الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلامُ الغريبْ... كلامٌ للغريب

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2011 / 10 / 11
الادب والفن


لا هيَ الأرضُ، تلكَ التي باسَتْ خُطُواتِكَ الأولى، ولا هي السماءُ حينَ ارتَكَزتَ على يدينِ من عجينٍ طريٍّ لترى الله، ولا هو الثديُ الذي بكيتَهُ ساعةَ الفِطامِ، ليسَت صدفةً أن تجدَ كيسَ ذكرياتِكَ فارغاً حينَ تكونُ غريباً يلدُ الغرباءَ موشومينَ ببياضِ الذاكِرةْ.
{كلامُ البلادِ لغريبٍ حاولَ أن يخيطَ جُمّيزةً من خصرِها في روحِهِ المصنوعةِ من خُرافةْ}

أنا الآتي من نفسي، أعِدُّ الخرافةَ على مائدةٍ من طقوسٍ صَنَعتُها وحيداً حينَ كنتُ مقيماً في حلمٍ بعيدْ، أخرَجتُ صفاتي من خيالاتِ أجدادي المنحوتينَ من غضبٍ، أجدادي الذينَ نصبوا كمائنَهم لكلمات الله ربِّ الجنودِ، لي وجهُها، ولها سلاحيَ الذي يفتكُ بمن يكذِّبُ نبوَّتي.
{كلامُ الغريبِ لمن ضحِكَ من فِكرَتِهِ على ضفَّةِ النَّهرِ الفاصلِ بين الدنيا والآخرة}

لم أرَ جلدَ يديكَ يسقطُ في ظلِّ أشجاري، لم تتركْ رائحةَ عَرَقٍ على أشرعةِ المراكبِ، وما وجدتُكَ يوماً على الرَّملِ تختصرُ الحنينَ إلى قُبْلَةِ عائدٍ أبديّْ، ما كانت لكَ زاوية في الجبلِ تحيطُها بالكِتمانِ لتخبّئَ فيها دموعَكَ السّرّيّةَ من فضولِ الغيمِ، لم تزرَعْ خُشخاشةً على أطرافِ الحقلِ كي تحمي الأغاني من الثعالبِ، وتلكّأتَ دوماً مثلَ أفعى خائفةْ حينَ كسَرَتني الأوقاتُ، ولم تدمِ يديكَ بقشرةِ صبّارٍ كي تعرِفَ كيفَ أربّي أبنائي قبلَ أن يولدوا، وبعدَ أن يموتوا.
{كلامُ البلادِ لغريبٍ يحاولُ محوَ ظلٍّ عن الخارِطةْ}

خلقتُ المدُنَ من جفافٍ خائفٍ وبدائيٍّ وعنيدْ، لوّنتُ حتى النارَ بألفِ لونٍ، ونثرتُ أولادي على الماءِ كالمرايا، ألَّفتُ لغةً ومجزرةً، وغطّيتُ العالمَ بالأسئلةْ، نفيتُ نفسي عن قلبي، وحفرتُ نهاراً من ألعابٍ على ذراعي، لم أكذبْ لأني صدَّقتُ ما قلتُ، ومحوتُ هوَسَ الحنينِ عن ذرّيّتي.
{كلامُ الغريبِ لنفسِهِ حينَ كادَ يصدِّقُها}

فقيرٌ أنتَ مثلَ قارونْ، تعلو مُدُنَكَ ويعلوكَ خوفُ السقوطِ، تركبُ النّجمَ، وتركبُكَ شهوةُ الغرورِ، ترسمُ الوثيقةَ دونَ سُمْرةٍ تدلُّ عليكْ، أصابِعُكَ من فولاذٍ، لهذا لا تُحسِنُ انتظارَ الفصولِ، ولا تعرفُ كيفَ تحزِرُ اتجاهَ الرّيحِ، ولا تطلبُ صداقةَ العصافير، فقيرٌ أنت بكلِّ هذا الذَّهَبْ، تحمِلُهُ ولا يحْمِلُكْ.
{كلامُ زائرٍ مرَّ صدفةً جوارَ الغريبِ وهو يحاولُ تسميةَ وردةٍ برِّيَّةْ}

أنا الغريبُ، وما الغريبُ؟ أعرفُ أنّي لا أعرفُ الأغاني، وأفهمُ أني لا أفهمُ نايَ الرُّعاةْ، وأحسُّ بأنّي لا أحسُّ الوقتَ حينَ يمضي على رملٍ ويتركُ حضارةً ويحتضرُ، لا قبرَ لِجَدّي في هذه الصحراء، ولا معركةً مع النسيانْ، أفيضُ رحيلاً في حِصْنِ روحي، وأقطعُ النّخيلَ كي أجفِّفَ أصلَ الرّوايةِ وأنثني كسيفٍ مثلومٍ بعد كلِّ تجرِبةْ.
{كلامٌ سمِعَتْهُ طفلةٌ كانتْ آخرَ مَنْ رأى الغريبَ يجرُّ عربةَ الجليدِ ذاهباً إلى الغيب}

العاشر من تشرين أول 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش