الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني 2

نزيه كوثراني

2011 / 10 / 14
ملف حول قيام الدولة الفلسطينية و القضية الكردية وحقوق الأقليات وحقها في تقرير المصير في العالم العربي


أسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني2
قلت سابقا في الجزء الأول بان أسئلة التمدن حائرة ومرتبكة لأنها تفتقر إلى الرؤية العميقة في التناول للراهن واستشراف المستقبل .أسئلة تفرض عليك نوعا من الابتزاز الإيديولوجي الاقصائي والاستبدادي وفق منطق ( إما –أو ) إما أن تكون رأسماليا أو انك ضد الديمقراطية وأيضا إما أن تكون إسلاميا أو أنت كافر ...وقس على ذلك كل الثنائيات القهرية الاستبدادية التي لايمكن أن تكون مرجعيتها الدولة المدنية الحديثة التي تجعل من المواطنة ثقافة سياسية اجتماعية لتدبير التنوع والتعدد والاختلاف .وأسئلة التمدن تحاصرك في الزاوية الضيقة للعين الواحدة وبشكل أحول . إما أن تكون مع الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية والطائفية ...أو انك استبداد شمولي وبالتدقيق أنت لست ديمقراطيا .وإذا أخذنا المسالة من زاوية الموقع المعاكس شكليا فإننا في حالة القبول بضرورة حقوق الأقليات الثقافية والسياسية والقومية فأنت ضد الوطن والوطنية .نحن بإزاء نقاش لايمكن ضبط مساراته إلا انطلاقا من المعطيات التطورية الموضوعية للصراع في حركته التاريخية حيث يتمفصل فيه اليوم الاثني القومي بالاجتماعي الوطني التحرري .وهو الآن يطرح نفسه بثقافة سياسية جديدة تؤطرها إستراتيجية المصير المشترك .أي التشاركية في الحرية والتحرر كوحدة مصير ليس لطبقة اجتماعية دون أخرى أو اثنية قومية دون أخرى. وتحولات الشعوب اليوم في سياق ما يعرف بالثورات العربية أو الربيع العربي أو الانتفاضات العربية تؤسس لنمط وجود جديد ولعلاقات جديدة بين شعوب المنطقة وكانت الشعارات التي رفعت واضحة ( الشعب التونسي واحد ..الشعب المصري واحد ..الشعب السوري واحد ... )فرؤية المستقبل الجديد المناقض كليا لما كان سائدا من تركة التصور الكولونيالي الذي كان يعتبرنا مجرد قبائل ومذاهب وطوائف وأعراق متناثرة ومشتتة تعجز عن تحقيق النسيج المجتمعي الوطني وهذا ما بلورته السوسيولوجيا والانتروبولوجيا الاستعمارية وسارت على هديه الأنظمة الاستبدادية .من هنا ضرورة الحذر المعرفي والسياسي في نقاش مكونات المجتمع وإلا تحولنا إلى دوائر قبلية وعرقية ودينية مذهبية ...وهذا يتناقض مع اللاءات التي ترفعها الشعوب في وجه الاستبداد الداخلي والخارجي لان ذلك يتناقض كليا مع طموحات الكل في الحرية والتحرر خاصة في هذه المرحلة التاريخية حيث لامستقبل للكيانات الضعيفة والقزمية مهما كانت ثروتها المادية ناهيك عن القبيلة والاثنية في مجابهة تحديات العولمة الامبريالية في السيطرة والهيمنة والقضاء النهائي على التنوع والتعدد والاختلاف وتسييد التنميط الوجودي كأسلوب حياة ونمط عيش ...الأقرب إلى الأصولية العقائدية في توهم التفوق اللغوي والديني والعرقي بما يذكر بالفاشية والنازية .
لايمكن أن تكون لغة المعركة اليوم السياسية والفكرية هي حقوق الأقليات بمعزل عن وحدة المصير لان معركة الحرية والتحرر يجب أن يتمفصل فيها الصراع على أساس الدولة المدنية الحديثة التي تضمن حقوق الجميع ومن كافة الجوانب على أرضية تقوية لحمة النسيج المجتمعي وبمرجعية المواطنة التي تترفع وتتجاوز التمييز الديني والعرقي والثقافي واللغوي ...فمصير الشعوب المنتفضة ليس محليا فحسب بل هو عالمي . بمعنى انه يصعب الحديث عن ثورات الشعوب اليوم بوصفها شانا داخليا فقط لان الخارج حاضر بنفوذه ومصالحه وسيطرته وهيمنته كواقع يترابط بنيويا مع الأنظمة العربية المستبدة أو مع القوى المضادة للثورة .و أحد مصادر قوة ثورات الشعوب اليوم هو هذا التعامل السياسي والثقافي والإعلامي على مستوى العالم معها – الانتفاضات- ككيان واحد لذلك يصفونها بأنها ثورات عربية أو ربيع عربي أو انتفاضات عربية ومن منطلق هذا الكيان الواحد في الوجود والمصير بعيدا عن الطرح القومي العروبي البائد والذي أساء كثيرا إلى حاضر ومستقبل هذا الكيان الواحد المتنوع والمتعدد والمختلف لغويا واثنيا ودينيا ...يجب التفكير اليوم في إستراتيجية وحدة المصير المشترك ليس كشعوب عربية تختفي فيها حقوق القوميات الأخرى بل ككيان واحد تجمعه وحدة المصير وصناعة المستقبل . فعندما نظرت إلى أسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني فذلك لان فلسطين تكثف في معركتها جدل الحرية والتحرر كوحدة مصير مشترك .أي إن الممارسة السياسية للقوى الغربية والأمريكية التي تتقنع شكليا فيما يسميه العرب بشكل ساذج ازدواجية المعايير التي ليست أكثر من معيار واحد هو التسلط والهيمنة . هذه الممارسة السياسية في إدارة الصراع وحماية المصالح والنفوذ تنكشف بصورة واضحة في فلسطين التي اعتبرها الوجه العاري
والفاضح لكل ما تتستر عليه تلك القوى الاستعمارية في تعاملها مع شعوب المنطقة .كما تظهر القضية الفلسطينية مدى قوتنا أو هشاشة فعلنا وإرادتنا و ووعينا بضرورة وحدة المصير المشترك كضرورة تاريخية و ليس باعتبار فلسطين عربية أو إسلامية أو مسيحية هذا الأفق الجديد يتناقض كليا مع ما أساءت إليه الطروحات الاستعمارية والاستبدادية والقومية العروبية ...مما ولد حساسية عدائية تجاه أنفسنا في الوجود و التفاعل وتبادل التأثير والأخذ والعطاء في إطار جدلية الكيان الواحد الذي يتسع للجميع دون استثناء .
وانطلاقا من هذا التحليل نفهم عمق السؤال الكردي في حق تقرير المصير ككيان مستقل ومترابط و فاعل في تأسيس هذا الوجود المشترك بما يتجاوز الحضور الطبيعي كجغرافيا عرقية قومية إلى الوعي التاريخي الوطني بضرورة الانخراط في وحدة المصير المشترك مع باقي شعوب المنطقة كحرية وتحرر . عوض الاستقواء بالقوى الغربية والأمريكية التي تهدد الكيان الوطني للشعوب الأخرى كما تهدد وحدة المصير المشترك الذي يضمن جدل الاستقلال والوحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل نجح الرهان الإسرائيلي في ترسيخ الانقسام الفلسطيني بتسهيل


.. التصعيد مستمر.. حزب الله يعلن إطلاق -عشرات- الصواريخ على موا




.. تركيا تعلن عزمها الانضمام إلى دعوى -الإبادة- ضد إسرائيل أمام


.. حراك الطلاب.. قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه أميركا بسبب إسرائ




.. لماذا يسعى أردوغان لتغيير الدستور؟ وهل تسمح له المعارضة؟