الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطباء المساجد والوعي الضال - تحرير الأسرى أهم من تحرير القدس ؟!

حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)

2011 / 10 / 14
القضية الفلسطينية


كل محب للحرية، مدافع عنها، ابتهج بعمق للاتفاق على إطلاق سراح حوالي ألف أسير فلسطيني من سجون دولة إسرائيل المغتصبة لفلسطين.. ستكون البهجة أعمق وأوسع، عندما يتم تحرير جميع الأسرى الفلسطينيين، وكل أسرى الإنسانية في أنحاء الأرض.. إني أصلي لله، أن يتحرر كل الأسرى: أسرى الظلم والفقر والجهل.. في العالم كله..
خطيب الجمعة في بلدي، في هذا اليوم، أعرب عن بهجته بإطلاق سراح ألف أسير فلسطيني.. إلى هنا، نحن – أنا وهو – متفقان.. لكن فضيلته، قضى بأن تحرير الأسرى، بناء على الاتفاق المبرم بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، أهم من تحرير القدس، بمقدساتها، ومعها فلسطين كلها، من اغتصاب إسرائيل لها..
استند الخطيب إلى سنّة للنبي محمد – عليه الصلاة والسلام - قضت بأن تحرير أسير مسلم، أهم وأحب إلى الله من تحرير مكة، وفيها الكعبة، من سيطرة المشركين (العرب) عليها!
الخطيب موال لحركة حماس التي أنجزت اتفاق الإفراج عن ألف أسير، مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، المختطف في غزة، منذ حوالي خمس سنوات..
حركة حماس تعتبر الاتفاق انتصارا مبينا لها.. وفي طويتها، فإن هذا الانتصار، هو إنجاز عظيم – لها طبعا – مقابل "خيبة كبيرة" حصدتها خطوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، التي طلب بها، حصول دولة فلسطين، على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. الخطة التي تعارضها حركة حماس، معارضة لفظية!
أنا لا أشكك في أهمية تحرير ألف أسير.. ولكنني لا أتفق مع رأي يذهب إلى أن تحرير الأسرى، أهم من تحرير القدس، وباقي أراضي فلسطين!
استشهاد الخطيب بموقف النبي محمد، المشار إليه أعلاه، هو استشهاد في غير محله.. كان للنبي رؤية أبعد من رؤية الخطيب: النبي كان يحتاج لرجال يجهزهم لخوض معركة فاصلة مع أعدائه المشركين العرب، كانت في خطته الاستراتيجية، المصممة للتنفيذ، لتحرير مكة ومقدساتها من الشرك.. لذا، ووفقا للترتيبات الزمنية، فإن تكوين جيش مجهز من الرجال المؤمنين بمحمد ورسالته، أهم، مرحليا، من تحرير مكة بأماكنها المقدسة..
الأسرى المحررون من سجون الاحتلال الإسرائيلي المغتصب للوطن، لن يدخلوا في ترتيبات تجهيز جيش لتحرير القدس بمقدساتها، ومعها كل فلسطين! ترتيبات الإفراج عن الأسرى الألف، تغلق أمام حركة حماس، إمكانية تجنيد الأسرى المحررين في جيش لتحرير القدس بمقدساتها، ومعها كل فلسطين.. شروط الاتفاق تؤكد ذلك: كثير من أفراد القائمة المتفق على أسماء المفرج عنهم، هم أسرى شارفت محكومياتهم على الانتهاء، فضلا عن عدد من النساء، وعدد من كبار السن. وكثير منهم، سيتم إبعادهم عن مكان إقامتهم الأصلي، وكثير منهم سيكون تحت طائلة الأسر من جديد.. والاتفاق لا يمنع إعادة أسر من قد تفكر إسرائيل في إعادة أسره من جديد.. والاتفاق بمجمله، لن يمنع إسرائيل من أسر فلسطينيين جدد، بأي عدد، وفي أي وقت، خاصة من مناطق الضفة الغربية، التي تجول فيها قوات إسرائيل، وتصول، وبتعاون، إيجابي أو سلبي، من قوات عباس/ فياض الأمنية..
أما الأسرى الذين سيعودون لقطاع غزة، فلن يكونوا بمنجاة من عمليات الاغتيال الإسرائيلي، إذا مارسوا نشاطات جهادية ضد إسرائيل، من جهة.. ومن جهة أخرى، سيكونون تحت سيطرة حركة حماس، التي تجتهد لمنع استفزاز إسرائيل بعمليات جهادية عسكرية.. وحماس على اعتقاد واضح، أنها لا تملك حاليا، إمكانيات تحرير فلسطين، ولا القدس بمقدساتها، بالعمل الجهادي المسلح.. وموقف حماس المعلن هو: نترك تحرير فلسطين للأجيال القادمة.. والأسرى المحررون من القائمة المتفق على أسماء المفرج عنهم ، غير مؤهلين - بحكم العمر.. والوضع الصحي المتردي، نتيجة معاناتهم الطويلة البائسة في سجون دولة الاغتصاب – لا يشير إلى إمكانية بقائهم على قيد الحياة، أو الاحتفاظ بالحيوية، ليشاركوا الأجيال القادمة في مشروع تحرير فلسطين، الذي ترنو إليه حركة حماس، وكل الأحرار الشرفاء في فلسطين والعالم..
أما أفراد القائمة الثانية من الأسرى المنوي الإفراج عنهم، فأمر اختيارهم متروك لإسرائيل.. وأحسب، أن الاختيار لن يصب في مصلحة مشروع حماس الجهادي، الراهن والمرنو إليه..
نعود للخطيب الذي أفتى بأن تحرير الأسرى، بالكيفية التي تم بها في الصفقة المتفق عليها، المعلنة قبل أيام قليلة، أهم من تحرير المقدسات.. هو استند على سابقة نبوية.. هو، شأنه شأن شيوخ دين كثيرين، يربطون الحاضر، بالماضي، ربطا ميكانيكيا، مغلقا، يفتقد الوعي المستنير، بالتباينات بين الأزمان، والأماكن، والملابسات، والأبعاد، مما يوقعهم في شراك الوعي الضال، المضلل للغير..
وضع النبي ليس هو وضع حماس.. ووضع مكة، التي كان فيها أهلها الأصليون، غير وضع فلسطين، وفيها القدس بمقدساتها، التي يغتصبها معتدون وفدوا من كل صوب، ويدعمهم، كل قوى الشر في العالم!
ربط الحاضر بالماضي، مهما كانت قدسية الماضي، ربطا ميكانيكيا، مغلقا، هو وعي مشوه، ويقوم بتشويه وعي الناس..
ولأن حاضر وضع المسجد بخطبة الجمعة، مرتبط ارتباطا ميكانيكيا مغلقا، بالماضي المحمدي النبوي المقدس، فليس بإمكاني، ولا بإمكان غيري، أن يقف في وجه الخطيب، ناقدا ما يقول..
وضع المساجد الحالي، بخطبة الجمعة، هو: شيخ يقول ما يشاء.. ومصلون يستمعون، أو لا يستمعون، ويفهمون أو لا يفهمون.. يبقون صامتين، إلى أن يحين دورهم في ترديد كلمة: آمين.. آمين!
هل حان الوقت لتغيير هذا الوضع الذي لم يعد منسجما مع واقعنا المعاصر؟!
أيام النبي، كان وضع: متحدث واحد، وجمهور مستمع، هو الوضع المناسب لحال نبي يعلم المؤمنين به، أحكام شريعته.. !
في وضعنا الراهن، خطيب المسجد، ليس هو النبي.. وليس هو المعلم.. وللأسف، هو، وفي أغلب الأحوال، مردد ببغائي للسياسات المهيمنة.. وبدقة: مهمته تضليل الوعي وتشويهه! ومقابل أدائه الأمين لمهمته، يقبض راتبه المالي الزهيد..
*مؤسس دعوة النورانية
14/10/2011م
بيت لاهيا – غزة - فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصة قتل مو?لمة والضحية الشاب باتريك.. ???? من القاتل؟ وما ال


.. لا عيد في غزة.. القصف الإسرائيلي يحول القطاع إلى -جحيم على ا




.. أغنام هزيلة في المغرب ومواشي بأسعار خيالية في تونس.. ما علاق


.. رغم تشريعه في هولندا.. الجدل حول الموت الرحيم لا يزال محتدما




.. لحظات مؤلمة.. مستشفيات وسط وجنوب غزة تئن تحت وطأة الغارات ال