحن معكم بكل ماكتبت من جمال , نتألم لكننا لم نفقد الأمل بالثورة المصرية التي قلبت المعادلات الساقطة ورفعت قيمة الإنسان إلى مصاف التقديس في صنع المعجزات .. كونوا أقوياء كما كنتم ... مع التقدير والحب


5 - عندما يستيقظ الضمير
سامى غطاس ( 2011 / 10 / 12 - 11:08 )
الأخت العزيزة أمنية
رغم ما ينتابى من ألم وحٌزن على شهداء تلك المذبحة الدنيئة إلا إنى لا أنكِر سعادتى بتلك الكلمات المٌعزية لكل إنسان مصري عامة و قبطى خاصة .
و سِر سعادتى إنك إنسانة مٌسلمة لم يٌِصاب ضميرك بالجمود كما هو الحال مع ألأسف عند الكثير من أبناء عقيدتك .
نتمنى من كل منافق أن يستيقظ ضميره و بدلاً من البحث عن مٌبررات واهيه و أكاذيب مِضللة عليه أن يستنكر تلك المذابح بحق أقباط مصر بكل ما أؤتي من قوة .
أكثر الله من أمثالك حتى يعٌم العدل والسلام مِصرنا الحبيبة .


6 - جريمة عام 2011
ليلى ابراهيم ( 2011 / 10 / 12 - 12:14 )
اين العالم الحر ؟اين جمعيات حقوق الانسان فى العالم؟ الصور لا تكذب .انها مؤامرة مدبرة على مستوى عال.هل يقف العالم الذى يدعى الحضارة متفرجا عما جرى ويكتفى ببيان يدعو الى التهدئه؟ عن اى تهدئه ؟تهدئه ايقاع القتل والذبح والدهس بالمدرعات. ؟ تهدئه بمحاكمة المجنى عليه وعقابه لانه تجرأ وقال ان الكنائس تهدم ولا عقاب للجانى ولم يقدم للمحاكمة اصلا.هل بدأ عصر الاستشهاد من جديد فى القرن الحادى والعشرين وتحت سمع وبصر كل العالم؟ ان ماحدث يوم الاحد الماضى لم اكن اتخيله.لقد سقطت اشياء كثيرة فى هذا اليوم..


7 - متى تبدا مصر المستقبل بعيدا عن اشباح الماضي و
jaafer tiqadine ( 2011 / 11 / 5 - 22:26 )
تحية نضالية امازيغية من اعلى قمم جبال الاطلس الشامخة شموخ مصر العربية
ان ما حدث بعد الثورة في مصر يعكس محاولات المجلس العسكري من اجل مقاومة التغيير والمحافظة على نظام مبارك البائد فقد ارادت الثورة دستورا جديدا فرفض المجلس وقام باستفتاء على تعديلات محدودة في دستور 71;ثم قام بالغاء نتيجة ااستفتاء واعلن دستورا مؤقتا احتفظ فيه بمجلس الشورى ونسبة 50في المئة عمال وفلاحون وقرر ان يكون شكل الدولة رئاسيا دون استشارة المصريين كما ان المجلس لم يقم بعزل اعضاء الحزب الوطني الذين افسدوا الحياة السياسية في مصر كما انه حافظ على فلول نظام مبارك لغرض في نفس يعقوب ;بالله لماذا لم يتحرك المجلس العسكري عندما كان ال مبارك يرتعون فسادا اهو الخوف؟ ام انها المصلحة الخاصة؟ كما ان المجلس حافظ على جهاز امن الدولة حيث تم تعذيب المصريين واهدار كرامتهم فقط غير اسمه الى جهاز الامن الوطني وهو الذي يقف وراءكل الازمات
سيدتي امنية طلعت لا احد يحمينا الانحن اما احزابنا وتنظيماتنا فلا خير يرجى منها

اخر الافلام

.. قضية احتجاز مغاربة في تايلاندا وتشغيلهم من دون مقابل تصل إلى


.. معاناة نازحة مع عائلتها في مخيمات رفح




.. هل يستطيع نتنياهو تجاهل الضغوط الداخلية الداعية لإتمام صفقة


.. بعد 7 أشهر من الحرب.. تساؤلات إسرائيلية عن جدوى القتال في غز




.. لحظة استهداف الطائرات الإسرائيلية منزل صحفي بخان يونس جنوبي