الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاح الى أين .. ؟!

رامز النابلسي

2011 / 10 / 11
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


بعد مرور ما يقارب التّسعة أشهر على انطلاق الحراك المطالب بالاصلاح في الأردن، لا يزال الوضع مبهما، ولا تبدو ملامح تفاؤل تلوح في الأفق..

مسيرة الاصلاح ساكنة لا تبارح مكانها، رازحة تحت وطأة مطرقة السلطة السياسية الواقعة في أزمة هيكلية لا تكاد تجد منفذا منها، وسنديان الأحزاب الرثّة التي أضاعت البوصلة منذ عقد طويل ولم تعد مؤهلة لادارة أي معركة تحوّل ديموقراطي !

لا يخفى على أحد التخبّطات التي تعيشها السّلطة السياسية، والأزمة الهيكلية التي تعصف بها، أزمة جرّتها سياسات النظام وتبعيّته بالأساس، مما جعلها تفتقد لأدنى وجود للبرامج الاجتماعية والخطط التنمويّة،مستسلمة لسياسات التبعيّة الكاملة، تديرها طبقات حاكمة، ذات طابع لا وطني (كومبرادوري)، لا تريد أن تجعل من الأردن دولة تستطيع الاعتماد على نفسها، تحقّق نوعا من الاستقلالية الاقتصادية، وقادرة على بناء نموذج عملي للنهوض بمستوى المعيشة لمواطنيها ..

في المقابل، نجحت هذه السّلطة في بناء نموذج بوليسي تمخّض عنه قبضة أمنية للاجهزة الأمنية، وتغلغلها في كافّة مرافىء ومؤسّسات الدّولة وقطاعاتها الانتاجية، تلك القبضة الأمنية لم تنتهي بعد المؤتمر الوطني الذي عقد استجابة للسخط الشعبي الذي جسّدته "هبّة نيسان" أواخر الثّمانينات ، بل أخذت طابعا وشكلا أخر، أكثر نعومة ولمعانا، تزامنا مع حكومات زادت الهوّة بين الطبقات الحاكمة والطبقات الشّعبية الكادحة، لا تملك أي من أدوات القرار المستقل، ولا تجسّد الارادة الشعبية بتاتا، تشمل وزراءا غير مهنيّون، ولا هم بتكنوقراط، انحصر معيار انتقائهم على الموالاة وليس الكفاءة، هذا ما جعل الحكومات تتعاجز عن بلورة أي خطط، مجرّد خطط، قادرة على انتشال البلاد من مديونيّتها المتراكمة ومن نكباتها الاقتصادية المستمرّة !

كلّ ذلك حدا بالدّولة للاعتراف ضمنيّا أن كل المشاريع الاصلاحية التي تحدّثت عنها وروّجتها البروباغندا الحكومية، او حتّى تلك الّتي باعت الوهم لها، فشلت فشلا ذريعا!

فلا يزال الوضع الاقتصادي للمواطن الأردني يزداد سوءا، كذلك الحال للوضع المعيشي، ممّا ينذر بانهيار هذه المنظومة السّلطوية وبنائها الفوقي، وهي لا تزال غارقة في مستنقع المديونية الذي تجاوز حد ال 16 مليار دولار !

وحتّى بعد الدخول في مظومة المؤسسات الامبريالية، وتحديدا صندوق النّقد الدّولي، ذلك البستان الفسيح الذي يبدو للوهلة الأولى سندا وداعما للاقتصاد المحلّي وحاضنا له، لم يتغيّر شيء بل زادت المديونيّة !

وعلى النّقيض الأخر، لم نشهد أي ردّة فعل حقيقية من الأحزاب المحسوبة على اليسار، تنفض عن نفسها غبار الدّهر وتستثمرها كفرصة تاريخية كي تبارح موقع المعارضة الكلاسيكي الذي رسمته لنفسها، وتسبّب في شللها، وكلّ ما استطاعت اليه سبيلا هو الاعلان عن شعار اصلاح على شاكلة الاصلاح المروّج حكوميّا، لا يمسّ أيّا من علائق الملكيّة، ولا يطرح ايّ خطط لفكّ التبعيّة المقيتة للمراكز الرأسمالية المهيمنة !

وما ذلك الّا نتاجا لضعف هذه الأحزاب الرثّة فكريّا وأيدولوجيّا، بدءا من قياداتها العليا وانتهاءا بمنتسبيها، ولتفشّي اللاديموقراطية فيها، فلم تعد مؤهلة أبدا لادارة أي مشروع تحوّل ديموقراطي !

هذا ما يفسّر اصرارها على البقاء في صف المعارضة التقليدية، المتلازمة جدليّا مع الحكومات المتعاقبة، فانطوت بداية تحت راية جماعة الاخوان المسلمين فيما يسمّى بلجنة التنسيق العليا للأحزاب المعارضة، ولم تنتهي مشاكلها عند هذا الحد، بل تفاقمت مع تهميش دورها من قبل الجماعة المتاجرة بالدّين المهيمنة على القرار السياسي لما يسمّى بالمعارضة، فهي الأقوى نفوذا في الشّارع الشعبي.



ما لبثت الأحزاب الرثّة أن تحالفت مع الاخوان حتّى استشعرت بخطرهم، واشمأزّت من أداء دور الدّمية السياسية بيد الاخوان، وسرعان ما اقترفت خطا اكبر بالارتضاء للسقف المعلن عنه حكوميّا، وهو بطبيعة الحال سقف منخفض لا يلبّي ولا يمكن أن يلبّي طموحات المواطن الأردني، فلا السّقف الذي ارتضت به الأحزاب لنفسها يضمن حدوث تغييرات جذريّة، ولا السّقف المعلن حكوميّا يبدو طموحا على الاطلاق !

وليس ثمّة تغيير اجتماعي تطرحه، يعاكس السقوف التي طرحتها الحكومة، والى الان لم تتبلور جبهة وطنيّة قادرة على رسم معالم الطريق الى الاصلاح الجذري، وتقطع دابر المناكفات الجارية بين الحكومة وجماعة الاخوان (وجهان لعملة واحدة) وتقتلع منهم بوادر التغيير..

ولا عجب على ذلك، اذ لم تتوافر الظروف التاريخية الملائمة لتبلور طبقة من البورجوازية الوطنية قادرة على قيادة جبهة وطنية واسعة للتغيير، تنتشل البلاد من عقباتها المستمّرة، لا يزال الطابع الطّفيلي الكومبرادوري يسيطر على البورجوازية في الأردن، فبلغت مستوى شديدا من الانحطاط والتّبعيّة، فلا غرابة أن تصطف كل مكوّنات السلطة في موقع الكومبرادور السياسي، وتنفّذ بأمانة المشاريع الامبريالية والصهيونية باتقان منقطع النّظير !

كلّ تلك الحالة الضّبابية المسيطرة على الساحة الأردنية تفضي الى لا بديل سوى تحالفا شعبيّا، يشمل كل الطبقات الشّعبيّة المتضرّرة من سياسات التبعيّة والخصخصة التي أدارتها الحكومات المتعاقبة، ولعلّ في ذلك بوادر خير وتفاؤل بامكان القارىء ان يتلمّسها اذ تحوّل الحراك في الجنوب تحديدا من حراك نخبوي تطغى عليه النّخب السياسية، الى حراك مطلبي بالأساس تقوده شرائح شعبية مسحوقة هي الاكثر تضرّروا من الفساد الحكومي الممنهج لعقود سابقة، وأي حديث عن هذا الحراك المطلبي لا يذكر التحرّكات الاحتجاجية التي سادت قطاعات عمّالية لأشهر عديدة هو بمثابة ذر للرماد في العيون، بدءا من اضراب عمّال الموانىء في العقبة والذي قمع من الدّرك، وانتهاءا بالحركة الاحتجاجية التي قادها المعلّمون وتمخّضت أخيرا الى انشاء نقابة خاصّة لهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: ابنة كاسترو ترتدي الكوفية الفلسطينية وتتقدم مسيرة لمج


.. Vietnamese Liberation - To Your Left: Palestine | تحرر الفيت




.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ


.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين المطالبين بإسقاط




.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون بإقالة الحكومة في تل أب