الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة لازم تتغير

مجدي مهني أمين

2011 / 10 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لقد روّعتنا أحداث ماسبيرو، الشكوى كانت في البداية ان "الشباب ما حدش سائل فيهم"، تجاهُل يعني، ثم جاء الاهتمام المروع، وسقط الشباب، أو بالأحرى ارتفعت قاماتهم شهداء في حب الوطن، في حب الصورة التي يريدون أن يروا عليها بلادهم، بالضبط كما ثاروا في التحرير من أجل وطن جديد يفتخرون به.

- إرفع راسك فوق أنت مصر

طبعا بعد الثورة "ترفع راسك فوق"،
قبل الثورة لأ،
لأن فعلا كان منظرنا يكسف، واحنا بنتحكم بإنتخابات مزورة، وإننا غير منتجين، وتعليمنا سيئ، وجامعاتنا في آخر القائمة...

واسترد شباب التحرير الوطن من مبارك، يعني بدأنا نسير في اتجاه الدولة المدنية،
وهنا خرجت جموع الدولة الدينية، إرهاب في القرى والنجوع، وأحزاب دينية في السياسة. شئ يخوف، دولة دينية يعني حكم مطلق، المرة دي باسم الدين ، زي إيران والسعودية ، دي دول الحاكم فيها مطلق، هو اللي رقيب على الناس ، مش العكس، يعني قهر.

الغريب ان بعضا من أصحاب هذا التيار السلفي متحمس بدرجة لا تسمح له بالتريث وترك الأمور للدولة ، صبرهم محدود على مسائل السياسة ، هم مباشرين في الكلام والفعل؛ "كنيسة ها تتبني.. نهدها ، إمتى ؟ دلوقت، لا قانون ولا دستور، ما حدش فاضي، وماحدش يرضى انه كنيسة تتبني ، يبقى نهدها دلوقت،" وباقي القصة معروفة ، وكل القصص معروفة، ومخجلة ، تسيئ لمصر وتسيئ لصورتها الحضارية ، تبين كيف ان فئة تنبذ فئة وتمارس عنفا مباشرا صريحا مع الأقباط.

المشكلة الكبرى أن هذه الفئة تعطل كل المراكب السايرة، فعدم تدخل الدولة بالإجراء الحاسم معهم تبين ان الدولة متواطئة، في الواقع ان الدولة غير متواطئة، الدولة تميز ضد الأقباط من سكات.. عنف من النوع المستتر، وهنا تراخي الدولة معهم يكشف تحيزها، أو رغبتها في الاستمرار في التحيز.

عنف هذه الفئة من السلفيين والأصوليين ، يقطع الطريق على الإسلاميين السياسيين الراغبين في الوصول للحكم وترسية قواعد الدولة الدينية، إذ يكشف التمييز الكامن لدى كافة عناصر هذا التيار، وان وصولهم للحكم سيصحبه بالضرورة تمييزا أشد بأسا ، وتراخيا مع شطط المتطرفين أكثر مما هو عليه الحال الآن، وهذا يضع الإسلاميين السياسيين في موقف الدفاع عن أنفسهم، وعن ومدى تقبلهم لكل الطوائف والأديان، وما إلى ذلك.

هؤلاء الإسلاميون الذين رفضوا رفضا قاطعا حديث "أوردغان" عن الدولة المدنية التي يمكن أن تقبل في طياتها كافة التيارات الدينية والعلمانية.

يعني رفضوا أحزاب دينية في إطار مرجعية مدنية، لأنه في هذه الحالة ها يكونوا زيهم زي غيرهم، لأ، هما عايزينها أحزاب مدنية ذات مرجعية دينية، المرجعية هي المهمة لأنها ستعطيهم التمييز والاستعلاء المطلوب، سواء كانوا في الحكم أو ما كانوش، وفكرة المادة الثانية ليست لدعم الدين ولكن لدعم الإسلاميين على حساب الطوائف الأخرى، بعيدا عن مبدأ المساواة والمواطنة، ولم يتبقَ أمامهم إلا الإسراع في الانتخابات وترسية الدولة الدينية المنشودة.

ومرة أخرى تأتي تجاوزات السلفيين بعكس ما يشتهي الأسلاميين ، فهم يشعلون البلاد نارا بدرجة يمكن ان تعطل الانتخابات التي يتوق الأسلاميون إليها، أو تنبئ بانتخابات أشبه بما كان يتم وقت مبارك في انفلات أمنى كانت الشرطة تقوده مع البلطجية ، يعني كان انفلات بفعل فاعل، المرة دي انفلات طبيعي والنتيجة واحدة: انتخابات هزيلة.

شباب ماسبيرو، كان ماشي في سكة تاني، شباب خرج كي يخاطب الحاكم كي يُعْمِل القانون، ويقبض على الجناة، ويقيل المحافظ الذي أدار الأزمة –اللي عملها السلفيون- بشكل مكّن الجناة من فرض شروطهم، ومن هدم الكنيسة، وحرق البيوت المجاورة.

وهنا نعود للدولة؛ فالدولة هي التي تميز ضد الأقباط، يبقى مش ها تحاسب المخطئ، ضاق عقل الدولة، انتابته حالة ارتباك، تجمدت الدولة عن الفعل، الشباب في ماسبيرو متضايق "ما حدش سائل فينا" هذا لسان حالهم..

ثم بدأ التحرك، تحرك مع ضيق في النظرة عادة لا يقدم الحلول بل يمارس العنف، وجاء عنفا عارما، عربات مصفحة تدهس الناس، وإعلام كاذب يضع غطاء لهذا العنف..في الواقع عندما قال التلفزيون انقذوا الجيش المصري، لم يكن الهدف كما فسر البعض ان يخرج الناس لحماية الجيش ، لأ ، الهدف أن يرى الناس مبررا لما يقوم به الجيش. وهنا كانت المجزرة.

لقد كتبت كلمتي "فأقرأ ثانية رسالة بلال " ولم أكن قد رأيت صورة واحدة من صور الشهداء، كنت قد شاهدت السيارات المصفحة على شاشات التلفزيون، ثم جاءت الصور، لم استطع مشاهداتها، بعضها فرض نفسه على، وشربت الكأس المر مع أبناء جلدتي.

- ما كل هذا العنف الذي مارسه الجيش ضد إخوته في الوطن؟
- من أمر بذلك؟
- من هو المسئول الذي يقبل أن يحمل في عنقه دم أبناء الوطن؟ دم أبناء هو المسئول قانونا وشرعا وعرفا عنهم وعن حمايتهم؟ أليس في هذا قلب للأمور؟
- ثم من يحاكم الآن بعد كل هذا القتل أمام المحاكم العسكرية؟

يحاكم الشباب لا من قتل الشباب، هذا عبث بمشاعر الناس ، عبث يغضب الناس، مدرسة قديمة في حكم الشعوب، وما قصر فيه الجيش من عنف تستكمله المحاكمات العسكرية.

- ليه؟ ..

الأسهل والقانوني كان القبض على الجناة ومحاسبة المسئولين المقصرين في أسوان وفي الإعلام المصري، ومحاسبة قتلة الشهداء، وحماية الناس في المريناب حتى يقوموا ببناء كنيستهم؛ أي التصرف على مستوى دولة بتتعامل مع مواطنين، أما أن نحل المشكلة بمشاكل يبقى بنضيع وقت وبنضيع البلد، وفي هذه الحالة لا يقلق الإسلاميون كثيرا فالدولة الدينية يحققها السلفيون بطريقتهم العرفية، والمسئولين بيتصرفوا في اتجاه بعيد عن المواطنة وحقوق الانسان ، ونرجئ التنمية والتقدم وقواعد الدولة المدنية، نرجئها لحين إشعار آخر.

المؤلم جدا في الأمر هو حكاية الوحدة الوطنية، التي كانت الدولة تتداري خلفها، تداري تمييزها ضد الأقباط.
لا توجد مشكلة وحدة وطنية، يوجد تمييز من الدولة، تمييز من المسئولين ضد الأقباط، لا توجد مشكلة تعايش بين المسلمين والأقباط، توجد مشكلة هدر لحقوق الأقباط، هذا هو التشخيص الأمثل، والعلاج الأمثل هو منح الأقباط كافة حقوقهم وحمايتهم بقانون "عدم التمييز".
ما ينفعش ان الدولة تهدر حقوق الأقباط، والدولة هي اللي تقول يامسلمين ويامسيحيين خليكم حلوين مع بعض.
هم فعلا حلوين مع بعض وده اللي مخفف حدة المشكلة، فلا يصح أن تمارس الدولة عنفا وتحمله لجموع المسلمين، ولا يصح أن الدولة تتراخى مع فئة متعصبة من السلفيين وتحمل الأمر مرة أخرى لجموع المسلمين، الدولة هي اللي ما كانتش حلوة، وهي، ممثلة في كافة مسئوليها، اللي لازم تتغير في طريقة تفكيرها، وتمارس دورها ومسئوليتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30