الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهوية الوطنية الواحدة الافضل حلا للاكثرية والاقليات

الاء حامد

2011 / 10 / 13
ملف حول قيام الدولة الفلسطينية و القضية الكردية وحقوق الأقليات وحقها في تقرير المصير في العالم العربي


الهوية الوطنية الواحدة الافضل حلا للاكثرية والاقليات
بدا احيي مؤسسة الحوار المتمدن على دعمها ومساندتها لحقوق وتوجهات الأقليات في الوطن العربي,,وشكرنا موصول لكادرها جميعا لهذه الانعطافة المسئولة في الوقت الراهن نظرا لما يمر به الوطن العربي من ربيع تحرر وثورات ناهضة ضد الدكتاتورية المقيتة التي حكمت العالم العربي منذ عقود. من هذا المنطلق سأسلط الضوء فقط في هذا المقال على الأقليات في العراق,وكيفية وجود حل مناسب لها بعيدا عن دعوات الانفصال وتقرير المصير....
سأهتم بالسؤال الأول الذي بأعتقادي هو المفصل المهم بهذه القضية الشائكة. مع محاولتي الإجابة على الأسئلة الأخرى ضمن سياق هذا الموضوع... السؤال ( أيهما أهم برأيك، بناء دولة مدنية على أساس المواطنة بدون تمييز قومي أو ديني واحترام حقوق جميع القوميات والأديان، أم بناء دول على أساس قومي و أثنية ، بغض النظر عن مضمون الحكم فيها؟)

من البديهي نجد ان الولاء في الوطن العربي يكون في المقام الأول إلى القومية والدين والمذهب والمنطقة والقبيلة وحتى الأعمام والأخوال, في مثل هكذا مواضيع علينا ان ننتمي الى ابينا وابونا في ما نطرحه هو بلدنا ووطننا الموحد , كل الهويات والعناوين الثانوية هي ولاءات . فأنت وانا ننتمي الى بلدنا الذي ولدنا ونشأنا فيه. هذه هويتنا التي ندعو اليها ولكن ايضا عندنا لا عيب اننا نوالي قوميتنا او هوياتنا الفرعيه ولم نقل ننتمي اليها بل قلنا نواليها وانما الانتماء فقط لبلدنا وهويته الوطنية الواحدة بمعزل عن هويتنا الفرعية .

لاشك ان بناء دولة مدنية قائمة على أساس المواطنة هو الحل الأفضل والأنسب دون تمييز قومي أو ديني ويعيش الجميع بمساواة تامة,, ولكن كيف سنحصل على ذلك ؟ لابد علينا اولا ان نهيأ الأجواء الشعبية الداخلية لإقامة مثل هكذا نظام ونوع الحكم الذي يوفر تلك الشروط .. ويستلزم ذلك نشر الوعي الثقافي لدى الشعب المتعدد في مسألة الانتماء والولاء لهوية هذا الوطن وعندما يتم ذلك فلا تتم أي دعوة للانفصال او تقرير المصير لاي اقلية من الاقليات او قوميه من القوميات الاخرى.

دعونا نستوقف عند هكذا نقاط مهمة اذ أردنا بناء دولة موحدة مع أنها متعددة الاجناس والقوميات والاديان والمذاهب, : كيف ننشأ هوية وطنية واحدة لمثل هكذا بلد متعدد ؟ هل ندين الفرد أو الشعب أو المجتمع لأنه يبحث عن انتماءات أخرى لحمايته حين يعود إلى مكوناته الأولية ؟ ثم بعدما تنشأ الدولة عليه إن يتخلى عن تلك المكونات ؟
الدولة تتشكل من ثلاث مقومات : الأرض والشعب والسلطة , فكيف يمكن إن نحصن الهوية الوطنية ؟ هل بالقانون أم بالثقافة ؟ هل بأقتصاد متين ومتطور يلبي حاجات الفرد ؟ أم بالواقع اليومي المعاش كيفما اتفق ؟ كيف تنشأ الهوية الوطنية لبلد متعدد الو لاءات؟ ثم بعد ذلك كيف نحصن تلك الهوية بحيث لا تتعرض لاهتزازات في كل مفترق يواجهه المجتمع .

الهوية الوطنية أو هوية الأمة , لها تعريف متفق عليه وهي أساس من أساسيات الدولة الحديثة . أنها علاقة وعقد بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق , والمبادئ التي تقوم عليه مفهوم تلك الهوية هم مبدأين أساسيين : الأول هو الانتماء , حيث يجب إن يكون هنالك شعور بالانتماء إلى شيء ما ,أو إلى المجتمع تحميه دولة ما , فمتى ما تحقق لنا هذا الانتماء تحقق لنا البعد الثاني للهوية الوطنية , إلا وهو الولاء , حيث تشعر انك تنتمي إلى المجتمع كان من الواجب والمفترض عنده إن تمنح ولاءك له , وعليه لا حديث عن الهوية الوطنية من دون الحديث عن هذين المبدأين المتوافقين والمتكاملين معا , ولا يكفي الانتماء وحدة لتشكل الهوية , لان الكثيرين من الإفراد ينتمون أو يحملون هوية دولة ما , ولكنهم لا يدينون بالولاء لهذه الدولة ..

لهذا نجد هنالك نوعان من الأحاسيس والمشاعر وهي : إما إن تكون بقيمها العليا حيث يتجه الفرد إلى هويته الوطنية , وإما إن تكون بقيمها الدنيا فيكون الفرد في هذه الأمة او تلك قد تحصن أو دافع أو قاتل أو اهتم أو كانت مشاعره أكثر بأتجاه هوياته الفرعية. نحن نقول إن الغلو في الهوية الوطنية مسألة, والغلو في الانتماءات والهويات والقيم الدنيا مسألة أخرى , فكلما غلونا في انتمائنا وولائنا للهويات الثانوية نجد إن النتيجة ستكون دمارا للهوية الوطنية وللهويات الفرعية معا.
وإذا حدث العكس عندما يغالي المواطن في حبه للهوية الوطنية , فأننا سننتج امة متماسكة قوية مهيأة إلى أن تصنف في مصاف الأمم الكبرى.


لا شك هنالك رغبة لدى اغلب الاقليات في الانفصال وتقرير مصيرها وتشكل دولة مستقلة على اساس قومي وديني وعرقي او حتى مذهبي لها ولكن لا ننسى إن العبرة ليست دائما في المجتمع المتجانس , لنأخذ الصومال على سبيل المثال فشعبه يدينون بدين واحد ومذهب واحد ويحملون سمات واحدة من حيث العرق وكذلك ينتسبون بمعظمهم إلى قومية واحدة ويتكلمون لغة واحدة ومع ذلك أصبح الصومال رمزا للتقاتل والتناحر, فيما الهند ذات الثقافات والقوميات والاثنيات والأديان واللغات المتعددة , نجحت في تشكيل دولة واحدة تتطور بأستمرار رغم كل ذلك التنوع, كذلك هنالك دول أخرى عديدة تتنوع فيها المجتمعات وتختلف مصادر ثقافتها لكنها تجتمع ضمن دولة واحدة.


ولناخذ العراق كأقرب مثال لما يحتويه من نموذج حي لهذه المسألة المعقدة وكذلك نطرح بوادر نجاح هذه الدعوة. ان سؤال الهوية الوطنية في العراق لم يستكمل جوانبه لأسباب عديدة ومعروفة وقد يكون هنالك منشأ إيديولوجي أحاط بالحالة دون إن تكون هنالك هوية, إن الدولة العراقية الحديثة التي تأسست عام 1921 دخلت في إشكالية حينما وجه الملك فيصل الأول عام 1931 رسالة إلى الحكومة العراقية , استغرب فيها عدم وجود شعب اسمه الشعب العراقي ,, وان الولاءات الضيقة الفرعية هي الغالبة , حيث تعلو قوة العشائر على قوة الدولة , هذا بالتأكيد مبررا يدفعنا لتساؤل عن أسباب انتكاسة الهوية الوطنية وعدم اكتمالها في العراق وبروز مثل هكذا دعوات انفصالية ؟

وسبب ذلك تمثل بالطائفية والولاءات الضيقة للهويات الفرعية بدل الهويات الوطنيه وكذلك تهور النظام الحاكم بغض النظر عن نوعه ومدى استغلاله للطائفيه وتوظيفها لمصالحه الضيقة بعيدا عن مصالح الامة الواحدة وهذا أيضا كما نوهت به ضمن موضوع السيدة مكارم ابراهيم حول نفس المادة بأن صدام حسين بدعوى القومية حاول إن يقيم تحالفا بين السنة والشيعة لضرب الأكراد, وبدعوى المذهبية حاول إن يحالف بين الأكراد والسنة لضرب الشيعة, ثم بدعوى الوطنية جمع الثلاثة لضرب إيران. وألان نرى إن الانتصارات المزعومة لبعض ( الأحزاب الإسلامية ) كانت بدعوى الطائفية والانتصارات المزعومة لبعض الأحزاب الأخرى كانت بدعوى القومية ولكن البديل لهذا كله , ينبغي ان يكون الجواب أولا على السؤال: كيف ننقذ الشعب العراقي من أزمة الانقسامات الحزبية والطائفية والقومية ؟ والبديل لهذا: هل نستطيع ألان إن نخترع له إيديولوجيا تقوم مقام الإيديولوجيات القائمة؟ بحيث يخرج العراق من التلاوين والتعدديات التي تسببت بنشوء أزمة تشكل الهوية الوطنية والحلول عن دعوات انفصاليه
وبالتالي قد نستطع إن نصنع هوية وطنية متجددة مادمنا قد اتفقنا على إننا في انعطافة وطنية كبرى , ففي السابق لم تكن هنالك إمكانية في إن تصبح الهوية عقدا بين الدولة والمواطن , إن وجد هذا العقد وإذا سلمنا بالإيجاد في فترة زمنية ما, فيجب ان تكون هذه الدولة قد أتت برضا المواطن ولو بشكل نسبي , لكن عندما هذه السلطة أنزلت على المجتمع قسرا فليس هنالك عقد. ولهذا أصابه الخلل حينما فسر على هذا الأساس. لان السلطة هي التي من أخلت بهذا العقد حينما حكمت خلافا للعقد بإتباعها الهويات الثانوية والفرعية فحكمت يوما بالفرد ويوما بالعشيرة ويوما بأسم الحزب ويوما بأسم المذهب أو الطائفة او القومية . إن السلطة هي التي أخلت بالعقد فنشأت تلك العقدة التي لازمت تشكل الهوية الوطنية منذ بدايتها ولحد ألان..
إذن في الختام نستخرج من كل ما ذكر, إن أهم أسباب ما يعاني منه الشعب العراقي هو تضاد الثقافة السياسية , وليس التنوع الثقافية الاجتماعية, ولذلك فشل مشروع الدولة وحدث التباس في العلاقة بين السلطة والمجتمع , وكذلك جزئية العراق في فكره السياسي وتوجهات أحزابه وحركاته السياسية التي لم تنظر إلى الهوية الوطنية العراقية كوحدة اكتمالية في منظورها المتحقق, كما في مالها النهائي , بل كانت مشدودة دائما إلى جره خارج حدوده ومكواته , لذا تعددت ألولاءات لتشكل من ثم عبئا إضافيا على مقومات تشكل الهوية الوطنية, لكن على ذلك ما زالت هنالك إمكانية حقيقة إمام العراقيين لبلورة هوية وطنية ينظمها دستور وتحميها قوانين ,تنصف الجميع ليكون الوطن العراقي للجميع وبالجميع ,عندها سيكون الحديث عن التنوع مصدرا للمنعة والمتانة وليس عامل قلق وتوترات وعندها لا يتم الحديث مطلقا عن انفصال او دعوات لتقرير المصير مهما كان عدد الاقليات والقوميات والاثنيات وحجمها.

ملاحظة :
• إن اغلب المصطلحات والتعاريف التي تتعلق بموضوع الهوية الوطنية تم اقتباسها من مجلة شؤون مشرقية بعددها الثالث 2008 وهي التي تهتم بهكذا مواضيع .
• اقتصرت فكرة الموضوع فقط على الجانب العراقي وذلك لقلة إلمامي التام بهذا الملف المعقد وكذلك إن جميع الإخوة الكتاب قد غطوا جميع القضايا الأخرى التي تناولها هذا الملف.لهذا اهتمت بالجانب العراقي دون غيره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية عالية للعزيزة الآء حامد
مكارم ابراهيم ( 2011 / 10 / 13 - 06:46 )
شكرا عزيزتي الآء على المقالة و نتمنى لدعوتك بعدم الانفصال ان تصل الى قلوب اخوتنا في العراق
ولاتنسي ان الشعب العراقي عاش عقود تحت نظام ديكتاتوري لم يمارس الديمقراطية فهو بعيد عن مفهوم الهوية الوطنية ولهذا كانت هذه التشتتات السياسية وعلى شكل مراجع دينية ايضا وحتى الاحزاب التي تحمل نفس الايديولوجية تجدينها متصارعة مع بعض لاتوجد وحدة فكرية تجتمع على الهوية الوطنية وحب الوطن وتجاوز الخلافات الفكرية
ولكن ربما من خلال كتاباتك عزيزتي وكتابات اخرين يحملون نفس وعيك سيكون هناك تغيير في وعي الفرد في العراق نحو بناء جديد للهوية الوطنية

تقبلي مني كل المودة


2 - حق الافراد مقدس -تقرير المصير حق مشروع للجميع
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 10 / 13 - 13:39 )
مقالة نابعة عن حرص وسعة نظر. لكن كيف يكمن التعايش الانساني العادل المتكافيء ، المتوازن والمشترك للاقليات وللشعوب المتنوعة في مجتمع مثل-العراق- ترعرعت ابنائه وخلال العقود المنصرمة الماضيه من حكم الشوفينية الدكتانورية على ثقافة عنصرية مفادها-انا واخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب-؟ اليست هذه دعوة للتهميش بل للعداء المختلف في الرايء والتفكير والكلتور؟ واليس كانت هذه المفاهيم احدى بل اكبر مشاكلنا في العراق عندما حرم الكوردي من التحدث بلغة امه وغيرت اسماء احيائه السكنية من اصلية الى اخرى شوفينية لا صلة لها مع واقع وحقيقة المدينة وتاريخها وتطلعاته؟ متى اهتمت المختصون في العراق جذور هذه المشكلة لايجاد الحلول او البدائل المناسبة لها؟ ام انهم يزيدون باساليبهم الشوفينية الطائفية الجديدة القديمة الطين بلة؟ متى نبني دولة عائدة للمواطن لا للاحزاب لا للطوائف لا للرجعية الشوفينية ستعيش الجميع في عدالة اجتماعية وبكرامة انسانية وفي سلام عادل ودائم وللجميع سواء كانت تحت خيمة عراق مدني ديمقراطي حقيق وللجميع او اية صيغة اخرى تختاره اصحاب القرار من الشعب الكوردي او من الاقليات الاخرى


3 - الاستاذة مكارم
الاء حامد ( 2011 / 10 / 14 - 17:47 )
الاستاذة مكارم ,,,, عمت مساءا ,,,اسعد الله ايامك ,,,يسعدني حضورك مواضيعي ومقالاتي ايما سعادة ,,, بالطبع سيدتي لم انسى الدكتاتورية التي جثمت لسنين على صدور العراقيين ,, لهذا نحن لا نعول على زمانها وانما نعول على الخيريين في الوقت الحاضر بما نعتقد على إننا في انعطافة وطنية كبرى , ففي السابق لم تكن هنالك إمكانية في إن تصبح الهوية عقدا بين الدولة والمواطن فألان اصبح بالامكان ان تتشكل هوية وطنية واحدة ينتمي اليها كل العراقيين في بلد موحد بجميع مكوناته عربا وكردا وتركمانا واثوريين وكلدان وصابئه ويزيديين ... تحياتي القلبية لك


4 - انا لست ضد تقرير المصير
الاء حامد ( 2011 / 10 / 14 - 18:07 )
الاستاذ اسماعيل ...عمت مساءا ...شاكرة حضورك صفحاتي ...يا سيدي انا ايضا نوهت لهذه الحقيقية المره .حيث ان الطائفيه قد نخرت جسد العراق الواحد وقد تحوله مستقبلنا الى كابونات متناحره .. ولكن ماذا لو جمعنا كل هذه القوميات والاثنيات تحت مسمى واحد وانتماء واحد ويحملون ذات الولاء ..قطعا أننا سننتج امة متماسكة قوية مهيأة إلى أن تصنف في مصاف الأمم الكبرى ,,, تحياتي الخالصة لك


5 - تحية طيبة
احمد الناصري ( 2011 / 10 / 16 - 21:35 )
لا بالقانون .. ولا للسلطة اي دور في بناء دولة مدنية يتحقق فيها الهوية الوطنية

وان كان لها دور .. يكاد يكون ضيق جدا

لا يمكن لقانون او مجموعة قوانين ان تنقل المجتمع من حالة الهويات الاثنيةوالطائفية .. الى حالة الهوية الوطنية

قانون الاحوال الشخصية في عهد عبد الكريم الذي يعتبر اهم قانون مدني شرع في العراق الحديث .. لم ينقل الواقع الاجتماعي ولم يحركه قيد انمله باتجاه الهوية الوطنية ولا المدنية

الحل هو نشر ثقافة حب الوطن والانتماء للوطن .. ليس من خلال استقباح الانتمائات الاخرى .. وانمامن استحسان هذا الانتماء .. دون المساس بالانتمائات الثانوية

وحق تقرير المصير شي اكيد مقدس .. ولكنه ليس اكثر قداسة من المصلحة الوطنية العليا

اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟