الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هادي المهدي ...ومفهوم الخلود

منذر الموسوي

2011 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


حاول ويحاول الانسان ..بالمعرفة تارة ..وبالفضول تارة اخرى..بالبحث والعبث في مفهوم الخلود..
ويكاد لا يخلو معتقد او ديانة او مدرسة او فلسفية او فقهية الا واشبعت هذا المفهوم بحثاً في رواقها ....وبنيت نظريات استدل فلاسفتها بالبراهين العقلية المجردة...
بل وتعدى ذلك فيصبح مفهوم الخلود هدف من اهداف مذهب من المذاهب الدينية الاسلامية ..كالمذهب الصوفي فأسست مدارس.روحية للتعليم لمريدي الخلود (اي التقرب من الله )....
فمعنى الخلود عندهم يختلف عند التفاسيرالمتفيزقية للفلاسفة وفي احسن حالته هو بقاء النفس بعد فناء الجسد وهذا يحصل بعد الموت
اما مفهوم الخلود في المذهب الصوفي وبالتحديد في (التكايا الكسنزانية ) هو يمكن ان يحصل الانسان عليه وهو لا يزال على قيد الحياة لانه يعني شهود العالم الاخر (عالم الملكوت ) بعين القلب كما يشهد عالم الملك بعين الرأس....
...بمعنى ان الخالد هو من يرتفع عنده الحجاب الفاصل بين عالمي الملك والملكوت ..فيحيا فيهما معا قبل موته، فإذا مات لم ينقطع عن حياته تلك ..اذ تنقلب الصورة فيحيا في ذلك العالم الملكوتي وهو غير منفصل عن عالم الملك، أي وبحسب تعبيراتهم فإن الخالد هو حي الدارين..... الدنيا والآخرة أو الملك والملكوت ...في كلتا حالتيه قبل الموت وبعده، فإنه بخلاف غيره لا تختلف عنده الامور كما تحصل مع غيره
كما .يقول الشيخ محمد الكسنزان: إن( أهل الطريقة فكروا بالموت قبل مجيئه فبدئوا بالعبادات والرياضات الروحية والزهد والتقوى والابتعاد عن ملذات الدنيا ومغرياتها فتحقق لهم إلى الله تبارك وتعالى فرأوا بأعينهم حقيقة الخلود واطمأنوا بأنهم لن يموتوا )... ((إلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) لأن من رأى بعينه لا يخاف بعد ذلك ولا يكون حزيناً فلا يهمه الجوع والعطش ولا مال الدنيا وزخرفها ولا يخاف من الآخرة لأنه رأى وحظي بلقاء رَبّه وفني فيه لان الله تعالى لم يخلق الإنسان عبثاً : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ )) ويكون شاخصاً في الدنيا والآخرة لان حياته ومماته سواء : (( أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ))
الخلود إذا في اعتقادهم هو ان يصل الانسان الى مرتبة لا يخاف فيها ولا يحزن من أي شيء في الدارين، وليس موته أكثر من ( لحظات تغمض فيها عينيك وتفتحها فتجد نفسك في عالم الأرواح ، في عليين )
وللوصول الى الخلود على حد قول الشيخ الجليل لا يوجد غير طريق واحد فقط وهو الشهادة في سبيل الله تعالى، ومعنى الشهادة في سبيل الله : وهي بذل النفس خالصة في سبيل الله دون أية غاية ذاتية أو مادية وإنما لأجل إعلاء كلمة الله عالية فيكون الإنسان بائعاً نفسه لله تعالى: (( إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ). فيخلد ذلك الإنسان ويكون حياً في الدنيا والآخرة : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ))
وبعد هذه المقدمة اعود الى عصرنا الحالي بعد الغور في سبر بعض من التاريخ وبالخصوص بعض من تاريخنا الاسلامي ... لنسلط الضوء على مفهوم الخلود في هادي المهدي وبعد ان وصلت ايام فقدانه لاربعنيتها وتجمعنا امام مكانه الرمزي الذي اصبح مزار لنا بين الفينة والاخرى..لأيقاد الشموع وأستذكار كلماته ....جاءتني هذه الخاطرة عن الخلود وهل هادي المهدي سيصبح مع جمع الخالدين في اذهاننا .؟ ..
اذ اخذنا بنظر الاعتبار المبادئ والقيم والمفاهيم الانسانية التي ممكن للأنسان ان ينتهجها في حياته ومع نوع من الاصرار على تنفيذها وبطريقة ثورية وهذا ما قام به هادي المهدي ودفع ثمناً لها حياته
هادي المهدي لم يطلب الموت او الشهادة كما كان يمفهما الملوك ووعاظهم او القادة الشوفينيون او السياسيون الديماغوجيون لجنودهم الساذجين فينالوا الشهادة او الموت من اجلهم راضيون او مرغمون في ذلك لخدمة معتقد او فكر زعمائهم ولأيمان هادي المهدي ان ما يقدمه للوطن والانسانية وهو حي افضل مما يقدمه وهو ميت ..ولكن بدون المساومة على المبادئ الانسانية ....وكان ممكن ان يقدم حلول اخرى للحيلولة بينه وبين الموت..ولكن غدر الظلاميون واصرارهم على ما كانوا يخططون له وهو عزل فقيدنا عن اهله واطفاله واصحابه وعن مجتمعه وبطريقة وحشية ..وهي بقتله وبقتل طموحاته التي كان يخطط لها وهو خارج الوطن وعند عودته لارض للوطن ..لهذا ومن هذا المنطلق ممكن اعتبار هادي المهدي من بين الخالدون في التاريخ الذي قدموا للانسانية ما قدموه ومنهم من فقد حياته في سبيل ذلك على يد اجراميون يتبعون نفس النهج الظلامي بقتل الحرية ومن يسعى اليها
فانت يا ملهم شباب الحرية ستبقى خالداً في اذهاننا لان مفهومنا للخلود هو قيمة العمل الذي يمكن ان يقدمه الانسان لأنسانيته
لنقول لك .وداعاً هادي المهدي ولكن عملك وما قمت به سيبقى خالداً ما حيينا












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا