الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإبداع والابتكار

عبدالله الدمياطى

2011 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


لقد أصبح الاهتمام بالثروة البشرية من الضروريات الحتمية لتقدم المجتمعات العصرية ورقيها، حيث
يسعى كل مجتمع لتوجيه موارده البشرية خير توجيه، واستثمار طاقات أبنائه أفضل استثمار ممكن، ويبرز
من بين عناصر المجتمع أفراده المتمايزون بخصائص إبداعية تظهر جلية في مستويات أدائهم العالي الذي
. يفوق ما يؤديه أقرانهم العاديين
لذا أصبح التوجه لدراسة وتدريس الابتكار توجهاً عالمياً لما له من نتائج وتأثيرات إيجابية على تقدم المجتمعات وبخاصة أن تحديات العصر تدعو إلى اتخاذ مواقف إبداعية.
لقد أصبح من المتفق عليه إلى حد كبير بين المفكرين أن الفروق بين الأمم المتقدمة والأمم المتخلفة أو النامية هي فروق في مدى امتلاك هذه الأمم، أو عدم امتلاكها للعقول المبتكرة، فقد أصبح الابتكار هو المحك الحاسم في الإسراع بتقدم شعب ما أو تخلف شعب آخر.
والإبداع مهم في العصر الحديث لأنه الجسر الحقيقي الذي تعبر عليه الأفكار النظرية للشعوب والأفراد إلى بر الأعمال العملية الخلاقة، بالإضافة إلى أن الإبداع محك فعال وعملي لقياس التفوق لأنه من السهل رؤية أعمال المبدعين وتقييمها بدقة أن الابتكار أصبح مفتاح التربية في أكمل معانيها ومفتاح الحل لمعظم المشكلات المستعصية التي تعاني منها البشرية. لذلك علينا كمجتمعات نامية أن نفتح الأبواب على مصراعيها لندخل الابتكار في جميع المجالات خاصة مجال التربية والتعليم ويعتبر المعلم أهم عنصر في هذه العملية، فهو القادر على أن يجعل من المهارات والاتجاهات والقدرات التي يكتسبها طلابه خيوطاً قوية تتلاءم في شخصياتهم من خلال تفاعله معها ومعهم.
نحن في حاجة إلى اكتشاف المبدعين وإلى تنمية القدرة على الابتكار وذلك بعد أن أتضح أنه لا سبيل إلى تقدم المجتمعات الإنسانية وتطور أساليب الإفادة من المعرفة لمصلحة الإنسان إلا بوجود هذه الفئة من المجتمع، كما أوضحت الدلائل أن المجتمع الذي يبذل جهدا في اكتشاف الأفراد المبتكرين وفي محاولة تنمية القدرة على الابتكار سوف يتقدم ويتخذ موقفا حضاريا متميزا.
ولعل من أبرز مظاهر الاهتمام بالابتكار ورعاية ذوي القدرة على التفكير الابتكاري قيام دول العالم المتقدمة بإعداد وتوفير برامج الرعاية المتكاملة تربويا ونفسيا ومهنيا لتلك الفئة غير العادية من أبنائها، ويقوم بالإشراف على تخطيط وتنفيذ تلك البرامج العديد من العلماء والخبراء في مجال التربية وعلم النفس والاجتماع وغيرهم، لتصل تلك الدول إلى أفضل استثمار ممكن لقدرات أبنائها حتى يتسنى لهم خدمة مجتمعاتهم في كافة مجالات الحياة.
وقد اظهر لنا التاريخ مدى اهتمام بعض المجتمعات من العصور القديمة بالابتكار والمبتكرين، ويعود هذا الاهتمام إلى العصر الإغريقي الذي حاول فيه أفلاطون في القرن الرابع قبل الميلاد الكشف عن هذه الفئة وجعلهم من أهل مدينته الفاضلة وقد استفاد الرومانيون من وجهة نظر أفلاطون حيث إنهم طبقوا ذلك حينما اختاروا القادة العسكريين والسياسيين في تأسيس إمبراطورياتهم..
وفي العصر الإسلامي كان الاهتمام أكثر بهذه الفئة نظراً لكونهم يمثلون ثروة بشرية نادرة، وقد كان الاهتمام
بالكشف عنهم عن طريق المعلمين في الكتاتيب والمساجد ولعل أبرز الأمثلة التي تثبت ذلك اكتشاف
إبداع الإمام أبي حنيفة والإمام النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية، حيث كان لمعلميهم وشيوخهم دوراً مؤثراً في اكتشاف إبداعهم وابتكارهم وهذه النماذج التي تم اكتشافها في العصر الإسلامي يتضح أن المعلمين في الكتاتيب والمدارس اعتمدوا في اكتشاف التلاميذ النابغين على تقديرهم لنباهة التلميذ التي تظهر في سرعة تعلم القراءة والكتابة والحساب وقوة الذاكرة ودقة الملاحظة وسرعة حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة وحب العلم والإقبال على مجالس العلماء والانصراف عن اللهو
وفي العصر الحديث زاد الاهتمام بهذه الفئة وتطورت الوسائل للكشف عنهم حيث تميزت الاهتمامات الحديثة بقيامها على أسس علمية ونفسية واجتماعية كما اهتمت بالاكتشاف المبكر لهؤلاء المبتكرين.
لقد أصبح الاهتمام بالابتكار والمبتكرين ضرورة قصوى في عصرنا الحديث. ويرجع ذلك إلى أهمية المستويات العليا من الابتكار في تغيير التاريخ وإعادة تشكيل العالم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استئناف مفاوضات -الفرصة الأخيرة- في القاهرة بشأن هدنة في غزة


.. التقرير السنوي لـ-مراسلون بلا حدود-: الإعلام يئن تحت وطأة ال




.. مصدر إسرائيلي: إسرائيل لا ترى أي مؤشر على تحقيق تقدم في مسار


.. الرئيس الصيني يلتقي نظيره الصربي في بلغراد ضمن جولة أوروبية




.. جدل بشأن هدف إنشاء اتحاد -القبائل العربية- في سيناء | #رادار