الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا عن القانون

عبدالله الدمياطى

2011 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الإسلام دين شامل يمس كل جوانب الحياة، وللإنسان في الدولة الإسلامية، أياً كان مذهبه وجنسيته، حقوق ثابتة في العيش الكريم يملك حق الاختيار في أن يؤمن بأهداف الدولة والأسس التي قامت عليها أو أن يرفض ذلك. فإن آمن بها كان مسلما وإن اختار الرفض فهو مجبر من أجل اكتساب حقوق المواطنة أن يوالي الدولة ويعترف بشرعيتها فلا يتهدد نظامها العام
ومن هنا نجد أن التشريع الإسلامي هو أساس القانون في الدولة الإسلامية. ويتميز هذا القانون بأنه يأخذ بعين الاعتبار خصوصِيات الأديان الأخرى في الأمور التي تمس أساسيات الاعتقاد فيها. والأصل أن يسري القانون في الدولة الإسلامية على الجميع، كما هو الشأن في الكثير من الدول المعاصرة، إلا أنه يتميز، كما قلنا، بمراعاة الأساسيات الاعتقادية للآخرين. فالدولة العلمانية المعاصرة لا تقيم وزناً لاعتقاد المسلم أو اليهودي أو المسيحي...، وتفترض أن الدين مجرد علاقة بين العبد والرب. ان ما يميز الإسلام عن غيره من الاديان انه يتميز بالشمول فيشرع لكل صغيرة وكبيرة من أمور الحياة.
إن القانون الإسلامي هو أقرب إلى روح المسيحية واليهودية من القانون العلماني. وإذا لم يكن لدى المسيحي أو اليهودي المسوغ لرفض قوانين العلمانيات، فما مسوغه في رفض القانون الإسلامي الأقرب إلى جوهره.
نعم إن الإسلام يحرم الخمر ويحارب انتشاره، وقد سبق لدولة علمانية كالولايات المتحدة أن منعت الخمر لسنوات ليقينها بأن للخمر أضراراً ومساوئ فاحشة. وعلى الرغم من ذلك فإن الدولة الإسلامية قد أخذت بعين الاعتبار مكانة الخمر عند أهل الكتاب، لذا لم تكن تعاقب غير المسلم في حالة شربه للخمر،. وبالتالي يمكن لغير المسلم أن يقتني الخمر ولكن ليس بإمكانه أن يسوقه لعامّة الناس. في مثل هذه الحالة ما الذي يمنع أن لا يكون هناك مساواة في قانون العقوبات، فنعاقب على ما يمس المصلحة العامة ولا نعاقب على ما هو من الخصوصيات الدينية. بل ينبغي أن يكون ذلك في كل قانون يسعى إلى العدالة، إذ لا يمكن لأي قانون أن يساوي بين الناس من غير مراعاة للظروف والملابسات.
وكذلك عندما يقتل مسلم شخصا غير مسلم، فتقر المذاهب الفقهية الإسلامية قتل المسلم عندما يقتل شخصاً غير مسلم، فالاسلام يقر أيضاً إلى أن دية الذمي هي كدية المسلم.
وعندما نقارن موقف المسلمين من غير المسلمين، في المجتمع الإسلامي، بموقف الأمم الأخرى عبر القرون المختلفة، نجد أن المجتمع الإسلامي قد تميز بموقفه الإيجابي، ويرجع ذلك إلى التوجه الديني المستند إلى القرآن والسنة، ولأننا ايضا نقيس الأمور من حيث قربها أو بعدها عن المبادئ الإسلامية المستمدة من القرآن والسنة. وإذا قمنا بتطبيق هذه المقاييس نجد أن العصور الأولى كانت هي الأقرب إلى روح الإسلام في تعاملها مع المخالفين في العقيدة.
والحقيقة لم يكن التاريخ الإسلامي نموذجياً في كل مراحله، فقد كان للصراع بين المسلمين وغير المسلمين انعكاساته على اجتهادات العلماء في فهم النصوص وتأويلها .
ولقد قرأنا شهادات لمنصفين حتى من مؤرخي اليهود، يعترفون أن الشعب اليهودي لم يعرف الأمن والاحترام طوال العصور الوسطي كما عرفها في البلاد الإسلامية، بل قد أبدى مؤرخون أوربيون عجبهم من هذه الظاهرة فقد قال المؤرخ الأمريكي درابر"إن المسلمين الأولين في زمن الخلفاء لم يقتصروا في معاملة أهل العلم من النصارى ومن اليهود على مجرد الاحترام، بل فوضوا لهم كثيراً من الأعمال الجسام ورقوهم إلى المناصب في الدولة .
إن الزعم بأن إقصاء الدين عن الحياة وقيادة المجتمع يساعد في توحيد ولاءات الناس ويجعلهم شعباً واحداً متجانساً هو زعم غير واقعي بل يزيد المشكلة تعقيداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكافآت سخية للمنتخب العراقي بعد تأهله لأولمبياد باريس 2024|


.. عقاب غير متوقع من محمود لجلال بعد خسارة التحدي ????




.. مرسيليا تستقبل الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 قادمة من ا


.. الجيش الأمريكي يعلن إنجاز بناء الميناء العائم قبالة غزة.. وب




.. البرجوازية والبساطة في مجموعة ديور لخريف وشتاء 2024-2025