الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورقة عمل حول الإصلاح الوطني والتغيير الديمقراطي

محمد أيوب

2004 / 12 / 11
القضية الفلسطينية


ورقة عمل
حول الإصلاح الوطني والتغيير الديمقراطي
تعددت في الآونة الخيرة دعوات الإصلاح ، وتعدد الداعون إلى الإصلاح، وقد كان لكل دعوة من هذه الدعوات أهدافها وأغراضها المختلفة ، والعجيب في الأمر أن تتردد هذه الدعوة من أطراف لا مصلحة لها في إحداث إصلاح حقيقي، سواء أكانت هذه الأطراف من داخل مؤسسة السلطة أو من أولئك الذين يحاولون إعاقة تحقيق آمال الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال الحقيقي وبناء الدولة الديمقراطية ، إن دعوة أمثال هؤلاء إلى الإصلاح هي كلمة حق يراد بها باطل ، إن الإصلاح من وجهة نظر فلسطينية وطنية مغاير تماماً للإصلاح كما تراه الجهات المعادية لطموحات الشعب الفلسطيني والتي ترى في الإصلاح مجرد استبدال أشخاص من الذين سقطت ورقة التوت عن عوراتهم بأشخاص أكثر ولاء لهذه الجهة أو تلك ممن لم يظهر عفنهم بعد .
إن الإصلاح المطلوب شعبياً مغاير تماماً لما يرغب به أمثال هؤلاء الداعين زوراً وبهتاناً إلى الإصلاح، إن الجماهير لا ترى في تغيير المواقع الوظيفية إصلاحاً حقيقياً ، لأن نقل موظف ما من مكانه إلى مكان آخر وإحلال من كان يشغل الموقع الآخر محله ليس من الإصلاح في شيء ، ذلك أن المعضلة لا تكمن في الأشخاص، ولكنها تكمن في النهج والرؤى المستقبلية ، فلا فائدة ترجي من استبدال الوظائف أو حتى عزل بعض الأشخاص طالما بقي النهج المبني على المحاباة وغياب المحاسبة وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، لقد عانينا طويلاً من الفساد والمفسدين ومن غياب المساءلة ،والغريب في الأمر أن من يجب التخلص منهم رفعوا عقيرتهم منادين بالإصلاح ، وعليه فإنني أطرح هذه الرؤى حول مفهوم الإصلاح الوطني والتغيير الديمقراطي :
1 – الإصلاح تغيير إيجابي نحو الأفضل على صعيد الأداء السياسي والمهني والديمقراطي ، وإذا كان وجود بعض الأشخاص الذين يشكلون عقبة على طريق هذا التغيير الإيجابي فلا بد من إبعادهم ومحاسبتهم عند الضرورة ، لأنه لا حصانة لأي شخص إذا كانت المصلحة الوطنية العليا ستتعرض للخطر .
2 – يجب أن يتضمن الإصلاح مبدأ سيادة القانون ، فلا يوجد إنسان فوق القانون، بل يجب أن يكون الجميع أمام القانون سواء ، ولا يجوز اعتقال أي إنسان دون سند من القانون ، ولا يحق للسلطة التنفيذية أن تتدخل في شئون القضاء أو أن تحد من استقلاليته أو أن تمس بالحصانة التي يتمتع بها رجال القانون ، وأن تخضع الترقيات في سلك القضاء لهيئة قضائية عليا بعيداً عن الأهواء السياسية والولاء الحزبي ، وأن يكون المعيار في هذه الترقيات هو الكفاءة والأقدمية فقط .
3 – يجب أن يتضمن الإصلاح حقل التعليم والتعليم العالي والمهني ، وأن يتم تطهير جهاز التعليم من أولئك المتطفلين على العلم والتعليم ، وألا تتدخل الجهات الأمنية أو الحزبية في التعيينات في وظائف التعليم ، وأن يتم اختيار المعلمين بعد إجراء فحوص للتأكد من لياقة المعلم النفسية واللفظية " سلامة لفظه " واللغوية " سلامة لغته وإلمامه بقواعدها " والثقافية " قراءاته والكتب التي اطلع عليها خارج المقرر الدراسي " كما يجب إصلاح المناهج الدراسية بحيث تؤدي إلى خلق مواطن صالح يؤدي واجباته ويطالب بحقوقه بل ويدافع عنها ويستطيع الاعتماد على نفسه في مواجهة الحياة واتخاذ القرارات المناسبة مهما قست عليه الظروف .
4- تطوير التعليم التكنولوجي بحيث نستطيع بناء مواطن منتج غير متطفل على المجتمع ، وهذ1 يساعد على القضاء على البطالة المقنعة التي تؤدي إلى هدر الأموال دون الحصول على مردود يساهم في تنمية الدخل الوطني والقومي باعتبارنا جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية.
5 – يجب أن يشمل الإصلاح تحديد سقف زمني للوظائف العامة والهامة في المجالين المدني والعسكري ، فلا يجوز لأي إنسان كائناً من كان أن يحتكر أية وظيفة عامة وهامة مدى الحياة ، بل يجب أن يتم تحديد مدة زمنية لا تتجاوز خمس سنوات وأن يتم التعامل مع أي مسئول حسب أدائه ومدى قدرته على خدمة الجمهور لا حسب ولائه مما يسهم في خلق الحوافز المادية التي تشجع على الأداء الجيد ، وأن يتم تحديد مدة الرئاسة بدورتين فقط كل دورة ثلاث أو أربع سنوات ، كما إن رئاسة الوزراء يجب أن تخضع لهذا الاعتبار ، أما بالنسبة لعضوية المجلس التشريعي فلا يجوز لأي عضو أن يرشح نفسه لأكثر من دورتين متتاليتين بحيث تتاح الفرصة لضخ دماء جديدة في مجلس الوزراء والمؤسسة التشريعية .
6 – العمل على إيجاد مؤسسات نقابية سليمة تمثل كافة العاملين في المجالات المختلفة بحيث تستطيع هذه النقابات الدفاع عن مصالح الشرائح التي تمثلها ، وألا يقايض أعضاء هذه النقابات مصالحهم الذاتية بمصالح من منحوهم ثقتهم .
7 – أن تقوم الفصائل الوطنية والإسلامية بالاتفاق على برنامج حد أدنى واستراتيجية موحدة يلتزم بها الجميع ، ولا يجوز لأي تنظيم العمل على انفراد واضعا مصالحه التنظيمية الضيقة بعين الاعتبار متناسيا المصلحة الوطنية العليا ، وبعد الاتفاق على الاستراتيجية العامة يترك هامش من الحرية لاختيار التكتيك الملائم لكل تنظيم لتنفيذ البرنامج الوطني المتفق عليه لأنه لا يجوز غلق باب الاجتهاد .
8 – أن يتم تشكيل هيئة عليا للمنظمات الخيرية في فلسطين بحيث يتم القضاء على التسيب المالي وهدر المساعدات ، فقد تصل المساعدات لشخص معين من أكثر من جهة ، في حين يتم نسيان بعض الأسر المحتاجة وذلك بسبب انفراد كل مؤسسة خيرية بالتصرف بما يصلها من مساعدات دون تنسيق مع الجهات الأخرى .
9 – العمل على خلق معارضة حقيقية تكون بمثابة صمام الأمان ضد أي انحراف وتقوم بكشفه والمطالبة بمحاسبة المسئولين عنه ، والعمل على إيجاد هيئة رقابة حقيقية تحاسب المنحرفين والمفسدين الذين يستغلون وظائفهم في تحقيق المكاسب الشخصية والاغتناء غير المشروع ، ولذ يجب تطبيق قانون من أين لك هذا إن أردنا إصلاحاً حقيقياً ، أما أن نلعب لعبة الكراسي الموسيقية وتبادل الأدوار فهذا ليس من الإصلاح في شيء .
10 – شطب الموظفين الذين يتقاضون رواتب دون أن يتواجدوا في فلسطين ، أو دون أن يداوموا في وظائفهم وأولئك الذين لا يساهمون في تطوير المجتمع ، فالمعاش لا يجب أن يقدم لأي إنسان دون أن يكون منتجا اللهم إلا إذا كان هذا الإنسان قد بلغ سن التقاعد ، لأن من واجب المجتمع أن يرعى أمثال هؤلاء .
11 – تفعيل دور مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لأنها تشكل الإطار والغطاء للفلسطينيين المتواجدين في الخارج وأن يتم الفصل بين رئاسة منظمة التحرير ورئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية أو دولة فلسطين .
12 – عدم إتاحة الفرصة أمام أي شخص لشغل أكثر من موقع وظيفي أو سياسي ، فليس من حق أي إنسان أن يحتكر عدة مسئوليات في وقت واحد ، كما يجب التأكيد على عدم أحقية أي إنسان مهما كانت قدراته وكفاءته في اتخاذ قرارات مصيرية بصورة فردية ، بل يجب اتخاذ مثل هذه القرارات بطريقة جماعية ليكون الجميع شركاء في المسئولية ، وقبل التوقيع على أي اتفاق مصيري يجب العودة إلى الشعب لاستفتائه .
13 – تقنين حمل السلاح وضبط استخدامه بحيث يمنع منعاً باتاً استخدام السلاح الرسمي أو غير الرسمي في النزاعات العائلية ومعاقبة كل من يخالف ذلك عقوبة رادعة له ولغيره يجب أن يحافظ الجميع على طهارة السلاح وشرفه بما يحفظ لنا وحدتنا وينمي روح التسامح بين الأهل في الوطن الموحد .
14 – أن تقوم كافة التنظيمات الفلسطينية بعملية مراجعة شاملة لمواقفها الفكرية ورؤيتها الأيديولوجية بما يتناسب والمصلحة العليا للشعب الفلسطيني ، وكذلك وضع أسس وقواعد واضحة تحدد شروط العضوية وواجبات العضو والصفات التي يجب أن يتحلى بها بحيث يتم تطهير هذه التنظيمات من المتطفلين والانتهازيين والمندسين الذين يستغلون هذه التنظيمات لتحقيق مآربهم الشخصية بعيداً عن مصلحة الوطن ، وقد رأينا الكثيرين ممن استغلوا مواقعهم الوهمية في التنظيمات الصغيرة والكبيرة على حد سواء في الاغتناء وجمع الأموال وشراء الأراضي والشقق السكنية والاستثمار غير المشروع وتلقي الرشاوى ممن لهم مصالح غير مشروعة ، أو العمل على إثارة الفتن بين فئات وفصائل الشعب الفلسطيني المختلفة .
باختصار يجب العمل على ترميم التنظيمات الفلسطينية تنظيمياً وفكرياً وسياسياً ، فقد كانت التنظيمات فيما قبل حزيران 67 وفي بداية الاحتلال مدارس فكرية وحاضنة حقيقية للمناضلين الحقيقيين الذي تناسوا ذواتهم ومصالحهم الذاتية وانصهروا في بوتقة الشعب ولم يبحثوا في أية لحظة عن تحقيق مصالح ذاتية زائلة.
ملاحظة : قدمت هذه الورقة بناء على طلب من القوى الوطنية والإسلامية في خان يونس خلال مؤتمر عقد في قاعة الهلال الأحمر الفلسطيني في حي الأمل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ