الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي في مواجهة مخططات الاستعمار الجديد - الديمقراطية و الدولة المدنية بديلا

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2011 / 10 / 12
ملف حول قيام الدولة الفلسطينية و القضية الكردية وحقوق الأقليات وحقها في تقرير المصير في العالم العربي


1 – أيهما أهم برأيك، بناء دولة مدنية على أساس المواطنة بدون تمييز قومي أو ديني واحترام حقوق جميع القوميات والأديان، أم بناء دول على أساس قومي و أثنية، بغض النظر عن مضمون الحكم فيها؟

أولا؛ يجب أن نعرف أن إستراتيجية الاستعمار الجديد؛ في العالم العربي؛ تقوم على أساس دعم كيانات إثنية و عرقية؛ بهدف كسر الامتداد الحضاري العربي الإسلامي في المنطقة؛ باعتباره القوة الضاربة؛ التي تفشل جميع الخطط الاستعمارية منذ حركات التحرر الوطني/القومي و حتى حدود اليوم .
و في هذا السياق؛ لا بد أن نذكر بالمخطط الذي وضعه الجنرال الأمريكي المتقاعد (رالف بيترز) تحت مسمى (Blood borders) و كذلك مخطط وزير الخارجية الأمريكي الأسبق (هنري كيسنجر) . و كلا المخططين يدعوان إلى تقسيم منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا (الامتداد العربي الإسلامي) على أساس حدود الدم ؛ و ذلك بهدف تحويل الأمة العربية الإسلامية إلى دويلات صغيرة و متطاحنة؛ تعيش في كنف ولي الأمر الأمريكي-الأوربي؛ و الهدف –طبعا- هو فسح المجال أمام إسرائيل كبرى من النهر إلى النهر .
لقد نجحت أوربا و معها الولايات المتحدة؛ في مشروعهما الحضاري و السياسي؛ بعد نجاحهما في القضاء على المقوم العرقي و الإثني كمدخل لتأسيس الدولة؛ و في هذا السياق بالذات ولد مشروع الدولة المدنية؛ التي هي ملك لكل مواطنيها باختلاف أديانهم و إثنياتهم و أعراقهم؛ فرغم اختلافاتهم الكثيرة؛ فإن ما يجمعهم هو الانتماء للوطن الواحد؛ بما يضمنه من حقوق و بما يفرضه من واجبات .
إن العالم العربي؛ اليوم؛ و على إيقاع المد الثوري الذي يعيشه؛ في حاجة ماسة إلى مشروع الدولة المدنية؛ باعتباره المدخل الوحيد لبناء مجتمعات متعددة و منفتحة؛ لا تربط المواطنة بالعرق و الدين؛ بل بالانتماء للوطن.


2- كيف ترى سبل حل القضية الفلسطينية وتحقيق سلام عادل يضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وفقا للمواثيق الدولية ومقررات الأمم المتحدة؟
قبل أن نتحدث عن حل للقضية الفلسطينية؛ لا بد أن نعلم أن الكيان الصهيوني في المنطقة العربية؛ يمثل وسيطا استعماريا موثوقا به للغاية؛ و لذلك فهو يمثل المصالح الإستراتيجية للاستعمار الجديد في مقابل الحصول على الدعم الغربي اللامحدود.
من هذا المنظور –إذن- يجب أن نعلم أن المعركة ضد الصهيونية؛ هي بالأساس معركة العرب –جميعهم- ضد الاستعمار؛ الذي أسس له وعد بلفور في المنطقة العربية سنة 1917 . و لهذا فإن الحديث عن القضية الفلسطينية كقضية وطنية تخص الفلسطينيين؛ هو تزوير للتاريخ و لحقيقة الصراع على الأرض.
إن حل القضية الفلسطينية رهين بالوعي القومي العربي؛ بحقيقة الصراع باعتباره صراعا ضد القوى الاستعمارية؛ و لذلك فنحن في حاجة إلى استعادة فكر و روح قوى التحرر الوطني و القومي؛ التي طردت أعتى القوى الاستعمارية من المنطقة العربية . أما أن يعمل البعض على تزوير القضية و تعويمها في تفاصيل دقيقة؛ فهذا لن يخدم النضال العربي المشترك من اجل التحرر من الهيمنة الاستعمارية.
و لعل ما تعيشه القضية الفلسطينية؛ اليوم؛ من تحركات على المستوى الدولي؛ بهدف تدويل القضية و إخراجها من المفاوضات الثنائية المغلقة المتحكم فيها أمريكيا؛ ليشي بتحول؛ على مستوى الوعي؛ بفشل المسار التفاوضي السابق؛ غير أن هذا التدويل يحتاج إلى دعم عربي و إسلامي واضح على الأرض؛ مع ضرورة القطع مع تلك الأسطوانة المشروخة ؛ التي بدأت تروج أن القضية الفلسطينية قضية وطنية فلسطينية خالصة؛ يجب على الفلسطينيين تحمل تبعاتها؛ أعيد و أكرر مرة أخرى أن القضية تتجاوز هذا التزييف؛ إنها قضية كل العرب في مواجهة المشروع الامبريالي الغربي في المنطقة العربية .


3 - كيف تقيّم الموقف الأمريكي والدول الغربية المناهض لإعلان دولة فلسطينية مستقلة بعد خطوة الزعيم الفلسطيني وتوجهه إلى الأمم المتحدة لتحقيق ذلك؟
إدا كنا على وعي؛ بأن الكيان الصهيوني مشروع استعماري غربي بغطاء يهودي؛ فإننا على كامل الوعي تماما ؛ بأن المستعمر لا يمكن أن يواجه نفسه؛ و لذلك لا يزعمن احد أن الولايات المتحدة و أوربا ستعارضان مشروعهما الاستعماري يوما؛ و ستعترف بالحقوق التاريخية للعرب و الفلسطينيين.
قد نتساءل؛ ما هو البديل ؟
نجيب أن الحقوق تؤخذ و لا تعطى؛ و لنا في تاريخنا القريب دروس و عبر كثيرة؛ فعندما كان الاستعمار يجثم على أنفاسنا و يحول امتدادنا الجغرافي إلى أرض مشاع يصول و يجول فيها بلا رقيب؛ لم تستكن حركات التحرر الوطني إلى القرارات الدولية؛ و لم تكن تنتظر اعترافا من أحد؛ لقد قاومت بجميع أشكال المقاومة؛ بالسلاح و السياسة ... و وصلت في الأخير إلى تحقيق الاستقلال؛ لكن في ساحة المعركة؛ و ليس في القاعات المكيفة .


4- ــ ما هي برأيك الأسباب الرئيسية للموقف السلبي من قبل الدول الكبرى تجاه إقامة دولة كردية مستقلة، تجمع أطرافها الأربع في دول الشرق الأوسط ، وهو مطلب شعبي كردي وحق من حقوقهِ ، ولماذا يتم تشبيه الحالة الكردية على أنها إسرائيل ثانية من قبل بعض الأوساط الفكرية والقومية في العالم العربي ؟

أتمنى أن تتسع صدوركم لموقفي الواضح من مثل هده القضايا؛ لأني لا أتحمل ممارسة النفاق السياسي؛ مع وضوح التناقض في الموقف؛ لكن مع احترامي المسبق لكل الشعوب في ممارسة اختلافها.
انسجاما مع موقفي السابق؛ في الدفاع عن خيار الدولة المدنية؛ كفضاء سياسي يتسع لكل الأعراق و الإثنيات و الأديان ... أريد أن أؤكد أن مستقبل الأكراد يرتبط بمستقبل الدول التي ينتمون إليها؛ و بدل النضال من أجل مشروع عرقي يمزق دول المنطقة و يخدم في الأخير مصالح الاستعمار الجديد؛ من الأجدى أن يكون هدا النضال من أجل الحصول على مواطنة كاملة؛ و سيكون الأمر على المدى البعيد أفضل بكثير من الحصول على دويلة محاصرة من كل الجهات؛ و لا تمتلك مقومات إستراتيجية كافية للاستمرار.
كما يجب على الإخوة الأكراد أن يستفيدوا من الدرس الإسرائيلي في المنطقة؛ و أن يكونوا على وعي تام بخطورة بناء كيان عرقي منغلق؛ لا يستمد شرعيته من مقومات سياسية واضحة؛ لأن هدا لن يخدم الشعب الكردي على المدى المتوسط و البعيد؛ لأن جذوة الحماس تنطفئ سريعا –مثلما انطفأت في جنوب السودان- ليجد الشعب نفسه في مواجهة تحديات لا يمتلك الإمكانات اللازمة لمواجهتها .
و الإخوة الأكراد إدا اختاروا الانتماء لدولة ديمقراطية/مدنية؛ و ناضلوا إلى جانب مواطنيهم لتحقيقها؛ لن يشكلوا أبدا النموذج النشاز في العالم؛ بل على العكس من ذلك سيشكلون القاعدة؛ لأن الدول الديمقراطية/المدنية الحديثة؛ هي في الأساس دول عرقيات متعددة؛ يجمعها الانتماء إلى وطن واحد يحفظ حقوقها كاملة.
إن الإخوة الأكراد يمكنهم أن يستفيدوا أكثر؛ إذا وجهوا نضالهم لبناء دول مدنية في المنطقة؛ قادرة على منحهم حق المواطنة بالمعايير الدولية الحديثة ؛ و سيكون دلك أفضل بكثير من معاندة الواقع و مواجهة أربع دول؛ الشيء الذي سيشتت النضال؛ و بالتالي لن يضمن الإخوة الأكراد لا حق المواطنة في دولة مدنية؛ و لا حق تأسيس كيان عرقي مستقل . و هذا الوضع لن يخدم مستقبل الإخوة الأكراد طبعا.




5- هل يمكن للتغيرات الراهنة في المنطقة - الانتفاضات والمظاهرات الأخيرة – من أن تؤدي إلى خلق آفاق جديدة أرحب للقوميات السائدة کي تستوعب الحقوق القومية للأقليات غير العربية مثل الأكراد، إلي حدّ الانفصال وإنشاء دولهم المستقلة ؟
أظن أن المد الثوري الذي يكتسح العالم العربي؛ اليوم؛ يؤسس لواقع سياسي جديد؛ قوامه اعتماد الإرادة الشعبية كمقوم أساسي في ممارسة السلطة؛ و حينما نذكر الإرادة الشعبية؛ فإننا نقصد تراجع الشرعيات التاريخية و الدينية المزورة؛ التي كانت تؤسس لممارسة السلطة في العالم العربي .
في ظل هذا الوضع السياسي الجديد؛ يمكن الحديث عن بروز البوادر الأولى لمفهوم الدولة المدنية؛ التي تستوعب جميع الأعراق و الأديان و المذاهب؛ و هذا ما يمكنه أن يطفئ جذوة النزعات العرقية و المذهبية؛ لصالح الانتماء للوطن؛ كحام لحقوق الأفراد و الجماعات باختلافاتها و تعددها .
تعلمنا التجارب السياسية في العالم و عبر التاريخ؛ أن الأنظمة الديكتاتورية و الشمولية؛ هي التي تشجع على خلق النزعات العرقية و الدينية و المذهبية؛ و ذلك أن الأفراد المهددين من طرف النظام المتسلط؛ يسعون إلى حماية أنفسهم عبر التكتل في شكل جماعات عرقية و دينية و مذهبية؛ و ذلك بهدف حماية أنفسهم من جبروت النظام السلطوي. بعد ذلك قد يتطور الأمر؛ حينما تتقوى هذه الجماعات؛ إما من خلال الاستفادة من أوضاع داخلية؛ و إما من خلال تلقي الدعم الخارجي؛ بحيث تتحول إلى جماعات انفصالية؛ تناضل/تحارب من أجل بناء وطن مستقل.
لكن الأمر مختلف تماما في الدول الديمقراطية الحديثة؛ لأن الأفراد يتمتعون بجميع حقوقهم المدنية و السياسية و الاقتصادية... و لذلك فإنهم لا يبحثون عن انتماءات ضيقة تحميهم؛ لأن الدولة توفر لهم كامل الحماية؛ و هكذا تنطفئ جذوة الانتماءات الضيقة من تلقاء نفسها؛ و يعوض الانتماء للوطن؛ الانتماءات الضيقة؛ للعرق و الدين و المذهب .
بناء على هدا التحليل؛ يمكن أن نؤكد أن نجاح العالم العربي؛ في بناء دول ديمقراطية/مدنية حديثة؛ سيعلن عن نهاية الصراع العرقي و الديني و المذهبي؛ و سيتحول إلى صراع سياسي/إيديولوجي حول مشاريع ذات طبيعة سياسية؛ تتنافس من اجل كسب الانتخابات و الوصول إلى الحكم؛ لتطبيق مشاريعها السياسية؛ التي تربطها بناخبيها.


6- هل تعتقدون بأنّ المرحلة القادمة ،بعد الربيع العربي، ستصبح مرحلة التفاهم والتطبيع وحلّ النزاعات بين الشعوب السائدة والمضطهدة ،أم سندخل مرحلة جديدة من الخلافات وإشعال فتيل النعرات القومية والتناحر الإثني ؟

استخلصت من خلال التحليل السابق؛ أن إشعال فتيل النعرات العرقية و القومية؛ يتصل اتصالا مباشرا بالأنظمة التسلطية و الشمولية؛ و هذا لا ينطبق –بالطبع- على الدول الديمقراطي/المدنية .
لذلك؛ يمكن أن نؤكد أن الربيع العربي؛ اليوم؛ بقدر ما يؤسس لنموذج سياسي جديد؛ قوامه انتصار الإرادة الشعبية على نموذج الاستبداد الشرقي؛ فهو في الوقت ذاته يؤسس لنموذج اجتماعي جديد؛ سيكون من أهم نتائجه تحقيق الارتباط –المفقود اليوم- بين المواطن و وطنه؛ و هذا ما من شأنه أن يقضي تدريجيا على النزعات العرقية و المذهبية؛ التي تعتبر المدخل الرئيسي لفعالية إيديولوجية الانفصال .
لذلك؛ لدي أمل كبير؛ في كون المرحلة القادمة على إيقاع الربيع العربي؛ ستكون مرحلة تحقيق حلم حضاري كبير؛ تحقق يوما و بنى امة ممتدة الأطراف و قوية؛ لكن أجهضه الاستعمار في شراكة مع الاستبداد؛ لعقود؛ و هو حلم الوحدة العربية مشرقا و مغربا؛ باعتبارها وحدة حضارية؛ تتجاوز الانتماءات العرقية و المذهبية؛ وحدة ستستفيد –طبعا- من النموذج الوحدوي الحديث؛ الذي شكل الولايات المتحدة الأمريكية يوما؛ كما شكل كندا ؛ و في هذه النماذج السياسية الوحدوية الناجحة؛ انتصرت الديمقراطية و الدولة المدنية على الانتماءات العرقية و المذهبية الضيقة .


7 - ما موقفك من إجراء عملية استفتاء بإشراف الأمم المتّحدة حول تقرير المصير للأقليات القومية في العالم العربي مثل الصحراء الغربية وجنوب السودان ويشمل أقليات أخرى في المستقبل، مع العلم أنّ حق تقرير المصير لکلّ شعب حقّ ديمقراطي وإنساني وشرعي و يضمنه بند من بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام 1948؟

الحديث هنا محفوف بالأشواك و المخاطر؛ خصوصا إذا لم نوضح بعض المفاهيم؛ و نخلصها من شحناتها الاستعمارية. و أول مفهوم جاء في سؤالكم هو مفهوم تقرير المصير. و هذا المفهوم حمال أوجه؛ تم استغلاله أبشع استغلال من طرف القوى الامبريالية لبلقنة الدول.
و إذا كان مبدأ تقرير المصير؛ قد حضر في القانون الدولي؛ مرتبطا بنضال الشعوب من أجل الحصول على استقلالها؛ فإن النظام العالمي الجديد؛ الذي تقوده القوة الأمريكية؛ كان يبشر بواقع جديد؛ فقد انفتح المجال أمام صناع القرار الأمريكي؛ خلال هذه المرحلة للعودة إلى مبدأ تقرير المصير؛ مع إعادة شحنه بدلالات سياسية جديدة؛ تخدم المصالح الأمريكية عبر العالم؛ و ذلك بعد إفراغه من دلالته القانونية؛ التي رسخها نضال حركات التحرر عبر العالم؛ في صراعها ضد الدول الاستعمارية.
هكذا بدأت بعض الأقليات التي كانت تشكل وحدة سياسية؛ بدأت تفكر في استثمار المعطيات الدولية الجديدة؛ لبلورة مشاريعها الانفصالية؛ و هذا ما حصل للاتحاد السوفييتي السابق؛ الذي انقسم إلى دول؛ انضم بعضها إلى رابطة الدول المستقلة؛ بينما انفصل بعضها الآخر في شكل مستقل؛ مثل أستونية و ليتوانية و لاتيفية ... و نفس المصير عاشه الاتحاد اليوغسلافي السابق الذي انقسم إلى دول مثل: كرواتيا؛ البوسنة و الهرسك؛ مقدونية؛ سلوفينية ...
وقد تم ذلك باسم مبدأ تقرير المصير؛ الذي أعيدت صياغته أمريكيا؛ لكن حقيقة الأمر؛ كانت توجها أمريكيا واضحا؛ نحو تفكيك المعسكر الشرقي؛ الذي شكل لعقود قوة متكافئة مع القوة الأمريكية؛ بالإضافة إلى تفكيك الاتحاد اليوغسلافي؛ الذي كان يشكل امتدادا للاتحاد السوفييتي .
و قد تم استغلال المؤسسات الدولية خلال هذه المرحلة لإنجاح عملية التفكيك؛ التي كانت تقودها الولايات المتحدة؛ و ذلك من خلال رد الاعتبار لمفهوم تقرير المصير؛ الذي تم استغلاله أبشع استغلال؛ و من ثم فتح باب الجحيم على مصراعيه؛ لتعم الفوضى (الخلاقة) !!! كل ربوع العالم؛ حيث تم فسح المجال أمام الأقليات و القوميات التي كانت تشكل دولا موحدة و مستقرة؛ تم فسح المجال أمامها للتعبير عن نزوعاتها الانفصالية؛ مستغلة الدعم الأمريكي المطلق.
و هكذا عاد تقرير المصير القومي للانبعاث؛ بعدما تم الحسم معه في القانون الدولي؛ لصالح تقرير مصير الدول/الشعوب؛ و هذا الوضع الدولي الجديد لو استمر على هذا الحال؛ سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في العلاقات الدولية؛ لأنه ليس هناك دولة واحدة في العالم تضم قومية واحدة.
لذلك فإن مبدأ تقرير المصير بشكله النيوكولونيالي يمر من مأزق خطير؛ خصوصا إذا حل الشعب بالمعنى القومي محل الشعب بالمعنى القانوني .

8- ماهي المعوقات التي تواجه قيام دولة كردية ، و كيانات قومية خاصة بالأقليات الأخرى كالأمازيغ و أهالي الصحراء الغربية؟
أول حقيقة تصدمنا بها التجربة الديمقراطية الحديثة؛ في العالم العربي؛ هو أن كل دول العالم المتقدم؛ تتجه نحو التكتل؛ على شكل دول مدنية ديمقراطية؛ تتشكل من أعراق و ديانات مختلفة؛ تجمعها حقوق و واجبات المواطنة؛ لكن بخصوص تجاربنا السياسية الفاشلة؛ فإننا نجد غلبة البلقنة.
و السبب الرئيسي –في اعتباري- هو غياب المنهجية الديمقراطية التي تكرس التداول السلمي على السلطة؛ لأن الأنظمة السياسية الشمولية في العالم العربي؛ استبدت بالسلطة؛ لعقود؛ و قتلت كل آمال الجماعات و الأفراد في المشاركة السياسية الفاعلة؛ و لذلك تلجأ هده الجماعات إلى تأسيس سلط موازية كرد فعل .
لكن عبث الأقدار يسقط هده التجارب نفسها في الاستبداد و التسلط؛ لان الديمقراطية لن تتحقق عبر الانفصال؛ و حتى إدا تحقق المشروع الانفصالي؛ فإن قادته سيعيدون إنتاج نفس النموذج السياسي الشمولي الذي انفصلوا عنه؛ فيشجعون بدلك ظهور حركات انفصالية داخل كياناتهم الغير قابلة للانفصال أصلا؛ و هكذا ندور في حلقة مفرغة؛ حتى ننتهي إلى دويلات قبائل متناحرة؛ تخدم السيد الامبريالي؛ طلبا للحماية و المساعدة .
و بما أنني عبرت عن موقفي سابقا –بوضوح- بخصوص القضية الكردية؛ فدعني أوضح موقفي كذلك؛ بخصوص ما ذكرتموه في سؤالكم حول قضية الصحراء الغربية و قضية الأمازيغ.
1- بخصوص قضية الصحراء
بعد أن كان تقرير المصير في إقليم الصحراء؛ الذي كان محتلا من طرف الاستعمار الاسباني؛ يسير في اتجاهه الصحيح؛ عبر المطالبة المغربية بإجلاء الاستعمار عن منطقة صحراوية تابعة للمغرب؛ بمعطيات الجغرافيا و التاريخ و القانون الدولي؛ و بعد أن تمكن المغرب عبر المفاوضات و عبر المقاومة المسلحة من طرد آخر جنود الاستعمار الإسباني؛ بعد كل هذا المسار الطويل وجد المغرب نفسه يواجه وضعا دوليا جديدا؛ يحوله من دولة مستعمرة (بفتح الميم) تطالب بحقها في الاستقلال و تقرير المصير؛ إلى دولة (مستعمرة) – (بكسر الميم) تطالبها الشرعية الدولية المزورة بتقرير مصير (شعب صحراوي) لم يوجد يوما إلا في مخيلة المستعمرين و التوسعيين .
لقد أدى المغرب ثمنا غاليا في معاناته مع الأطروحة الانفصالية في أقاليمه الصحراوية؛ و ذلك من منطلق مبدأ تقرير المصير دائما؛ فجبهة البوليساريو تتخذ هذا المبدأ كشعار لفصل امتداد ترابي مغربي خالص؛ بمعايير التاريخ و الجغرافيا و القانون الدولي؛ عن الوطن الأم. لكن هذا المبدأ يحضر-كما أسلفنا- من منطلقات قانونية خاطئة؛ تطالب بتطبيق الشرعية الدولية؛ لكنها تخرقها في نفس الآن .
إن البوليساريو تطالب بتطبيق مبدأ تقرير المصير؛ من منطلقات غير قانونية؛ لأن الصحراويين لم يمتلكوا عبر التاريخ دولة منفصلة عن المغرب؛ كما لم يشكلوا عبر التاريخ شعبا منفصلا عن الشعب المغربي؛ و على خلاف ذلك تماما فإن مبدأ تقرر المصير؛ ارتبط في القانون الدولي بالدول/الشعوب المستعمرة؛ و القرارات الأمية تؤكد بالواضح و المباشر؛ أنها غير مسؤولة عن أي تأويل لقراراتها؛ للمس بسيادة الدول و سلامتها الإقليمية؛ و استقلالها السياسي :
نعم يمكن أن نقر بان القضية سياسية؛ ذات أبعاد استعمارية؛ نظرا للتاريخ الاستعماري للدولة الاسبانية في منطقة الصحراء؛ و كذلك ذات أبعاد إيديولوجية؛ نظرا للصراع الإيديولوجي الذي عرفته منطقة المغرب العربي؛ خلال مرحلة الحرب الباردة بين المغرب؛ الذي مثل الخيار الليبرالي/الرأسمالي في المنطقة؛ و بين ليبيا و الجزائر اللتان مثلتا الخيار الشيوعي/الاشتراكي .
و نظرا لهذا التداخل بين الأبعاد الاستعمارية و الإيديولوجية؛ فقد تم تحريف مبدأ تقرير المصير؛ لخدمة أجندة خارجية؛ إقليمية و دولية؛ و تم تقديم سكان مغاربة؛ كشعب يطالب بتقرير مصيره؛ في تحد سافر لروح القانون الدولي.
2- بخصوص القضية الأمازيغية
الوضع بخصوص هده القضية مختلف عن سابقه؛ فأمازيغ المغرب مثلا ليست لديهم مشاريع انفصالية؛ على خلاف أمازيغ الجزائر؛ الذين أعلنوا عن تشكيل حكومة صورية في فرنسا؛ بدعم فرانكفوني واضح .
و في حديثنا عن الأمازيغ يجب أن نفصل بين طبقتين اجتماعيتين:
- الطبقة الأولى يمثلها أغلب السكان الأمازيغ الذين اندمجوا مع باقي الأجناس الأخرى (عربية؛ إفريقية؛ أوربية) في إطار مجتمع منفتح و متواصل؛ لا يعتمد معيار العرق في التصنيف. و هؤلاء مواطنون كاملو المواطنة؛ و لا يشكلون نشازا في المجتمع .
- الطبقة الثانية: تمثلها حركات متطرفة؛ تستثمر الانتماء العرقي؛ كأساس في الصراع السياسي؛ و هذه الحركات أصبحت اليوم لا تمثل قراراتها الخاصة؛ بقدر ما أصبحت تخدم أجندة لا وطنية معادية؛ سواء في علاقتها بالفرانكفونية الفرنسية؛ أو في علاقاتها بالكيان الصهيوني؛ و نتيجة انفضاح مشاريعها اللاوطنية؛ فهي تفقد بالتتابع مشروعيتها بين السكان الأمازيغ قبل غيرهم .
من هذا المنطلق؛ يكون الحديث عن قيام كيانات مستقلة؛ خاصة بالبوليساريو أو بالأمازيغ؛ حديثا لا يعبر عن حقيقة الواقع؛ بقدر ما يسعى إلى خلق كيانات وهمية غير موجودة أصلا . و يجب أن نكون حذرين بشكل كبير؛ لأننا يمكننا أن نخدم -عن حسن نية طبعا- أجندة استعمارية؛ تسعى جاهدة إلى خلق برك آسنة؛ لتصيد في الماء العكر .

كلمة أخيرة :
في الأخير؛ لا يسعني إلا أن أشكركم على هده الفرصة الثمينة التي أتحتموها لكتاب الحوار المتمدن؛ و أتمنى أن أكون ضيفا خفيف الظل في مقامكم .
كما أود أن أؤكد أننا تعلمنا حرية التعبير و الرأي في الحوار المتمدن؛ و نحن نمارس هده الحرية؛ اليوم؛ بطلاقة؛ لا نحابي فيها أحدا؛ سوى الانتصار لما نراه حقيقة.
و بما أن الحقيقة تبقى دائما نسبية؛ فيكفي أننا عبرنا عن رأينا؛ و باب النقاش و التعقيب مفتوح أمام الجميع ؛ و نحن على كامل الاستعداد للتفاعل مع القراء الكرام؛ خدمة لحرية التعبير و الرأي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القومجية و الدولة الحديثة .
أمناي أمازيغ ( 2011 / 10 / 12 - 12:15 )
كنت أعرف مسبقا ماذا يكون موقفك ، فلن يخرج عن نطاق عروبي قومجي ينافح ضدا على حقوق الشعوب في تقرير مصيرها من جهة و الإعتراف بحقوقها اللغوية والثقافية المعترف بها عالميا من جهة أخرى .
قومجيتكم الدموية هي التي كانت سببا مباشرا لأن تطفو الأصوات التي تنادي بتقرير المصير وهذا من حقهم . لأنها عانت الإضطهاد و التهميش والعنصرية في بلدانها .
إذا كانت أمريكا والغرب تكيل بمكيالين حيال القضية الفلسطينية ،فإنكم ومعكم التتار الجدد من القومجيين يكيلون بألف مكيال تجاه قضايا الشعوب ، كالقضية الأمازيغية والكردية .
إن ألإستمرار في التعامل مع قضايانا من هذا المنظور العنصري الضيق اللإنساني هو من سيكون سببا في تأزم الأمور و ظهور فكر قومي قد يتخد منحى عنصريا كرد فعل على السياسة العروبية القومجية ، وهذا ما نخاف أن يحدث ونتجنبه .


2 - القومجية و الدولة الحديثة .
أمناي أمازيغ ( 2011 / 10 / 12 - 12:22 )
إذ كانت هذه- الدولة المدنية الحديثة- التي تتبجح بها ، لا تعترف بالتعدد اللغوي والثقافي لجميع مواطنيها من مختلف قومياتهم ، ما جدوى المناداة بها إذن ؟ إذا كانت هذه الدول ستحمل هوية أحادية اقصائية ، كيف نسميها مدنية وحديثة ؟
الدولة الحديثة لا تقدم نفسها على أساس قومي وديني لأنها دولة لكل مواطنيها بمختلف لغاتهم وثقافاتهم ، ونأخد نمودج سويسرا أو كندا أو بلجيكا في التدبير المعقلن للتعدد ،لغويا وثقافيا . لكن هل ترتقي تصوراتكم للتأسيس لمثل هكذا دولة تعددية ديموقراطية؟ بالطبع لا ، لأن إديولجيتكم لا تسايرها و لا تعرف معنى التعدد ، و لا يروق هذه العقلية القومجية سوى تعدد عرقي في الإطار العربي الإسلامي مع الإعلان إلى الإنتماء إلى وطنهم الوهمي الممتد من المحيط إلى الخليج .
تنميرت


3 - الشكر والتقدير للمداخلة
علي روندي - طهران ( 2011 / 10 / 12 - 13:01 )
انا اثني جدا على المداخلة الاولى اعلاه... شكرا أمناي أمازيغ، وكم عظيم انت ايها الشعب الامازيغي


4 - لقد صدئت اسلحة القومجية العربية
حميد اجرو ( 2011 / 10 / 12 - 16:38 )
انا واثق انك لا تعي ما تقول،فغشاوة القومجية العروبية أنستْك التاريخ والجغرافية بل وحتى مضامين المصطلحات.
كيف لحركة القومية العربية التي كانت صنيعة المستعمر ومرتبطة به تاريخيا ومصلحيا ان تكون قوة ضاربة تفشل مخططاته،هراء؟
هل كان هذا كيان وهمي : http://www.lakome.com/رأي/49-كتاب-الرأي/8984-2011-10-10.html


5 - سرقة هوية .
الطيب آيت حمودة ( 2011 / 10 / 12 - 18:42 )
نظرتك يا أخ جنداري للأمازيغ نظرة استعلائية تخاطبهم كأنك لست منهم ، وهل تعلم أن ( الشعور بالظلم ) وليس (الظلم )هو الذي يفجر الثورات ؟ فكثير من الأمم عاشت مهضومة ساكتة قانعة ، و أخرى تشعر بالقلق الهوياتي يدغدغ فكرها فتثور وتتمرد على واقع الحال ليس لأنها جائعة ،لكنها في حاجة إلى دفء معنوي يملأ جوانحها ، فلماذا تنعم به وحدك يا جنداري وتحرم غيرك منه .؟
*الإشكال ليس في العرب والأمازيغ ، وإنما في سوء تدبير الشأن الهوياتي المغاربي في عمومه ، من حقك أن تصف الأمازيغ بأنهم يخدمون أجندة خارجية (يعني عملاء وخونة ) ، وتصف أمازيغ الجزائر بأنهم انفصاليين وتنسى حراك عموم الريف ؟ .
لا أدري ما سيكون موقفك عندما ينقلب الوضع الهوياتي ليغدو طبيعيا ( من عربنة إلى أمزعة البلاد والعباد ) ، فهل تسكت أم تفعل ما فعله الماك وأزيد ؟


6 - سرقة هوية .2
الطيب آيت حمودة ( 2011 / 10 / 12 - 18:44 )
الحل يا حبيبي ليس في ترسيخ العروبة ،بل هو ايجاد بديل مقنع يوحدنا جميعا ، وليس بقاؤنا قسرا تحت بعبع ( المغرب العربي ) ، فلا أدري ما سيكون موقفكم من التضييق على اللغة العربية وإنقاص مصروفها وجعل الأمازيغية ضرة لها ؟ وإعادة أسماء الطبوناميا إلى حالها ، والسماح قانونا لتداول الأسماء غير العربية ؟ وأحسن الحلول تكرار (مباديء ثورة الزنج ) التي طبقت نفس الأساليب التي طبقها الأسياد على الأنكاد ولكن بالمقلوب وتطبيقا للشريعة ؟ .
* انكماش مخالب القومية العربية في الساحة (الإعلامية والدينية والثقافية والفكرية ) هو الضمان الأساس لإحداث الوفاق والتوافق بين الناس . وإلا فقانون (العين بالعين والسن بالسن والباديء أظلم ) هو الفيصل .
[ فلو لم تكن العروبية لما كانت الأمازيغية ، ولكنا جميعا مسلمين مؤمنين وكفى ] .


7 - تعقيب
إدريس جنداري ( 2011 / 10 / 12 - 20:38 )
السيد الطيب أيت حمودة المحترم
أناقشك لأنك تلتزم الحد الأدنى من الموضوعية و المنهجية في نقاشك؛ و هدا يحسب لك. لكنني أترفع أن أناقش متطرفا لا يلتزم أبسط حدود أخلاقيات النقاش؛ فما بالك بالموضوعية و المنهجية
اسمح لي الأخ الطيب أن أوضح لك أمرا في غاية الأهمية . أنا لست عروبيا بالمعنى الأيديولوجي للكلمة؛ و لكني أعتز بالعروبة كانتماء حضاري؛ يؤكد لي التاريخ أنه أخرج منطقة شمال إفريقيا من العبودية الرومانية؛ إلى التفوق الحضاري؛ الدي مكن المغاربيين من تشكيل أكبر امبراطورية في منطقة البحر الأبيض المتوسط؛ حققت توازنا سياسيا لقرون. و هده حقيقة تاريخية لا ينكرها إلا جاحد. من هدا المنظور فأنا لا أدافع عن الدولة الأمة كما حضرت في الفكر القومي المؤدلج؛ و لكني بالمقابل أدافع عن الأمة المشكلة من دول ديمقراطية مدنية؛ تحترم فيها التعددية و الاختلاف؛ عرقيا و مذهبيا و دينيا و هدا ليس نشازا في العالم؛ سواء في نمودج الاتحاد الأوربي؛ الدي يقوم على أساس امتداد حضاري موحد ؛ و كدلك بخصوص النمودج الأمريكي و الكندي. لدلك فأنا أمارس نقدا مزدوجا؛ نقد التوجهات العرقية المتطرفة و نقد التطرف القومي العروبي


8 - تعقيب
إدريس جنداري ( 2011 / 10 / 12 - 21:00 )
تتمة) .. إن ممارسة النقد المزدوج مهمة محفوفة بالمخاطر؛ و لدلك يظل صاحبها عرضة للتهجم من كلا الطرفين؛ حيث يتقوقع كل طرف في جحره الأيديولوجي و يظن أن كل ما يراه حقائق مطلقة و ليست فقط ظلالا . و نتيجة لتحملي هده المخاطرة الفكرية فانا عرضة للتهجم سواء من طرف التطرف القومي العروبي؛ أو من طرف التطرف العرقي الامازيغي؛ لكني أتحمل كامل المسؤولية في نقد و تفكيك كل أشكال التطرف؛ كيفما كانت طبيعته؛ و يمكن أن تعود السيد الطيب لقراءة مقالي: في نقد المقاربة القومية/البعثية؛ المنشور على نظاق واسع ؛ و فيه حاولت تفكيك و نقد الإيديولوجية القومية التي اتخدت طابعا تسلطيا عسكريا . و لدلك كنت من أوائل منتقدي نظام البعث في العراق و سوريا؛ و كدلك كنت من أوائل المنددين بجرائم القدافي و ما اقترفه عمر البشير في دارفور من جرائم...و كنت من أوائل الدين فضحوا الدعم الاشتراكي/القومي لعصابة البوليساريو
إني أميز دائما بين العروبة كانتماء حضاري اعتز به و أدافع عنه؛ و بين الإيديولوجية القومية المتطرفة؛ التي تعتبر اكبر خطر يهدد العروبة نفسها
.


9 - تعقيب
أمناي أمازيغ ( 2011 / 10 / 12 - 21:11 )
ليسمح لي السيد جنداري للتعقيب على تعليقه .
أنت تقول مع يلي :((لكنني أترفع أن أناقش متطرفا لا يلتزم أبسط حدود أخلاقيات النقاش))
لماذا تترفع عن مناقشتي أستاذ ؟أنا لم اتعرض لشخصك بالسباب والشتائم ، فكيف تقول عني أني لا التزم بأخلاقيات النقاش ؟ أنا تعرضت لموقفك بالنقد ليس إلا ، انتقدت إديوليجيتك ولا يهمني من تكون .
حتى أن كبار الكتاب في هذا الموقع المتمدن يردون على كل التعاليق بغض النظر عن محتواها ، فكيف لا تفعل أنت ؟!
أنت تقول :(( و لكني أعتز بالعروبة كانتماء حضاري))
هذا من حقك أستاذ، لكن كيف تسمح لنفسك بمصادرة هذا الحق لمن يختلف عنك إنتماءا وثقافة ولغة ؟
عندما تورد في مقالتك تسمية ((المغرب العربي)) فإنك ضمنيا تصادر هذا الحق من الأمازيغ , مقالتك السابقة تحمل عنوانا ((هو الربيع العربي و ليس ثورات شمال إفريقيا ))ينم عن فكر عنصري أحادي لا يعرف معنى التعدد ولا يحترمه .
أرجو أن تتقبل هذا النقد

مودتي




10 - محاولة استرفاق بائسة ويائسة
حميد اجرو ( 2011 / 10 / 13 - 14:26 )
في الترفع استكبار واستعلاء يختبئ صاحبه وراءه لكي لا ينكشف ضعف جهازه المفاهيمي وخطه التحليلي المهترئ من جراء الاجترار.
السؤال الذي طرحه السيد حمودة وكرره امازيغ غير ما مرة مازال معلقا ولم تجب عنه:لكَ الحق ان تؤمن بما تريد لكن ِلمَ تنكر هذا الحق عن غيرك؟ نريدك ان تبدع في التحليل جوابا على هذا السؤال لا ان تُمطرنا باكليتشهات عرقية عروبية استنفذت صلاحياتها ونحن الآن في شمال افريقيا بصدد وأد آخر تجلياتها،لقد فشلت الاديولوجية العروبية في كل مستوياتها،العسكرية الاستبدادية،الفكرية العرقية والدينية


11 - احجية النقد المزدوج
بويا امزري ( 2011 / 10 / 13 - 16:19 )
ما هي مكونات الحضارة العروبية؟ أَيمكن الاعتــزاز بالانتماء (الحضاري) الى العروبة دون الغرق في مستنقع الاديولوجية القومجية العروبية؟
مع الشكر مسبقا


12 - تعقيب
إدريس جنداري ( 2011 / 10 / 13 - 19:05 )
السيد بويا أمزري المحترم
لقد أثرت قضية في غاية الأهمية؛ و لدلك لا بد من التوضيح؛ العروبة حضارة تشكلت عبر التاريخ؛ نتيجة تفاعل شعوب مختلفة؛ من أمازيغ و أكراد و عرب... و كان المدخل في البداية؛ هو الانتماء إلى الإسلام؛ لكن بما أن التجربة الإسلامية تشكلت تاريخيا في كنف الحضارة العربية؛ فإن هده الشعوب اختارت عن طيب خاطر الانتماء لهده التجربة الحضارية؛ سواء في جانبها الديني أو في جانبها الثقافي و اللغوي .
و قد كان الأمازيغ في شمال إفريقيا من أوائل الشعوب التي اختارت الانتماء للحضارة العربية الإسلامية؛ بل إن منهم من كان ركيزة أساسية في الإبداع الفكري و الأدبي و العلمي؛ و بلغة عربية فصيحة و متخيل عربي أصيل . و طوال قرون لم يشعر الأمازيغ في شمال إفريقيا باي تناقض في انتمائهم الحضاري العربي الإسلامي؛ بل كان من بينهم من رسخ دعائم إمبراطورية ممتدة الأطراف بطابع عربي إسلامي؛ و خصوصا في العهد المرابطي؛ و قد تم دلك عبر اقتناع تام بان الانتماء للحضارة العربية؛ لا يشكل أي تهديد للأصل الأمازيغي بل يثريه خصوصا و أن العروبة لم تكن يوما انتماء مغلقا؛ بل انتماء منفتح على كل التجارب الإنسانية


13 - تعقيب
إدريس جنداري ( 2011 / 10 / 13 - 19:20 )
تتمة) حتى حدود المرحلة ما قبل الاستعمارية كان العالم العربي يشكل وحدة بمشرقه و مغربه؛ و لم تكن تثار النزعات القبلية؛ لكن الفيروس الدي جلبه المستعمر و دسه في الجسم العربي؛ كان فيروس النزعات العرقية و القومية . و بدلك بهدف إحداث التفرقة و البلقنة ليستتب له الأمر في الأخير؛ باعتماد خطة فرق تسد
و حينما نتحدث عن النزعات العرقية و القومية؛ فإننا لا نميز بين الإيديولوجية القومية العروبية؛ و بين النزعات العرقية الأمازيغية و الكردية؛ و كلاهما سقطا في مأزق واحد . فالعروبة اختطفت من طرف النخبة المسيحية في سوريا و لبنان و العراق ؛ و تم تحويلها من امتداد حضاري إلى إيديولوجية منغلقة و الهدف كان هو الفصل بين العروبة و الإسلام؛ لتنفتح أمامهم الأبواب لقيادة العالم العربي؛ تحت الراية الإنجليزية /الفرنسية . أما الامازيغ و الأكراد؛ فقد حضروا كعامل أساسي في الاستراتيجيات الاستعمارية؛ حيث توجهت الدراسات السوسيولوجية و الأنطروبولوجية؛ لدراسة بنيتهم الاجتماعية و الثقافية و اللغوية؛ قصد تهييئهم لتجسيد المشروع الاستعماري؛ القاضي بتقسيم العالم العربي لصالح القوى الاستعمارية.
من هنا ضرورة النقد المزدوج


14 - سلفية قومية
أمناي أمازيغ ( 2011 / 10 / 13 - 20:56 )


أزول

ما كنت لأكتب هذا التعليق لولم تمارس التمييز ((العنصري ))حتى في ردودك على
تعليقات القراء

يكشف تهربك هذا عن أشياء كثيرة ربما لم تنتبه لها

إن الترفع عن الرد والنقاش يعني بدون أدنى شك أنك تعجز مناقشة من يخالفك الأفكار . أو توخي التعصب والسلفية الفكرية التدميرية التي لا تقبل الرأي والرأي الآخر، فهي على شاكلة السلفية الوهابية السوداء .

لاحظت أنك ترد على من يقترب من إديولجيتك ويهادنها ، لكي لا تكلف نفسك في نهاية الأمر عناء المناقشة و الحوار العقلاني الرصين .


إن مسألة الهروب من النقاش ،كنا نألفه من العقول الدينية المنغلقة ,لكن هذا غير صحيح ،ظهر أن هناك تعددية في هذا الأمر ، فالكاتب رغم إدعائه الحداثة و التمدن لكنه يترفع عن مقارعة (فكريا)من لا يشاركه الأفكار . وهذا اسميه سلفية قومجية ، كمقدمة لدموية تثبيث هذه الايديولجيا على الأرض .







15 - القراءة الصائبة للتاريخ
بويا امزري ( 2011 / 10 / 14 - 16:09 )
الحضارة العربية،بتعريفك واعترافك طبعا،هي مزيج من التقاليد والاعراف الجزيرـ عربية التي توطدت عبر اللغة في بوتقة اديولوجية سماها الاعراب دينا سماويا،وهذه (الحضارة)اختارها الامازيغ عن طيب خاطرـ كذا اذن!!.لكن التاريخ يثبت ان بين العرب والامازيغ حروبا طاحنة ولسنوات طويلة جرت خلالها دماء كثيرة.لن تكون الا جاحدا ومزورا للتاريخ ان انكرت الحملات العسكرية العربية العنيفة التي شنت على الامازيغ من اجل ابادتهم وسلب اراضيهم وممتلكاتهم وسبي نسائهم،ولن تكون الا جاحدا وناكرا للواقع ان لم تعترف ان التقاليد واللغة الامازيغتين مازالتا متداولتين في شمال افريقيا رغم كل المحاولات الرسمية لابادتها(السياسات التعريبية القسرية للانسان والحجر والشجر).
وبعد الغلبة العسكرية للعرب واستعمارهم الاستيطاني لشمال افريقيا كان من المنطقي(وهذا يحدث مع كل المستَعمرين) ان يلجأ بعض الامازيغ،إن هم ارادوا اتقاء شر العرب ،الى محاباة الهوية العربية.وهذا لم يمنع ابدا وجود حركات تحررية امازيغية تمظهرت باشكال شتى،وما برغواطة الا احداها.


16 - القراءة الصائبة للتاريخ
بويا امزري ( 2011 / 10 / 14 - 16:12 )
اذا كان هذا المستعمر الغربي،كما تقول، نجح في اذكاء نار التفرقة العرقية فهذا معناه ان هناك من يحس ان حقوقه هُضمت من طرف الآخر والا ما كان له وطأ قدم.علي اي فأنا لست مقتنعا بهذا التحليل المؤامراتي خاصة عندما نعلم ان اكبر المقاومين للاستعمار كانوا من الامازيغ وأن اكبر المتحالفين معه كانوا من العروبيين،بل كانوا من مستقدمِيه لحمايتهم ويحملون جنسيته الى الآن وهو الضامن لاستمرار مصالحهم عبر نهب ثروات شمال افريقيا...القراءة الصائبة للتاريخ


17 - أنا متطرف فترفَّع عن نقاشي !
إدريس أزيرار ( 2011 / 10 / 14 - 16:43 )
وقد تركنا لك الاخلاقيات وما ادراك ما الاخلاقيات التي تامر صاحبها بتزوير التاريخ والتعدي على حقوق الاخرين واقصائهم..
كما قال بعض الاخوة في التعليق يحق لك ان تعتز بالعروبة كانتماء حضاري او اي انتماء تسميه تماما مثلما يحق لنا ان نعتز لانتمائنا الامازيغي الغير عربي حتى ولو كان (( اسفل سافلين)) .فاذا كان لديك نص ديني في اي شريعة من الشرائع او نص قانوني دولي يحرم علينا ان نعتز بهويتنا وباصولنا ((مهما كانت)) ونتشبت بها فارجو ان تطلعنا على ذلك النص ونكون لك من الشاكرين..
نعم انا جاحد حينما انكر حقيقتك التاريخية المزعومة التي تدعي فيها ان التواجد العربي في شمال افريقيا قد اخرجها من العبودية الى التفوق الحضاري( الذي مازلنا ننعم به الى يومنا هذا !!).عندما اسمع تلك الكلمة الضخمة (التفوق الحضاري) يتبادر الى ذهني وكأن الاهرام وما تثيره من الاعجاب بسبب براعة تشييدها قد هندسها الرواد العرب الفاتحون او ان الابجدية الام لجميع الابجديات قد تم العثور على نقوشها في احد المواقع الاثرية في جزيرة العرب او ان ام القوانين والتشريعات قد ووجدت بالحجاز.لا بل جميع التقنيات الزراعية


18 - يتبع
إدريس أزيرار ( 2011 / 10 / 14 - 17:09 )
لا بل جميع التقنيات الزراعية القديمة قد تم تجريبها في صحراء الربع الخالي قبل ان تنتقل الى باقي الاراضي الاخرى...
ما زلت تصر وفي كل مرة على مغالطاتك ( إن هده الشعوب اختارت عن طيب خاطر الانتماء لهده التجربة الحضارية؛سواء في جانبها الديني أو في جانبها الثقافي و اللغوي .) و ( إن منهم من كان ركيزة أساسية في الإبداع الفكري و الأدبي و العلمي؛ و بلغة عربية فصيحة و متخيل عربي أصيل )!! الم تقرأ يا سيد جنداري عن شيء اسمه ((ا لاستيلاب)) ؟؟ ماذا تنتظر من اشخاص او شعوب عندما تحاول جاهدا وبشتى الطرق التاثير فيهم ب( التفوق الحضاري)وجعلهم يكرهون اصولهم .تذكرهم ليل نهار بأن( النبي عربي.العربية لغة القرآن ولغة اهل الجنة..). اما عن الابداع الفكري والادبي فاي استعمار لا يعدم ان يجد له مفكرين وادباء ومثقفين-سواء عملاء او عن طيب خاطر واعجاب بحضارة المستعمر - يبدعون بلغته يحاول بواسطتهم تكريس وترسيخ هيمنته. هل نسيت يا سيد جنداري مقالاتك عن المثقفين الفرنكفونيين المغاربة ؟ ما ذا سنقول عن تلك الظاهرة في المدن المغربية الكبرى خصوصا الا وهي تزايد عدد المغاربة الذي غيروا لسان ابنا


19 - يتبع
إدريس أزيرار ( 2011 / 10 / 14 - 17:16 )
الذين غيروا لسان ابنائهم من اللسان الدارج الى اللسان الفرنسي الفصيح ؟ ماذا سنسمي تلك الظاهرة اذن ..هل هو اختيار عن طيب خاطر؟ وهل سنسمع في يوم من الايام ان الشعب المغربي او بعضه قد اختار الانتماء للحضارة الفرنسية الاوروبية ؟؟!!
نعم انا متطرف يا سيد جنداري وافتخر بتطرفي ويحق لك ان لا تناقشني ولكن فقط دع هذه التعليقات ترى النور ولا تقم بوأدها !
تحياتي للجميع


20 - عرقي ام قومي
موسى احريف ( 2011 / 10 / 14 - 19:35 )
عندما يتعلق الامر بالقومجية العروبية تستعمل تعبير-التيار القومي العروبي- اما عندما يتعلق الامر بالامازيغية فتستلذ تعبير-التيار العرقي الامازيغي- وكأن الامازيغ لا تاريخ ولا ثقافة ولا لغة لهم...انهم عرق وفقط ويتصرفون على هذا الاساس،وبهذا يكون جنداري قد وضع نفسه منذ الانطلاقة في موضع مريح ليتسنى له الهجوم على هواه وعلى اساس تزويري على الامازيغ والامازيغية.مازال جنداري حبيس خطاب عتاة التزوير الذين يسمون انفسهم زورا وبهتانا ب-الحركة الوطنية-.لا اصدق ان جنداري لم يتطلع على ادبيات الحركة الامازيغية في هذا المجال بل يتعمد الامر ليتلافى ورطة الاعتراف بحقوق الامازيغ، فالجمود العقائدي والتعصب للعرق العربي،رغم استبداله العرق العربي بالحضارة العربية فالامر سيان في اخر المطاف لو يتعظ،جعلاه غير قادر على استيعاب محيطه على اسس علمية


21 - تعقيب
إدريس جنداري ( 2011 / 10 / 14 - 20:37 )
السيد المحترم إدريس أزيرار
اسمح لي أن أؤكد لك أني احترم شخصك الكريم؛ و لا أقصد سوى أفكارك التي تطرحها؛ و كم كنت أتمنى أن نخلق بيننا نقاشا منهجيا و فكريا خالصا؛ لان كل فكرة في الأخير تحمل نقيضها من منظور جدلي؛ و لا يمكن أن نعتبر فكرا صحيحا و آخر خاطئا. أنا فقط أعبر عن وجهة نظري و عن رؤيتي الفكرية؛ و هي تلزمني دون غيري؛ و يمكن لأي قائ أن يبدي رأيه و أن يعبر عن الراي المخالف؛ و هدا لا يفسد للود قضية .
إن قوة الفكر الغربي؛ تتجلى فيما يمارسه من اختلاف؛ و لدلك تتأسس النظرية و تنقض من بعد؛ و تظهر الأيديولوجية؛ و تنقضها إيديولوجية معارضة؛ و الجدل دائما هو الدي يؤسس للتطور
لمادا يعتبر الإخوة في الحركة ألأمازيغية؛ أن من يختلف معهم يشكل خطرا عليهم بالضرورة ؛ إننا أبناء وطن واحد؛ و كل واحد منا يجتهد من وجهة نظره خدمة لنماء و تقدم هدا الوطن؛ و ليس هناك مجتمع في العالم يسير بإيديولوجية واحدة؛ إلا في المجتمعات الشمولية التي تمنع الاختلاف بنصوص قانونية؛ و أظن أن المجتمع المغربي ناضل لعقود من أجلا انتزاع حقه في الاختلاف .
تقبل تحياتي الأخ إدريس و مارس اختلافك لكن بشكل منهجي .

اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة