الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدور المطلوب للقوى الديمقراطية اليسارية العراقية في الإنتخابات القادمة

كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)

2004 / 12 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


مددت المفوضية العليا للإنتخابات مهلة تقديم اللوائح الإنتخابية لغاية 15 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وهي اَخر فرصة للمترددين كي يحسموا مشاركتهم في الإنتخابات، وكذلك لآخر التحالفات والإئتلافات، بعد ان أعلن عن تحالف كردي، واَخر شيعي.. فما هو المطلوب من
القوى الديمقراطية اليسارية اليوم ؟

إن الانتخابات العامة القادمة في العراق تكتسب أهمية استثنائية لكونها أول انتخابات ستجرى بعد سقوط النظام البعثي الفاشي الذي جثم على صدر العراقيين طيلة أربعة عقود، وسبب، من الكوارث والمصائب والمحن ما لم يشهد له تأريخ العراق الحديث مثيلاً،. وبالنسبة للحزب الشيوعي العراقي وبقية القوى الديمقراطية اليسارية الفاعلة، التي ناضلت طويلاً وقدمت التضحيات الجسام في سبيل الخلاص من النظام الدكتاتوري، ومن أجل حرية الوطن وسعادة الشعب ، فان الواجب الوطني يدعوها،أكثر من غيرها، لخوض معركة الانتخابات بثقة، والعمل الجاد لتجاوز الصعوبات والمعوقات، وصولاً لتحقيق النتائج المرجوة
.
إن قيادات القوى الديمقراطية اليسارية العراقية،التي يهمها المستقبل السياسي للعراق، وتسعى جدياً لإنتشال الشعب من الواقع المزري الراهن، مدعوة، قبل جماهيرها، أن تدرك جيداً بأن نجاحها في الانتخابات، وتحقيق المهمات المنتظرة من الجمعية الوطنية الإنتقالية القادمة، وفي مقدمتها تشكيل الحكومة الانتقالية الشرعية، وصياغة الدستور الدائم، واستفتاء الشعب العراقي عليه لإقراره، تمهيداً لقيام حكومة وطنية منتخبة من الشعب بموجب الدستور الجديد، وإصدار التشريعات القانونية المطلوبة للنهوض بالمرحلة الجديدة، ولحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الساخنة عاجلاً،الخ.. من شأنها ان تقرر مصير العملية الديمقراطية ومستقبل العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
هذه المهام الوطنية الآنية والملحة تتطلب، بالضرورة، دوراً فاعلاً لكافة القوى الديمقراطية الحقيقية، يرتقي الى مستوى المهمات المطروحة، ويتصدى للتحديات القائمة، وبضمنها المساعي الرامية لعزل القوى الديمقراطية اليسارية وطليعتها الحزب الشيوعي العراقي، ولتحجيم دورها السياسي والاجتماعي، التي تجلت، حتى الآن،وعلى نحو مكشوف، في عدد من الأنشطة والتوجهات،التي إعتبرت الشيوعيين وبقية اليساريين العراقيين خصماً لدوداً لها
..
ويأتي هذا الموقف متزامناً مع تصاعد المخاطر المهددة للشعب والوطن، وإستمرار الأحداث المأساوية اليومية،وتفاقمها، وتردي الأوضاع المعيشية، والصحية، والتعليمية، مع تصاعد الأعمال الإرهابية وجرائم القتل الجماعي وأعمال التدمير والتخريب،التي يقوم بها أيتام النظام البعثي الفاشي المقبور وحلفائهم من القوى الإرهابية والظلامية، التي نشرت الرعب والخوف في أرجاء العراق. وكل هذه الأعمال الخطيرة لم تحد، للأسف، من طغيان المصالح السياسية الذاتية الأنانية والحزبية الضيقة على المصالح العليا للعراق، وطناً وشعباً، مما حال، لحد اليوم، دون عقد مؤتمر وطني شامل، والإتفاق على قواسم مشتركة، وتشكيل قائمة وحدة وطنية ممثلة لفسيفساء الطيف العراقي على إختلاف ألوانه النابذة للإرهاب ولكل أشكال العنف والتسلط والهيمنة. فلو تحقق كل ذلك لكان خير رد على " مقاومة" البعثيين والظلاميين وكل القتلة والمخربين، وضمانة أكيدة لنجاح قوى الخير في الإنتخابات العامة
..
إن الواقع الراهن يستوجب ان تتحرك القوى الديمقراطية الحقيقية حالاً ودون مزيد من التأخير، فتتخذ الموقف المناسب في هذا الظرف الحرج، والمراعي لتحركات ومناورات أعداء الديمقراطية والعلمانية، وخصومها، الذين يرون في الحزب الشيوعي العراقي، والقوى الديمقراطية اليسارية، عدوهم اللدود. ومن هذا المنطلق وضعوا نصب أعينهم منع الحزب وأشقائه، بكل وسيلة ممكنة، من الفوز في الإنتخابات القادمة، تخوفاً من المستقبل، الذي لا يرغبون أن يكون فيه دور للقوى الديمقراطية اليسارية ولمشروعها الوطني الديمقراطي، لإدراكهم بأنه سيكسب أوسع جماهير الشعب الكادحة، وسيتحقق بتظافر جهود أصحاب المصلحة الحقيقية، اَجلاً أم عاجلاً، مع بداية إستتباب الأمن والإستقرار والشروع بعملية البناء والتنمية في العراق..
هذه الحقيقة يدركها جيداً خصوم الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية اليسارية، ولذا يواصلون مساعيهم المحمومة لمنع هذه القوى من كسب معركة الإنتخابات. لكن خصومنا مغرورون ويكابرون، متجاهلين الفشل الذي ينتظرهم على أيدي جماهير شعبنا العراقي " المفتحة باللبن"، والمفرقة "بين الصالح و الطالح"، والعارفة جيداً مَن مِن القوى الوطنية ناضل وضحى في سبيل الشعب والوطن، ويريد له كل الخير، ومَن منها لا يريد سوى "الصعود على ظهر" الجماهير بشعارات غير واقعية وبراقة وكاذبة، وصولاً لتحقيق مصالحه الشخصية!!
من هنا تأتي ضرورة الدور الفاعل والقوي، الذي ينبغي أن تنهض به القوى الديمقراطية العراقية، بهدف كسب المعركة الانتخابية القادمة، وضمان مساهمتها الجادة والفاعلة في عملية تقرير مصير البناء الديمقراطي ومستقبل العراق.مع إدراكنا التام بأن الدور المطلوب من قوانا هذه سوف لن يكون سهلاً إطلاقاً، لاسيما وأنها ليست موحدة، للأسف،ولا تمتلك برنامجاً سياسياً مشتركاً، ولها مدارسها الفكرية والسياسية المتعددة والمختلفة. يضاف الى هذا الكثرة من الأحزاب، والكتل، التي ينتهي اسمها بـ "الديمقراطي"، وأغلبها غير معروف للجماهير العراقية ، الأمر الذي يربك الناخبين وينشر الضبابية والشكوك حول القوى الديمقراطية الحقيقية والفاعلة.

على أساس هذا الواقع المرير، نرى من الضروري:
1- إغتنام فرصة تمديد المهلة للإعلان عن تحالف ديمقراطي يضم كافة القوى الديمقراطية الفاعلة.
2- أن تضم قائمة القوى الديمقراطية خيرة المرشحين-رجالاً ونساءاً- من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، الى جانب المهارة والمقدرة للعمل في البرلمان القادم.
3- أن تقوم القوى الديمقراطية الفاعلة بعملية فرز عاجلة من شأنها التعريف بهويتها وتميزها عن القوى الأخرى التي تتلبس بلبوس الديمقراطية.
4- أن تتوصل عبر التشاور والتنسيق فيما بينها، لبرنامج سياسي مشترك،ولائحة عمل موحد وأنشطة مشتركة، استعدادا لخوض الانتخابات القادمة.
5- ارتباطا بهذه المهام لابد ان تقوم قيادات وكوادر القوى الديمقراطية بعملية تقييم موضوعية، لقواها الذاتية، بهدف صياغة برنامج إستراتيجي ورسم تحركات تكتيكية مدروسة لسد الطريق بوجه الأعداء والخصوم السياسيين وإحباط مشاريعهم المناهضة للديمقراطية، مع ضرورة عدم الاستهانة بهم، وفي مقدمتهم:
أ- أنصار النظام المقبور وعصاباته المجرمة، التي ما زالت تعيث فساداً في المجتمع، مواصلة جرائم التخريب والاغتيالات والخطف والتفجيرات والقتل الجماعي.
ب- القوى الظلامية، والدينية المتطرفة، والإرهابية، المحلية والدولية، والزمر المأجورة من بهائم الإنتحاريين، وعصابات الإجرام والقتل والتخريب.
4- إنعدام التجربة والممارسة الديمقراطية الحقيقية للانتخابات في العراق. مع مراعاة ظاهرة تدني مستوى الوعي الفكري والسياسي في الشارع العراقي، الذي غذته سياسات النظام المجرم وأجهزته الثقافية والسياسية لسنين طويلة.
5- الأخذ بنظر الاعتبار الظواهر المرضية السائدة في المجتمع العراقي، التي غرسها ونماها النظام المقبور، وأبرزها الجهل والتخلف والفساد، بكافة أشكاله، وشراء الذمم، والرشوة. وهو ما يعني سهولة شراء أصوات الناخبين، الى جانب خدعهم.
6- الاهتمام بظاهرة الخوف المنتشرة في وسط العراقيين، والتي لم تخف وتيرتها بعد سقوط النظام المجرم، في ظل تزايد الانفلات الأمني
وتصاعد العمليات الإرهابية وانعدام الاستقرار

ويتعين إستغلال الرغبة العارمة في أن تكون الانتخابات العامة القادمة ديمقراطية وحرة ونزيهة، وأن تجسد إرادة الناخبين واختيارهم
لممثليهم الحقيقيين، بما من شأنه تحقيق طموحات الشعب العراقي.هذه الرغبة/ الطموح تدعو الى تظافر كل الجهود الخيرة من أجل أن تنجح القوى الديمقراطية في كسب الانتخابات العامة القادمة لصالح أوسع جماهير شعبنا الكادحة، صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير الديمقراطي المنشود.
إن بلوغ كسب المعركة الانتخابية يتطلب برأينا القيام وعلى نحو عاجل بما يلي :
أولاً- عقد مؤتمر أو اجتماع تشاوري حتى نهاية الشهر الجاري، يجمع ممثلي كافة القوى الديمقراطية التي يهمها تعميق التغيير والعمل من أجل بناء العراق الحر والمستقل والديمقراطي، للاتفاق على برنامج عمل مشترك لخوض الانتخابات القادمة. ولضمان نجاح هذه المهمة الآنية والملحة لابد من تغليب مصالح الشعب والوطن، على المصالح الذاتية..
ثانياً- أن يضطلع المؤتمر أو الاجتماع المقترح بمهمة رسم برنامج سياسي انتخابي يهم أوسع الجماهير العراقية، على أن يشمل هذا البرنامج موقفاً واضحاً وصريحاً من قضيتين أساسيتين:
أ - مستقبل العراق الديمقراطي.
ب - قضية إنهاء الاحتلال.
لغرض تحقيق المهام الأنفة الذكر يتعين ان يتضمن البرنامج الخطوط العريضة التالية:
1- بناء عراق جمهوري، تداولي، فدرالي وتعددي موحد، يحترم حقوق الإنسان، وكافة حقوق القوميات العراقية، ويصونها، ولا يكون فيه مكاناً للتسلط والإستبداد، والطائفية، والشوفينية، وكل أشكال التمييز القومي والطائفي والسياسي.
2- تشكيل حكومة إئتلافية وطنية- ديمقراطية مشروعة، من أولى واجباتها:
أ- طرح مشروع الدستور الدائم على الشعب للاستفتاء والمصادقة على نصوصه.
ب- العمل الجاد والفاعل لإحلال الأمن واستتبابه، وإشاعة الاستقرار والطمأنينة.
ت- توفير الخدمات العامة المجانية، الصحية والتعليمية والثقافية، وتحسينها، وتطويرها، الى جانب الضمان الاجتماعي، والتقاعد، والتعويض، وحماية ورعاية الأمومة والطفولة، وضمان حقوق كافة المتضررين من النظام السابق.
ث- مكافحة البطالة، من خلال توفير فرص العمل الحر والنزيه للرجال و النساء.
ج- البدء فوراً وجدياً بعملية الأعمار وإعادة بناء البني التحتية.
ح- الشروع بمعالجة المشاكل البيئية ومكافحة التلوث، ونشر الوعي الصحي والثقافة العلمية.
خ- التفاوض مع قيادة القوات متعددة الجنسية لتحديد موعد زمني لجلائها عن العراق نهائياً.
ثالثاً- اغتنام فرصة ميثاق الشرف، الذي أصدرته الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس الوطني المؤقت، لغرض التحرك على كافة القوى الوطنية، التي يهمها برنامج القوى الديمقراطية الانتخابي، أو تلك التي تلتقي معه، ً في القضايا الأساسية ، بهدف التنسيق لإنجاح الإنتخابات بحيث تكون حرة ونزيهة، وإحترام نتائجها.
رابعاً- البدء فوراً بحملة نشر مكثفة ونشيطة بكافة الوسائل الإعلامية، وعبر الندوات، في مقرات القوى المعنية، وفي التجمعات السكانية، في المدن والقضية والنواحي، للتوعية ببرنامج القوى الديمقراطية الانتخابي وبمرشحيها. مع ضرورة تأمين الحماية الأمنية للمرشحين والمتحدثين والنشطاء في الحملة.
خامساً- إبلاء اهتمام خاص بالجماهير الكادحة، التي لم تلمس أي تحسن في ظروف معيشتها وحياتها العامة، ، فوقفت بعيداً عن أنشطة القوى والأحزاب السياسية العراقية، ولم تساهم في العملية السياسية الجارية في البلاد. الأمر الذي يتعين حثها وتشجيعها على المشاركة في الانتخابات والتصويت لممثليها الحقيقيين، وإفهامها بان ممارستها لحقها المشروع هذا من شأنه أن يحقق مطالبها وطموحاتها، بينما عزوفها عن المشاركة في الانتخابات من شأنه أن يفسح المجال رحباً أمام القوى التي لا تريد الخير للشعب والوطن.
سادساً- العمل،جهد الإمكان، مع كل القوى الوطنية الخيرة على عدم تأجيل موعد الإنتخابات المقرر، وفي سبيل ضمان نجاح الإنتخابات، وتشجيع مشاركة جميع أطياف ومكونات الشعب العراقي في الإدلاء بأصواتهم فيها، وإختيار ممثليهم بكل حرية، والإصرار على المشاركة في العملية السياسية وبناء العراق الجديد.وإفهام الجميع بأن المشاركة الفاعلة تقرب ساعة رحيل القوات الأجنبية من بلدنا وتغذ السير نحو بناء العراق الحر والمستقل والديمقراطي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج