الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذبحة ماسبيرو و الاقلية المسيحية فى مصر

بيشوى ريمون

2011 / 10 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


شاء القدر لحكمة غير مفهومة ان يجد المسيحين أنفسهم فى وطن يظلم (مبنى للمجهول) فيه كل من هم دون السلطة مسيحيه بمسلميه ..و شاء نفس القدر لحكمة اضافية غير مفهومة ايضاً ان يجد المسيحين انفسهم مسيحين فى وطن يظلم (مبنى للمعلوم) معظم من فيه من غير المسيحين من هم دون الاسلام ..
فكان امام المسيحين طريقان لا ثالث لهما..الاول طريق مارسوه بحذافيره بدون تغيير لمدة 1400 عاماً و الغريب انهم كانوا يتوقعون كل مرة نتائج مختلفة مع ان اينشتين كان قد نبه الجميع فى الخمسينات على - ما اظن - انه من الغباء بل كل الغباء ان تمارس نفس التجربة كل مرة بنفس الطريقة و تتوقع نتائج مختلفة كل مرة ..الطريق الثانى بدأ المسيحيون يمارسوه – و ان كان لا يزال يشوبه بعض الشوائب – لاول مرة فى حياتهم بعد ثورة اللوتس مع احتراق كنيسة صول ثم مع اطفيح ثم كنيسة الماريناب تلك التى اودت الى مذبحة ماسبيرو
الطريق الاول الذى مارسه المسيحين المصريين هو التسامح و التغاضى و التصالح و التنازل كل من يسىء اليهم طبقاً لفهمهم الخاطىء و تفسيرهم الخاص لايات التسامح الموجودة فى الانجيل مع ان القارىء المستنير للانجيل يعلم كم كان المسيح نفسه ثائر على السلطة و على سلطة الكهنوت التى كانت تحكم وقتها بالسلطة الدينية و الدنيوية فى نفس الوقت
هذا التسامح نتج عنه ضحايا لا حصر لهم على مدى التاريخ القبطى منذ دخول العرب مصر – الذى بدأ كغازيين و بعد تمام الاستقرار اصبحوا فاتحين – و المتابع لتاريخ اضطهاد الاقباط يعلم جيداً فداحة الخسارة المادية و الاهم منها البشرية , تلك الخسائر الذى تفاقمت فى عهد السادات ثم اصبحت مركزة فى عهد مبارك و العجيب ان المسيحين كانوا يفعلون الشىء نفسه بعد كل اعتداء سافر على كنائسهم و ارواحهم - هذا الذى ينتج عنه فى المتوسط عدد من القتلى مماثل لضحايا ماسبيرو بالمناسبة – لكن المكاسب التى كانوا يحصدونها بعد كل اعتداء محصلتها صفر ..نعم صفر..فقد قضى مسيحيو مصر تاريخهم كله يعتدى عليهم (مبنى للمجهول) و هم صامتون كتماثيل الشمع مسلمين كل امورهم االروحية و الارضية الى بطريركهم المبجل الذى اعتاد بالطبع على الخنوع فهو رجل الدولة و القاسم المشترك فى مؤتمرات الحزب الوطنى السابق و لا يخلو مكانه ابداً فى كل احتفالات الدولة الرسمية فكيف يفتح فاه ضد السلطة ليدين اضطهاد شعبه الذى قبله بطريركاً ابدياً عليهم
اما الطريق الثانى الذى بدأوه مؤخراً بل و متأخراً جداً هو النضال اللاعنفى كسابق اللاقليات المضطهدة فى العالم هؤلاء الذين لم يعى المسيحيون منهم الدرس الا متأخراً جداً و بعد خسائر تقدر بالالافات فى الضحايا البشرية و بالملايين فى الخسائر المادية ..و بدون اى عائد يذكر..اخيراً وعى المسيحيون العبارة التى رددها مارتن لوثر كنج عندما حلم منذ سنوات عدة فى خطبته الشهيرة القريبة من قبر لنكولن ان لم تخنى الذاكرة ان يتساوى اولاد الاربعة مع اى مواطن امريكى اخر فى الحقوق و الواجبات و لا اعتقد ان القس مارتن لوثر الذى دفع حياته ثمناً لحلمه كان ليتخيل ان يأتى اليوم ليصبح رئيس الولايات المتحدة الامريكية اسوداً زنجياً لكن هذا هو النتاج الطبيعى للكفاح المستمر من أجل نوال الحقوق
و بما ان الثمن سيدفع فى كلتا الحالتين من الدماء و الارواح لذا كان الثمن بسيطاً هذا الذى دفعه الاقباط من دماء و ارواح شهادئهم من أجل ان يخطو المسيحيون جميعاً خطوة أولى فى طريق الكفاح السلمى من أجل نوال الحقوق كمواطنين مصريين كاملى الحقوق و يخرجوا لاول مرة عن طوع باباهم المعظم منادين بالمساواة الذى ساءه ان يخالفه المسيحيون و يعارضوه و يستمروا فى اعتصامهم الاول امام ماسيبرو..ثم تلاه الاعتصام الثانى و الثالث الذى حدثت فيه المذبحة الاخيرة.. فالحرية لا توهب و انما تنتوع انتزاعاً
لا اعلم ايهما اشد حرجاً على قداسة البابا ان يؤمر (مبنى للمجهول) من السلطات ان يعود بالمسيحين الى منازلهم ثم يؤمىء رأسه بالايجاب ام ان يأمر (مبنى للمعلوم) المسيحين بالعودة الى منازلهم ولا يستجيبوا لدعوته
لاول مرة يحصد المسيحيون ثمناُ لما دفعوه من ارواح و دماء بعدما كان حصادهم صفراً فى الماضى..الان الرأى العام بدأ ينقلب ليكون معهم ( ليس كل الرأى العام بالطبع فالامر ليس بتلك السهولة) و ها هو الازهر بنفسه يطالب السلطات بتطبيق قنون العبادة الموحد الذى اوصت به لجنة العطيفى عقب احداث الخانكة فى عهد السادات و تناسته الحكومة بدون مبرر و ظل حبيس الادراج فى كل دورات مجلس الشعب السابقة
هذا القانون الذى وعد باقراره رئيس الوزراء الحالى مع اعتصام ماسبيرو الاول - و لم ينفذ وعده بالطبع - اصبح قاب قوسين او ادنى و حتى لو لم تقره السلطات هذة المرة ستقره المرة القادمة او المرة التى تليها ..المهم انهم يتحركون بخطوات ثابتة نحو الهدف و يقيناً انهم سيصلون يوماً ما ..اما الثبات فى المكان فنتائجه معروفه مسبقاً ..المهم ان نحاول و نسقط و نقوم و نسقط و نقوم الى ان نصل
المقارنة بين المسيحيون فى مصر و السود فى امريكا تذكرنى بمقارنة ذكرها لي صديق بين المواطن المصرى و المواطن الامريكى فى حالة تعرضهم لاصطدام باتوبيس مقبل عليهم بسرعة و بشدة..المصرى سيستسلم بالطبع لامره و سيقول ان هذا قضاء الله و ليس لنا ان نغيره ..فلتكن مشيئة الله و ينتظر الموت الى ان ياتى الاتوبيس و يهرسه اما الامريكى فالطبع لن يستسلم و سيحاول الفرار بكل جهده فان فشل و مات فسيكون قد نال شرف المحاولة و ان اصيب حتى و لو بعاهة فأنه لم يفقد حياته على الاقل و من الممكن جداً ان ينجح فى الفرار من مصيره و يعيش ليكمل حياته
هذا هو الفارق بين المسيحين و بين من سبقوهم فى النضال اللاعنفى السلمى لكنى أيقنت بعد أحداث ماسبيرو الاخيرة ان مسيحيو مصر قد وعوا الدرس اخيراً و لن يتراجعوا ابداً فبينما البابا يتحدث عن "عناصر خفية مندسة" فى جنازة الضحايا يهتف ما يزيد عن عشرة الالاف مسيحى مطالبين بسقوط المشير..
"يقول "مالكوم اكس" : "لقد تعلمت باكراً أن الحق لا يُعطى لمن يسكت عنه، وأن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد"
ربما مر الكثير لكن لا يزال هناك امل فى الحرية و الحق و المساواة و العدالة و تذكروا دائماً ان الحرية لا توهب و انما تنتزع انتزاعاً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعش يتغلغل في أوروبا.. والإرهاب يضرب بعد حرب غزة | #ملف_الي


.. القرم... هل تتجرأ أوكرانيا على استعادتها بصواريخ أتاكمز وتست




.. مسن تسعيني يجوب شوارع #أيرلندا للتضامن مع تظاهرات لدعم غزة


.. مسؤول إسرائيلي: تل أبيب تمهل حماس حتى مساء الغد للرد على مقت




.. انفجار أسطوانات غاز بأحد المطاعم في #بيروت #سوشال_سكاي