الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالونات في زمن الانكفاء

حافظ آل بشارة

2011 / 10 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


بين الفينة والأخرى ينطلق من كردستان بالون الدولة الكردية المستقلة ، متحدث واحد يصرح ويختفي ، ثم يتولى نفي تصريحه مئة متحدث ، اطلاق البالون نصف الرسالة والنفي نصفها الآخر ، الرسالة موجهة الى المنطقة الخضراء فهي تتسلم النصف الاول منها صباحا وتنتظر النصف الثاني ليأتي ليلا ، تعيد قراءة النصفين لتوجه جوابها الرمزي الذي لا يفهمه الا الطرفان ، لغة تفاهم تشبه لغة النمل المكونة من روائح وهورمونات بلا حروف . لعن الله جميع انظمة الحكم العراقية السابقة التي قاتلت الكرد جيلا بعد جيل ، باسلحة الابادة ومارست معهم التهجير والتعريب والتنكيل ، ووضعت في ايدي ساستهم ذريعة الانفصال ، اعظم ما في الشعب الكردي قدرته الاسطورية على التسامي فوق المأساة ومعرفة العدو بدقة ، وادراك المصلحة الكلية والتمييز بين ما تفعله الحكومات وما يريده الشعب العراقي كردا وعربا ، الكرد والعرب في العراق يشتركون في ذكاءهم الخارق وهم يقرأون مشاريع النخبة السياسية التي لا يشترط فيها التعبير دائما عن مطالب الشعب ، خارطة كردستان الكبرى المستقلة رسمها الساسة ، الشعب العراقي بكل مكوناته مشكلته واحدة وحلها واحد ، لا توجد مشكلة كردية وأخرى عربية أو قضية شيعية تقابلها قضية سنية ، السواد الاعظم من جمهور هذا البلد يسلك واديا غير الوادي الذي تسلكه النخبة السياسية ، يقول الخبير الاستراتيجي الدكتور قصي محبوبة : ( الشعب العراقي تعامل بالتزام مع الحاكمين بعد التغيير فمنحهم التأييد ثم الشرعية ثم سلمهم السلطة ثم وفر لهم الحماية ، لكنهم قابلوه بالفساد والكذب واستغلال مشاعره وعقائده لمصالحهم ، فأصيب الجمهور بصدمة ثم سببت الصدمة احباطا ثم اثمر الاحباط يأسا ، والآن ينتقل الجمهور الى مرحلة الغضب) . ثم اضاف محبوبة : ( سبعة ملايين زائر يسيرون 200 كم لزيارة الامام الحسين (ع) لكنهم يرفضون ان يسيروا 200 متر الى مراكز الاقتراع ليمنحوا اصواتهم فكانت مشاركتهم في الانتخابات الأخيرة ليست اكثر من 39%) هذا التحول قائم في العراق كله بما في ذلك كردستان لكنه اكثر نضجا في كردستان حيث ظهرت حركة التغيير التي تنادي بالتحديث وتدفع بجيل سياسي جديد يريد ان يحول الرموز الحاليين الى محاربين قدامى ، بينما لا تزال بغداد بانتظار تحول كهذا ، كثير من المشاريع والبالونات هي شأن نخبوي ، وتعكس معاناة الاحزاب وصراعاتها ، هناك من ينصح الاشقاء الكرد بأن يحافظوا على فدراليتهم ففي ظلها حققوا احلاما كبيرة لن تحققها دولة مستقلة ، هم الآن سادة انفسهم ، الانفصال يصنع لهم اعداء اقليميين يتكالبون عليهم بشراسة فيصبحون بحاجة الى الحماية الاجنبية التي يدفعون ثمنها اغلى من الغنيمة المفترضة ، في وقت اصبحت الدولة القومية او العرقية من تراث الماضي والدولة الحديثة هي دولة العدل وحقوق الانسان ومن لم يحقق الحداثة في شراكته مع بغداد فلن يحققها وهو تحت حماية اجنبية تتخطفه العواصم من كل صوب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد