الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجلس التعاون وسياسة اقصاء القريب

ماجد فاضل الزبون

2011 / 10 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



شكلت دعوة مجلس التعاون الخليجي للأردن والمغرب مفاجأة للأوساط السياسية والشعبية العربية وربما الأجنبية أيضا ، بإعتبار إن المجلس يتمتع بتوافق طوبغرافي وإنه نجح والى حد كبير ومنذ تأسيسه في العام 1981 في رسم وتوحيد السياسة الخارجية لدوله وحقق إنجازات إقتصادية مهمة لشعوبه .
إنبثاق مجلس التعاون الخليجي حينها خلق ردة فعل لعدد من الدول العربية كان في مقدمتها العراق بإعتباره الدولة السابعة المطلة على الخليج العربي ، الأمر الذي دفعه للبحث عن شراكة عربية أخرى ، بعد أن إستبعده مجلس التعاون الخليجي بلا سبب إذ إعتبرته دول الخليج بإنه نظام غير مرغوب به على أقل وصف ، وإلاّ فلا يوجد تبرير غير هذا ، فتوجه الى تأسيس مجلس التعاون العربي في العام 1989 والذي ضم إضافة اليه كلا من اليمن والأردن ومصر ، هذا التقارب وإن كان متأخرا إلاّ إنه إنبثق نتيجة مصالح سياسية ملحة ، فمصر العائدة للتو للجامعة العربية بعد قطيعة العرب لها إثر زيارة السادات لإسرائيل ، ترى في هذا بداية قوية لعودتها للحضن العربي ، والعراق الذي خرج للتو أيضا من معركة طويلة مع جارته الشرقية كان يحتاج الى الحضن العربي هو الآخر ، أما اليمن ( الشمالي ) فيرى في نفسه إنه ليس ببعيد عن دول الخليج وإن إستبعاده عن المجلس كان قرارا أنانيا كونه يمثل عمقا ستراتيجيا لدول المجلس .
نجح مجلس التعاون الخليجي نجاحا باهرا في مسيرته ولا يزال ، إلاّ إن التوافق في مجلس التعاون العربي تعثر وسرعان ما إنفرط عقده لغلبة المصلحة السياسية الضيقة والآنية وتباعد دوله جغرافيا وقيام العراق بإحتلال شقيقته الكويت ، ما إستدعى دول مجلس التعاون الخليجي لأن تفتح أراضيها أمام القوات الأمريكية والغربية لإحتلال العراق ، هذه التجربة لم يستفد العراق منها سوى وقوف اليمن والأردن سياسيا الى جانبه ، فيما نأت مصر بعيدا عنه لتقف ضده وتقترب من مجلس التعاون الخليجي في توجهه لتحرير الكويت .
وبالتأكيد كان من الأجدر بمجلس التعاون الخليجي حينها ضم العراق إليه وإحتوائه ومساعدته إقتصاديا بعد أن أنهكته الحرب مع إيران ، ولو حدث هذا فإن من المرجح أن لا يقدم العراق على إحتلال الكويت وبالتالي لم تقدم أمريكا على إحتلال العراق ، ولما خسر العرب آلاف التضحيات البشرية ومليارات الدولارات .
وبعد أن ساهمت دول مجلس التعاون الخليجي مساهمة فعالة في إسقاط نظام صدام حسين بدأت هذه المرة تتهم الحكومات العراقية بعد العام 2003 بمولاتها لإيران ، دون أن تقدم ما يساعد العراق للخروج من محنته التي مر ويمر بها ، بل إن بعض الدول الخليجية وللأسف لا تزال تطالب العراق بديونها والأرباح المترتبة عليها في وقت أسقطتها معظم دول العالم الأجنبية .
أليس حريّا بالدول الخليجية وبدل أن تتهم العراق بموالاته لإيران ، توجيه الدعوة إليه للإنضمام الى مجلسها لإعادته الى الحاضنة العربية بدلا من تركه يتخبط في أحضان إيران كما يقولون ويتهمون .؟!
دول الخليج هنا تكرر الخطأ ذاته مرة أخرى ، فهي باقية تتفرج على نزيف الدم العراقي الذي تهدره أجندات أجنبية وإقليمية معروفة للجميع دون أن تقدم له يد العون والمساعدة ، في وقت تتقد فيه نار الثورات العربية ، التي قد يصل حريقها الى أبعد نقطة في المحيط أو الخليج .
الجميع مع أي تقارب عربي بين بلدانه بلا شك ، لكن ما يدعو للإثارة هو إن مجلس التعاون الخليجي بدأ ينتقي الدول العربية التي يريد ضمها إليه ، وفقا لتوجهاتها السياسية وأنظمتها المؤسساتية دون النظر الى العوامل الأخرى وهي الأهم ، فالدولتان المدعوتان الأردن والمغرب هما دولتان ملكيتان يتوارثان السلطة شأنهما شأن دول الخليج ، وقد تبدأ بهما رياح التغيير قريبا وهذا ما يحصل فعلا في الأردن ، الأمر الذي يقود الى التساؤل : هل إن دول مجلس التعاون الخليجي تسعى لإيقاف ودرء خطر التغيير المحتمل الذي يواجهه الأردن والمغرب لمنع نسائم ربيع الثورات العربية من الدخول الى الخليج ، خصوصا وإن سياسة التوريث باتت تشكل النقطة الأكثر حساسية في جسد الشعب العربي التي تسعى الجماهير الى رفعها وإزالتها .؟
وعليه فإن هدف دعوة مجلس التعاون الخليجي للأردن والمغرب هو تشكيل منظومة حكم ملكية وراثية ، تقف سدا منيعا أمام عمليات التغيير التي تجتاح المنطقة العربية حاليا .
أملنا في قادة دول مجلس التعاون الخليجي أن يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان ، وأن لا يكرروا خطأ إستبعاد وإقصاء العراق كما حصل مطلع تسعينيات القرن الماضي ، وأن يبدأوا فعلا بإجراء إصلاحات حقيقية في الداخل ، وأن يدعو العراق واليمن للإنضمام الى مجلسهم ، فهما الأحق بالإنضمام إليه أكثر من غيرهم ، خصوصا إن العراق يشاركهم إطلالتهم على الخليج العربي واليمن الذي يشهد عاصفة التغيير حاليا يمثل عمقهم الإستراتيجي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ