الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اجل حقن الدم العراقي

ابراهيم المشهداني

2011 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


يوم الخميس الموافق 13/10ضربت أربع انفجار مدينة الصدر مخلفة ورائها عشرات الشهداء ومئات الجرحى وقبلها ضربت أربع انفجار مناطق مختلفة من بغداد وبالأيام التي سبقتها ضربت الانفجارات مدن عراقية في بابل والانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وكرباءوكلها وقعت في إعقاب حادثة النخيب المروعة الخالية من إي وازع أنساني وهدفها كان واضحا لكل إنسان والمخطط والممول كان واضحا أيضا وها قد مضت أشهر ولم نسمع شيئا مفرحا عن نتائج التحقيق فهل من قام بهذه الحوادث الإجرامية هم من شياطين الإنس أم شياطين الجن ؟
إن هذه الأفعال الإجرامية لم تكن الأولى في هذه المرحلة بل استمرارية لأسلوب بدء بعد سقوط النظام بل قبل السقوط حيث رئيس النظام أدرك الخطر القادم فبدا بتجميع القوى الإرهابية داخل العراق وخارجه بالتنسيق مع القيادات الإرهابية في الدول العربية من خلال أجهزته المخابراتية التي راحت تنسق مع قيادات الإرهاب تحت شعار المقاومة ولكن الهدف الأساس هو عودة النظام .واعد لهامن الأموال ما يكفي لسنين طويلة قضمها من طعام العراقيين البؤساء.
بعد عام 2003 وسقوط النظام بالة المحتلين وليس بأيدي جماهير الشعب تحول العراق من سجن كبير يضيق بخناق العراقيين يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة وكل عراقي كان يقف متحسبا لمداهمة رجال الأمن ألصدامي يقلب بذاكرته فربما تحدث بأمر مدرج ضمن قائمة الممنوعات ،وقوائم الممنوعات في ذلك الزمن الأغبر لا تسعها مجلدات ،فالحديث بالاسعار ممنوع وانتقاد التعليم ممنوع وانتقاد محرقة الحرب من اكبر الجرائم التي تؤدي بصاحبها إلى حبل المشنقة وانتقاد الحكومة ممنوع والحديث عن هذا الوزير أو ذاك يعد تهجما على رئيس النظام وغيرها ما لا يمكن عده . وحتى العبادة كانت نوعا من التأمر ما لم يكن المتدين بعثيا هذه هي الأجواء التي كان يعيشها العراقيون ممن لم يسعفهم الحظ في مغادرة البلاد وارتياد المنافي ولكن مهما كانت مرارتها فان ذلك كان يهون إمام متنفس الحرية ، تحول إلى فضاء مفتوح لكل شيء فانتشرت الصحافة ووصل عدد الأحزاب والكتل السياسية المئات فضلا عن الفضائيات وكلها غير منضبطة بقانون أو نظام وإلى جانبها كانت الحدود مفتوحة على مصارعيها من الطرف العراقي ولم تعد تفصله عن دول الجواراية حدود أو موانع إلا علامات قديمة لم تكن ذات شان لمن يريد الانسلال إلى الداخل فكل الأجهزة اختفت برمشه عين وقوات الاحتلال كانت تصول وتجول في شوارع المدن ولم يكن بين خططها حماية الحدود العراقية وخصوصا بعد صدور قرار الحاكم الإداري بحل الجيش العراقي وهو قرار تكريس لواقع قائم فلم يعد للجيش وجود على ارض الواقع لكن هذا القرار أثار سخطا عارما إمام الجنود وضباط الصف والضباط الذين خدموا في صفوف الجيش العراقي عشرات السنين طمعا في راتب تقاعدي يسد رمقه وعياله عندما يكون في خريف العمر فما ستكون ردة فعله نتيجة لهذا القرار تلك إذن هي نظرية الفوضى الخلاقة .بريمر لم يفكر بهذ الأمر فقد اخذ قادته وعدا من الأصدقاء إن العراقيين سيستقبلونه بباقات من الورد وزادت قناعاته بهذه الوعود خلال المرحلة الأولى من الاحتلال أو ربما كان على يقين لا تهزه المفاجئات للقوة العسكرية المسلحة بأخر منجزات العلم والتكنولوجية التي كان يتمتع بها جيشه . فهل كان متيقنا إن صناعة الديمقراطية في العراق قليلة التكاليف أم انه كان يخطط لإستراتيجية سياسية بعيدة المدى لبلد كان له موقف معادي للسياسة الأمريكية والبريطانية في الشرق الأوسط ضمن ما كان يسمى في الأدبيات العالمية مشروع الشرق الأوسط الكبير ؟
نعم يبدوا إن ما جرى ويجري في هذا البلد الجريح هو معلم من معالم هذا المشروع .فبسبب انفتاح الحدود نتيجة الفوضى التي سادت ما بعد الاحتلال قد فتحت الشهية إمام قوى الإرهاب العالمي والأجهزة المخابراتية بعضها عالميا وبعضها إقليميا وأخرى عربيا للتدفق والعمل في بلد مباح تتوفر فيه المناخات الملائمة لممارسة خططها الإجرامية في تحقيق أهداف شريرة بعضها يزعم مقاومة الأمريكان أو ترويض قوات الاحتلال تخوفا من انتقال خطرها إلى الدول التي كان تنعتها أمريكا بدول الشر متمثلة بإيران وسوريا وكوريا الشمالية وبعضها يرمي إلى إبقاء العراق ضعيفا ومفككا وخائر القوى ومنعه من تحوله إلى قوة كبرى تهدد مصالحه بسبب ما يملكه من ثروات هائلة تحت الأرض وارض خصبة ومياه. فعملت مجتمعة على تخريب أنابيب النفط وأبراج الكهرباء وتدمير الثقافة والمعرفة باستهداف الأطباء وأساتذة الجامعات والإعلاميين والمفكرين والكوادر السياسية الوطنية والنشطين في مجال الحراك الجماهيري ألمطلبي وإشاعة الفساد في أجهزة الدولة وقطع المياه عن المزارعين وترويج المخدرات لتحطيم الشباب الذين يشكلون الموارد البشرية الواعدة وخلق حالة الرعب في صفوف الشعب ومهدت لقيام الحرب الأهلية الطائفية على مدى ثلاث سنوات عجاف .
وكان لابد للحكومة الجديدة إن تتخذ إستراتيجية أمنية جديدة تتناسب مع هذه التحديات على أسس من المهنية بالاستفادة من التجارب والسياسات التي مرت بها بلدان مشابهة بعيدا عن روح الانتقام التي كانت تتعامل بها أجهزة النظام السابق والتي كانت تستخدم القوة المفرطة لخلق حالة من الرعب وتكميم الأفواه لكن الذي جرى لم يختلف عما كان فاستخدام القوة المفرطة ظل هو المبدأ الذي يحكم تعامل الأجهزة الأمنية التي تتولى مطاردة الإرهاب على أساس الشبهة ولكن ردود الأفعال كانت أوسع بكثير من الأفعال فادت إلى خلق معارضة واسعة الإطراف ولكنها متناقضة في مرجعياتها الفكرية والسياسية انتهت بتكريس احتلال العراق واستباحة أراضيه وشعبه ونسائه وأطفاله، وصناعة تشكيلات سياسية متناقضة في الرؤى والأهداف، الأساس فيها الوصول إلى مراكز القرار،وتداخلت المشاريع مع بعضها الداخلي منها والخارجي مما أنتج صراعا مريرا له أدواتها الميليشياوية وكل ذلك بسبب ضعف الأجهزة الاستخبارية وغياب المهنية وعدم احترام حقوق الإنسان وعندما يعطي القضاء قراره بالإفراج تبدأ مرحلة المساومات وهكذا دواليك .إن معالجة الإرهاب لها طريقة أخرى أكثر فعالية وأعمق جدوى من خلال التوعية بالإعلام الصادق وتحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة والابتعاد المطلق والنهائي عن أساليب المحاصصة ومعالجة جادة للفساد المستشري في جهاز الدولة برمته ما أنتج طبقة طفيلية نهابة ومافيات ترتزق على سرقة أموال الناس وقتل الأبرياء بكواتم الصوت وإنفاق ميزانيات ثمان سنوات على أبواب البهرجة وإنفاق ربع هذه الميزانيات على ما يقل عن 0,5%من جهاز الدولة وكبار مسئوليه بدون مسوغ قانوني إلا اللهم القوانين المشرعنة لإغراض محدودة من قبيل الاهتمام بأمن الفئات العليا في جهاز الدولة فالسيارات المضادة للرصاص قد وصلت إلى مستوى المدراء العامين وبأسعار لا تقل عن 250,000دولار للسيارة الواحدة فهل المخاطر الأمنية تقف عند هذه الحدود ؟ سؤال نوجهه إلى صحاب القرار .
قد لايسع المجال للحديث عن كل ما يجري في أجهزة الدولة وعرض ملفاتها والكل يعرفها ولكن لا حياة لمن تنادي ولا يمكننا تحميل هذا الطرف دون سواه من المشاركين في حكومة الشراكة الوطنية! فالكل من موقعه مسئول بمن فيهم من ينتقدون الحكومة فكلهم مشاركون فيها . ما نستطيع استخلاصه على قدر ما نعرف وما نحمل من هموم ،هو إن ساعة الخطر أخذت تدق والعراق على مفترق طرق والأمر لايحتمل التأجيل بل رسم خارطة طريق لإعادة بناء العملية السياسية على أسس الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية والكف عن التمسك بالأسس التي أوصلت البلاد إلى هذه الحال التي رفضها الشارع العراقي ورفضتها المرجعيات الدينية وهذه الخارطة تستهل خطواتها الأولى بمؤتمر وطني عام تحضره كافة القوى السياسة تحمل معها النوايا الصادقة والإقرار بفشل الخارطة التي سارت عليها القوى الحاكمة ويمكن إن يسمى ب(مؤتمر النوايا الحسنة )يتولى معالجة ملفات الفساد الإداري ،الخدمات ،البطالة ،القوانين الملحة (الانتخابات ،الأحزاب السياسية ،مفوضية الانتخابات ) وإعادة بناء الجيش والقوات المسلحة على أسس مهنية بعيدا عن الو لاءات الحزبية والجهوية ،قضايا الميليشيات وهي عبارة عن منظومات تحمل السلاح خلافا للقوانين تسعى لفرض اجنداتها بالقوة ،التعديلات الدستورية ،حقوق الإنسان ، الحريات العامة إن الاتفاق على هذه الملفات ربما يضع البلاد على طريق الديمقراطية الحقة بعد إن وصل الصراع على مراكز القرار بين الكتل الحاكمة إلى نقطة اللاعودة .تلك هي مطاليب الشعب وأي موقف آخر سوف يؤدي بأصحابه إلى محكمة التاريخ ويؤدي بالعراق إلى التشرذم وإمامنا تجارب العالم القريب والبعيد فلنأخذ منها الدرس والعبرة .واجد من المناسب ذكر الحادثة التالية : في الأزمة العالمية التي نشا عام 1961 بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة آنذاك بسبب الحصار الذي فرضته امريكا على كوبا سال الصحفيون رئيس الحكومة السوفيتية آنذاك نيكيتا خروشوف هل كان انسحاب البواخر السوفيتية هزيمة إمام أمريكا وتراجعا في الموقف أجابهم بكل هدوء وهو المعروف بانفعاله إن الوضع في تلك القضية أشبه بتناطح تيسان على جسر لا يسع إلا لواحد منهما فكانت النتيجة سقوط التيسان في النهر هكذا الوضع المهم إننا حققنا الهدف هو بقاء كوبا وعندها اخذ الرئيس الأمريكي جون كندي نفسا عميقا قائلا ما احلى السلام .فهل يأخذ المتصارعون في بلادنا شيئا من هذا الدرس؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من