الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثلية حرام في الدنيا حلال في الآخرة!

علال البسيط

2011 / 10 / 14
حقوق مثليي الجنس


إذا كان المسلمون يتقززون ويتمعرون من إخوانهم في الانسانية والطبيعة على الشاطئ الآخر من الشهوة الجنسية ويجدها بعض الفحول فرصة للاسترجال والاستفحال وإستعراض ما يتمتع به من خصوبة طبيعية وصفات مثالية فتقوم قائمته على المثليين ويصليهم بدروس الأخلاق متعللا تارة بالدين وتارة بالطبيعة فيلزمه حين يلتقي في الجنة بما أعده الله له من غلمان مخلدين وولدان منعمين أن يستنكر ذلك ويرفع مع إخوانه عرائض الاحتجاج ويخرج إلى شوارع الجنة محتجا على وجود هؤلاء الذين سوف ينغصون عليه نعيمه الخالد في الجنة خصوصا إذا علم أن الله جعلهم بركة المجالس وبهجة الأوقات حين (يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين) إذ لايعقل أن يستنكر ذلك على المثليين في دار الفناء ويشنع عليهم به، ثم يجد نفسه مغموس بينهم في الليالي الملاح في جنة الخلود ودار البقاء، خصوصا إذا علمنا أن العلة في تحريم ما يعرف في الاسلام ب(اللواط) هي سمعية وليست عقلية وإلا فإن الاله إذا كان يستقبح الفعل لنفسه فكيف يجيزه بعد ذلك والعلة قائمة لم ترتفع؟!! أم أن المعايير النفسية والمقاييس الخلقية تتبدل رأسا على عقب بمجرد امتلاك المرء ولو مفحص قطاة في الجنة؟!، فإن قلتم إنها إرادة الله وتدبيره ومشيئته قلنا فهي كذلك في حياتنا هذه، فلو لم يرد الله وجود المثليين لما خلق فيهم ميل وهفوة وشبق إلى أبناء جنسهم، وكما هو معلوم لديكم معشر المسلمين فإنه لايقع في الكون شيء إلا بإرادته ومشيئته، والإرادة الشرعية كما الكونية تستدعي الرغبة وهاته تنادي على المحبة التي تبعث على الرضا، فإن كنتم ولابد معترضين يا سادة فأولى أن يوجه اعتراضكم هذا إلى الله الذي خلق ذلك الميل وأراده على هذا النحو، فلماذ يصر الاسلام على تحريقهم كما سنرى والقائهم من الشواهق ثم يجعل المثلية من فواكه الجنة وهدايا الله إلى سكانها.


تَناقضٌ ما لنا إلاّ السكوتُ له ** وأن نَعوذَ بمَولانا من النّارِ


لقد تناقضت الملة الاسلامية فتناقض أنصارها تباعا فطبعتهم بروحها الازدواجية وأساساتها الشرعية والأخلاقية المتضاربة في أحكامها وتخريجات عللها، فجل ما تحرمه وتحلله له وجه أو وجوه مختلة في ميزان العقل وقياسه، ومنزع المنطق وأساسه، فنجد صاحب الشريعة يحرم على الرجل الزواج من بنت أخيه وبنت أخته بينما يبيح له الزواج من بنت أخي أبيه وبنت أخت أمه والحالتان لدى العقل سواء، ويحرم معاشرة الرجل لامرأته في حيضها لأجل الأذى ويبيحه مع المستحاضة مع وجود الأذى وهما متساويان، وسَوَّى بين الرجل والمرأة في العبادات البدنية والحدود، وجعلها على النصف منه في الدية والشهادة والميراث والعقيقة وهذا من العبث في التشريع لا يمتري فيه ذو عقل، وجعل لعاب الكلب نجس وأقر طهارة الفأرة التي تستوطن المجاري وتتقوت منها، وأوجب الجلد في حق قاذف الحر ولم يوجب ذلك في حق قاذف العبد وهذا غاية في التمييز والعنصرية واحتقار النفوس البشرية التي تتساوى أعراضها، كما فرق بين عدّة الحرة وعدّة الأمة مع أن المقصود العلم ببراءة الرحم فهذا غاية في التهافت والاختلال، وتحريمه المرأة على زوجها بعد طلاق الثلاث وإباحتها له بعد أن تنكح زوجا غيره فمزيد تعنت واختلاب، وقبلت الشريعة رواية العبد عن محمد في الحديث والاخبار المرفوعة إليه بأنه قال كذا وكذا وردت شهادته على واحد من الناس بأنه قال كذا وكذا، ومن تناقضات محمد في شريعته ما رواه أصحاب السنن وحسنه ابن القيم أن محمدا قَضَى في رجل ضاجع جارية امرأته: إن كان اغتصبها واستكرهها فهي حُرَّة، وعليه لسيدتها مثلها، وإن كانت طاوَعَتْهُ فهي له، وعليه لسيدتها مثلها، فهذا كل ما يعاقب به المغتصب في الاسلام العتق واستجلاب أخرى تعويضا لزوجته! فأين ضاع حق المغتصبة؟!، وشرع قطع اليد في ما بلغ مقداره ربع دينار فما فوق بينما دية اليد يبلغ بها 500 دينار ذهبا! ويشير أبو العلاء المعري إلى هذا التناقض في التشريع في بيت شعري لطيف وهو تتمة للبيت المذكور أعلاه:

يدٌ بخَمسِ مئين عسجَدٍ ودِيتْ** ما بالُها قُطعَتْ في ربعِ دينارِ؟!

إلى ما لا ينقضي من أمثال هذه التشريعات والأحكام المتضاربة المصادر والموارد المهترئة المباني والموازين، وهي إن كانت مجدية في القرون الوسطى حيث كان الانسان يأكل فيمسح يديه بأقدامه ويقوم فيتشح بسيفه ويهيم على وجهه في الصحراء طالبا فريسة يقنصها أو غنيمة ينهبها أو أمة يتسرى بها فإنه من الجنون أن يأتي اليوم من يرفع عقيرته في الناس مناديا بإحيائها متمدحا بكمال وضعها ومتانة أصولها مع ما هي عليه من وحشية واعتلال.


وعلى هذا المنوال من الشطح والازدواجية شرع الفقهاء من عهد الصحابة أغلظ الأحكام وأقساها، وأفجر العقوبات وآلامها، في صور مأساوية متناهية البشاعة بالغة الشناعة في حق المثليين، بينما يمنيهم القرآن بحياة أخروية زاخرة بالمثلية جاعلا إياها من أرقى ألوان النعيم وأسمى آيات التفضل والجزاء الذي أعد لهم في الجنة. فكانوا يلقون المثليين من شواهق الجبال على طريقة جبريل الذي يزعمون أنه قلع قرية آل لوط من أصولها وارتفع بها إلى السماء ثم قلبها جاعلا عاليها سافلها، وحين كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر إبان حكمه أنه وجد في بعض نواحي الجزيرة العربية جماعة من المثليين، نهض أبوبكر لذلك فاستشار أصحاب محمد فأجمعوا على تحريقهم بالنار فكتب إلى خالد بأن يحرقوا بالنار، فحرقهم حتى صاروا رمادا تذروه الرياح وحرق ابن الزبير من بعده جماعة وتبعه على سنته هشام بن عبد الملك، بل إن القتل والمبالغة في إفناء النفوس جاوز حدود العقل حتى قال محمد في الحديث الذي رواه عنه ابن عباس واتخذته كتب الفقه مرجعا لها في هذا الشأن: «من وقع على بهيمة فاقتلوه، واقتلوا البهيمة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وعند البخاري مرفوعا إلى النبي محمد «من وجتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به».


وبينما يأمر الإسلام أتباعه بالتعدي على الحريات الشخصية والاختيارات الذاتية للأفراد في أقبح صور الاعدام والتعذيب نجده في الجهة الأخرى يجعل الولدان المخلدين والغلمان المقرطين يرفلون في طراوة وغنج على أبهى صورة وأفتن هيئة في آذانهم القرط والحلي يطوفون على أصحاب الجنة في نواديهم ومنازلهم بألوان الخمور، كما ورد في سورتي الواقعة والطور حتى قال الأحناف كما في (الدر المختار) للعلاء الحصكفي:( إن الله يخلق في الجنة طائفة نصفهم الأعلى كالذكور والأسفل كالإناث)، وما هو إلا تصور الفقهاء في المخيال الاسلامي للمتع والشهوات المحرمة في الدنيا على هيئتها في الآخرة التي تكون فيها هذه الصور المستشنعة في الدنيا من النعيم الذي أعده الله لهؤلاء الذين يقيمون مثل هذه العقوبات الشنيعة على طائفة مسالمة في سلوكها حرة في منازعها، ولا يفوتنا أن نشير إلى أن المثلية المذكورة في القرآن إنما هي الشذوذ المقبوح الذي لا علاقة للمثليين به وهو ما يعرف ب (pedophile) وهو اعتداء جنسي على القاصرين وتعاقب عليه القوانين المتمدنة بمدد متطاولة من السجن، بينما نجد بعض المذاهب الفقهية لا تقر فيه أكثر من التعزير والتأديب وهو مذهب أحمد بن حنبل كما نقله عنه ابن القيم في إعلام الموقعين.



ليس إذن كميدان الأخلاقيات والأفكار المتلقاة أشد امتحانا لايمان العلماني بالحرية الفردية والقداسة الخصوصية للأفراد والجماعات وهذا الايمان النبيل يحتم عليه أن يكون دائم التجديد لعلاقته بالتراث القديم والمفاهيم التقليدية الراسخة في نظرته للطوائف والأقليات مهما بلغت درجت اختلافه معهم وفساد رأيه فيهم، حتى تتمحص علمانيته وتزكو نفسه بأريحية القبول بالآخر وتصفو في نفسه معاني التعايش والوئام مع من يخالفوه منابع فكره وأصول وجدانه، فلابد كي نكون أوفياء لمبادئنا مخلصين لقيمنا الانسانية من الاعتراف لكل من يختلف عنا في قليل أو كثير بحقه في الوجود والتعبير، وحرية الإختيار وتقرير المصير، والاخفاق في هذا الصدد يجعل ايمانه ناقصا مشوها، ازدواجيا مرجئيا يقول بلسانه ما ليس في قلبه، والايمان الحق بالعلمانية إنما هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ومتى كانت حرام؟
تحسين خليل ( 2011 / 10 / 14 - 20:38 )
سيدي العزيز , ومتى كانت المثلية محرمة في الاسلام؟ اقسى عقوبة للمثليين او المثليات هي التعزير ! كما ان السحاق لايبطل الصوم ان لم تصل المتساحقتان للنشوة . عدا ان المجتمعات الاسلامية تعتبر من اكثر المجتمعات ممارسة للمثلية , واذ لم يعرف الغرب زواج المثليين الا قريبا فانه معروف في الخليج منذ قرون وخاصة في عٌمان والكويت . بل ان المسلم الذي يمارس المثلية (الموجبة) يعتبر ذلك من مقومات الرجولة في اكثر المجتمعات الاسلامية , ولكنه النفاق حيث ان العقوبة تقع على من يمارس معه وليس الممارس كما في ايران والعراق كمثال . تبقى هناك اشكالية مهمة : حيث ان عدد حور العين قد تحدد باثنان وسبعون حورية لكل مؤمن في الجنة الا ان عدد الغلمان غير محدد , اي اوبن بوفيي
OPEN BUFFEET


2 - تعليق وتحية
عدلي جندي ( 2011 / 10 / 14 - 22:32 )
نجده في الجهة الأخرى يجعل الولدان المخلدين والغلمان المقرطين يرفلون في طراوة وغنج على أبهى صورة وأفتن هيئة في آذانهم القرط والحلي يطوفون على أصحاب الجنة في نواديهم ومنازلهم بألوان الخمور، كما ورد في سورتي الواقعة والطور حتى قال الأحناف كما في (الدر المختار) للعلاء الحصكفي:( إن الله يخلق في الجنة طائفة نصفهم الأعلى كالذكور والأسفل كالإناث)، وما هو إلا تصور الفقهاء في المخيال الاسلامي للمتع والشهوات المحرمة في الدنيا ...... وعلينا ألا ننسي متكئين علي الآرائك علي الراحة دون بذل مجهود وما أحلي الرجوع إلي العقل وللأستاذ علال تحية تنويرية


3 - تناقض
نور الحرية ( 2011 / 10 / 14 - 22:35 )
الاسلام وكل الاديان الاخرى تناقض في تناقض فكل متمعن ومتحر للحق يجد ان كل الاديان متناقضة وخاصة الاسلام وكما اشرتم استاذنا الى التمتع بالغلمان والخمور فرب الاسلام يحرمها ويستشنع فعلها في الدنيا بينما يجعلها من انعمه التي يتفظل بها على خاصته في الاخرة فاي دين هذا


4 - حفل استقبال
علال البسيط ( 2011 / 10 / 14 - 22:59 )
تحية عزيزي تحسين, أما ما يخص تساؤلك عن حرمة المثلية في الاسلام فلا يحتاج الامر كبير عناء لادراكه وادعوك لتحقيق النظر إذ لا يصح في العقول شيء إذا احتاجت الشمس الى دليل.
ومن جهة أخرى فإن بعض أصحابنا من ذوي الهمم والنفوس ينتبذ بك ناحية ويغتك بكلام في الاخلاق والتشنيع على المثليين تحس لها قرعا كقرع العصى أو وخزا كوخز الابر وهو يعلم من نفسه تمام العلم أن من هؤلاء المثليين الذين يمضغ سيرتهم نهاره وليله إلا ومنهم من له أفضال عليه في تعليمه أو تطبيبه أو تثقيفه...وهو يفعل بهم هذا ويعقهم بذاك نلقي في روعه بهذا الافتراض ماذا يكون حاله هذا العلماني المعترض لو ان اسلاميا حمله على عاتقه والقى به في هاوية التاريخ ليعيش مع الرعيل الاول للاسلام ما تراهم فاعلون به
اما عن ٧٢ حورية فالعدد هنا ليس للحصر وانما من باب المقبلات يعني حفل استقبال المجاهدين, شيء لله يبلون به الريق مع طول الحرمان.


5 - السمكة البكر
علال البسيط ( 2011 / 10 / 15 - 00:24 )
تحية لكما أستاذ عدلي وأشرقت صفحتنا بأنوار الحرية دائما، والحقيقة أن بعض المتأسلمة من أصحابنا تجدان لهم جوابا على كل اعتراض وغالبا ما تكون اجاباتهم من نوع السمكة البكر ودعاني أقص عليكما شيئا من خبرها كما بلغتنا من الرواة: فقد زعموا أن كسرى أبرويز كان في منزل امرأته شيرين، فأتاه صياد بسمكة عظيمة، فأعجب بها وأمر له بأربعة آلاف درهم، فقالت له شيرين: أمرت للصياد بأربعة آلاف درهم، فإن أمرت بها لرجل من الاعيان قال: إنما أمر لي بمثل ما أمر للصياد! فقال كسرى: كيف أصنع وقد أمرت له؟
قالت: إذا أتاك فقل له: أخبرني عن السمكة، أذكر هي أم أنثى؟ فإن قال أنثى، فقل له: لا تقع عليك حتى تأتيني بقرينها، وإن قال غير ذلك فقل له مثل ذلك.
فلما غدا الصياد على الملك قال له: أخبرني عن السمكة، أذكر هي أم أنثى؟ قال: بل أنثى، قال الملك: فأتني بقرينها. فقال الصياد: عمر الله الملك، إنها كانت بكرًا لم تتزوج بعد..!!


6 - good article
aly salem ( 2011 / 10 / 15 - 03:29 )
dear mr alal ,without any doubt very good article to expose the immorality in islam, in saudi arabia almost %40 of the men are homosexuals,sorry to write in english because i have problem in arabic mode