الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وكر الدبابير: العائدون إلى الديار

فايز شاهين

2004 / 12 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


(10 ديسمبر 2004 م) ... ما توقّعته حصل، وليس في ذلك أي نوع من الفهم والذكاء الخارق، هي فقط حقائق من يقرأ أولها لابد أن يصل إلى آخرها ونتائجها هي ما كتبته في مقالة سابقة بعنوان: وكر الدبابير مابين الفلوجة والرياض. لقد عادوا أكثر تدريباً وأكثر دمويةً وما ذكرته الصحف على أن الإرهابيين الذين هاجموا القنصلية الأمريكية تدرّبوا في العراق وعادوا من هناك في رمضان الفائت إلاّ إعلاناً من نوع آخر وهو أن هؤلاء أشدُ بأساً من سابقيهم الذين قدِموا من أفغانستان.
لقد حذّر العديد من الكُتّاب من إعادة القصة السابقة للمقاتلين في أفغانستان، أو ما أُطلِق عليهم الأفغان العرب، ولكن الوضع الآن يختلف، فهؤلاء عرباً وفي الجوار، والتنقل من وإلى السعودية سهل بعد عمليات تدريب قاسية على أيدي عملاء حزب البعث البائد. عملاء حزب البعث كانت لهم دولة دامت أكثر من ثلاثين عاماً، ودخلوا أكثر من حرب، وما يمتلكونه من إمكانيات تدريبية وفنية وتقنية تفوق بأضعاف إمكانيات عصابة طالبان السابقة في أفغانستان. ومع توفّر شباب لا يخاف الموت وأموال سعودية ودعم إعلامي وهابي للإرهابيين تكتمل الحلقة الإرهابية بطرفيها البعثي والوهابي.

مابين فلّوجتين
هل لاحظ الأخوة القُرّاء بأنه إلى الآن لم يقم قادة التطرف الداعون إلى الجهاد في العراق بإدانة العملية الإرهابية ضد القنصلية الأمريكية والتي جرح فيها عدد من أفراد قوى الأمن السعودي إضافةً إلى قتل وجرح آخرين من جنسيات عربية وأجنبية لم يكن من بينهم من يحملون الجنسية الأمريكية. كان ما حدث مُتوقّعا كعمل إرهابي، لكن طريقة الهجوم على القنصلية الأمريكية كانت مختلفة، فالعملية تمت في وضح النهار (يوم الاثنين 6 ديسمبر 2004 م) تُذكِّرُنا بالعمليات الإرهابية التي تتم ضد مراكز الشرطة وقوى الأمن العراقية. كذلك لا ننسى بأن اسم هذه العملية هو غزوة الفلّوجة، مما يعطيها طابعاً دينياً إذا ما رجعنا إلى رمضان وكيف أن المساجد السعودية تقنت ليل نهار بالدعاء إلى الله أن يُهلك النصارى واليهود وأن ينصر الفلّوجة وأهلها.
شيوخ التطرف ودُعاة الكراهية والإرهاب لم ينسوا الفلوجة، ولم ينسوا أي عملية ضد الإرهابيين هناك إلاّ وأدانوها، لكنهم لم يُدينوا العملية الإرهابية في جدة. إن الدعوات التي تشرعن الإرهاب وتدعوا لقتال الأمريكان "وأعوانهم" في العراق مسؤولون عما يحصل هنا في السعودية. إن قوات الأمن العراقية مُتّهمة بالعمالة للأمريكان وحماية منشآتهم، وهنا في السعودية تقوم قوى الأمن السعودي أيضاً بحماية السفارات الغربية وعلى رأسها السفارة والقناصل الأمريكية. كذلك فإن العصابات الإرهابية والانتحارية في العراق والتي يُطلق عليها علماء الإرهاب "المقاومة" والتي تقتل وتذبح وتُدمر هناك، هم أنفسهم الذي قاموا بالعمليات الإرهابية في جدة وغيرها، فلماذا لا يتم تسمية الأشياء بأسمائها؟

ضعف حكومي أم سياسة عُليا؟
الحكومة السعودية تشترك مع عصابة الستة وعشرون في الإثم، فالإعلام الحكومي من إذاعة وتلفزيون وصحافة يسمي الإرهابيين في العراق بالمقاومة، ويسمّيهم هنا في السعودية بالفئة الضالة، مع أنهم ينتمون إلى نفس الفكر، بل هم نفس الأشخاص؛ فإطلاق اسم غزوة الفلّوجة على عمليتهم في جدة والكشف على أنهم عادوا من العراق في رمضان يؤكد أنهم من نفس العصابات المتواجدة هناك. كذلك الحكومة السعودية لا تنسى أن تذكر دائماً بأن القتلى من رجال الأمن السعودي شهداء الواجب، وتسمي أخوة لهم في العراق بأنهم قتلى أو حتى "عملاء" يتعاملوا مع القوات المحتلة الأمريكية.
الحكومة السعودية تخوض حرباً ضبابية لا يبدو فيها أمل للنصر، والسبب هو أن هذه الحكومة تنتهج سياسة أقل ما يُقال عنها أنها سياسة ضعف، وإلاّ فهي سياسة وحدة المنهج مع التيار الوهابي المتطرف الداعي للعنف والإرهاب. إذا كانت الحكومة السعودية تختلف مع بيان الستة وعشرون "عالما" كما قال السفير السعودي في لندن بأن الموقعين لا يُمثّلون إلاّ أنفسهم، فلماذا إذاً السكوت على دعواتهم لمساعدة "المقاومة" في العراق بالمال والدعم الإعلامي؟ لماذا لم يتم استجوابهم بتهمة التحريض على العنف والدعوة إليه والتدخل في الشأن الداخلي لدولة مجاورة؟ ربما يأتي الجواب بأن الحكومة السعودية بها من الضعف ما يمنع أي تحرك للجم هؤلاء وغيرهم. الجواب الآخر والذي ربما يكون أكثر واقعية هو أن هؤلاء يدفعون بالشباب "الجاهز للانفجار" بعيداً عن الحدود السعودية كما حدث في السابق عندما ذهب لأفغانستان والشيشان والفلبين وكوسوفو وغيرها.

شبابنا والدعاء المستجاب
المأساة الحقيقية هي وجود شبابنا في كل أزمة خارجية بل السبب فيها، وتحت شعارات برّاقة تراه يزحف ليموت دون بارقة أمل في الأفق أو هدفٍ سامٍ يتحقق. لقد قام هذا التيار بتصفية العديد من شباب الوطن وتسهيل خروجه لقتال "النصارى واليهود وأعداء الإسلام". لكن لكلٍ فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضادٍ له في الاتجاه، وبما أن الشأن العراقي أثبت قدرته على التحمل وثباته في وجه التطرف والعنف الطائفي مع أن جُل الضحايا كانوا من الشيعة لإثارة حرب طائفية، ولأن الوضع أصبح صعباً للمرتزقة والإرهابيين الأجانب، فعودتهم إلى ديارهم كان متوقعاً، بل كان من الوضوح أن بدت علاماته تظهر قبل مدة.
يبدو أن الدعاء في مساجدنا بأن يحفظ الله المقاومة في الفلوجة قد استُجيب له، ولازالت مواقع التطرف والإرهاب مثل موقع الإسلام اليوم والمسلم، لسلمان العودة وناصر العمر تفتخر بأن "المقاومة" العراقية لم تنكسر وهي موجودة بقوة في أكثر من مكان. لقد حِفظ الله العديد من رجال "المقاومة" ليستمروا في استقطاب وتدريب العديد من الشباب السعودي الذي تم إرساله ليتعلم فنون القتال والقتل والذبح على أيدي المحترفين من فلول البعث البائد، ليقوموا بتدريب شباباً لا يخافون في الله لومة لائم، حاملين أرواحهم بين أيديهم، ناذرين أنفسهم لقتل "اليهود والنصارى" في كل بقعة من بقاع الأرض وإخراجهم من جزيرة العرب. وها نحن نرى هذه النتائج البرّاقة أمامنا، فما أن فجّروا بوابة القنصلية الأمريكية وجرحوا رجال الأمن السعودي إلاّ وكانت وجهتهم الأولى العلم الأمريكي فأنزلوه من السارية وحرقوه، وقتلوا العديد من الأبرياء من العرب والأجانب وجرحوا آخرين. هل ننتظر إدانة لهذه الأعمال الإرهابية من قبل عصابة الستة وعشرون "شيخاً" ولو متأخرة عدة أيام؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة متفاقمة للفلسطينيين وتعثر التهدئة بسبب مواقف نتنياهو 


.. مصرع المئات بعد فيضانات مدمرة في أفغانستان ?




.. مشاهد لنسف الجيش الإسرائيلي بقايا مطار ياسر عرفات الدولي شرق


.. حزب الله: هاجمنا 3 أهداف إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة وثك




.. يوم ملتهب في غزة.. قصف إسرائيلي شمالا وجنوبا والهجمات تصل إل